تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وما ربك... - ابن عثيمين ظَلَّام  فسَّرَها المؤلف بأنها صيغة نسبة وليست صيغة مبالَغة، لأنَّ فَعَّالًا تأتي للنسبة كنَجَّار وحداد وخَشَّاب وما أشبه ذلك، وتأتي للمبالَغة فهنا هل ...
العالم
طريقة البحث
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وما ربك بظلام للعبيد )) أي بذي ظلم لقوله تعالى (( إن الله لا يظلم مثقال ذرة )) [ 40 : 4 ] .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ظَلَّام فسَّرَها المؤلف بأنها صيغة نسبة وليست صيغة مبالَغة، لأنَّ فَعَّالًا تأتي للنسبة كنَجَّار وحداد وخَشَّاب وما أشبه ذلك، وتأتي للمبالَغة فهنا هل ظلَّام هنا للمبالغة أو للنسبة؟ يتعيَّن أن تكون للنسبة، لأنك لو جعلْتَها للمبالغة لكان المنفِيُّ هو المبالغة في الظُّلْم دون أصْل الظلم والمعلوم أنَّ الله تعالى منفِيٌّ عنه الظلم أصلُه والمبالَغَةُ فيه، إذًا يتعَيَّن أن نقول: إنَّ ظلام صيغةُ نسبة وليست صيغة مبالغة ولهذا فسَّرَها بقوله: " أي بذي ظلم " واستدل بقوله تعالى: إن الله لا يظلم مثقال ذرة نعم، لا يَظلِم مثقال ذرة ومَن انتفى عنه الظلم في مثقال ذرة لا يمكن أن يكون لديه ظلمٌ بأكثَر ولا بمثقال ذرة أيضًا ولا بدون مثقال ذرة، فإن قال قائل: إنَّ الله لا يظلم مثقال ذرة مفهومُه أنَّ ما دونها يمكن قلنا: لا، لأنَّ مِثْقَالَ ذَرَّة جِيءَ به على سبيل المبالغة ما هو التمثيل المبالغة، وما كان قيدًا للمبالغة فإنه لا مفهوم له أرأَيْتم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من اقتطع شبرًا من الأرض ظُلمًا طُوِّقَه يوم القيامة مِن سبع أرضين ؟ فهل نقول: مَن اقتطع نصف شبِر لا يُعاقب عليه؟ لا لكن ذكرَه على سبيل المبالغة، نعم وما ربك بظلام للعبيد أي بذي ظُلم وقوله: للعبيد أيُّ العبيد شرعًا أو كونًا؟ كونًا للعبيد كونًا يعني لن يظلِم حتى الكافر لا يظلمُه الله عز وجل، فإن قال قائل: إنَّ الله تعالى -وحاشا- يظلِم الكافر الكافر مُتِّع في الدنيا ولتقل ألف سنة على كفر -وعبد الله الأفغاني أظنه يفكر- فسُيَخَلَّد في النار كم؟ إلى الأبد آلاف وملايين السنين مع أنَّه لم يكفر إلا ألف سنة فالعقوبة زائدة على العمل وهذا ظُلْم لو قال قائل هكذا قلنا: كلَّا والله إنَّ الله تعالى أعذَرَ إلى هذا الرجل ببعث الرسل وإنزال الكتب وأعطاه عقْلًا وقال: إن فعلْتَ كذا أدبْتُك أبد الآبدين فأقْدَم باختياره، وهل إذا فعَل ما يوجب هذه العقوبة باختياره ثم عُوقِب بها هل يقال: إنَّه مظلوم؟ أبدًا لا يقال: إنَّه مظلوم، هذا لو كان جاهلًا بالعقوبة لقلنا: نعم الواجب ألا يعاقب إلا بمقدار ذنبِه كمًّا وكيفًا لكنا نقول: هذا الرجل قد علِم وأُعذِرَ إليه بإرسال الرسل وبيان ما يُعَذَّب به ومع ذلك أصَرّ كأنه يقول: أنا لا أبالي إذا عُذِّبْتُ أبد الآبدين وحينئذ يكون هو الذي جنَى على نفسه وفعل ما يوجب هذا العذاب المؤبَّد.
وما ربك بظلام للعبيد

Webiste