تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير الآية : (( وآتوا اليتامى أموالهم ولا ت... - ابن عثيمينقال الله تبارك وتعالى:  وآتوا اليتامى أموالهم   آتوا  بمعنى أعطوا ،  و أتوا  بمعنى جاءوا ، وقوله:  اليتامى  مفعول أول ، و أموالهم  مفعول ثاني ، وهذا الف...
العالم
طريقة البحث
تفسير الآية : (( وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبًا كبيرًا )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قال الله تبارك وتعالى: وآتوا اليتامى أموالهم آتوا بمعنى أعطوا ، و أتوا بمعنى جاءوا ، وقوله: اليتامى مفعول أول ، و أموالهم مفعول ثاني ، وهذا الفعل آتوا ينصب مفعولين ليس أصلهما المبتداء والخبر ، وقوله: اليتامى جمع يتيم وهو مأخوذ من اليتم وهو الانفراد ، والمراد به اصطلاحا من مات أبوه وهو صغير لم يبلغ سواء كان ذكرا أم أنثى ، أما إذا بلغ فإنه يزول يتمه بحسب الاصطلاح والحكم الشرعي ، ولهذا جاء في الحديث: لا يتم بعد الاحتلام أي بعد بلوغه لأنه إذا بلغ استقل بنفسه ، وقوله: وآتوا اليتامى أموالهم أموالهم يعني ؟ التي لهم سواء كانت عندكم بصفتكم أولياء أو كانت ليست عندكم لكن أخذتموها بغير حق ، وقوله: وآتوا اليتامى أموالهم يعني لا تخونوا منها شيئا ولا تكتموا منها شيئا ولا تفسدوها بل أعطوها كما كانت ، ولا يلزم من قوله: آتوا اليتامى أموالهم أن نعطيهم المال وهم أيتام ، لأن اليتيم لا يعطى ماله إلا إذا اختبر ، كما قال الله تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم وهنا فرق بين دفع المال إليه وبين حفظ المال له حتى يؤتاه كاملا ، فالآية التي معنا المراد بها الأول أو الثاني ؟ الثاني ، أرى ما فهمتم الأول والثاني ؟ هل هناك فرق بين الإيتاء وبين الدفع ؟ نقول نعم بينهما فرق ، لأن الدفع معناه لا تعطيه المال حتى يبلغ ويرشد ، حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم وأما إيتاء المال فالمراد أن نحفظ المال لهم بحيث نعطيهم إياه كاملا عند وجود الدفع . ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب يعني لا تأخذوا الطيب بدلا عن الخبيث ، لا تتبدلوا الخبيث بالطيب أي لا تأخذوا الخبيث بدلا عن الطيب ، كيف لا نأخذ الخبيث بدلا عن الطيب ؟ المعنى: أننا لا نعطيهم الخبيث من أموالنا ونأخذ بدله طيبا ، هذا معنى الآية ، وقيل: معناها لا تأخذوا أموالهم تستغنوا بها الطيب لأن الأموال حرام والحرام خبيث ، ففيها وجهان ، الوجه الأول: ألا تأخذوا الطيب من أموالهم وتعطوهم الخبيث ، مثاله: أن يكون لليتيم غنم سمينة جيدة ، وعند وليه غنم هزيلة رديئة ، فيأخذ من غنم اليتيم من الطيب ويعطيه الرديء ، فهذا حرام ، أو يكون عنده بر طيب نقي ، فيأخذه ويعطيه برا رديئا مخلوطا ، وما أشبه ذلك ، فالمعنى إذا لا تتبدلوا الخبيث بالطيب أي لا تأخذوا الطيب وتعطوه الخبيث ، هذا واحد ، المعنى الثاني أو الوجه الثاني: لا تأخذوا من أموالهم شيئا لأن أموالهم حرام عليكم والحرام خبيث ، ويكون معنى الآية: لا تأخذوا أموالهم فتستغنوا بها عن الطيب الذي تكتسبونه بوجه حلال ، وكلا الأمرين محرم يعني سواء أخذت ماله بدون أن تعطيه شيئا أو أخذت ماله الطيب وأعطيته مالا رديئا ، فكله حرام . ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم " إلى " قال العلماء إنها بمعنى " مع " أي لا تأكلوا أموالهم مع أموالكم ، وقيل: بل " إلى " على بابها ولكن تأكلوا ضمنت معنى " تضموا " أي لا تضموا أموالهم إلى أموالكم فتأكلوها ، وهذا الأخير أصح ، لأن تضمين الفعل معنى فعل آخر في القرآن كثير وإتيان " إلى " بمعنى " مع " قليل ، وحمل الآية على المعنى الكثير في القرآن أولى من حملها على المعنى القليل ، وهذه من قواعد التفسير أن حمل الآية على المعنى الكثير في القرآن أولى من حملها على المعنى القليل لأنها إذا كانت هي الكثير في القرآن صارت هي اصطلاح القرآن وهي حقيقة القرآن ، إلى أموالكم إنه إنه الضمير يعود على الفعل السابق المكون من شيئين: تبديل الخبيث بالطيب ، والثاني: أكل الأموال إلى أموالنا ، إنه أي هذا الفعل ، فالضمير يعود على الفعل المفهوم مما سبق إنه كان حوبا كبيرا أي كان عند الله حوبا أي إثما أو ذنبا ، والكبير ضد الصغير ، لأن الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر ، فهذا من الذنب الكبير .

Webiste