تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول المصنف: " وحقيقة مذهبهم أن ما جاء به... - ابن عثيمينالشيخ : " حقيقة مذهبهم أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من نصوص الصفات لم يقصد به ظاهره، وإنما المقصود به معان تخالفه - أي تخالف الظاهر - يعلمها ال...
العالم
طريقة البحث
شرح قول المصنف: " وحقيقة مذهبهم أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من نصوص الصفات لم يقصد به ظاهره، وإنما المقصود به معان تخالفه يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم لكنه تركها للناس يستنتجونها بعقولهم ثم يحاولون صرف ظواهر النصوص إليها، وغرضه بذلك امتحان عقولهم، وكثرة الثواب بما يعانونه من محاولة صرف الكلام عن ظاهره وتنزيله على شواذ اللغة وغرائب الكلام "
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : " حقيقة مذهبهم أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من نصوص الصفات لم يقصد به ظاهره، وإنما المقصود به معان تخالفه - أي تخالف الظاهر - يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه تركها للناس يستنتجونها بعقولهم ثم يحاولون صرف ظواهر النصوص إليها ".
هذا مذهب أهل التأويل، يقولون: إن نصوص الصفات لا يراد بها ظاهرها _اجلس هنا_ لا يراد بها ظاهرها الرحمن على العرش استوى ما أريد بها ظاهر الاستواء، اليد ما أريد بها ظاهرها، الوجه، وعلى هذا فقس.
ما المراد بها؟ قالوا: المراد بها معان تخالف الظاهر.
من يعلم هذه المعاني؟ يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم.
شوف انتبه، فهنا ثلاثة أمور :
أولا : لم يرد بها ظاهرها.
ثانيا : أراد بها معان تخالف الظاهر.
ثالثا : هذه المعاني كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها.
هذا مذهبهم مركب من هذه الأمور الثلاثة، وكلها كما مرّ علينا تحتاج إلى دليل وليس عندهم دليل.
فقولهم: إنه لم يرد بها ظاهرها، نقول: هذا خلاف الظاهر، بل إن الظاهر أن الله ورسوله إذا تكلم بكلام كان المراد به ظاهر الكلام، وكما أننا نحمل كلام الناس في بيعهم وشرائهم وأوقافهم ورهونهم وجميع معاملاتهم نحمل كلامهم على ايش؟ على ظاهره، فلماذا لا نحمل كلام الله ورسوله على ظاهره في أمور غيبية لا مجال للاجتهاد فيها؟ أليس الأجدر بنا أن نستسلم لهذه النصوص، ونحملها على ظاهرها؟
بلى، لأن هذه أمور غيبية ما للرأي فيها مجال، تكلم الله بها عن نفسه وتكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه، فكان الواجب علينا أن نأخذها على ظاهرها.
ولكن يجب أن نعلم أن ظاهرها ليس هو التمثيل، لأن التمثيل منفي ها؟ عن الله عز وجل، طيب.
أراد بها معاني تخالف الظاهر، أراد بها معاني تخالف الظاهر. من قال إنه أراد بها معاني تخالف الظاهر؟ إذ من الجائز أن لا يراد بها الظاهر ولا يراد بها المعاني الأخرى، وتكون ألفاظا هملا لا معنى لها، هذا جائز ولا غير جائز؟ جائز.
إذن نطالبكم بالدليل أن المراد بها معاني أخرى تخالف الظاهر ولا دليل لهم في ذلك، واضح؟ طيب.
الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمها ولم يبينها للأمة. هذا أيضا دعوى لو شعر الإنسان القائل بها ماذا يترتب عليها لنكص على عقبيه. إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يعلم المراد بهذه النصوص الذي لم يدل عليه ظاهرها ولم يبينه للناس مع أن ما يتعلق بأسماء الله وصفاته هو أعظم ما جات به الرسل، ماذا تكون حال الرسول صلى الله عليه وسلم؟ يكون مبلغا؟ أبدا، غير مبلغ، يكون من أعظم الناس كتمانا للحق، لأن الحق لا يعلم إلا من عنده فكتمه. كتم العالم للحق أهون من كتم الرسول صلى الله عليه وسلم للحق، لأن العالم المعين إذا كتمه ذهبنا إلى عالم آخر وأخبرنا به، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما نعلم الحق إلا من عنده، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم معاني هذه النصوص ولم يبينها للناس كان هذا أعظم الطعن في الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا لا؟
إذن شوف هذا المذهب الباطل والعياذ بالله ماذا يترتب عليه كذب وتكذيب واتهام.
فحينئذ، كذب، لأنهم يقولون المراد بها معان أخرى وهم مايعلمونها.
تكذيب، لأنه نفوا الظواهر.
اتهام، ها؟ اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بكتم بيان الحق في هذا، والله عز وجل يقول لرسوله : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته .
شوف المذاهب الباطلة ويش يترتب عليها؟ فالآن هذا المذهب مذهب أهل التأويل ترتب عليه هذه اللوازم الباطلة التي هي من أبطل ما يقال من الباطل.
طيب، نسألهم لماذا لم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أمته بمعانيها؟
قال : لأجل أن يمتحن عقول الناس أيهم يعلمها، هذه واحدة. ثانيا: لأجل أن يكثر الثواب في طلب الوصول إلى معناها، لأن المعنى الذي يخالف الظاهر يحتاج إلى مقدمات حتى نصل إليه، لأنه يحتاج إلى أدلة تدل على أن الظاهر غير مراد، ثم يحتاج إلى أدلة تدل على أن هذا الذي زعم أنه مراد يحتمله اللفظ، ثم أدلة إلى تعيين المعنى الخاص.
فالمهم إن الشارع أو النبي صلى الله عليه وسلم على زعمهم لم يبينها من أجل أن يتعب الناس في الوصول إلى هذه المعاني بتخريجها على شواهد اللغة وطلب الأدلة الدالة عليها، فينالون بذلك، ها؟ الثواب، ينالون بذلك الثواب، لأنه كلما كثر العمل من أجل الوصول إلى الحق علما أو عملا كان ذلك أكثر للثواب، أنتم معي ولا سارحين؟ طيب.
نقول لهم : هذان الغرضان غرضان باطلان، غرضان باطلان.
أما الأول : فقولكم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبينها لأجل امتحان العقول، هذا إنما يصح لو كنت تلغز على أقوام حاضرين يجيبون عما ألغزت به، فإن كان حقا قبلته، وإن كان باطلا فندته، أما والأمر ليس كذلك فهذا لا يمكن.
الرسول صلى الله عليه وسلم ألغز ذات يوم على أصحابه حيث قال: إن من الأشجار شجرة مثلها مثل المؤمن ولا بينها، لكنه صار الناس يتخبطون، أو يذكرون أشياء من شجر البوادي، نعم، ولم يصيبوا الغرض، فعلمهم النبي عليه الصلاة والسلام بذلك، وقال : إنها النخلة .
هذا ممكن أن الشارع يختبر الناس يختبر ذكاءهم في أمر يبينه لهم بعد، أما أن يجعل الأمر عائما يختبر ذكاءهم إلى يوم القيامة فهذا مستحيل.
وأما قولهم : من أجل أن ينالوا كثرة الثواب، فنقول : إن محاولة كثرة الثواب في التعمية على الخلق هو عقاب في الواقع وذنب يستحق العقاب لا الثواب، لأن الناس سوف يتخبطون في هذه المعاني كما هو الواقع، تخبطوا فيها وتناقضوا فيها حتى كان بعضهم يناقض بعضا، وحتى كان الواحد منهم يؤلف تأليفا في معنى ثم ينقضه مرة ثانية.
فتبين أيها الإخوة أن هذا المذهب باطل ولا غير باطل؟ باطل ومن أبطل المذاهب، ومن أبطل المذاهب، وسيأتينا إن شاء الله في الفصل التالي ما يترتب عليه من الإلزامات.

Webiste