تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة فوائد الآية : (( هو الذي أنزل عليك الكت... - ابن عثيمينوأن الكلام كلام الله وأوردنا على ذلك إشكالا وهو: أن الله قال: { أنزلنا الحديد } وقال: { أنزل من السماء ماء } وأجبنا عن ذلك أليس كذلك؟ طيب . ومن فوائد ال...
العالم
طريقة البحث
تتمة فوائد الآية : (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هن أم الكتاب ... )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
وأن الكلام كلام الله وأوردنا على ذلك إشكالا وهو: أن الله قال: { أنزلنا الحديد } وقال: { أنزل من السماء ماء } وأجبنا عن ذلك أليس كذلك؟ طيب . ومن فوائد الآية الكريمة: أن هذا القرآن ينقسم إلى محكم ومتشابه، لقوله: { منه آيات محكمات وأخر متشابهات } وذكرنا أنه يشكل على هذا التقسيم أن الله ذكر في آية أخرى أن القرآن كله متشابه، وفي آية ثانية أنه كله محكم، وذكرنا الجمع كذا؟ طيب . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الرجوع إلى المحكم إزاء المتشابه، لقوله: { هن أم الكتاب } يعني مرجعه ، وهذا أعني الرجوع إلى المحكم عند وجود المتشابه لا يختص بالقرآن بل حتى في السنة، إذا وجد أحاديث متشابهة وأحاديث واضح محكمة فالواجب رد المتشابه إلى المحكم ليكون الجميع محكما، سواء كان التشابه في مدلولات الألفاظ أو كان التشابه في ثبوت الخبر، وهذا الأخير يختص بالسنة، لأن القرآن ليس فيه اشتباه بالنسبة إلى ثبوته، أو كان الاشتباه بأقوال أهل العلم، بمعنى أن العلماء يكون أكثرهم على القول وهو مشتبه عليك بالنسبة للأدلة فإن الغالب أن الحق يكون مع من هو أوثق وأقرب إلى الكتاب والسنة إما بالعلم أو بالأمانة أو بالكثرة . ومن فوائد الآية الكريمة: حكمة الله عزوجل في جعل القرآن ينقسم إلى قسمين، وجه الحكمة: أن بهذا يحصل الابتلاء والامتحان، فالمؤمن لا يضل بهذا الانقسام، والذي في قلبه زيغ يضل، وهذا كما يمتحن الله العباد بالأوامر والنواهي يمتحنهم أيضا بالأدلة فيجعل هذا محكما وهذا متشابها ليتبين المؤمن من غير المؤمن، لو كان القرآن كله محكما لم يحصل الابتلاء، ولو كان كله متشابها لم يحصل البيان والله سبحانه وتعالى جعل القرآن بيانا، وجعله محكما متشابها للاختبار والامتحان، أفهمتم الآن؟ طيب . ومن فوائد الآية الكريمة: أن من علامة الزيغ أن يتبع الإنسان متشابها من القرآن سواء تبعه بالنسبة لتصوره فيما بنيه وبين نفسه وصار يورد على نفسه آيات متشابهات، أو كان ذلك بالنسبة لعرض القرآن على غيره، فيقول للناس مثلا: ما تقولون في كذا وكذا؟ ويأتي بالآيات المتشابهات بدون أن يحلها، ولهذا من الخطر العظيم أن تورد سواء للطلبة أو للعامة آيات متشابهة دون أن تبين حل إشكالها، لأنك إذا فعلت هذا أوقعتهم في الحيرة والشك وصرت كمن ألقى الإنسان في بحر لا يستطيع الخلاص منه ولم تخلصه، وهذا يقع من بعض المتحذلقين من طلبة العلم أنه يورد الآيات المتشابهات ثم يقف، يقف ولا يبين للناس وجه هذا التشابه فيوقع الناس في الحيرة وهو لا يشعر . من فوائد الآية الكريمة: أن هؤلاء الذين يتبعون المتشابه تارة يبتغون الفتنة وسد الناس عن دينهم ونزع الثقة من قلوبهم بالنسبة للقرآن، لقوله: { ابتغاء الفتنة } وتارة يريدون بذلك أي بعرض هذا المتشابه أن يحرفوهم إلى المعنى الذي يريدون، وذلك لأنهم لو أرادوا أن يحرفوا المحكم ما قبلوا أليس هكذا؟ ولكن يأتون بالمتشابه ليتمكنوا من تحريفه، من تحريفه على ما يريدون، لأنه إذا كان متشابها فإن المخاطب الذي يخاطبونه يكون قد اشتبه عليه الأمر فيقبل ما جاءوا به من التحريف، وبهذا يزول الإشكال الذي قد يعرض الإنسان بقوله: { وابتغاء تأويله } لأن ابتغاء التأويل على وجه المراد أمر مطلوب وليس من شأن ذوي الزيغ بل هو من شأن ذوي الإيمان، لكن ذوي الزيغ يأتون بهذه المتشابه من أجل أن يحرفوه على ما يريدون لأنه ليس محكما واضحا حتى يعارضهم الناس، لكنه متشابه فيحصل بذلك ما يريدون من التحريف .

Webiste