التعليق على تفسير الجلالين : (( من عمل صالحا فلنفسه )) عمل (( ومن أساء فعليها )) أي فضرر إساءته على نفسه (( وما ربك بظلام للعبيد )) أي بذي ظلم لقوله تعالى (( إن الله لا يظلم مثقال ذرة )) [ 40 : 4 ] .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال عز وجل: مَن عمِل صالحًا فلنفسِه ومَن أساء فعليها وما ربُّك بظَلَّامٍ للعبيد مَن عمل صالحا فلنفسه هذه جملة شرطية أداة الشرط فيها مَن وفعلُ الشرط؟
الطالب: عمِل
الشيخ : وجواب الشرط؟
الطالب: فلنفسه
الشيخ : فلنفسه تمام، هذه الجملة الشرطية فعل الشرط عمل وجواب الشرط فلنفسه واقترَنَت بالفاء، لأنها جملة اسمية إذ التقدير: فعمَلُه لنفسِه وقدَّرَها المفسر بقوله: " فلنفسِه عمِل " ولكن إذا قدَّرْناها جملة اسمية فلا حرج، من عمل صالحا صالحا هذه صفَةٌ لموصوف محذوف والتقدير: عمَلًا صالحًا فما هو العمل الصالح؟ العمل الصالح ما اجتمع فيه أمران: الأول: الإخلاص لله عز وجل، والثاني: المتابعة لشريعة الله انتبه المتابعة لشريعة الله لا نقول: المتابعة لمحمد صلى الله عليه وسلم، لأننا نتكَلَّم عن العمل الصالح في هذه الأمة وفي غير هذه الأمة، ولهذا فنقول: الإخلاص لله والمتابعةُ لشريعة الله لِيشمَل ما كان في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وما كان في أُمَمٍ سابقة، إذا فُقِد الإخلاص فليس بصالح، لأنه شرك مردودٌ على صاحبه قال الله تعالى في الحديث القدسي: أنا أغنى الشركاء عن الشرك مَن عمِل عملًا أشرَكَ فيه معي غيرِي تركتُه وشِرْكَه ومَن أخلص لكن على غير شريعة الله فعملُه بدعة مردود، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَن عمِل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو رد وفي رواية: مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهُو رد إذًا العمل الصالح ما اجتمع فيه شرطان.
قال: ومَن أساءَ فعليها قوله: فلنفسه يعني فالمصلحة لنفسِه فإنَّ ذلك لا ينفعُ الله شيئًا ولهذا قال الله تعالى في الحديث القدسي الذي رواه أبو ذر رضي الله عنه أنَّ الله قال: يا عبادي لو أنَّ أولَكم وآخِرَكم وإنسَكم وجنَّكم كانوا على أتقى قلبِ رجلٍ واحد منكم ما زاد ذلك في ملكِي شيئًا لماذا؟ لأنَّ الله تعالى لا ينتفِع بطاعة الطائعين ولا يتضَرَّر بمعصية العاصين، العمَل لنفسِه : ومَن أساء فعليها أي فضرَر إساءَتِه على نفسه " ولو قلنا: التقدير: فإساءَتُه عليها. لكفَى، مَن أساء أي عمِل عملًا غير صالح الذي، ما الذي يدلُّنا على أنَّ المراد بالإساءة هنا العمل غير الصالح؟ لأنَّه قُوبِل بما سبَق بمن عمِل عملًا صالحًا وهذا أحدُ الطرق التي يُعرَف بها تفسير القرآن الكريم بل وغيرُه من الكلام: إذا ذُكِر الشيء ثم ذُكِرَ ما بعدَه على وجهِ المقابلة ففَسِّرْ ما بعدَه على ضِدِّ ما قبلَه، ومِن ذلك قوله تعالى: فانفروا ثبات أو انفروا جميعا لو أنك تأمَّلْت ما معنى ثُبَاتٍ هل معناها: انفِرُوا ثابتين على الجهاد؟ لا، يفسِّرُها ما بعدها أو انفروا جميعًا فيكون معنى ثُبَاتٍ أي: فرادَى أو انفرُوا جميعًا، طيب ومن أساء فعليها إذًا الإساءة تكون إمَّا بالإشراكِ بالله كالرياءِ مثلًا، وإمَّا بالبدعة كبِدَع الصوفية وغيرِهم مِن أصحاب الطرق الذين هم مخلصُون لله ويوَدُّون التقرُّب إلى الله لكن بغير ما شرَع الله فكانوا ضالِّين كالنصارى تمامًا نعم
ومن أساء فعليها وما ربك بظَلَّام للعبيد أي بذي ظُلْمٍ " وما ربك كقوله -فيما سبق- سبَقَتْ من ربك وما ربُّكَ الخطاب لمن؟ للرسول صلى الله عليه وسلم، وما هنا تميمية أو حجازية؟ كُلُّ ما في القرآن فهو حجازِي، لأنَّه بلغة قريش وعلى هذا فمتى أتَتْكَ ما فهي حجازية قال الله تعالى: ما هذا بشرًا ولو كانت تميمية لقال: ما هذَا بشرٌ. لكن قال: ما هذا بشرا. إذًا كلما أتتْك ما التي تكونُ دائرةً بين الحجازية والتميمية فاجعَلْها حجازية، فهنا نقول: ما حجازية ورب اسمها وظلام خبرُها لكنَّه جُرَّ بحرف الجَرّ الزائد، طيب وقوله: وما ربك هل الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام أم هو عام؟ سياق الآية يدل على أنَّه خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام ولكن ليُعْلَم أنَ ما وُجِّهَ الخطاب فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يعني أنَّ الحكْم خاصٌّ به بل هو له وللأمة، ولهذا نقول: الخطاب الموَجَّه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ينقسم إلى ثلاثة أقسام انتبهوا ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول ما دَلَّ الدليل على أنَّه خاصٌّ به كقوله: ألم نشرح لك صدرك هذا خاص ولَّا عام؟ خاصٌّ بالرسول، طيب الثاني: ما دلَّ الدليل على أنَّه عَامّ كقوله تعالى: يا أيها النبي -وهذا خطاب للرسول- إذا طلَّقْتُم النساء فطَلِّقُوهُنَّ هذا عام، لأنه قال: يا أيها النبي إذا طلقتم ومنه قول تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ فأَوَّلُ الآية خاصّ والثاني عامّ، القسم الثالث: ما لا دلِيلَ فيه على هذا ولا على هذا فهو خاصٌّ بالرسول لكنْ نحنُ لنا فيه أُسْوة، وقيل: إنَّه للأمة لكن خُوطِب بها الرسول، لأنه قائدُها عليه الصلاة والسلام، وما ربك بظلام للعبيد قال المؤلف: " أي بذي ظلمِ " إشارةً منه رحمه الله إلى أنَّ ظلام صيغة نِسبَة وليسَتْ صيغَة مبالغة ظَلَّام فسَّرَها المؤلف بأنها صيغةُ نسبة وليست صيغة مبالَغة، لأنَّ فَعَّالًا تأتِي للنسبة كنَجَّار وحدَّاد وخَشَّاب وما أشبه ذلك، وتأتي للمبالَغة فهنا هل ظلَّام هنا للمبالغة أو للنسبة؟ يتعيَّن أن تكون للنسبة، لأنك لو جعلْتَها للمبالغة لكان المنفِيُّ هو المبالَغَةُ في الظُّلْم دون أصْلِ الظُّلْم والمعلوم أنَّ الله تعالى منفِيٌّ عنه الظلم أصلُه والمبالَغَةُ فيه، إذًا يتعَيَّن أن نقول: إنَّ ظلام صيغةُ نِسْبَة
الطالب: عمِل
الشيخ : وجواب الشرط؟
الطالب: فلنفسه
الشيخ : فلنفسه تمام، هذه الجملة الشرطية فعل الشرط عمل وجواب الشرط فلنفسه واقترَنَت بالفاء، لأنها جملة اسمية إذ التقدير: فعمَلُه لنفسِه وقدَّرَها المفسر بقوله: " فلنفسِه عمِل " ولكن إذا قدَّرْناها جملة اسمية فلا حرج، من عمل صالحا صالحا هذه صفَةٌ لموصوف محذوف والتقدير: عمَلًا صالحًا فما هو العمل الصالح؟ العمل الصالح ما اجتمع فيه أمران: الأول: الإخلاص لله عز وجل، والثاني: المتابعة لشريعة الله انتبه المتابعة لشريعة الله لا نقول: المتابعة لمحمد صلى الله عليه وسلم، لأننا نتكَلَّم عن العمل الصالح في هذه الأمة وفي غير هذه الأمة، ولهذا فنقول: الإخلاص لله والمتابعةُ لشريعة الله لِيشمَل ما كان في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وما كان في أُمَمٍ سابقة، إذا فُقِد الإخلاص فليس بصالح، لأنه شرك مردودٌ على صاحبه قال الله تعالى في الحديث القدسي: أنا أغنى الشركاء عن الشرك مَن عمِل عملًا أشرَكَ فيه معي غيرِي تركتُه وشِرْكَه ومَن أخلص لكن على غير شريعة الله فعملُه بدعة مردود، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَن عمِل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو رد وفي رواية: مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهُو رد إذًا العمل الصالح ما اجتمع فيه شرطان.
قال: ومَن أساءَ فعليها قوله: فلنفسه يعني فالمصلحة لنفسِه فإنَّ ذلك لا ينفعُ الله شيئًا ولهذا قال الله تعالى في الحديث القدسي الذي رواه أبو ذر رضي الله عنه أنَّ الله قال: يا عبادي لو أنَّ أولَكم وآخِرَكم وإنسَكم وجنَّكم كانوا على أتقى قلبِ رجلٍ واحد منكم ما زاد ذلك في ملكِي شيئًا لماذا؟ لأنَّ الله تعالى لا ينتفِع بطاعة الطائعين ولا يتضَرَّر بمعصية العاصين، العمَل لنفسِه : ومَن أساء فعليها أي فضرَر إساءَتِه على نفسه " ولو قلنا: التقدير: فإساءَتُه عليها. لكفَى، مَن أساء أي عمِل عملًا غير صالح الذي، ما الذي يدلُّنا على أنَّ المراد بالإساءة هنا العمل غير الصالح؟ لأنَّه قُوبِل بما سبَق بمن عمِل عملًا صالحًا وهذا أحدُ الطرق التي يُعرَف بها تفسير القرآن الكريم بل وغيرُه من الكلام: إذا ذُكِر الشيء ثم ذُكِرَ ما بعدَه على وجهِ المقابلة ففَسِّرْ ما بعدَه على ضِدِّ ما قبلَه، ومِن ذلك قوله تعالى: فانفروا ثبات أو انفروا جميعا لو أنك تأمَّلْت ما معنى ثُبَاتٍ هل معناها: انفِرُوا ثابتين على الجهاد؟ لا، يفسِّرُها ما بعدها أو انفروا جميعًا فيكون معنى ثُبَاتٍ أي: فرادَى أو انفرُوا جميعًا، طيب ومن أساء فعليها إذًا الإساءة تكون إمَّا بالإشراكِ بالله كالرياءِ مثلًا، وإمَّا بالبدعة كبِدَع الصوفية وغيرِهم مِن أصحاب الطرق الذين هم مخلصُون لله ويوَدُّون التقرُّب إلى الله لكن بغير ما شرَع الله فكانوا ضالِّين كالنصارى تمامًا نعم
ومن أساء فعليها وما ربك بظَلَّام للعبيد أي بذي ظُلْمٍ " وما ربك كقوله -فيما سبق- سبَقَتْ من ربك وما ربُّكَ الخطاب لمن؟ للرسول صلى الله عليه وسلم، وما هنا تميمية أو حجازية؟ كُلُّ ما في القرآن فهو حجازِي، لأنَّه بلغة قريش وعلى هذا فمتى أتَتْكَ ما فهي حجازية قال الله تعالى: ما هذا بشرًا ولو كانت تميمية لقال: ما هذَا بشرٌ. لكن قال: ما هذا بشرا. إذًا كلما أتتْك ما التي تكونُ دائرةً بين الحجازية والتميمية فاجعَلْها حجازية، فهنا نقول: ما حجازية ورب اسمها وظلام خبرُها لكنَّه جُرَّ بحرف الجَرّ الزائد، طيب وقوله: وما ربك هل الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام أم هو عام؟ سياق الآية يدل على أنَّه خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام ولكن ليُعْلَم أنَ ما وُجِّهَ الخطاب فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يعني أنَّ الحكْم خاصٌّ به بل هو له وللأمة، ولهذا نقول: الخطاب الموَجَّه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ينقسم إلى ثلاثة أقسام انتبهوا ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول ما دَلَّ الدليل على أنَّه خاصٌّ به كقوله: ألم نشرح لك صدرك هذا خاص ولَّا عام؟ خاصٌّ بالرسول، طيب الثاني: ما دلَّ الدليل على أنَّه عَامّ كقوله تعالى: يا أيها النبي -وهذا خطاب للرسول- إذا طلَّقْتُم النساء فطَلِّقُوهُنَّ هذا عام، لأنه قال: يا أيها النبي إذا طلقتم ومنه قول تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ فأَوَّلُ الآية خاصّ والثاني عامّ، القسم الثالث: ما لا دلِيلَ فيه على هذا ولا على هذا فهو خاصٌّ بالرسول لكنْ نحنُ لنا فيه أُسْوة، وقيل: إنَّه للأمة لكن خُوطِب بها الرسول، لأنه قائدُها عليه الصلاة والسلام، وما ربك بظلام للعبيد قال المؤلف: " أي بذي ظلمِ " إشارةً منه رحمه الله إلى أنَّ ظلام صيغة نِسبَة وليسَتْ صيغَة مبالغة ظَلَّام فسَّرَها المؤلف بأنها صيغةُ نسبة وليست صيغة مبالَغة، لأنَّ فَعَّالًا تأتِي للنسبة كنَجَّار وحدَّاد وخَشَّاب وما أشبه ذلك، وتأتي للمبالَغة فهنا هل ظلَّام هنا للمبالغة أو للنسبة؟ يتعيَّن أن تكون للنسبة، لأنك لو جعلْتَها للمبالغة لكان المنفِيُّ هو المبالَغَةُ في الظُّلْم دون أصْلِ الظُّلْم والمعلوم أنَّ الله تعالى منفِيٌّ عنه الظلم أصلُه والمبالَغَةُ فيه، إذًا يتعَيَّن أن نقول: إنَّ ظلام صيغةُ نِسْبَة
الفتاوى المشابهة
- شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن... - الالباني
- بيان معنى العمل الصالح المذكور في قوله تعالى :... - الالباني
- بيان أن العمل الصالح ما اشتمل فيه الإخلاص لل... - ابن عثيمين
- ما هي شروط العمل الصالح ؟ - الالباني
- تفسير قوله تعالى: (إلا الذين آمنوا وعملوا ال... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى : (( فمن كان يرجو لقاء ربه فل... - الالباني
- تفسير قوله تعالى: (وعملوا الصالحات) - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (ما يبدل القول لدي وما أنا... - ابن عثيمين
- تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وما ربك... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : (( من عمل صالحا فلنفسه وم... - ابن عثيمين
- التعليق على تفسير الجلالين : (( من عمل صالحا... - ابن عثيمين