قال الله تعالى : << فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
فَمَكَثَ [النمل:22] بضم الكاف وفتحها: مكَث ومكُث، والفاعل من؟ الهدهد، نعم. ويحتمل أن يكون الفاعل سليمان، يعني: بقي غير بعيد، أي: يسيراً من الزمان وحضر لسليمان.
قوله: وحضر لسليمان ويش الدليل عليه؟
الطالب: .....
الشيخ : لأنه كان من الغائب في الأول: أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ [النمل:20] والغائب ما يُخاطب إلا إذا حضر، ولكن قول المؤلف: " متواضعاً برفع رأسه وإرخاء ذنبه وجناحيه " هذا من الأمور التي ما ندري عنها.
الطالب: الظاهر كان معه.
الشيخ : هه.
الطالب: الظاهر المؤلف كان معه.
الشيخ : إيه، كأنه معه. يعني: الهدهد جاء ووقف ورفع رأسه ونزَّل ذنبه وجناحيه.
الطالب: لا، هذا استنباط .....
الشيخ : بس ما يمكن أن نقول هذا أبداً، ما يمكن أن نصف كيف جاء، إنما يكفينا أن نقول ما قال الله تعالى في القرآن، ونحن ذكرنا قبل قاعدة: كل ما سبق فإنه لا طريق لنا إلا العلم به إلا من طريق الوحي: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ [إبراهيم:9] ما من طريق إلا الوحي: إما في القرآن أو في السنة الصحيحة.
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22]. أحَطتُ يعني: يتكلم عن نفسه. أحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22] يخاطب من؟
الطالب: سليمان.
الشيخ : سليمان، وفي الحقيقة أن هذا الهدهد قوي، قوي له ... قوية جداً كما يقولون. كيف يخاطب سليمان وله هذا الملك العظيم ويقول: أحطت بما لم تحط به، ما قال بعد: بما لم تحيطوا به، ما جاء بصيغة التعظيم، نعم. ونحن الآن بشر ونخاطب بعض الأحيان المدير وإلا من فوقه ونقول مثلاً: أنتم، سيادتكم، وإلا سعادتكم، وإلا حضرتكم، نعم. ..... من أكبر من اللازم، نعم.
الطالب: .....
الشيخ : نعم من ..... البشر، وكل هذه في الحقيقة كل هذه من الأمور الشكلية التي لا تنبئ عن شيء ولا تنبغي أيضاً، الصحابة يخاطبون الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الخطاب -نعم- وهو أشرف عندهم من كل بشر، نعم. وكذلك الخلفاء الراشدون ما كانوا يُخاطبون بمثل هذا.
ومن عجب الأمة! أن بعض هؤلاء الذين يخاطبون بمثل هذه الألقاب تجد قلوبهم تغلي على هؤلاء المخاطَبين، تغلي عليهم، نعم. فيكون هذا الخطاب كأنه تهكم بهم، ولو أن الناس تخاطبوا فيما بينهم خطاب عادي، هذا الهدهد ويش مقامه مع سليمان؟ جند من جنده الأضعفين ومع ذلك يقول بهذه الصراحة: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22] وهذا أول ما كلمه بعد، على طول، لكن في الحقيقة إنه فيه نوع من الأدب، ما قال مثلاً: أنت جاهل ولا تعرف، وأنا عرفت ودورت ولقيت شيء ما تدري عنه، بل قال: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22] يعني: لأجل أن يعرف سليمان قدره، وأنه ليس محيطاً بكل شيء، نعم. فهذا الهدهد صار أشد حاجة منه، نعم. والإنسان البشر فقير في كل شيء، حتى ما أحد علمنا كيف نقبر موتانا إلا؟
الطالب: الغراب.
الشيخ : إلا الغراب، إلا الغراب، مما يدل على أننا لسنا بشيء ..... طيب. أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22] يشبهها قول إبراهيم لأبيه: يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ [مريم:43] ما قال: يا أبتِ إنك جاهل، وهذا من اللطافة في الأسلوب، نعم. هنا قال: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22] والكلمة شديدة، أي: اطلعت على ما لم تطلع عليه.
وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ [النمل:22] * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ [النمل:23] إلى أن قال: قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النمل:27] سليمان ... هو أكد الخبر، جئتك من سبأ بنبأ يقين، ومع ذلك قال له: سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النمل:27]. هذه بعد .صدمة على الهدهد، لأن الهدهد كان متيقناً ومع ذلك قيل له: سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النمل:27]، ليش قال سليمان هذا مع أنه يقول له بنبأ يقين؟ لأن حقيقة الأمر أن كلام الهدهد في مقام الدفاع عن نفسه، مدافع، لأنه متوعَّد بالعذاب الشديد أو بالذبح، نعم. أو بخبر بسلطان مبين، فهو لما كان في مقام الدفاع احتاج أن يتثبت هذا ببينة، وقد وقع مثل ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، استأذن عليه أبو موسى ثلاث مرات ثم انصرف، فلما آكده في ذلك قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ائت ببينة على ما تقول. مع أن أبا موسى صحابي ثقة، ما يمكن يتقوَّل على الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن المقام يقتضي.. ويش يقتضي؟ زيادة التثبت، لأن الإنسان قد يفهم من النص ما ليس مراداً، فلذلك طلب عمر من أبي موسى أن يأتي بشاهد.
هنا هذا الهدهد.. سليمان عليه الصلاة والسلام مع أنه تيقن له الخبر، يقول له: سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النمل:27] ثم أعطاه آية وقرينة: اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِه إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ [النمل:28]. والقصة في الحقيقة عظيمة جداً فيها فوائد كثيرة، طيب.
أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ [النمل:22] يقول: مِنْ سَبَإٍ [النمل:22] " بالصرف وتركه " بالصرف من سبإٍ، وتركه: من سبأَ. كذا؟
الطالب: لا. عكس.
الشيخ : عكس.
الطالب: من سبأ .....
الشيخ : إيه. هه؟
الطالب: هذا من ..... من سبأ.
الشيخ : إيه، هذا عدم الصرف.
الطالب: .....
الشيخ : إيه، صح. ومن سبإٍ هذا الصرف، طيب. من سبأ، جُرَّ بالفتحة لأنه اسم لا ينصرف. ومن سبإٍ جُرَّ بالكسرة، لأنه اسم ينصرف. على أي اعتبار جعلناه إما مصروفاً أو عدمه؟ قال: " قبيلة باليمن سميت باسم جد لهم باعتباره صُرف " يعني: أننا إذا لاحظنا اسم الجد الذي هو سبأ.
قوله: وحضر لسليمان ويش الدليل عليه؟
الطالب: .....
الشيخ : لأنه كان من الغائب في الأول: أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ [النمل:20] والغائب ما يُخاطب إلا إذا حضر، ولكن قول المؤلف: " متواضعاً برفع رأسه وإرخاء ذنبه وجناحيه " هذا من الأمور التي ما ندري عنها.
الطالب: الظاهر كان معه.
الشيخ : هه.
الطالب: الظاهر المؤلف كان معه.
الشيخ : إيه، كأنه معه. يعني: الهدهد جاء ووقف ورفع رأسه ونزَّل ذنبه وجناحيه.
الطالب: لا، هذا استنباط .....
الشيخ : بس ما يمكن أن نقول هذا أبداً، ما يمكن أن نصف كيف جاء، إنما يكفينا أن نقول ما قال الله تعالى في القرآن، ونحن ذكرنا قبل قاعدة: كل ما سبق فإنه لا طريق لنا إلا العلم به إلا من طريق الوحي: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ [إبراهيم:9] ما من طريق إلا الوحي: إما في القرآن أو في السنة الصحيحة.
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22]. أحَطتُ يعني: يتكلم عن نفسه. أحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22] يخاطب من؟
الطالب: سليمان.
الشيخ : سليمان، وفي الحقيقة أن هذا الهدهد قوي، قوي له ... قوية جداً كما يقولون. كيف يخاطب سليمان وله هذا الملك العظيم ويقول: أحطت بما لم تحط به، ما قال بعد: بما لم تحيطوا به، ما جاء بصيغة التعظيم، نعم. ونحن الآن بشر ونخاطب بعض الأحيان المدير وإلا من فوقه ونقول مثلاً: أنتم، سيادتكم، وإلا سعادتكم، وإلا حضرتكم، نعم. ..... من أكبر من اللازم، نعم.
الطالب: .....
الشيخ : نعم من ..... البشر، وكل هذه في الحقيقة كل هذه من الأمور الشكلية التي لا تنبئ عن شيء ولا تنبغي أيضاً، الصحابة يخاطبون الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الخطاب -نعم- وهو أشرف عندهم من كل بشر، نعم. وكذلك الخلفاء الراشدون ما كانوا يُخاطبون بمثل هذا.
ومن عجب الأمة! أن بعض هؤلاء الذين يخاطبون بمثل هذه الألقاب تجد قلوبهم تغلي على هؤلاء المخاطَبين، تغلي عليهم، نعم. فيكون هذا الخطاب كأنه تهكم بهم، ولو أن الناس تخاطبوا فيما بينهم خطاب عادي، هذا الهدهد ويش مقامه مع سليمان؟ جند من جنده الأضعفين ومع ذلك يقول بهذه الصراحة: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22] وهذا أول ما كلمه بعد، على طول، لكن في الحقيقة إنه فيه نوع من الأدب، ما قال مثلاً: أنت جاهل ولا تعرف، وأنا عرفت ودورت ولقيت شيء ما تدري عنه، بل قال: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22] يعني: لأجل أن يعرف سليمان قدره، وأنه ليس محيطاً بكل شيء، نعم. فهذا الهدهد صار أشد حاجة منه، نعم. والإنسان البشر فقير في كل شيء، حتى ما أحد علمنا كيف نقبر موتانا إلا؟
الطالب: الغراب.
الشيخ : إلا الغراب، إلا الغراب، مما يدل على أننا لسنا بشيء ..... طيب. أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22] يشبهها قول إبراهيم لأبيه: يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ [مريم:43] ما قال: يا أبتِ إنك جاهل، وهذا من اللطافة في الأسلوب، نعم. هنا قال: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22] والكلمة شديدة، أي: اطلعت على ما لم تطلع عليه.
وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ [النمل:22] * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ [النمل:23] إلى أن قال: قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النمل:27] سليمان ... هو أكد الخبر، جئتك من سبأ بنبأ يقين، ومع ذلك قال له: سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النمل:27]. هذه بعد .صدمة على الهدهد، لأن الهدهد كان متيقناً ومع ذلك قيل له: سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النمل:27]، ليش قال سليمان هذا مع أنه يقول له بنبأ يقين؟ لأن حقيقة الأمر أن كلام الهدهد في مقام الدفاع عن نفسه، مدافع، لأنه متوعَّد بالعذاب الشديد أو بالذبح، نعم. أو بخبر بسلطان مبين، فهو لما كان في مقام الدفاع احتاج أن يتثبت هذا ببينة، وقد وقع مثل ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، استأذن عليه أبو موسى ثلاث مرات ثم انصرف، فلما آكده في ذلك قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ائت ببينة على ما تقول. مع أن أبا موسى صحابي ثقة، ما يمكن يتقوَّل على الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن المقام يقتضي.. ويش يقتضي؟ زيادة التثبت، لأن الإنسان قد يفهم من النص ما ليس مراداً، فلذلك طلب عمر من أبي موسى أن يأتي بشاهد.
هنا هذا الهدهد.. سليمان عليه الصلاة والسلام مع أنه تيقن له الخبر، يقول له: سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النمل:27] ثم أعطاه آية وقرينة: اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِه إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ [النمل:28]. والقصة في الحقيقة عظيمة جداً فيها فوائد كثيرة، طيب.
أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ [النمل:22] يقول: مِنْ سَبَإٍ [النمل:22] " بالصرف وتركه " بالصرف من سبإٍ، وتركه: من سبأَ. كذا؟
الطالب: لا. عكس.
الشيخ : عكس.
الطالب: من سبأ .....
الشيخ : إيه. هه؟
الطالب: هذا من ..... من سبأ.
الشيخ : إيه، هذا عدم الصرف.
الطالب: .....
الشيخ : إيه، صح. ومن سبإٍ هذا الصرف، طيب. من سبأ، جُرَّ بالفتحة لأنه اسم لا ينصرف. ومن سبإٍ جُرَّ بالكسرة، لأنه اسم ينصرف. على أي اعتبار جعلناه إما مصروفاً أو عدمه؟ قال: " قبيلة باليمن سميت باسم جد لهم باعتباره صُرف " يعني: أننا إذا لاحظنا اسم الجد الذي هو سبأ.
الفتاوى المشابهة
- حكم الصلاة في مسجد تحيط به المقابر - ابن باز
- القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابل... - ابن عثيمين
- معنى "يُكتب له.. أو يُحَط عنه" في الحديث - ابن باز
- معنى حديث "حتى يسبي بعضهم بعضًا.." - ابن باز
- قال المؤلف :"والثالث حق، لأن الله تعالى العل... - ابن عثيمين
- قال المؤلف :"والثاني باطل أيضاً: لأن الله تع... - ابن عثيمين
- هل المقصود بعلمه في قوله تعالى : << ولا يحيط... - ابن عثيمين
- بيان معنى (سبأ) - ابن باز
- قصة نبي الله سليمان عليه السلام مع الهدهد وت... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << فمكث غير بعيد فقال أحط... - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << فمكث غير بعيد فقال أحطت... - ابن عثيمين