تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد قوله تعالى : << وألق عصاك فلما رءاها ت... - ابن عثيمين وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَ...
العالم
طريقة البحث
فوائد قوله تعالى : << وألق عصاك فلما رءاها تهتز كأنها جآن ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ * إِلَّا مَنْ ظَلَمَ [النمل:10 - 11].
أولاً: في هذه الآية العظيمة الدالة على كمال قدرة الله سبحانه وتعالى وهي من قوله: فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ [النمل:10] لأنه أُمر بإلقائها فألقاها، بمجرد وصولها إلى الأرض صارت حيّة، ولهذا في سورة طه فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ [طه:20] إذا فجائية، تدل على مفاجأة الأمر ووقوفه على وجه الفورية.
ففيها دليل واضح على أي شيء ؟ كمال قدرة الله سبحانه وتعالى، وأنه إذا قال للشيء كن فإنه يكون.
وفيه أيضاً: دليل على حكمة الله تعالى في آيات الرسل، وأنها تناسب العصر، وتؤخذ من تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ [النمل:10] لأن هذا أشبه ما يكون بما تطور تطوراً بالغاً عندهم في ذلك الوقت وهو السحر، فإن أحداً لو أنه أتى بعصا أمامك ووضعها في الأرض، ثم رأيتها حيّة ماذا تقول؟ تقول: هذا سحر. فلذلك أوتي موسى عليه الصلاة والسلام من الآيات ما يقضي على فعلهم.
وفيه: دليل على أن من البلاغة الإيجاز بالحذف، ولا يؤثر هذا قصوراً ولا تقصيراً.
الطالب: ....

الشيخ : من أين ينوّه على الأول؟
الطالب: .....

الشيخ : فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ هنا بلا شك فيه محذوف. وَأَلْقِ عَصَاكَ فألقاها فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ [النمل:10].
لأنه لو أُخذ الكلام على ظاهره، لو كان: وألق عصاك، لما أُمر بهذا اهتزت وهي في يده وليس الأمر كذلك.
وفيه أيضاً: دليل على أن هذه العصا لم تكن مجرد حيواناً يتحرك، ولكنها أبلغ من ذلك كَأَنَّهَا جَانٌّ [النمل:10] ومعلومٌ أن الجان بنفسه مروّع، فالحيّة بنفسها مروّعة، فإذا كانت من عظيم الحيّات صارت أشد وأبلغ.
وفيه: دليل على جواز أن يعتري الأنبياء الخوف، لقوله: وَلَّى مُدْبِرًا [النمل:10] وأن ذلك لا يُعد نقصاً فيهم، لأنه من مقتضى الطبيعة البشرية، وهذا الذي يكون من مقتضى الطبيعة البشرية ما أحد يلام عليه، فالأنبياء يجوعون، ويعطشون، ويبردون، ويمرضون، ويموتون أيضاً إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [الكهف:110].
وفيه: دليل على رحمة الله تبارك وتعالى بنبيه موسى لقوله: يَا مُوسَى لا تَخَفْ [النمل:10] فإن هذا من رحمة الله به، لأنه إذا قال له وقد علم أنه رب العالمين، إذا قال له: لا تخف، لا يمكن أن يخاف.
وفيه: دليل على جواز توجيه الأحكام الشرعية إلى الأمور الفطرية، يعني مثلاً: لا تخف إذا قال قائل: أنت إذا قلت للإنسان لا تخف، الخوف طبيعي كيف يدفعه عنه؟
الطالب: ....

الشيخ : أنا قصدي: هل يتوجه الحكم إلى مثل هذه الأمور الطبيعية؟ نقول: نعم يمكن، لأن الإنسان وإن كان الخوف أمر طبيعي .... كأن يأتي إنسان فيخفف عليه، لكنه يمكنه معالجته بالمدافعة.
ولهذا جاء رجل للرسول عليه الصلاة والسلام قال: أوصني قال: لا تغضب والغضب من طبيعة الإنسان، لكن معنى: لا تغضب يعني: حاول أن تقلل من غضبك، وأن تكون دائماً هادئاً، ثم إن غضبت فلا تنزّل مقتضى هذا الغضب.
فإذاً الأمور الطبيعية البشرية التي هي من مقتضى الطبيعة البشرية يجوز أن يوجّه الحكم إليها أمراً أو نهياً، ويكون ذلك من باب المدافعة، أو من باب تقليل الآثار.. من باب مدافعتها قبل وجودها، أو من باب تقليل آثارها.
فلا يقول: أن الإنسان أُمر بما لا يستطيع. أُمر بعدم الغضب وهو لا بد أن يغضب، أُمر بعدم الخوف وهو لا بد أن يخاف مما هو مخيف.
الطالب:...؟

الشيخ : هو لما توجه تلقاء مدين.. النبوة...
وفيه أيضاً: دليل على أن من كان مع الله سبحانه وتعالى فإنه لا ينبغي أن يخاف إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ أي: عندي الْمُرْسَلُونَ [النمل:10].
ولذلك كلما ذكر الإنسان ربه زال عنه الخوف يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال:45] ففي ذكر الله سبحانه وتعالى زوال الخوف والقوة والرهبة في تنفيذ ما أمر الله تعالى به، ولهذا أمر الله به في الجهاد.

Webiste