تم نسخ النصتم نسخ العنوان
حدثنا أبو نعيم حدثنا زكرياء عن عامر قال سمعت... - ابن عثيمينالقارئ : حدثنا أبو نعيم حدثنا زكرياء عن عامر قال : سمعت النعمان بن بشير يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  الحلال بين والحرام بين وبينهما ...
العالم
طريقة البحث
حدثنا أبو نعيم حدثنا زكرياء عن عامر قال سمعت النعمان بن بشير يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمًى ألا إن حمى الله في أرضه محارمه ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : حدثنا أبو نعيم حدثنا زكرياء عن عامر قال : سمعت النعمان بن بشير يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ، ألا وإن لكل ملك حمًى ألا إن حمى الله في أرضه محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب .

الشيخ : باب : فضل من استبرأ لدينه ، من استبرأ لدينه أي طلب البراءة من الشبهات والزلات .
ثم ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه النعمان بن بشير : الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات يعني أن الأحكام ثلاثة أقسام :
حلال بين ، وحرام بين وهذا لا إشكال فيه ، وقد اجتمعا في قوله تعالى : وأحل الله البيع وحرم الربا واجتمعا كذلك في قوله : حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم إلى قوله : وأحل لكم ما وراء ذلكم ، فالأحكام ثلاثة أقسام : حلال بين ، وحرام بين ، وهذا لا اشتباه فيه ، الحلال يفعل والحرام يجتنب .
هناك أمور مشتبهات ، وأسباب الاشتباه كثيرة ، تشتبه إما على عامة الناس ، وإما على طلبة العلم الذين نقص علمهم ، أو فهمهم ، أو كان عندهم إرادة غير مطلوبة ، لأن أسباب الاشتباه منها :
أولا : نقص العلم ، ومعلوم أن من يحفظ مئة حديث ليس كمن يحفظ ألف حديث ، أيهم أكثر علما ؟. الثاني .
وإما قصور في الفهم ، رجل يحفظ كثيرا عنده علم كثير ، لكن ليس عنده فهم هذا أيضا يحصل له اشتباه ، لأنه لا يفهم النصوص كما هي .
والثالث : سوء إرادة بحيث يحمل النصوص على معتقده ، وهذا هو الذي يقول في القرآن برأيه أو بالسنة برأيه ، يريد أن يحمل النصوص على معتقده ، فتجده إذا جاء النص مخالفا لمعتقده يلوي عنقه ، وربما إذا أبى النص أن يلتوي عنقه كسره ، نعم أو ذبحه ، فهذا أسباب الاشتباه .
أما من أعطاه الله علما ، وأعطاه فهما ، ونية صادقة ، وجعل النصوص متبوعة لا تابعة ، وصار بقلبه وقالبه وجوارحه وأقواله يتطلب الدليل ، فهذا في الغالب يوفق ، يوفق للحق ، وييسر له الحق ، حتى يصل إليه .
بينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس ، فما موقف الإنسان من هذه المشتبهات ؟ .
بينه الرسول عليه الصلاة والسلام ، قال : فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه لدينه من قبل الله ، وعرضه من قبل الناس ، ولهذا تجد الإنسان الذي يستمرغ المتشابهات يعير فيقال فلان يأكل متشابه ، فلان يأكل متشابه ، لهذا من أراد أن يستبرأ لدينه وعرضه فليتق الشبهات ، لكن مالم يمكن أن يصل إلى العلم ، فإن أمكن ، فهذا هو الواجب لقوله تعالى : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون فهذه المشتبهات التي لا يعلمها كثير من الناس إذا أمكن الإنسان أن يصل إلى العلم فيها فهذا هو الواجب ، لكن قد لا يتيسر له ذلك ، فهنا نقول تجنب ، اسلك طريق السلامة ، كان الإمام أحمد رحمه الله لا يعدل بالسلامة شيئا .
وأضرب مثلا برجل قال : هل أتكلم في كذا أو أسكت ، فالغالب أن السلامة السكوت ، الغالب أن السلامة السكوت ، فهكذا أيضا الإقدام على المشتبهات الغالب أن السلامة هو تجنبها .
ثم ضرب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمن وقع في الشبهات لقوله : ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه الحمى : جرت عادة الملوك أو الرؤساء أو الوجهاء أو ما أشبه ذلك أن يحموا لهم قطعة من الأرض حتى لا يراعاها الناس ، فتبقى وافرة لرعي بهائمهم ، هذه القطع المحمية تكون في الغالب خضرة تهتز ، أحسن مما حولها مما يرعى ، فإذا جاء هذا الراعي بغنمه حول هذا الحمى ورأته البهائم ماذا تصنع ؟.
تنطلق إليه ، تنطلق إليه ، فالذي ينتهك المشتبهات كالراعي الذي يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه .
ثم قال : ألا وإن لكل ملك حمًى وهل هذا إباحة أو بيان لواقع ؟.
هذا بيان للواقع ، والنبي عليه الصلاة والسلام قد يقول القول بيانا للواقع لا إقرار له ، قل النبي عليه الصلاة السلام : لتركبن سنن من كان قبلكم اليهود والنصارى هل هذا إقرار أو إخبار عن الواقع مع وجود الأدلة الدالة على النهي عن التشبه بهم ؟.
الثاني ، وكذلك ما أخبر أن أمر الإنسان يتم وتحصل الطمأنينة : حتى تخرج الظعينة من كذا إلى كذا لا تخشى إلا الله ، هل هذا إقرار لسفر المرأة بلا محرم مع الأمن ؟.
لا ، ويشتبه على بعض طلاب العلم ، قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي يقصد به بيان الواقع ، مع الذي يقصد به الإباحة .
هنا قوله : ألا وأن لكل ملك حمى ليس معناها أن هذا إقرار ، بل هو إخبار عن الواقع ، لأنه جرت عادة الملوك أن يحموا لمواشيهم وخيلهم وإبلهم ما يحموهم .
لكن ذكر الفقهاء رحمهم الله ، أنه يجوز لولي الأمر أن يحمي لمواشي بيت المال ، ودواب المسلمين ، بشرط ألا يضر المسلم ، بشرط ألا يضرهم ، بأن يكون حماه بعيدا عن مراعي البلد مثلا ، لأنه لو حمى حول البلد لكان يضيق على الناس مراعيهم ، فقالوا : " للإمام حمى مرعى لدواب المسلمين مالم يضرهم ".
طيب ألا إن حمى الله في أرضه محارمه المحارم حماها الله ، أن لا ينتهكها الناس ، لكن مع ذلك هذه المحارم يزينها الشيطان ، يزينها للنفس ، كما يزدان حمى الملك للمواشي الراعية حولها ، فتجد الشيطان يزين للإنسان أشياء محرمة ينتهكها ، مع أنه عند التفكير يرى أنه مخطئ ، لكن الشيطان يزينها في قلبه ، وهذا داء عظيم ، أفمن زين له سوء عمله فرءاه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات .
فقد يزين للإنسان أحيانا بما هو ضرر عليه في دينه ودنياه ، الشيطان يصور الأشياء التي هي محارم الله بأشياء مباحة طيبة ، ويهون على الإنسان انتهاكها ، ويقول سهلة افعل وتب ، وباب التوبة مفتوح ، أو أنت لا شف غيرك يفعل كذا وكذا ، أنت إذا أخذت رشوة مئة ريال مثلا ، شف غيرك يأخذ ألف ريال ، ويأخذ مئة ريال هذه مرة ، ويأخذ المرة الثانية ألف ريال ، يقول شف غيرك أخذ ألفين ريال ، ويتدرج به حتى يوقعه في الهلاك نسأل الله العافية .
ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ، المضغة هي بقدر ما يمضغه الإنسان من اللحم ، وهي صغيرة ، هذه المضغة يقول : إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ، وهذا يدل دلالة واضحة على أن القلب هو المدبر للجسد ، ولا إشكال في ذلك ، ثم هذا القلب ما هو ؟.
قال الأطباء القلب المخ ، القلب المخ ، لأن هو المدبر ، ولهذا إذا تعطل المخ فسد كل شيء ، ولكن هذا تحريف ، وهذا من جملة ما قلنا إن الإنسان إذا كان له هوى حاول أن يلوي أعناق النصوص ، نقول سبحان الله ، كيف يكون القلب هو المخ ، وقد قال الله تعالى : فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الرؤوس ؟.

السائل : الصدور .

الشيخ : ما قال هكذا أبدا ، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها نفس الآية ، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ، والكلام هذا صادر ممن ؟.
من الخالق ، من الخالق الذي خلق القلوب ، وعلم ما يحصل منها ، وخلق الأجساد ، وعلم أنها تنقاد انقيادا تاما للقلب ، وقد شبه أبو هريرة رضي الله عنه القلب بملك مطاع ، والملك المطاع يأمر ويعتبر الناس له ، لكن قال شيخ الإسلام : إن قول الرسول عليه الصلاة والسلام إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله أبلغ من أن تشبه ذلك بالملك المطاع ، لأن الملك المطاع قد يطاع أحيانا وقد يعصى أحيانا ، أما القلب مع الجوارح فهو لازم لزوما لا بد منه ، إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله .
وهذا الحديث فيه رد على طائفة من الناس ، تنهاهم عن المنكر الظاهر ، كحلق اللحية وشرب الدخان وإسبال الثوب وما أشبه ذلك ، ثم يقول لك التقوى هاهنا حتى يضرب صدري يكاد يخرقه ، من شدة الضطرب ، التقوى هاهنا ، طيب التقوى ها هنا ، لو اتقى ما هاهنا لاتقى ما هاهنا ، اتقت الظواهر ، لو اتقى القلب لاتقت الظواهر ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، فإذا رأيت إنسانا يقول التقوى هاهنا ويضرب صدره بقوة يكاد يخرقه ، قل يا أخي : لا تخرق صدرك كلامك هذا خطأ ، لو صلح ما هاهنا ، لصلحت الجوارح ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، نعم .
الحاصل أن هذا الحديث حديث عظيم وهو من أحاديث الأربعين النووية ، وقد شرح الأربعين النووية الحافظ ابن رجب رحمه الله ، وشرحه يعني من أوسع ما رأيته على شرح الأربعين النووية ، وهذه الأربعين النووية أيضا فيها خير وبركة ، يحفظها الصبي الصغير ، لأنها سهلة ، وإذا حفظها نقشت في قلبه ، واستفاد منها بعد الكبر .
وفي هذا الحديث حسن بيان الرسول عليه الصلاة والسلام وتقسيماته ، وأنها تقسيمات حاصرة واضحة جلية ، نعم

Webiste