الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << يآأهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبين لكم .............>>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تبارك وتعالى: يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل فوائدها لم نذكر ؟ في هذه الآية فوائد، منها: أنه ينبغي أن ينادى الإنسان أي أن ينادى المخاطب بالوصف الذي يقتضي أن يقوم بما وجه إليه ، لقوله: يا أهل الكتاب وهذا موجود في اللغة العربية ، كنت تخاطب مؤمنا تقول: يا أيها المؤمن ، تخاطب رجلا تقول: يا أيها الرجل ، كأنك تذكر له ما كان ينبغي من أجله أن يستمع إليك ويمتثل ما توجهه إليه . في ذلك فوائد يعني فو كننا نوجه الخطاب بالنداء بالوصف الذي يقتضي أن يمتثل فيه فوائد ، أولا: أن توبيخ هذا الرجل إذا خالف ، لأنه لا ينبغي أن يخالف وهو متصف بهذه الصفة . الثاني: حثه على الموافقة باعتبار هذا الوصف الذي اتصف به ، ولهذا نجد أن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول دائما: لا يحل لامرئ مؤمن بالله واليوم الآخر لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر . ومن الفوائد أيضا: إقامة اللوم عليهم من الآخرين . من فوائد هذه الآية الكريمة: أن محمدا رسول الله مرسل إلى أهل الكتاب ، اليهود والنصارى ، لقوله: قد جاءكم رسولنا يعني إليهم . ومن فوائدها: أن الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم من هؤلاء أي من اليهود والنصارى كفار ، لأنهم كفروا بالرسول الذي أرسل إليهم ، أما قولهم إنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر ، نقول هذا لا يكفي لابد أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله و اليوم الآخر . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الثناء على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكونه مرسلا من عند الله ، لقوله: رسولنا . ومن فوائدها: إقامة الحجة على الأمة ، حيث إن هذا رسول الله فهو حجة عليه الصلاة والسلام ، بمجرد أن شهد الله أنه رسوله كان ذلك حجة ، وقد قال الله تعالى: لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا حظ للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شيء من الربوبية ، وجه ذلك ؟ أنه رسول والرسول لا يمكن أن يكون شريكا للمرسل فيما يختص به . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مبين للخلق وأنه ليس فيه بما جاء به شيء من الغموض والإلغاز ، لقوله: يبين لكم . ومن فوائدها: الرد على أولئك المفوضة في أسماء الله وصفاته الذين يقولون إننا لا نعلم شيئا من معاني أسماء الله وصفاته وأن وظيفتنا أن نقرأ ولا نفسر ، وهذا القول من أعظم الأقوال وأشدها فسادا حتى أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: إنه من شر أقوال أهل البدع والإلحاد ، ومن المؤسف أن كثيرا من الناس بل حتى من العلماء من يظن أن هذا هو مذهب السلف ويقولون إن مذهب السلف التفويض وهم في الحقيقة لم يعرفوا مذهب السلف، مذهب السلف التفويض في الكيفية لأن العقل يعجز عن إدراكها والشرع لم يرد بها ، وأما المعنى فإنه يؤمنون به ويثبتونه ويقررونه ويفسرون فيه ما يحتاج إلى تفسير ، وهذا أمر معلوم من كتبهم . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الرسول عليه الصلاة والسلام كما أنه مبين للعرب فهو مبين لبني إسرائيل ، لأهل الكتاب . فإن قال قائل: كيف يبين لهم ولغته تخالف لغتهم ؟ فإن لغة اليهود حتى الذين في المدينة في عهد الرسول مخالفة للغة العربية ؟ نقول عن طريق الترجمة ، ولهذا لم ينتشر الإسلام في البلاد الأعجمية إلا بوصف الترجمة . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه إذا احتجنا إلى معرفة اللغات الأجنبية لبيان الشريعة كان ذلك من صفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه يبين للناس بأي وسيلة ، أفهمتم ؟ وعلى هذا فمن تعلم اللغة غير العربية من أجل الدعوة إلى الله كان مثابا على ذلك ، لأنها وسيلة لأي شيء ؟ لتبليغ الشريعة ونشرها . ومن فوائد الآية الكريمة: أن رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت على فترة من الرسل ليس بينه وبين عيسى رسول ، لقوله: على فترة من الرسل . ومن فوائدها: أنه كلما طال زمن الرسالة صار الناس أشد حاجة إلى الرسول ، ولهذا جعل الله ذلك منة عظمى على أهل الكتاب ، حيث جاءهم على فترة ، وتعرفون أن هذا يكون أيضا في الواقع المحسوس ، فالإنسان الذي يشرب الماء على عطش أشد شوقا إلى الماء وحاجة من إنسان يشربه على ري . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات رسالات السابقة للرسول عليه الصلاة والسلام لقوله: على فترة من الرسل والظاهر لي أن هذا يشر إلى أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو آخر الأنبياء ، لقوله: من الرسل يعني وليس بعده رسول ، وهذا هو الذي صرح الله تعالى في كتابه في قوله: ولكن رسول الله وخاتم النبيين وتأمل قوله: وخاتم النبيين ولم يقل: خاتم المرسلين مع أنه قال: رسول الله لأنه قد يكون الإنسان نبيا ولا يكون رسولا ، ومحمد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: رحمة الله تعالى بالخلق ، حيث أرسل الرسل لئلا تقوم الحجة على الله ، تؤخذ من قوله: أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير . وفي هذا دليل على أن من لم تبلغه الرسالة فإنه معذور وهو ظاهر من قوله: أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا حجة للإنسان بالقدر على مخالفة الرسل ، تؤخذ من أين ؟ لأنهم لو كانوا على حق لم ينتفع بإرسال الرسل، واضح ؟ وهو كذلك . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الرسالات منحصرة في شيئين لا ثالث لهما ، وهي البشارة والإنذار ، لأن الناس ينقسمون بالنسبة للرسالات إلى قسمين: مطيع فله البشارة ، عاصي فله الإنذار . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: قوة حجة هؤلاء لو لم يبعث الله إليهم رسول ، لقوله: من بشير يعني من بشير هذه للتوكيد يعني كأنهم مؤكدون أنهم لم يأتهم بشير ولا نذير . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تأكيد كلام التأكيد المعنوي ولست أقصد توكيد النحويين ، النحويون يقولون إن التوكيد نوعان ، توكيد معنوي وتوكيد لفظي ، فما كان بتكرار اللفظ فهو لفظي وما كان بالأدوات المعروفة فهو معنوي ، لكن لا أريد هذا ، أريد أن المعنى قد يؤكد بجملة كاملة وهو قوله: فقد جاءكم بشير ونذير . ومن فوائدها أيضا: أنه متى احتيج إلى التوكيد فلا عيب في التكرار ، ولهذا كان من آداب الخطبة أن الإنسان يكرر في المواضع الهامة وأنه لا يعد هذا عيا ولا يعد زيادة . ومن فوائد الآية الكريمة: أن رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مشتملة على هذين الأصلين في الرسالات وهما: البشارة والإنذار ، لقوله: فقد جاءكم بشير ونذير يعني به محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم . ومن فوائدها: إثبات قدرة الله عزوجل ، لقوله: والله على كل شيء قدير . ومنها: أنه لا يستثنى من قدرة الله تعالى شيء ، كل شيء فالله قدير عليه ولا يستثنى أي شيء ، وأما قول بعضهم كصاحب الجلالين: خص العقل ذاته فليس عليه بقادر ، فهذا خطأ إلا أنه على قاعدة منكري الأفعال الاختيارية يرون أنه صواب يعني في ناس من هذه الأمة يقولون إن الله عزوجل لا تقوم به الأفعال الاختيارية ما يقدر ، يعني مثلا النزول إلى السماء ممنوع عندهم ، الاستواء على العرش ممنوع ، الضحك ممنوع ، الإتيان يوم القيمة ممنوع ، كل الأفعال الاختيارية التي يفعلها بمشيئته فإنه ممنوع ، كل الأفعال التي يفعلها باختياره ومشيئته يرون أنه ممنوع ، لماذا ممنوع ؟ قالوا لأنه مستحيل ، والمستحيل على اسمه لا تتعلق به القدرة كالجمع بين نقيضين ، فيقال لهم هذا غلظ ، بل من الأشياء ما لا يمكن أن يتصف الله بها كالنوم مثلا ، هذا مستحيل الله ينام ، واضح ؟ مستحيل أن ينام، مستحيل أن يأكل ويشرب . فلو قال قائل: هل الله يقدر أن يأكل ويشرب أو ينام ؟ قلنا هذا كلام لا يرد إطلاقا ، لأنه مستحيل ، لكن هل يستطيع أن ينزل إلى السماء الدنيا ويأتي للفصل بين العباد ، ويستوي على العرش ، ويضحك ويعجب ممكن ، لأن هذا لا ينافي الكمال بخلاف الأكل والشرب والنوم ، هذا ينافي الكمال . ومن فوائد هذه الآية: أنه ينبغي أن يختم الكلام بما يناسب المقام ، أن يختم الكلام ما يناسب المقام ، وجهه: أن مخالفة أهل الكتاب للرسول عليه الصلاة والسلام تعني أنهم معرضون للعقوبة ، والله غير عاجز عن عقوبتهم لكمال قدرته .
الفتاوى المشابهة
- فوائد الآية : (( فإن حآجوك فقل أسلمت وجهي لل... - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : << يآأهل الكتاب قد جآ... - ابن عثيمين
- فوائد الآية السابقة - ابن عثيمين
- الفوائد - ابن عثيمين
- الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << قال رجل... - ابن عثيمين
- تتمة الفوائد السابقة المستنبطة من الآية الكر... - ابن عثيمين
- تتمة الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة . - ابن عثيمين
- الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة . - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : << يآأهل الكتاب قد جآ... - ابن عثيمين
- الفوائد المستنبطة من الآية << يآأهل الكتاب ق... - ابن عثيمين
- الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << يآأهل ا... - ابن عثيمين