تفسير الآية : (( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدًا ... )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال الله تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح ... ابتلوا اختبروا ، و اليتامى جمع يتيم وهو كل من مات أبوه قبل بلوغه ، أي قبل بلوغ الطفل أو بلوغ الأب ؟ قبل بلوغ الطفل ، من مات أبوه قبل بلوغه أي بلوغ الطفل . وقوله: حتى إذا بلغوا " حتى " هنا ابتدائية أي اختبروهم واستمروا في الاختبار حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم " إذا " شرطية ، وقوله: فإن علمتم شرطية أيضا ، فادفعوا إليهم أموالهم جواب الشرط ، فيكون هذا شرطا في ضمن شرط آخر وهو سائغ في اللغة العربية ، ومنه قول الشاعر:
إن تستغيثوا بنا إن تدعروا تجدوا منا معاقل عز زانها كرم
هذه حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم شرط في ضمن شرط ، وقوله: فإن آنستم أي أبصرتم ، ومنه قوله تعالى: آنس آنست من جانب الطور نارا أي أبصر ، وقوله: رشدا الرشد في كل موضع بحسبه ولكنه يجمع جميع معانيه كلمة واحدة وهي: حسن التصرف ، هذا هو الرشد إن كان في المال فبأن يبيع الإنسان ويشتري مرارا ولا يغبن إلا بما جرت به العادة ... منتهيا عما حرم الله ، وإن كان في التصرف للغير فأن يكون حسن الولاية ، ومنه الرشد في ولاة النكاح وأن يكون عالما بالكفو ومصالح النكاح ، إذا الرشد ؟ في كل موضع بحسبه ، ما المراد به هنا ؟ رشدا أي تصرفا صحيحا في أمواله . فادفعوا إليهم أموالهم أي أعطوهم إليهم إياها ، وقوله: فادفعوا إليهم يعني أوصلوها إليهم ولا تقولوا: ائتوا خذوا أموالكم ، أنتم ادفعوا إليهم ، وسيأتي أن هذا الولي له الأجرة أو الأكل بالمعروف حسب ما تقتضيه الحال .
وتأكلوها أي أموالهم إسرافا وبدارا أن يكبروا قوله: إسرافا يجوز أن تكون مفعولا مطلقا أي أكبر إسراف ، والإسراف هو مجاوزة الحد ، وهو أيضا في كل موضع بحسبه ، وقوله: بدارا أي مبادرة ، فهي من بادر بمعنى استعجل في الشيء ، وقوله: أن يكبروا أي بدارا لكبرهم يعني تبادر كبرهم ، لأنهم إذا كبروا زالت عليهم وصاروا راشدين ، فربما يأكل بعض الأولياء أموالهم على وجه الإسراف أو على وجه الاقتصاد لكن يبادر ، ولهذا لا يقول قائل إن الكلمتين مترادفتان بل نقول الإسراف مجاوزة الحد ، فإذا كان يكفيه عشرة أخذ خمسة عشر ، وبدارا يعني أن يأخذ بلا إسراف لكن يبادر ، يبادر بالأكل قبل أن يقبض ، ومن كان غنيا فليستعفف من كان من الأولياء غنيا لا يحتاج إلى مال اليتيم فليستعفف أي فليكف عن الأكل ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف اللام هنا في قوله: فليستعفف للأمر ، والثاني للإباحة ، أقول اللام في قوله: فليستعفف للأمر ، وفي قوله: فليأكل للإباحة ، وذلك أن الأول مطلوب منه أن يستعفف ، والثاني مباح له أن يأكل . فإذا قال قائل: ما الذي أخرج اللام في قوله: فليأكل عن الأمر ؟ قلنا: لأنها أعقبت النهي وهو قوله: ولا تأكلوها إسرافا وبدارا والأمر بعد النهي لرفع الحظر يعني إما للإباحة على قول بعض العلماء أو لرفع الحظر ، وهنا إذا رفع الحظر فهو مباح ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف أي فليأكل أكلا بالمعروف أي بما جرى به العرف ، فلا يأكل أكل الأغنياء وإنما يأكل أكل مثله ، مثال ذلك: إذا كان فقيرا فقال أنا سآكل أكل الأغنياء لأني ولي عليه ، قلنا لا يجوز ، كل بالمعروف ، والمعروف ما جرى به العرف ، ومن المعلوم أن أكل الفقير ليس كأكل الغني . قال: فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم ومتى ندفع إليهم أموالهم ؟ إذا بلغوا ورشدوا فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم يعني أشهدوا أنكم دفعتموها وكفى بالله حسيبا كفى من الكفاية يعني أنه جل وعلا يكفي عن كل أحد ، والباء في قوله: بالله زائدة لتحسين اللفظ ، والأصل " وكفى الله حسيبا " والحسيب بمعنى الرقيب المحاسب ، فهذه الآية كما رأيتم ختم الله بهذه الجملة تهديدا لأولياء اليتامى من أن يتجرءوا على أكل أموالهم إسرافا وبدارا أن يكبروا .
إن تستغيثوا بنا إن تدعروا تجدوا منا معاقل عز زانها كرم
هذه حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم شرط في ضمن شرط ، وقوله: فإن آنستم أي أبصرتم ، ومنه قوله تعالى: آنس آنست من جانب الطور نارا أي أبصر ، وقوله: رشدا الرشد في كل موضع بحسبه ولكنه يجمع جميع معانيه كلمة واحدة وهي: حسن التصرف ، هذا هو الرشد إن كان في المال فبأن يبيع الإنسان ويشتري مرارا ولا يغبن إلا بما جرت به العادة ... منتهيا عما حرم الله ، وإن كان في التصرف للغير فأن يكون حسن الولاية ، ومنه الرشد في ولاة النكاح وأن يكون عالما بالكفو ومصالح النكاح ، إذا الرشد ؟ في كل موضع بحسبه ، ما المراد به هنا ؟ رشدا أي تصرفا صحيحا في أمواله . فادفعوا إليهم أموالهم أي أعطوهم إليهم إياها ، وقوله: فادفعوا إليهم يعني أوصلوها إليهم ولا تقولوا: ائتوا خذوا أموالكم ، أنتم ادفعوا إليهم ، وسيأتي أن هذا الولي له الأجرة أو الأكل بالمعروف حسب ما تقتضيه الحال .
وتأكلوها أي أموالهم إسرافا وبدارا أن يكبروا قوله: إسرافا يجوز أن تكون مفعولا مطلقا أي أكبر إسراف ، والإسراف هو مجاوزة الحد ، وهو أيضا في كل موضع بحسبه ، وقوله: بدارا أي مبادرة ، فهي من بادر بمعنى استعجل في الشيء ، وقوله: أن يكبروا أي بدارا لكبرهم يعني تبادر كبرهم ، لأنهم إذا كبروا زالت عليهم وصاروا راشدين ، فربما يأكل بعض الأولياء أموالهم على وجه الإسراف أو على وجه الاقتصاد لكن يبادر ، ولهذا لا يقول قائل إن الكلمتين مترادفتان بل نقول الإسراف مجاوزة الحد ، فإذا كان يكفيه عشرة أخذ خمسة عشر ، وبدارا يعني أن يأخذ بلا إسراف لكن يبادر ، يبادر بالأكل قبل أن يقبض ، ومن كان غنيا فليستعفف من كان من الأولياء غنيا لا يحتاج إلى مال اليتيم فليستعفف أي فليكف عن الأكل ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف اللام هنا في قوله: فليستعفف للأمر ، والثاني للإباحة ، أقول اللام في قوله: فليستعفف للأمر ، وفي قوله: فليأكل للإباحة ، وذلك أن الأول مطلوب منه أن يستعفف ، والثاني مباح له أن يأكل . فإذا قال قائل: ما الذي أخرج اللام في قوله: فليأكل عن الأمر ؟ قلنا: لأنها أعقبت النهي وهو قوله: ولا تأكلوها إسرافا وبدارا والأمر بعد النهي لرفع الحظر يعني إما للإباحة على قول بعض العلماء أو لرفع الحظر ، وهنا إذا رفع الحظر فهو مباح ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف أي فليأكل أكلا بالمعروف أي بما جرى به العرف ، فلا يأكل أكل الأغنياء وإنما يأكل أكل مثله ، مثال ذلك: إذا كان فقيرا فقال أنا سآكل أكل الأغنياء لأني ولي عليه ، قلنا لا يجوز ، كل بالمعروف ، والمعروف ما جرى به العرف ، ومن المعلوم أن أكل الفقير ليس كأكل الغني . قال: فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم ومتى ندفع إليهم أموالهم ؟ إذا بلغوا ورشدوا فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم يعني أشهدوا أنكم دفعتموها وكفى بالله حسيبا كفى من الكفاية يعني أنه جل وعلا يكفي عن كل أحد ، والباء في قوله: بالله زائدة لتحسين اللفظ ، والأصل " وكفى الله حسيبا " والحسيب بمعنى الرقيب المحاسب ، فهذه الآية كما رأيتم ختم الله بهذه الجملة تهديدا لأولياء اليتامى من أن يتجرءوا على أكل أموالهم إسرافا وبدارا أن يكبروا .
الفتاوى المشابهة
- رجل وكيل شرعي عن أيتام فمتى يحق له أن يعطيهم... - ابن عثيمين
- حكم الأخذ من أموال اليتامى - ابن باز
- تفسير الآية : (( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليت... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ... - ابن باز
- ما معنى قوله تعالى (( قياما لكم...))؟ - ابن عثيمين
- تفسير الآية : (( وآتوا اليتامى أموالهم ولا ت... - ابن عثيمين
- في قوله تعالى (( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغ... - ابن عثيمين
- فوائد الآية : (( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ا... - ابن عثيمين
- تتمة فوائد الآية : (( وابتلوا اليتامى حتى إذ... - ابن عثيمين
- فوائد الآية : (( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغ... - ابن عثيمين
- تفسير الآية : (( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغ... - ابن عثيمين