تفسير الآية : (( ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولدٌ ... )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ولكم نصف ما ترك أزواجكم أزواجكم الأزواج لا يمكن أن يصدق على المرأة أنها زوج إلا إذا تمت شروط النكاح ، وعلى هذا فلابد من عقد الزوجية الصحيح ، فإن كان العقد غير صحيح فلا إرث ، والعقد غير الصحيح يشمل الفاسد والباطل ، فالأنكحة عند العلماء ثلاثة أقسام: صحيح ، وباطل ، وفاسد ، فما أجمع العلماء على صحته فهو صحيح ، وما أجمعوا على بطلانه فهو باطل ، وما اختلفوا فيه فهو فاسد ، هكذا يقرر العلماء ، أن النكاح ثلاثة أقسام: صحيح وهو ما اجتمعت شروطه وانتفت موانعه ، وإن شئت فقل: ما أجمع العلماء على صحته ، وباطل وهو ما أجمعوا على فساده ، والفاسد وهو ما اختلفوا في صحته ، مثال الأول: أن يتزوج إنسان المرأة بعقد صحيح خال من الموانع ، ومثال الثاني الباطل: أن يعقد من امرأة فيتبين أنها أخته من الرضاعة ، فهنا العقد باطل لإجماع العلماء على فساده ، أو يتزوج امرأة في عدتها فإن العلماء مجمعون على فساد العقد ، ومثال الثالث: أن يتزوج امرأة بلا شهود أو بشهود من الأصول والفروع ، أو بلا ولي ، أو يتزوج امرأة رضعت من أمه ثلاث رضعات ، كل هذه الأنواع مختلف فيها ، فمثلا من رضعت من أمه ثلاث رضعات فهي عند كثير من العلماء أو أكثر العلماء تحل له ، لماذا ؟ لأن الرضاع المحرم خمس ، وعند بعض العلماء المحرم ثلاثة ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا تحرم المصة ولا المصتان فمفهومه ما زاد عليهما محرم ، فعلى هذا الرأي يكون النكاح ؟ يكون باطلا يعني فاسدا ، وإذا تزوج امرأة رضعت من أمه واحدة فالنكاح أيضا فاسد ، لكن فساده أقرب من فساد من يقول بالثلاث ، لأن القول بأن الرضاع مطلقا محرم هو قول ... وهو قول ضعيف ، المهم النكاح الفاسد لا توارث بين الزوجين فيه ، والنكاح الباطل ؟ كذلك لا توارث ، والنكاح الصحيح وهو الذي أجمع العلماء على صحته لتمام شروطه وانتفاء موانعه هذا هو الذي يحصل به الإرث ، وهو مستفاد من قوله: ما ترك أزواجكم . إن لم يكن لهن ولد هذا شرط عدمي ، ووجه كونه شرطا عدميا دخول النفي على مضمونه ، والنفي عدم أو وجود ؟ النفي عدم فيشرط لإرث الزوج نصف ما تركت زوجته شرط عدمي وهو ألا يكون لها ولد ، وقوله: إن لم يكن لهن ولد يشمل الواحد والمتعدد ، والذكر والأنثى ، لأن كلمة " ولد " بمعنى المولود وهو صالح للذكر والأنثى ، ودليل ذلك قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فدل هذا على أن الأولاد والولد يشمل الذكور والإناث . فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما ترك هذا تصريح بالمفهوم من قوله: إن لم يكن لهن ولد فمفهومه إن كان لهن ولد فالحكم يختلف يعني لا يكون لكم النسب ، ما الذي يكون ؟ بينه في قوله: فلكم الربع مما ترك من بعد وصية يوصين بها أو دين فإن قال قائل: ما الحكمة في أنه مع الأولاد يكون للزوج الربع ومع عدمهم يكون له النصف ؟ نقول: لأنه إذا كان لها أولاد فإن أولادها محتاجون إلى الإنفاق عليهم فلذلك توفر لهم من المال ثلاثة أرباع بخلاف إذا لم يكن لها ولد . وعموم قوله: ولد قلنا يشمل الذكر والأنثى والواحد والمتعدد ومن كانوا من زوجها ومن كانوا من غير زوجها ، كما لو ماتت ولها أولاد من زوج سابق فليس لزوجها إلا الربع ، من بعد وصية يوصين بها أو دين من بعد وصية يوصين بها ويشترط للوصية التي تقدم للإرث أن تكون وصية مشروعة وذلك بأن تكون من الثلث فأقل ، لأيش ؟ لغير وارث ، وأن تكون وصية تامة الشروط ، فإن اختل شرط منها فبطلت فلا عبرة بها ، فلو أوصت المرأة بشيء من مالها يصرف على أهل العزف والغناء فالوصية باطلة لا عبرة بها ، وذلك أن لدينا قاعدة مهمة أن الألفاظ الشرعية تحمل على المعنى المعتبر شرعا ، فعليها قول الوصية هي المعتبر شرعا ، بحيث تكون من الثلث وأقل للغير وارث ، وبالشروط المعروفة عند أهل العلم وإن شاء الله تأتينا في الفقه . وقوله: أو دين من بعد وصية أو دين " أو " هنا مانعة خلو وليست مانعة انفراد بل هي مانعة خلو ، والفرق بينهما أن " أو " التي هي مانعة خلو يعني أنه يشترط ألا يخلو واحد من هذين الأمرين وإن اجتمعا فهو أولى ، والثاني التي تمنع الاشتراك هي التي يكون الحكم فيها لأحد الأمرين ، فإذا قلت: أكرم زيدا أو عمرا ، وأنا أريد أن تكرم أحدهما ، فهذه مانعة اشتراك ، وإذا قلت: أكرم زيدا أو عمرا ، بمعنى أني جعلت لك الخيار ، فهذه يسمونها مانعة خلو بمعنى أنه لا يخلوا الحال من إكرام أحد الرجلين وإكرام أحدهما من باب أولى ، فهنا " أو " هنا من باب خلو أو مانعة اشتراك ؟ مانعة خلو ، بمعنى أنه قد يجتمع الدين والوصية وقد ينفرد أحدهما ، فالإرث لا يكون إلا بعد الوصية والدين ، ولكن الوصية كما علمتم تكون من الثلث وأقل ، والدين قد يستغرق جميع المال فإن استغرق الدين جميع المال فلا حق للورثة ، صح ؟ يعني لو كان عليه ألف درهم وخلف ألف درهما ، فهنا لا شيء للورثة لأننا إذا قضينا الدين من ألف لم يبق للورثة شيء ، ولو أوصت المرأة بألف وتركت ألفا فقط ؟ لم يبق للورثة شيء ؟ لا ، لماذا ؟ لأنها لا تملك الوصية إلا بالثلث بأقل.
في هذه الآية قدم الله تعالى الوصية على الدين وقد سبق في الآية الأولى كذلك ، وبين العلماء رحمهم الله تعالى الحكمة في ذلك بأن الوصية تبرع والدين واجب ، فقدمت الوصية لجبر نقصها لكونها تبرعا على الواجب ، هذا وجه ، والوجه الثاني: أن الدين له من يطالب به بخلاف الوصية فأنها تبرع ولو شاء الورثة أن يجحدوها لجحدوها ، فقدمت اهتماما بها واعتناء بها . ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين يقال في هذه الجمل ما قيل فيما قبلها ، والحكمة في أن الله فرق بين الرجال والنساء فجعل للأنثى نصف مال الرجل لأن هذه هي القاعدة في الفرائض أن الرجل والأنثى إذا كانا من جنس واحد فهما على التفريط يعني يكون للرجل نصف مال الأنثى إلا من ورث بالرهن المجردة فإنه يستوي فيه الذكر والأنثى ، مثل أولاد الأم فإن ذكورهم وإناثهم سواء ، ومثل ذوي الأرحام ـ على المشهور في المذهب ـ فإن ذكرهم وأنثاهم سواء ، فابن الأخت وبنت الأخت المال بينهما بالسوية ، وسيأتي إن شاء الله ذكر الخلاف فيه وأن الصحيح أن ميراث ذوي الأرحام مبني على إرث من يدلون به فإن أدلوا بمن تختلف فيه الذكورة والأنوثة فهم كذلك . ثم قال: وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة قوله: إن كان رجل يورث يحتمل أن تكون " كان " هنا ناقصة ويكون جملة يورث خبر " كان " ويحتمل أن تكون تامة و رجل فاعل ، و يورث صفة لـ رجل ، وهذا أقرب ، لأن التقدير: وإن وجد رجل يورث كلالة ، وقوله: كلالة هذه مفعول مطلق ، ودليل أنها مفعول مطلق أنه يصح أن يقدر قبلها المصدر ، والتقدير: يورث إرث كلالة ، فعليه تكون هي مفعول مطلق ، وإرث الكلالة أن يرث من دون الأصول والفروع ، يعني أن يكون الوارث من غير الأصول والفروع ، لأنه كالإكليل الذي يحيط بالشيء ، فهم الحواشي يعني من كان ورثته حواشي وهو من لا يرثه فرع ولا أصل ، ولهذا جاء عن السلف أن الكلالة من ليس له ولد ولا والد يعني يرثه الحواشي ، فالموروث كلالة هو الذي لا يرثه إلا الحواشي ، هكذا يا سليم ؟ مثل رجل مات عن إخوة يسمى هذه كلالة ، عن أعمام كلالة ، عن بني أعمام كلالة ، عن بني إخوة كلالة ، فكل من يرث بلا فرع ولا أصل فهو كلالة ، وقوله: أو امرأة معطوفة على رجل ولكن كلمة امرأة هل نقول معطوفة على رجل بصفته أو على رجل بلا صفته ؟ بصفته يعني أو امرأة تورث كلالة ، وقد اتفق النحويون وكذلك الأصوليون على أن الوصف إذا تعقب جملا عاد على الكل ، إذا تعقب جملا فإنه يعود إلى الكل ، مثل أن أقول: أكرم زيدا وعمروا وخالدا وبكرا إن اجتهدوا في الدراسة ، يهود على الكل ، وأما إذا انفرد وتقدم: أكرم زيدا وعمروا وخالدا إن اجتهدوا وبكرا ، فقد اختلفوا هل يكون بكرا إكرامه مطلقا أو يكون موصوفا بما سبق ، على قولين في هذه المسألة والصحيح أنه يرجع في هذا إلى القرائن ، والقرائن هنا دلت على أن امرأة معطوفة على رجل باعتباره موصوفا بكونه يورث كلالة . أو امرأة وله أخ أو أخت " له " الضمير يعود إلى الرجل الذي يورث كلالة وكذلك المرأة ، ولم يقل: ولهما أخ أو أخت ، اعتبارا بالوصف الأول الذي هو الرجل ، وقوله: أخ أو أخت هنا مطلق يشمل الشقيق أو لأب أو لأم ، ولكن العلماء أجمعوا على أن المراد له أخ من أم أو أخت من أم ، وقد وردت فيها قراءة عن بعض السلف: وله أخ من أم أو أخت من أم ، وهذا ظاهر جدا حتى وإن لم ترد القراءة هذه فإن الإخوة الأشقاء لأب قد ذكر الله حكمهم في آخر السورة: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرئ هلك وله أخت ... ، فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك أي أكثر من واحد فهم شركاء في الثلث إذا كانوا اثنين ؟ فهم شركاء في الثلث ، إذا كانوا ثلاثة ؟ فهم شركاء في الثلث ، أربعة شركاء في الثلث ، أخ وأخت شركاء في الثلث ، وهنا لا يفضل الأخ على الأخت ، لأن الله قال: فهم شركاء ومقتضى الشركة عند الإطلاق المساواة أو التسوية ، من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار من بعد وصية يوصى بها نقول فيها ما سبق من أن هذه الوصية وصية شرعية في حدود ما أذن فيه الشرع ، وقوله: أو دين يعني أو من بعد دين ، و" أو " هنا بمعنى خلو كما سبق ، لكن هنا قال: غير مضار يعني بشرط ألا يكون المقصود بالوصية المضارة ، فإن ثبت أن المقصود بها المضارة فهي لاغية كما لو علمنا أن هذا الميت الذي ليس له إلا إخوة من أم أنه أوصى بالثلث من أجل أن يضيق على الإخوة فهذه وصية ضرار فلا تنفذ ، لأن الله اشترط في الوصية النافذة أن تكون غير مضار بها ، وكذلك لو فرض أن المريض استحمق وتدين دينا يضر بالورثة يستغرق جميع ماله فإنه في هذه الصورة ينظر فيه ، ينظر فيه إذا كان قد ضار به فإن الضرر ممنوع شرعا . ثم قال: وصية من الله وصية مفعول مطلق عامله محذوف وجوبا ، لأن المقصود بها هنا الإلزام ، والوصية بمعنى العهد المؤكد والله عليم حليم عليم بما يصلح عباده ، حليم بمن عصاه فلا يعاجله بالعقوبة ، والفائدة من ختم هذه الآية الطويلة التي اشتملت على إرث الزوجين والإخوة من أم بالعلم والحلم أنه قد تكون الوصية مضارا بها ولا يعجل الله الإنسان بالعقوبة ، فلهذا ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين: العلم ، والحلم
في هذه الآية قدم الله تعالى الوصية على الدين وقد سبق في الآية الأولى كذلك ، وبين العلماء رحمهم الله تعالى الحكمة في ذلك بأن الوصية تبرع والدين واجب ، فقدمت الوصية لجبر نقصها لكونها تبرعا على الواجب ، هذا وجه ، والوجه الثاني: أن الدين له من يطالب به بخلاف الوصية فأنها تبرع ولو شاء الورثة أن يجحدوها لجحدوها ، فقدمت اهتماما بها واعتناء بها . ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين يقال في هذه الجمل ما قيل فيما قبلها ، والحكمة في أن الله فرق بين الرجال والنساء فجعل للأنثى نصف مال الرجل لأن هذه هي القاعدة في الفرائض أن الرجل والأنثى إذا كانا من جنس واحد فهما على التفريط يعني يكون للرجل نصف مال الأنثى إلا من ورث بالرهن المجردة فإنه يستوي فيه الذكر والأنثى ، مثل أولاد الأم فإن ذكورهم وإناثهم سواء ، ومثل ذوي الأرحام ـ على المشهور في المذهب ـ فإن ذكرهم وأنثاهم سواء ، فابن الأخت وبنت الأخت المال بينهما بالسوية ، وسيأتي إن شاء الله ذكر الخلاف فيه وأن الصحيح أن ميراث ذوي الأرحام مبني على إرث من يدلون به فإن أدلوا بمن تختلف فيه الذكورة والأنوثة فهم كذلك . ثم قال: وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة قوله: إن كان رجل يورث يحتمل أن تكون " كان " هنا ناقصة ويكون جملة يورث خبر " كان " ويحتمل أن تكون تامة و رجل فاعل ، و يورث صفة لـ رجل ، وهذا أقرب ، لأن التقدير: وإن وجد رجل يورث كلالة ، وقوله: كلالة هذه مفعول مطلق ، ودليل أنها مفعول مطلق أنه يصح أن يقدر قبلها المصدر ، والتقدير: يورث إرث كلالة ، فعليه تكون هي مفعول مطلق ، وإرث الكلالة أن يرث من دون الأصول والفروع ، يعني أن يكون الوارث من غير الأصول والفروع ، لأنه كالإكليل الذي يحيط بالشيء ، فهم الحواشي يعني من كان ورثته حواشي وهو من لا يرثه فرع ولا أصل ، ولهذا جاء عن السلف أن الكلالة من ليس له ولد ولا والد يعني يرثه الحواشي ، فالموروث كلالة هو الذي لا يرثه إلا الحواشي ، هكذا يا سليم ؟ مثل رجل مات عن إخوة يسمى هذه كلالة ، عن أعمام كلالة ، عن بني أعمام كلالة ، عن بني إخوة كلالة ، فكل من يرث بلا فرع ولا أصل فهو كلالة ، وقوله: أو امرأة معطوفة على رجل ولكن كلمة امرأة هل نقول معطوفة على رجل بصفته أو على رجل بلا صفته ؟ بصفته يعني أو امرأة تورث كلالة ، وقد اتفق النحويون وكذلك الأصوليون على أن الوصف إذا تعقب جملا عاد على الكل ، إذا تعقب جملا فإنه يعود إلى الكل ، مثل أن أقول: أكرم زيدا وعمروا وخالدا وبكرا إن اجتهدوا في الدراسة ، يهود على الكل ، وأما إذا انفرد وتقدم: أكرم زيدا وعمروا وخالدا إن اجتهدوا وبكرا ، فقد اختلفوا هل يكون بكرا إكرامه مطلقا أو يكون موصوفا بما سبق ، على قولين في هذه المسألة والصحيح أنه يرجع في هذا إلى القرائن ، والقرائن هنا دلت على أن امرأة معطوفة على رجل باعتباره موصوفا بكونه يورث كلالة . أو امرأة وله أخ أو أخت " له " الضمير يعود إلى الرجل الذي يورث كلالة وكذلك المرأة ، ولم يقل: ولهما أخ أو أخت ، اعتبارا بالوصف الأول الذي هو الرجل ، وقوله: أخ أو أخت هنا مطلق يشمل الشقيق أو لأب أو لأم ، ولكن العلماء أجمعوا على أن المراد له أخ من أم أو أخت من أم ، وقد وردت فيها قراءة عن بعض السلف: وله أخ من أم أو أخت من أم ، وهذا ظاهر جدا حتى وإن لم ترد القراءة هذه فإن الإخوة الأشقاء لأب قد ذكر الله حكمهم في آخر السورة: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرئ هلك وله أخت ... ، فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك أي أكثر من واحد فهم شركاء في الثلث إذا كانوا اثنين ؟ فهم شركاء في الثلث ، إذا كانوا ثلاثة ؟ فهم شركاء في الثلث ، أربعة شركاء في الثلث ، أخ وأخت شركاء في الثلث ، وهنا لا يفضل الأخ على الأخت ، لأن الله قال: فهم شركاء ومقتضى الشركة عند الإطلاق المساواة أو التسوية ، من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار من بعد وصية يوصى بها نقول فيها ما سبق من أن هذه الوصية وصية شرعية في حدود ما أذن فيه الشرع ، وقوله: أو دين يعني أو من بعد دين ، و" أو " هنا بمعنى خلو كما سبق ، لكن هنا قال: غير مضار يعني بشرط ألا يكون المقصود بالوصية المضارة ، فإن ثبت أن المقصود بها المضارة فهي لاغية كما لو علمنا أن هذا الميت الذي ليس له إلا إخوة من أم أنه أوصى بالثلث من أجل أن يضيق على الإخوة فهذه وصية ضرار فلا تنفذ ، لأن الله اشترط في الوصية النافذة أن تكون غير مضار بها ، وكذلك لو فرض أن المريض استحمق وتدين دينا يضر بالورثة يستغرق جميع ماله فإنه في هذه الصورة ينظر فيه ، ينظر فيه إذا كان قد ضار به فإن الضرر ممنوع شرعا . ثم قال: وصية من الله وصية مفعول مطلق عامله محذوف وجوبا ، لأن المقصود بها هنا الإلزام ، والوصية بمعنى العهد المؤكد والله عليم حليم عليم بما يصلح عباده ، حليم بمن عصاه فلا يعاجله بالعقوبة ، والفائدة من ختم هذه الآية الطويلة التي اشتملت على إرث الزوجين والإخوة من أم بالعلم والحلم أنه قد تكون الوصية مضارا بها ولا يعجل الله الإنسان بالعقوبة ، فلهذا ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين: العلم ، والحلم
الفتاوى المشابهة
- الوصية للوارث تبني ولد جارتها الوصية لول... - اللجنة الدائمة
- تتمة تفسير الآية : (( من بعد وصيةٍ يوصي بها... - ابن عثيمين
- باب : (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة... - ابن عثيمين
- تفسير الآية : (( يوصيكم الله في أولادكم للذك... - ابن عثيمين
- كيف يكون تقسيم ميراث المرأة إذا تركت ولدا وز... - ابن عثيمين
- فوائد الآية : (( ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن... - ابن عثيمين
- تتمة شرح باب : وقول الله تعالى : (( يوصيكم ا... - ابن عثيمين
- تتمة شرح قوله تعالى (( ولكم نصف ما ترك أزواج... - ابن عثيمين
- باب : وقول الله تعالى : (( يوصيكم الله في أو... - ابن عثيمين
- تتمة فوائد الآية : (( ولكم نصف ما ترك أزواجك... - ابن عثيمين
- تفسير الآية : (( ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن... - ابن عثيمين