تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قول الله تعالى : (( ما جعل الله لرجل م... - ابن عثيمينثم قال الله تعالى :  مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ  [الأحزاب :4]  ما  نافية ولفظ الجلالة فاعل و مِنْ قَلْبَيْنِ  مفعول  جعل  ...
العالم
طريقة البحث
تفسير قول الله تعالى : (( ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه ))
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال الله تعالى : مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ [الأحزاب :4] ما نافية ولفظ الجلالة فاعل و مِنْ قَلْبَيْنِ مفعول جعل الأول وإلا الثاني ؟ الأول مؤخر ومفعولها الثاني قوله لِرَجُلٍ و من هنا نقول إنها زائدة من حيث الإعراب فنعرب قَلْبَيْنِ على أنها مفعول به منصوب وعلامة نصبه هذه المشكلة الفتحة ما يمكن الياء موجودة ياء مقدرة على هذه الياء التي جلبت لماذا ؟ جلبت للحرف لأن عمل الأداة الظاهرة أقوى من عمل الأداة الغير باطنة يعني مثلاً جعل تنصب قلبين لكن تعرض لها أو عارضها في الأصح عارضها عامل أقوى مباشر وهو حرف الجر سيقولون إن الياء هذه ليست ياء النصب لكنها ياء حرف الجر الزائد وعلى هذا فنقول علامة نصبه ياء مقدرة في مكان الياء الموجودة التي اجتلبت من أجل حرف الجر الزائد قوله تعالى : ما جعل هذا الجعل كوني أو شرعي ؟ هذا الجعل كوني لأن الجعل الذي يضاف إلى الله ينقسم إلى قسمين جعل شرعي بمعنى ما شرع ، وجعل كوني بمعنى ما خلق خذوا بالكم مثال الجعل الشرعي قوله تعالى : مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ [المائدة :103]هذا جعل شرعي إيش الدليل ؟ الدليل أنه كوناً واقع مجعول لكنه شرعاً لم يجعل مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وأما الجعل الكوني فهو كثير مثل قوله تعالى : وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا [الإسراء :6] وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا [النبأ10 :11]وفي هذه الآية الكريمة مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ من أيهما ؟ من الكوني مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ وأكد الله هذا النفي بحرف الجر الزائد لأن الحروف الزوائد من أدوات التوكيد إذاً محال أن يكون في الإنسان قلبان ، في الإنسان الواحد قلبان محال ولكن هل هذه الجملة مرادة لذاتها أو مرادة لغيرها ؟ يرى المؤلف وجماعة من علماء التفسير أنها مرادة لذاتها وأنها نفي لأمر قد ادعي ولهذا قال رداً على من قال من الكفار إن له قلبين يعقل بكل منهما أفضل من عقل محمد صلى الله عليه وسلم هذا ما ذهب إليه جماعة من أهل العلم يعني أن هذا نفي لأمر ادعي وهو رجل من الكفار يقول إن له قلبين وإذا كان له قلبان كان له عقلان وإذا كان له عقلان كان أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ما له إلا قلب واحد وذهب بعض المفسرين وعلى رأسهم الزهري رحمه الله إلى أن هذه الجملة ليست مقصودة لذاتها لأنها أمر معلوم لأنه ما ليس لإنسان قلبان لكنها توطئة وتمهيد لما يأتي بعدها لأنه ذكر في الآية الكريمة ثلاثة أشياء مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ فكما أنكم تقرون بأنه لا قلبين لرجل في جوفه فكذلك ليست الزوجة أماً لأن الله لم يجعل للإنسان أُمَّين كما أنه ليس له قلبان وكذلك ليس هناك ابن غير حقيقي يعني ليس للإنسان ابن خلق من مائه وابن نسب إليه ولم يخلق من مائه بل إن ابنه من خلق من مائك واضح وهذا ما اختاره ابن كثير رحمه الله على أن هذه الجملة توطئة لأن انتفاء القلبين في الجوف الواحد أمر معلوم والقصة التي ذكروها ينظر في صحتها وحتى لو صحت فإن هذا الذي يقول إن له قلبين إدعاؤه أن له قلبين يدل على أنه لا قلب له نعم لأن هذا أمر مستحيل يقول الله عز وجل : مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ فهل قوله في جوفه قيد يعتبر قيداً شرطياً له مفهوم سيقال لك إن له قلبين خارج جوفه؟ لا ولكنها لبيان الواقع لأن من المعلوم أن القلوب في الأجواف وهذا كقوله تعالى : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ[الأنعام :38]لأن قوله : وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ كقول الإنسان ولا ماشي يمشي برجلين لبيان الواقع وإن كان بعض المتأخرين في قوله : وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ قال إنها قيد شرطي لتخرج الطائر المعروف لأنها تطير بغير جناحين وقد يقال إن هذا ليس بصحيح حتى الطائرة الآن تطير بجناحيها أين النفاثات التي تطير بها ؟ في الجناحين والمراوح التي كانت في الأول هي نفس الجناحين لكن لا شك أن الطائرة ما من الأمم التي هي أمثالنا بل هي من صنعنا إذاً قوله تعالى : في جوفه لبيان الواقع

Webiste