تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير الآية : (( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من... - ابن عثيمينقوله تعالى:  ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ... ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا  وقوله:  ما نكح آباؤكم  بناء على ما قررناه يكون المراد بما نكح الآباء العقد...
العالم
طريقة البحث
تفسير الآية : (( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشةً ومقتًا وساء سبيلاً )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قوله تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ... ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا وقوله: ما نكح آباؤكم بناء على ما قررناه يكون المراد بما نكح الآباء العقد أي بما عقدوا عليهن سواء حصل الدخول أو لم يحصل وسواء حصل الوطء أم لم يحصل ، وقوله: آبائكم جمع أب وهو شامل للأب الأدنى ومن فوقه وهم الأجداد ، وشامل للجد من قبل الأب ومن قبل الأم ، وذلك لأن النكاح يكفي في تحريمه أدنى ملابسة بخلاف الإرث والنفقات فإنه في باب الإرث والنفقات لا يدخل في الآباء الأجداد في جهة الأم لكن في باب النكاح يدخل ، وذلك لأنه مكتفى فيه بأدنى ملابسة ، أرأيتم الرضاعة مثلا ؟ الرضاع يحرم النكاح لكنه لا يوجب أي شيء مما يوجبه النسب من نفقة أو تحمل دية أو صلة أو غير ذلك ، إذا آبائكم المراد من ؟ الآباء الأدنون والأعلون ، من قبل الأب ومن قبل الأم ، وقوله: من النساء هذه بيان لما الموصولة وذلك أن ما الموصولة وكذلك أسماء الشرط مبهمة يحتاج إلى بيان فيأتي في الغالب البيان بعدها مصدرا بمن من النساء إلا ما قد سلف " إلا " هنا أداة استدراك وليست أداة استثناء فهي بمعنى " لكن " فيعبر بعض العلماء عن مثل هذا بأنه استثناء منقطع ، ويعبر آخرون بأن " إلا " هنا بمعنى " لكن " وليست استثناء أصلا ، قال لأن الاستثناء لابد أن يكون المستثنى منه قد دخل في المستثنى منه ثم أخرج ، والمستثنى المنقطع لا يصدق عليه ذلك ، وعلى هذا فإذا جاء الاستثناء المنقطع فنجل " إلا " بمعنى " لكن " ويكون هذا من باب تناوب حروف بعضها عن بعض ، وقوله: إلا ما قد سلف أي: لكن ما مضى فإنه لا حرج عليكم فيه ولا يلحقكم فيه الإثم . فإن قال قائل: ما قد سلف لن يحلقهم الإثم فيه لأن الحكم لم يقرر بعد فكيف استدرك وقال: إلا ما قد سلف ؟ فالجواب ـ والعلم عند الله عزوجل ـ: أنه لما كان عقد النكاح أخطر العقود وأشدها استثنى ما سلف لئلا يظن الظان أن ما السلف ينسحب على الحكم ، ينسحب عليه الحكم الذي ثبت أخيرا ، فكأنه قال: لا تنكحوا ما نكح آبائكم النكاح وقد عفا الله عما سلف ، وقد عفا الله عما سلف لتطمئن النفوس ، وليس يعني ذلك أ، ما سلف من العقد يبقى ويقر عليه الإنسان بل يجب فصله ، والتفريق بين الإنسان والزوجة التي هي زوجة أبيه ، لأن هذا التحريم باق لم يزول وصفه ، وسيأتي إن شاء الله في أثناء الكلام على فوائد تفسير ذلك . ثم قال: إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا " إنه " الضمير يعود على المصدر المفهوم من قوله: لا تنكحوا أي إن نكاحكم ، والضمير قد يعود على المصدر المفهوم من الفعل لدلالة السياق عليه كما في قوله تعالى: اعدلوا هو أقرب للتقوى " هو " أي العدل المفهوم من كلمة اعدلوا ، فقوله " إنه " إي نكاحكم ما نكح آبائكم كان فاحشة والآن ؟ كان فاحشة والآن ؟ فاحشة ، فعلى هذا تكون " كان " هنا مسلوبة الزمان جاءت لتحقق هذا ، لأن " كان " إذا سلبت الزمان كانت للتحقيق ، إذا نقول هذه كقوله تعالى: إن الله كان غفورا رحيما ليست معنى " كان " فيما مضى ولكن ثبت ثبوتا قطعيا أنه غفور رحيم ، هنا نقول كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا أي ثبت فحشه ، وقوله: فاحشة أي في نفسه ومقتا أي عند الله ، فنكاح ما نكح الآباء من النساء فاحشة في نفسه تستفحشه العقول والشرع وهو أيضا مقت والمقت أشد البغض كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون أي كبر بغضا ، فالمقت أشد البغض وساء سبيلا ساء فعل الماضي من أنواع الأفعال الشتوية ، شتوية الجامد هو جامد في سياقه على هذا الوجه على أنه إنشاء يكون جامدا وإنما قيدت ذلك لأنه إذا جاء بمعنى الإساءة أو السيئة صار متصرفا ، كما قال تعالى: ليسوءوا وجوهكم يسوء هذه مضارع ساء ، فساء إذا كان المقصود بها إنشاء الذم صارت فعلا جامدا وإذا كان المقصود بها ضد ما يسر صارت متصرفا ، فلابد من قيد ، إذا أردت أن تقول ساء فعل جامد لابد أن تقول إذا كان المقصود بها إنشاء الذم ، وقوله: سبيلا أي طريقا ، فوصف الله عزوجل نكاح ما نكح الآباء بثلاثة أوصاف: أنه فاحشة ، وأنه مقت ، وأنه سبيل سيئ . أي نعم ، لكن ما فيها إشارة إلى الإرث وإلا نعلم . يصدق أن يهم بنكاح زوجة أبيه وغيرها .

Webiste