التعليق على تفسير الجلالين : (( فقضاهن )) الضمير يرجع إلى السماء لأنها في معنى الجمع الآيلة إليه ، أي صيرها (( سبع سموات في يومين )) الخميس والجمعة فرغ منها في آخر ساعة منه وفيه خلق آدم ولذلك لم يقل هنا سواء ، ووافق ما هنا آيات خلق السموات والأرض في ستة أيام (( وأوحى في كل سماء أمرها )) الذي أمر به من فيها من الطاعة والعبادة (( وزينا السماء الدنيا بمصابيح )) بنجوم (( وحفظا )) منصوب بفعله المقدر : أي حفظناها من استراق الشياطين السمع بالشهب (( ذلك تقدير العزيز )) في ملكه (( العليم )) بخلقه .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
فقضاهن سبع سماوات في يومين قضاهن يقول: " الضمير يرجِع إلى السماء، لأنها في معنى الجمع الآيِلَةِ إليه " أي صيَّرَها سبع سماوات قضاهن يقول: " الضمير يرجع إلى السماء " وحينئِذٍ يرِد إشكال فإن السماء مفرد وقضاهن الضمير جمع فكيف كان الأمر كذلك؟ يقول رحمه الله: " يرجع إلى السماء لأنها في معنى الجمع الآيِلَةِ إليه " لأنَّ هذه السماء المفرَد يؤُول إلى جمع وما مقداره؟ سبع سماوات فكأنه عبَّر عن السماء باعتبار مآلِها أنها ستكون سبعَ سماوات، وقوله: قضاهن أي صيَّرَهن، وعلى هذا فيكون الضمير في قضاهن المفعول الأول وسبع سماوات المفعول الثاني، ويحتمل أن تكون قضاهن بمعنى فرغَ منهن وعلى هذا فيكون الضمير الأول مفعولًا به وسبع سماوات حال أي: حالَ كونِها سبعَ سماوات، وعلى كلٍّ فإنَّ السماوات كانت سبعًا، في يومين قال المؤلف: " الخميس والجمعة فرَغَ منها في آخر ساعةٍ وفيها خُلِق آدم ولذلك لم يقل هنا سواء، ووافق ما هنا آيات خلق السماوات والأرض في ستة أيام " قضاهن سبع سماوات في يومين وفي للظرفية، والظرف يكون أوسَع مِن المظرُوف فيحتمِل أنَّه قضاهُنَّ في يومين مِن أول اليومين إلى آخرِها، ويحتمِل أنه قضَاهن في يومين أي في هذا الظرف وإن كان الخَلْق أو القضاء لم يستوعب هذا الظرف، وهذا هو الذي مشى عليه المؤلف وسيتبَيَّن ما فيه إن شاء الله، يقول: " فرغ منها في آخر ساعةٍ منه وفيها -أي في آخر الساعة- خلق آدم ولذلك لم يقل سواءً بينما قال في خلق الأرض: في أربعة أيام سواء وهنا لم يقل: في يومين سواء لماذا؟ لأنَّ بعض اليومين خُلِقَ فيه آدم، هذا ما ذهب إليه المؤلف وفيه نظرٌ ظاهر، لأنَّ هذا يقتضي أن آدم خُلِق حين خَلْق السماوات والأرض يعني في الأيام الستة التي خُلِقَت فيها السماوات والأرض وهذا لا شك أنَّه خطَأ، بل إنَّه خلق بعد ذلك ما أقول بملايين بل بمئاتِ السنين لأنَّ آدم كما تعلمُون جعلَه الله تعالى خليفةً لِمَن؟ لأناسٍ قبله أو للجنّ الذي سكنوا الأرض قبله ولهذا لما قال: إني جاعل في الأرض خليفة قالت الملائكة: أتجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها ويسفِكُ الدماء إلى آخره فدعوى المؤلف رحمه الله أنَّ آدم خُلِق في آخر ساعةٍ من يوم الجمعة التي تمَّ فيها خلق السماوات والأرض غير صحيح، نعم خُلِق آدم يوم الجمعة لا شك في هذا كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام لكنها ليست الجمعةَ التي بها تم بها خلق السماوات والأرض، إذًا خلَقَهُنَّ في يومين، يقول المؤلف: إنَّ هذا يوافق " ووافق ما هنا آيات خلق السماوات والأرض في ستة أيام " كيف وافقَها؟ لأنَّ أربعةَ أيام كانت لِخلقِ الأرض، ويومين كانت لِخَلق السماء فيكون المجموع ستة أيام وهذا أمرٌ متفَقٌ عليه بين المسلمين أنَّ الله خلقَ السماوات والأرض في ستة أيام، في بعض الآيات يقول: وما بينهما لأنَّ بين السماوات والأرض مِن الآيات العظيمة ما استحَقَّ أن يكون قسيمًا لِخلْقِ السماوات والأرض خلق السماوات والأرض وما بينهما وقد كنا نقول: كيف يكون خلْقُ ما بين السماء والأرض قسيمًا لخلقِ السماوات والأرض مع أنَّه في نظرنا لا يساوي شيئًا بالنسبة إلى خلْق السماوات والأرض إذْ كنا لا نعلم إلا أنَّ الذي بين السماوات والأرض هو الغُيُوم والهواء فقط وكنا نقول: إنَّ القمر والنجوم والشمس كانت في السماء كنا نقول: القمر في السماء الدنيا، والشمس في السماء الرابعة، وزُحَل في السماء السابعة، وكنا ننشد قول الشاعر:
زُحَلٌ شَرَى مِرِّيخَهُ مِن شَمْسِه فتَزَاهَرَت بعُطَارِدِ الأقمار
هذه الكواكب السبعة: زحلٌ شرَى مُرِّيخَه من شمسِه فتزاهرت بعطارد الأقمار. من حفظَه؟ المعنى: نأتي من أعلى إلى أسفل: زحل هذا أعلَاها شرى المشتَرِي مريخه المريخ من شمسه الشمس فتزاهرت الزُّهْرة بعطارد عطارد الأقمار القَمَر هو الأخير، وعلى هذا فتكون الشمس في السماء الرابعة وكنا نظُنّ أنَّ هذه مرصعة في السماء كما يُرَصَّعُ المسمار على الخشبة لكن تبيَّن الآن أنَّ هذه في أجواء بين السماء والأرض وليست مرَصَّعَة في السماوات والأرض وأنَّ السماء من فوقها بأمَدٍ بعيد وحينئِذٍ تبيَّن الحكمة مِن كوْن الله عز وجل يجعَلُ خلْق ما بين السماء والأرض عديلًا لخلْقِ السماء والأرض.
" ثم قال عز وجل: وأوحى في كل سماء أمرها الذي أمر به مَن فيها مِن الطاعة والعبادة " أوحى في كل سماء أمرها يعني قدَّر بما أوحاه في كلِّ سماء أمرَها، كلُّ سماء لها ملائكة خاصّة وعباداتٌ خاصة وأجواء خاصة، كل سماء تختلف عن السماء الأخرى حتى إنَّ بعضَهم -وهُو من الإسرائيليات التي لا تُصَدَّق ولا تُكَذَّب- يقول: إنَّ جُرْم السماء الدنيا يختلف عن جُرْم السماء الثانية والثانية عن الثالثة كل واحدة مِن مادة أخرى غير مادة السماء الأُخْرى والله أعلم، وقوله: أمرَها مفْرَدٌ مضاف فيعُمّ جميع الأمور، جميع ما يتعلق بكُلِّ سماء قد أوحاه الله بها، وزَيَّنَّا السماءَ الدنيا شوف خصائص السماء الدنيا وزَيَّنَّا السماء الدنيا بمصابيح بنجوم " وحِفظًا منصوبٌ بفعلِه المقدَّر أي حفِظْنَاها من استراق الشياطين السمعَ بالشهب " زينا السماء الدنيا الدنيا يعني القُرْبَى، وسُمِّيَت دنيَا، لأنها قريبةٌ من الأرض فهي أقرب السموات، زيَّنَها بالمصابيح، ما هذه المصابيح؟ هي النجوم، وسُمِّيَت مَصابيح، لأنها بمنزلة القنادِيل المعلقة بالسقف، فإن قال قائل: ظاهر الآية أنَّ هذه المصابيح مرَصَّعة بالسماء، قلنا: إن كان هذا ظاهرُها فالواقع خلاف ذلك، ولا مانِع مِن أنْ تُزَيَّن بالمصابيح وإن لم تكن ملتَصِقَةً بها أرأيتَ لو أنك لو دَلَّيْت مصابيح من سقْفٍ عالي ثم كُنتَ تحت هذه المصابيح أفلا تكون هذه المصابيح زينةً للسقف وإن كانت غيرَ لاصقَةٍ به، بل جهتُها -أي جهة هذا السقف- مزَيَّنَة بهذه المصابيح، فلا يلزمُ من قوله: زيَّنا السماء الدنيا بمصابيح أن تكون مرصعةً بالسماء بل نقول: هي مزينةٌ بها وإن كان بينها وبين السماء مسافة، وقوله: وحفظًا أي حفِظْناها حفظًا فالسماء محفوظة كما قال تعالى: وجعلْنا السماء سقفًا محفوظًا ولهذا لم يستَطِع جبريل أن يدخُل مِن السماوات مع أنَّه نازِلٌ منها حين كان معه محمد صلى الله عليه وسلم حتى استَأْذَنَ له، في حديث المعراج أنَّ جبريل لَمَّا وصلَ بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء الدنيا استفْتَح، فقيل: مَن هذا؟ قال: جِبريل، قيل: ومَن معك؟ قال: محمد، فقيل له يعني هل أُوحِي إليه أو أُذِنَ له؟ قال: نعم، ففُتِحَ له، لماذا؟ لأنَّ السماء محفوظة لا يمكن أن يدخُلَ أحد منه إلا بإذن الله، جبريل قال: معي محمد، قيل له: وقد أُرسِلَ إليه؟ قال: نعم، قالوا: مرحبًا به فنعم المجِيءُ جاءَ، ثم فَتَحُوا له، فدخلَ السماء الدنيا ثم الثانية والثالثة وهكذا مما يدُلّ على ايش؟ على إتقانِ حِفْظِ الله سبحانه وتعالى للسموات وأنها متقنَة عليها ملائكة لا يمكن أن يتجاوَزَها أحد.
زُحَلٌ شَرَى مِرِّيخَهُ مِن شَمْسِه فتَزَاهَرَت بعُطَارِدِ الأقمار
هذه الكواكب السبعة: زحلٌ شرَى مُرِّيخَه من شمسِه فتزاهرت بعطارد الأقمار. من حفظَه؟ المعنى: نأتي من أعلى إلى أسفل: زحل هذا أعلَاها شرى المشتَرِي مريخه المريخ من شمسه الشمس فتزاهرت الزُّهْرة بعطارد عطارد الأقمار القَمَر هو الأخير، وعلى هذا فتكون الشمس في السماء الرابعة وكنا نظُنّ أنَّ هذه مرصعة في السماء كما يُرَصَّعُ المسمار على الخشبة لكن تبيَّن الآن أنَّ هذه في أجواء بين السماء والأرض وليست مرَصَّعَة في السماوات والأرض وأنَّ السماء من فوقها بأمَدٍ بعيد وحينئِذٍ تبيَّن الحكمة مِن كوْن الله عز وجل يجعَلُ خلْق ما بين السماء والأرض عديلًا لخلْقِ السماء والأرض.
" ثم قال عز وجل: وأوحى في كل سماء أمرها الذي أمر به مَن فيها مِن الطاعة والعبادة " أوحى في كل سماء أمرها يعني قدَّر بما أوحاه في كلِّ سماء أمرَها، كلُّ سماء لها ملائكة خاصّة وعباداتٌ خاصة وأجواء خاصة، كل سماء تختلف عن السماء الأخرى حتى إنَّ بعضَهم -وهُو من الإسرائيليات التي لا تُصَدَّق ولا تُكَذَّب- يقول: إنَّ جُرْم السماء الدنيا يختلف عن جُرْم السماء الثانية والثانية عن الثالثة كل واحدة مِن مادة أخرى غير مادة السماء الأُخْرى والله أعلم، وقوله: أمرَها مفْرَدٌ مضاف فيعُمّ جميع الأمور، جميع ما يتعلق بكُلِّ سماء قد أوحاه الله بها، وزَيَّنَّا السماءَ الدنيا شوف خصائص السماء الدنيا وزَيَّنَّا السماء الدنيا بمصابيح بنجوم " وحِفظًا منصوبٌ بفعلِه المقدَّر أي حفِظْنَاها من استراق الشياطين السمعَ بالشهب " زينا السماء الدنيا الدنيا يعني القُرْبَى، وسُمِّيَت دنيَا، لأنها قريبةٌ من الأرض فهي أقرب السموات، زيَّنَها بالمصابيح، ما هذه المصابيح؟ هي النجوم، وسُمِّيَت مَصابيح، لأنها بمنزلة القنادِيل المعلقة بالسقف، فإن قال قائل: ظاهر الآية أنَّ هذه المصابيح مرَصَّعة بالسماء، قلنا: إن كان هذا ظاهرُها فالواقع خلاف ذلك، ولا مانِع مِن أنْ تُزَيَّن بالمصابيح وإن لم تكن ملتَصِقَةً بها أرأيتَ لو أنك لو دَلَّيْت مصابيح من سقْفٍ عالي ثم كُنتَ تحت هذه المصابيح أفلا تكون هذه المصابيح زينةً للسقف وإن كانت غيرَ لاصقَةٍ به، بل جهتُها -أي جهة هذا السقف- مزَيَّنَة بهذه المصابيح، فلا يلزمُ من قوله: زيَّنا السماء الدنيا بمصابيح أن تكون مرصعةً بالسماء بل نقول: هي مزينةٌ بها وإن كان بينها وبين السماء مسافة، وقوله: وحفظًا أي حفِظْناها حفظًا فالسماء محفوظة كما قال تعالى: وجعلْنا السماء سقفًا محفوظًا ولهذا لم يستَطِع جبريل أن يدخُل مِن السماوات مع أنَّه نازِلٌ منها حين كان معه محمد صلى الله عليه وسلم حتى استَأْذَنَ له، في حديث المعراج أنَّ جبريل لَمَّا وصلَ بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء الدنيا استفْتَح، فقيل: مَن هذا؟ قال: جِبريل، قيل: ومَن معك؟ قال: محمد، فقيل له يعني هل أُوحِي إليه أو أُذِنَ له؟ قال: نعم، ففُتِحَ له، لماذا؟ لأنَّ السماء محفوظة لا يمكن أن يدخُلَ أحد منه إلا بإذن الله، جبريل قال: معي محمد، قيل له: وقد أُرسِلَ إليه؟ قال: نعم، قالوا: مرحبًا به فنعم المجِيءُ جاءَ، ثم فَتَحُوا له، فدخلَ السماء الدنيا ثم الثانية والثالثة وهكذا مما يدُلّ على ايش؟ على إتقانِ حِفْظِ الله سبحانه وتعالى للسموات وأنها متقنَة عليها ملائكة لا يمكن أن يتجاوَزَها أحد.
الفتاوى المشابهة
- كيف نردُّ على من يقول : إن الله - تبارك وتعالى... - الالباني
- تفسير قوله تعالى: (هو الذي خلق السماوات والأ... - ابن عثيمين
- بيان من الشيخ المقصود بالسماء في قوله تعالى :... - الالباني
- هل يصح أن يقال أن الله في السماء ولكن في كل... - ابن عثيمين
- الدليل على أن الله في السماء - اللجنة الدائمة
- هل صحيح أن الله في السماء ؟ - ابن عثيمين
- السماء والأرض لم يخلقا لأجل محمد عليه ال... - اللجنة الدائمة
- ما معنى كون الله - تعالى - في السَّماء ؟ - الالباني
- فوائد قوله تعالى : (( وجعل فيها رواسي من فوق... - ابن عثيمين
- تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( فقضاهن... - ابن عثيمين
- التعليق على تفسير الجلالين : (( فقضاهن )) ال... - ابن عثيمين