قال الله تعالى : << أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لايفتنون >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قوله: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا قوله: أَنْ يَقُولُوا هذا محل الاستفهام يعني أيظُن الناس أن يُتركُوا إذا قالوا آمنا بدون أن يختبَرُوا هذا أمرٌ لا يكون بل لابُدَّ مِن الاختبَار وكلَّما كان الإنسان أقوى إيمانًا كان اختبارُه أكثر فإنَّ الله تعالى يَبتلِي الناس يُبتَلى الصالحون الأمثل فالأمثل حتى يُنظَر في دينِه هل فيه قوة أو هو دينٌ ضعيف، وقوله: أحسب الناس حسِب بمعنى ظن وقوله: الناس يشمل مَن؟ المؤمنين وغير المؤمنين، وذلك لأن قوله: إني مؤمن يكون من المؤمِن حقًّا ويكون مِن المنافق، والمنافق لا يصِحُّ أن يُسَمَّى مُؤمنًا على الإطلَاق بل إنَّما يقال: مُؤمِنٌ بلسانه كافرٌ بقلبِه، أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا أي بقولهم: آمَنَّا، يعني: يظُنُّ الناس أن يتركُوا بلا فتْنَة إذا قالوا: آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ يختبَرُون بما يتبَيَّن به حقيقةُ إيمانِهم " وهذا الاستفْهَام للتَّقرير ولا لِلإنْكَار؟ للإنكار يعني لا تظُنُّوا هذا أنَّكم إذا قلتم: آمنا تُركْتُم بلا فتنة بل لابُد مِن فتنةٍ واختبار، والله سبحانه وتعالى يبتلي المرء تارةً بأفعاله التي يفعلُها به سبحانه وتعالى، وتارة بأفعال غيرِه التي يُسَلَّطُون بها عليه، أمَّا بأفعالِه فإنَّ الله تعالى قد يبتلِي الإنسان بمصائِب يختَبِر بها إيمانَه: مصائِب مالية أو أهلية أو بدنِيَّة فإنَّ مِن الناس مَن إذا أصابته هذه المصائب والعياذ بالله عَجِزَ أن يصبِر وربما يرتَدُّ بعد إسلامه ويكفُر والعياذ بالله، ومِن الناس من يصبِر ويحتسب، كذلك قد يُبتلَى المرء بِأمْرٍ يسلِّطُه الله عليه ما هو مِن فعل الله مثل أن يُسَلَّطَ عليه قومٌ يؤذونَه بالقول أو بالفعل أو بهما جميعًا، مِثل ما حصل لِمَن؟ حصل للصحابة رضي الله عنهم ... حصَل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه فإنَّ النبي عليه الصلاة والسلام أوذِيَ إيذاءً عظيمًا مِن قومه ومِن غير قومِه، وكذلك أصحابُه أوذوا إيذاءً عظيمًا ولّا لا؟ ومع ذلك صبروا واحتسَبُوا فإنَّ عمار بن ياسر وآله حصل لهم إيذَاء عظيم وكذلك غيرُهم مِن المؤمنين منهم مَن يُؤذَى بالقول ومنهم مَن يؤذَى بالفعل ومِنهم مَن يؤذى بالقول وبالفعل، وقوله: وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ يقول: نزلَ في جماعة آمنوا فآذاهم المشركون "، طيب مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ [العنكبوت:10] ثم يَرتَدّ والعياذ بالله، كذلك مِن الناس الآن وخصوصًا مِن الشباب المتجِّهَة إلى الدين مَن يؤذِيهِ أولئك الفسقَة ويصدُّونَه ويقولون: أنت مطَوَّع وأنت رجعِي وما أشبه ذلك هذا ابتلاء من الله وامتحان لِيعلَم سبحانه وتعالى هل يصبِر هذا على دينه أو ينح.. ثم يرجِع خوفًا من أذيَّةِ هؤلاء، ومِن الناس أيضًا من يؤذى بالتحلِّي بأخلاقِ المؤمنين كحَلقِ اللحية مثلًا فيؤذى بذلك إمَّا بالقول والاستهزاء والاستخفَاف وإمَّا بالفعل فيُضرَب عليها أو يُحبَس فتجده يحلِق لحيته خوفًا مِن هذا الأمر، وهذا لا يجُوز لأنَّه واجب أن تصبِر، نعم إن أُكرِهْت على هذا: غُلَّت يدُك وأُتِى بالموسى وحلِقَت هذا أمرٌ ليس إليك، لكن ما دامَ الأمر إليك فإنه لا يجُوز لك أن تفعَل المعصية خوفًا مِن الناس، المعاصي يجب أن الإنسان ما يفعلها خوف مِن الناس أبدًا، يجِب أن يصبر ويحتسِب، فمِن الناس من يقول آمنا بالله.
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ[العنكبوت:3]
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ[العنكبوت:3]
الفتاوى المشابهة
- فوائد قوله تعالى : << و لا تجادلوا أهل الكتا... - ابن عثيمين
- باب : إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة ، وكان... - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << وقالوا إن نتبع الهدى معك... - ابن عثيمين
- تتمة تفسير قوله تعالى : << و لا تجادلوا أهل... - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << و لاتجادلوا أهل الكتاب إ... - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << وإذا يتلى عليهم قالوا ءا... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << وإذا يتلى عليهم قالوا... - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << ومن الناس من يقول ءامنا... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << الم * أحسب الناس أن يت... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << ومن الناس من يقول ءامن... - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << أحسب الناس أن يتركوا أن... - ابن عثيمين