عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا تبايع الرجلان ، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً ، أو يخير أحدهما الآخر ، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع ، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع ) . متفق عليه واللفظ لمسلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : والخيار أقسام :
منها : خيار المجلس ، وإليه الإشارة في قوله : " عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا تبايع الرجلان ، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً ، أو يخير أحدهما الآخر ، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع ، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع متفق عليه واللفظ لمسلم " :
قال : إذا تبايع الرجلان أي : عقدا صفقة بيع بينهما ، والرجلان هنا وصف أغلبي ، فلا يكون له مفهوم ، بل يشمل الحكم حتى المرأتين.
وقوله عليه الصلاة والسلام : كل واحد منهما أي : من البائع والمشتري ، بالخيار : بين الإمضاء والرد ، ما لم يتفرقا : يتفرقا من أي شيء ؟ ما لم يتفرقا من مكان العقد ، هذا هو الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم ، أنهما في الخيار ما لم يتفرقا عن مجلس العقد وليس عن عقد البيع ، فإن بعض العلماء يقول : ما لم يتفرقا عن عقد البيع ، يعني ما لم يحصل الإيجاب والقبول فإن حصل الإيجاب والقبول فلا خيار ، وهذا التفسير بعيد لفظا وبعيد معنى ، لأنه لا يقال فيمن عقد عقدًا فأوجب أحدهما وقبل الآخر لا يقال : تفرقا ، وأيضا لا يصدق عليهما أنهما تبايعا حتى يتم الإيجاب والقبول ، فلا تبايع إلا بإيجاب وقبول ، وعلى هذا يكون المراد : ما لم يتفرقا بأبدانهما ويؤيد ذلك قوله : وكانا جميعا ، فإن هذه الجملة كالتفسير للجملة التي قبلها .
طيب والتفرق قلنا : إنه عن مكان العقد ، فإذا قاما عن مكان العقد جميعا فهل نقول : تفرقا ؟ يعني عقدا في المجلس ، ثم قاما جميعا يمشيان إلى السوق ، فهل نقول : تفرقا ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا لم يتفرقا بل نقول : هما فارقا ، فارقا مجلس العقد ولكنهما لم يتفرقا .
طيب إذا كانا في الطائرة مثلا ، إذا كانا في الطائرة وتعاقدا في الطائرة ، وزمن الطيران عشر ساعات ، يكونان بالخيار لمدة عشر ساعات ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم يكونان بالخيار لمدة عشر ساعات كما لو كانا جالسين في هذا المكان لمدة عشر ساعات .
طيب وهل يحصل التفرق بالنوم كما تبايعا وهما يفرشان فراشهما ؟! طيب وقبلا تم البيع ، وناما ولما استيقظا قال أحدهما : هوَّنت ، هل يملك ذلك ؟ ها ؟
الطالب : يملك .
الشيخ : هل تفرقا ؟ لم يتفرقا ، لكن مثل هذا ينبغي أن يقال : إذا خيف الإشكال فلنكن على الحال الأخرى .
قال : أو يخير أحدهما الآخر : ومعنى يخير أحدهما الآخر : يقول الخيار لك وحدك ، بأن يتنازل عن حقه ، فإذا تنازل أحدهما عن الآخر صار الذي تنازل لا حق له في الخيار ، والثاني له الخيار ، وإذا تنازل كل منهما على الخيار فلا خيار لواحد منهما ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسقط الخيار عمن تنازل عنه فالخيار عمن تنازل عنه من الطرف الثاني أيضا جائز ، وعلى هذا فإذا تبايعا على أن لا خيار لأحدهما ، أو تبايعا ثم أسقط أحدهما خياره فهذا جائز ، كما يدل عليه الحديث .
طيب قال : أو يُخير أحدهما الآخر : يعني معنى يخير أحدهما الآخر يقول : الخيار لك وحدك ، قال : فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع أي : لزم على حسب ما اشترطاه ، فإن خير كل واحد منهما الآخر فلا خيار ، وإن خير البائع المشتري فالخيار لمن ؟ للمشتري وحده ، وإن خير المشتري البائع فالخيار للبائع وحده .
وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع : وجب أي : لزم وثبت ، فصار وجوب البيع في صورتين :
الصورة الأولى : إذا خير أحدهما الآخر لزم في حق المخيِّر ، وإن خير كل واحد منهما الآخر لزم في حقهما جميعا .
الصورة الثانية التي يجب فيها البيع : إذا تفرقا ، والتفرق ليس له حد شرعي فيرجع في ذلك إلى العرف ، يرجع إلى العرف ، نعم .
منها : خيار المجلس ، وإليه الإشارة في قوله : " عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا تبايع الرجلان ، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً ، أو يخير أحدهما الآخر ، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع ، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع متفق عليه واللفظ لمسلم " :
قال : إذا تبايع الرجلان أي : عقدا صفقة بيع بينهما ، والرجلان هنا وصف أغلبي ، فلا يكون له مفهوم ، بل يشمل الحكم حتى المرأتين.
وقوله عليه الصلاة والسلام : كل واحد منهما أي : من البائع والمشتري ، بالخيار : بين الإمضاء والرد ، ما لم يتفرقا : يتفرقا من أي شيء ؟ ما لم يتفرقا من مكان العقد ، هذا هو الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم ، أنهما في الخيار ما لم يتفرقا عن مجلس العقد وليس عن عقد البيع ، فإن بعض العلماء يقول : ما لم يتفرقا عن عقد البيع ، يعني ما لم يحصل الإيجاب والقبول فإن حصل الإيجاب والقبول فلا خيار ، وهذا التفسير بعيد لفظا وبعيد معنى ، لأنه لا يقال فيمن عقد عقدًا فأوجب أحدهما وقبل الآخر لا يقال : تفرقا ، وأيضا لا يصدق عليهما أنهما تبايعا حتى يتم الإيجاب والقبول ، فلا تبايع إلا بإيجاب وقبول ، وعلى هذا يكون المراد : ما لم يتفرقا بأبدانهما ويؤيد ذلك قوله : وكانا جميعا ، فإن هذه الجملة كالتفسير للجملة التي قبلها .
طيب والتفرق قلنا : إنه عن مكان العقد ، فإذا قاما عن مكان العقد جميعا فهل نقول : تفرقا ؟ يعني عقدا في المجلس ، ثم قاما جميعا يمشيان إلى السوق ، فهل نقول : تفرقا ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا لم يتفرقا بل نقول : هما فارقا ، فارقا مجلس العقد ولكنهما لم يتفرقا .
طيب إذا كانا في الطائرة مثلا ، إذا كانا في الطائرة وتعاقدا في الطائرة ، وزمن الطيران عشر ساعات ، يكونان بالخيار لمدة عشر ساعات ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم يكونان بالخيار لمدة عشر ساعات كما لو كانا جالسين في هذا المكان لمدة عشر ساعات .
طيب وهل يحصل التفرق بالنوم كما تبايعا وهما يفرشان فراشهما ؟! طيب وقبلا تم البيع ، وناما ولما استيقظا قال أحدهما : هوَّنت ، هل يملك ذلك ؟ ها ؟
الطالب : يملك .
الشيخ : هل تفرقا ؟ لم يتفرقا ، لكن مثل هذا ينبغي أن يقال : إذا خيف الإشكال فلنكن على الحال الأخرى .
قال : أو يخير أحدهما الآخر : ومعنى يخير أحدهما الآخر : يقول الخيار لك وحدك ، بأن يتنازل عن حقه ، فإذا تنازل أحدهما عن الآخر صار الذي تنازل لا حق له في الخيار ، والثاني له الخيار ، وإذا تنازل كل منهما على الخيار فلا خيار لواحد منهما ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسقط الخيار عمن تنازل عنه فالخيار عمن تنازل عنه من الطرف الثاني أيضا جائز ، وعلى هذا فإذا تبايعا على أن لا خيار لأحدهما ، أو تبايعا ثم أسقط أحدهما خياره فهذا جائز ، كما يدل عليه الحديث .
طيب قال : أو يُخير أحدهما الآخر : يعني معنى يخير أحدهما الآخر يقول : الخيار لك وحدك ، قال : فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع أي : لزم على حسب ما اشترطاه ، فإن خير كل واحد منهما الآخر فلا خيار ، وإن خير البائع المشتري فالخيار لمن ؟ للمشتري وحده ، وإن خير المشتري البائع فالخيار للبائع وحده .
وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع : وجب أي : لزم وثبت ، فصار وجوب البيع في صورتين :
الصورة الأولى : إذا خير أحدهما الآخر لزم في حق المخيِّر ، وإن خير كل واحد منهما الآخر لزم في حقهما جميعا .
الصورة الثانية التي يجب فيها البيع : إذا تفرقا ، والتفرق ليس له حد شرعي فيرجع في ذلك إلى العرف ، يرجع إلى العرف ، نعم .
الفتاوى المشابهة
- خلاصة الكلام على زواج النبي صلى الله عليه وس... - ابن عثيمين
- وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى... - ابن عثيمين
- ما حكم من يبايع إمام جماعة من الجماعات الإسلام... - الالباني
- المناقشة حول ثبوت خيار المجلس. - ابن عثيمين
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- لمن تكون البيعة .؟ وما حكم من شكك في البيعة... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : " وإن أسقطه أحدهما بقي خيار... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : " ولكل من المتبايعين الخيار... - ابن عثيمين
- هل يكون التفرق في البيع بالأبدان أم بماذا.؟ - ابن عثيمين
- فوائد حديث :( إذا تبايع الرجلان ، فكل واحد م... - ابن عثيمين
- عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى ا... - ابن عثيمين