فوائد قوله تعالى : (( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
في هذه الآية من الفوائد: الحَثّ على العمَل الصالح لقوله: من عمل صالحا فلنفسه لأنك متى علِمْت أنَّ عملَك لنفسك فسوف تجتَهد في ذلك إذًا ففيه الحَث على العمل الصالح.
ومن فوائد الآية الكريمة: أنَّ كل عمل لا إخلاصَ فيه فهو ضرَرٌ على صاحبِه وليس له، لأننا فسَّرْنا العمل الصالح بأنه ما جمع بين شرطين: الإخلاص والمتابعة.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من عمِلَ عملًا بدعيًّا فعملُه عليه لا له، لأنه لا يدخل في العمل الصالح، طيب إخوانَنا! كثيرٌ مِن الذين يعمَلُون بهذه البدع تجدهم يبكُون ويخشعون وتلِين قلوبهم ولهم مِن البكاء ما لا يكون عند المخلِصِين المتَّبعِين فماذا نقول؟ أجيبوا؟ نقول: قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا فلا يخدعَنَّك هذا الشيء الذي يقع منهم، لأنَّ هذا من إغواء الشيطان لهم وغروره إياهم.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا يمكن أن يصِل ثواب العمل الصالح إلى الغير لقوله: فلنفسه وبهذا أخذ أكثر العلماء وقالوا: " إنَّ الميت لا ينتفع إلا بعمَل ولدِه فقط أما غيرُه فلا " يعني لو أنَّك اعتمَرْت لصديق لك مَيِّتٍ أو حيٍّ لا يستطيع العمرة فإن ذلك لا ينفعُه ليش؟ لأن مَن عمل صالحًا فلنفسه لا يتعدَّى غيره وما جاءت به السنة من صيام المرأة نذْرَ شهرٍ على أمِّها أو حَجِّها عن أبيها الذي لا يثبت على الراحلة فهذا إنما وقع مِن الولد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ أطيبَ ما أكلْتُم من كسبِكم وإنَّ أولادكم من كسبِكم فالعمل مِن كسب الأب والأم وهو جُزءٌ من أبيه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: فاطمة بَضْعَةٌ مني يَريبها ما رابني قال ذلك على المنبر وأشار عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث وهو حديث طويل أشار إلى التنديد بعلي بن أبي طالب وأثنَى على أبي العاص بن الربيع زوج ابنتِه زينب وقال: حدثني فصدَقَني ووعدني فوفا لي وانتقد عليًّا، لأنه قيل: إنه أراد أن يتزوج بنت أبي جهل فقام الرسول وخطب الناس وقال: فاطمة بضعة مني يريبها ما رابني وتكلَّم بكلام غليظ لكن الأمر عدَلَ عنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم متأثر هذا التأثر وأنه لا يمكن أن يُجمَع بين بنت نبي الله وبنت عدو الله لأن هذا يكون متحَدَّث الناس، على كل حال نحن نقول إنَّ بعض أهل العلم أخذ بما يفيده ظاهر هذه الآية وقال: لا ينفَع العمل لأي إنسان نويتَه إلَّا مَن الولد، ولكنَّ كثيرًا من العلماء قال: بل إنَّ الذي ينتفع به الميت مِن ولدِه لا مانع أن ينتفع به مِن غيرِه وربما يُستَدَّلُ بذلك بحديث ابن عباس رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سمِع رجلًا يقول: لبيك عن شبرمة قال: مَن شبرمة؟ قال: أخٌ لي أو قريبٌ لي فقال: أخ أو قريب وهو محرِمٌ عنه قالوا: فهذا يدل على أنه يجوز للإنسان أن ينُوبَ عن غيره فيقال: هذه النِّيَابة عن الغير والحجُّ أيضًا يُسَلَّم له، ولكن الذي يظهَر لي أنَّه لا فرْق بين الولد وغيره وبين الحجِّ وغيره لكن الذي ننتقِدُه إسْرافُ الناس الآن في الأعمال للأموات تجدُه يحفُظ القرآن في رمضان عدة مرات ويقول: المرة الأولى لأمي والثانية لأبوي والثالثة لجدتي والرابعة لجدي والخامسة لأخي والسادسة لأختي والسابعة لعمي والثامنة لعمتي ويطلع رمضان ليس له ثواب كله أعطاه الناس هذا غلَط هذا إفراط وليس مِن هدي السلف الصالح، كذلك أيضًا بعض الناس يُسرِف ويخالِف السنة في إسرافِه تجده يذهب يعتمِر أول عمرة له وفي نفس الوقت وهو بمكة ثاني عمرة لأمه وثالث عمرة لأبيه كل يوم عمرة وإذا قدَّرْنا أنه بقي عشرة أيام وله عشرة أقارب: عشر عُمْرات نعم، هذا غلط ليس من هدي السلف والشرع ليس حسب الذَّوق أو ميل النفس أو الهوى الشرع محدد هل ورد عن السلف أنهم يكررون العمرة؟ لا لأنفسهم ولا لغيرهم ما ورد إطلاقًا فأصْل تكرار العمرة في سفر واحد أصله غير مشروع، ولهذا قال عطاء بن أبي رباح وهو عالم مكة في زمنه قال: " لا أدري هؤلاء الذين يخرجون إلى التنعيم أيأثمون أم يسلَمُون " يعني معناه أنه ليس لهم أجر لأنه ما ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عن الصحابة فلذلك يجب عليكم أنتم طلبة العلم أن تُبَيِّنُوا للناس حتى وإن انتقدُوكم، دائمًا نحن نُحذِّر من هذا في الحرم ونقول: هذا غلط وليس بمشروع ثم يأتون يذهبون إلى ناسٍ من الناس ويقول: لا ما يخالف أول يوم لك وثاني يوم لأمك وثالث يوم لأبوك ما يخالف، عَطْه [أعطاه] العالِم كل واحد عمرة وإن كثُرَ أقاربك وقلَّت أيامك في مكة فلا بأس أن تأخُذ عمرتين في يوم ما فيه مانع وإن كثروا أكثَر وقلَّت الأيام أقل اجعل عمرتين في اليوم وعمرتين في الليل، لا إله إلا الله مَن قال هذا؟ لكن المشكلة أن بعض العلماء يتهاونون في هذه الأمور ولا يريحون عباد الله تجده مسكين في أيام موسم الحج يتكلف كَلافًا عظيما في الزحام والمشقة ومع ذلك يُصِرّ على أن يأتي بعمرة لأبيه وأمه مع أنَّ هذا ليس من هدي السلف ويضَيِّق على الناس الناس يضيق بعضهم على بعض فنسأل الله الهداية، طيب إذًا على كل حال قوله: فلنسفه استدل بها بعض العلماء على ايش؟ على أنَّ العمل الصالح لا يتعَدَّى الغير أي لا يتعدَى فاعلَه ونحن نقول: ما جاءت به السنة فهو مخصِّصٌ لهذا والسنة تفَسِّر القرآن وتبَيِّنُه، ثم هل يقاس عليه؟ هذا محل نظر وعندي أنه لا بأس أن يقاس عليه، لأن الذي ورد إنما هو قضايا أعيان، فإذا كان قضايا أعيان وربما نقول: ونقيس على هذه العين ما شابهها لكن الذي يُنكَر هو الإسراف والإفراط.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنَّ مَن أساء فعلى نفسه أساء لا يضُرُّ الله شيئًا ولكن لو قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنَّ مَن سَنَّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة؟ طيب إذًا هذا الإنسان صارت إساءة غيره عليه والله يقول: من أساء فعليها على نفسه فقط فيقال: إن كونَه سَنَّ هذه السيئة هو عملُه الذي تبِعَه الناس عليه ولولا أنَّه فعل ما فعلَه الناس فالناس إنما فعلوا اتباعًا له فيكون هذا في الحقيقة مِن فعلِه، لأنه هو ا لذي سَنَّ هذه السنة السيئة، ولهذا ما مِن إنسان يقتُل نفسًا عمدًا بغير حقّ إلا كان على ابن آدم الأول كِفْلٌ منها عرفتم؟ مَن الذي قتل أول من بني آدم؟ هو قابيل قتل هابيل، قتل هابيل حسدًا بدون إساءةٍ إليه قرَّبَا قربانًا فتقبَّل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل فقال له: لأقتلنك. ليش؟ حسدًا، لأن الله قبِل من صاحبِه ولم يقبل، فأرشده صاحبه أرشده إلى ما يكون به القبول قال: إنما يتقبل الله من المتقين ومعنى الآية حثُّه على أن يتَّقِي وليس المعنى أنه يمدَح نفسه أنه كان مُتَّقِيًا فقُبِل وإنما يحُثّ على التقوى كأنه يقول: اتَّق الله يتقَبَّل منك، ثم قال له: لئن بسطت يدك إلي لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ولعلَّ هذا لم يكن مشروعًا في عهدِهم أن يُدافِع الإنسان عن نفسِه لأن في شريعتنا مَن أراد قتلك يجب عليك أن تُدافِعَه يجِب حتى لو قتلتَه فهو في النار ولو قتلَك فأنت شهيد، لكن لعله في عهدهم لم يكن ذلك مشروعًا وهو مِن الآصار التي كتبَها الله على مَن قبلنا ونجَّانَا الله منها إني أخاف الله رب العالمين إني أريد أن تبوء إلى آخره المهم على كل حال نقول: مَن سنَّ سُنَّة سيئة فسَنُّه مِن عملِه فيكون وزرُ مَن عمل بها عليه، لأنه هو الذي سَنَّها.
ومن فوائد الآية الكريمة: انتفاء الظلم عن الله عز وجل لقوله: وما ربك بظلام للعبيد وهذه من صفات النفي أو من صفات الإثبات؟ من صفات النفي، وصفات الله تعالى نوعان: صفات إثبات وصفات نفي فصفات الإثبات كثيرة جدًّا وصفات النفي أقَلّ ولكن مع ذلك صفات النفي هي في الحقيقة صفات إثبات، لأنَّ المراد بالنَّفي إثبات ضِدِّ ذلك فمثلًا ما ربُّك بظلام المراد إثْبَات كمَال عدلِه وأنَّ عدلَه لا ظلمَ فيه بوجهٍ من الوجوه، انتبه، إذًا خذ قاعدة عريضة: لا يوجد النفيُ المحضُ في صفاتِ الله أبدًا كلُّ نفيٍ في صفات الله فهو إثبات، إثبات لايش؟ إثبات للنفي ولَّا إثبات لضده؟ إثبات لضدِّه فكأنَّه يقول عز وجل: هو أعدلُ الحاكمين ولا ظلم في حكمِه إطلاقًا واضح؟ طيب وما كان ربك نسِيًّا مِن صفات النفي أو الإثبات؟ من صفات النفي لكن لإثباتِ كمال علمِه وأنه لكمال علمِه لا يرِدُ عليه النسيان إطلاقًا، علْمُنا نحنُ يرِد عليه النسيان وهو أيضًا حاصِلٌ بعد جهل سابق والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا فعلمُنا في الواقع معِيبٌ من وجوه مو من وجهين:
الوجه الأول: أنه مسبوق بجهل، الثاني: أنه ملحُوق بنسيان، الثالث: أنه ليس شاملًا عامًّا.
على كل حال نقول هذا النفي في صفَةِ الله لا يُراد به النفي المحض بل هو إثباتٌ في الواقع إذ أنَّ المراد به؟ أي أنت
الطالب: إثبات كمال ضده
الشيخ : إثبات كمالِ ضدِّه ما ربك بظلام أي أنَّه عدْلٌ لا ظُلْمَ في عدلِه إطلاقًا.
ومِن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات العدْل في أعلَى مقاماته كيف؟ حيث قال: للعبيد أي لِعبيدِه وهذا أبلغ لو قلت لك: أنت لا تظلِم عبيدِك فهو أبلَغ مما لو قلت: أنت لا تظلم الناس ليش؟ لأن عدمَ ظلمك الناس لأنَّه لا سيطرة لك عليهم لكن إذا كنت لا تظلِمُ عبيدك كان هذا أبلَغ في إثبات العدل، إذا كنت لا تظلِم مَن لك سلطة لك عليه فلَأن لا تظلم مَن لا سلطة لك عليه من باب أولى، إذًا فقابل وما ربك بظلام للعبيد بقول القائل: فلانٌ لا يظلِم الناس أيُّهما أبلغ؟ الأول، لأنه إذا كان لا يظلِم عبيدَه مع أنهم عبيدُه يفعل فيهم ما شاء فلأن لا يظلِم غيرَهم -ولكن هذا على سبيل الفرض وإلَّا كُلّ مَن في السماوات والأرض آتي الرحمن عبدًا.
ومن فوائد الآية الكريمة: الردُّ على الجبرية، يقول الجبرية: إنَّ الظلمَ في حق الله محال. وانتفَاء المحال ليس مدحًا أقول لكم الآن: انتفاء المحال ليس مدحًا.
الطالب: .....
الشيخ : لا، ليش؟ لأنَّ المحال لا يمكن وجوده لذاتِه ولو أرادَه الإنسان لم يُوجَد، لأنه محال، لكن انتفاء الممكن إذا كان الانتفاء مدحًا فهو مدْح، هنا ما ربك بظلام هل تفيد الآية أنَّ الظلم في حقه ممكن؟ نعم تُفيد أنه ممكن لكن لكَمال عدلِه لا يمكن، فالظلم ليس محالًا لذاته في حقِّ الله بل هو محالٌ لكمالِ عدل الله، أنتم فاهمين ولَّا لا؟ وبهذا يتحَقَّق المدْح مدح الله تعالى بانتفاء الظلم عنه، أما لو كان شيئا محالًا لا يمكن فالمحال لا يمدح به.
وما ربك بظلام للعبيد نمشي ولَّا انتهى الوقت؟
ومن فوائد الآية الكريمة: أنَّ كل عمل لا إخلاصَ فيه فهو ضرَرٌ على صاحبِه وليس له، لأننا فسَّرْنا العمل الصالح بأنه ما جمع بين شرطين: الإخلاص والمتابعة.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من عمِلَ عملًا بدعيًّا فعملُه عليه لا له، لأنه لا يدخل في العمل الصالح، طيب إخوانَنا! كثيرٌ مِن الذين يعمَلُون بهذه البدع تجدهم يبكُون ويخشعون وتلِين قلوبهم ولهم مِن البكاء ما لا يكون عند المخلِصِين المتَّبعِين فماذا نقول؟ أجيبوا؟ نقول: قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا فلا يخدعَنَّك هذا الشيء الذي يقع منهم، لأنَّ هذا من إغواء الشيطان لهم وغروره إياهم.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا يمكن أن يصِل ثواب العمل الصالح إلى الغير لقوله: فلنفسه وبهذا أخذ أكثر العلماء وقالوا: " إنَّ الميت لا ينتفع إلا بعمَل ولدِه فقط أما غيرُه فلا " يعني لو أنَّك اعتمَرْت لصديق لك مَيِّتٍ أو حيٍّ لا يستطيع العمرة فإن ذلك لا ينفعُه ليش؟ لأن مَن عمل صالحًا فلنفسه لا يتعدَّى غيره وما جاءت به السنة من صيام المرأة نذْرَ شهرٍ على أمِّها أو حَجِّها عن أبيها الذي لا يثبت على الراحلة فهذا إنما وقع مِن الولد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ أطيبَ ما أكلْتُم من كسبِكم وإنَّ أولادكم من كسبِكم فالعمل مِن كسب الأب والأم وهو جُزءٌ من أبيه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: فاطمة بَضْعَةٌ مني يَريبها ما رابني قال ذلك على المنبر وأشار عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث وهو حديث طويل أشار إلى التنديد بعلي بن أبي طالب وأثنَى على أبي العاص بن الربيع زوج ابنتِه زينب وقال: حدثني فصدَقَني ووعدني فوفا لي وانتقد عليًّا، لأنه قيل: إنه أراد أن يتزوج بنت أبي جهل فقام الرسول وخطب الناس وقال: فاطمة بضعة مني يريبها ما رابني وتكلَّم بكلام غليظ لكن الأمر عدَلَ عنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم متأثر هذا التأثر وأنه لا يمكن أن يُجمَع بين بنت نبي الله وبنت عدو الله لأن هذا يكون متحَدَّث الناس، على كل حال نحن نقول إنَّ بعض أهل العلم أخذ بما يفيده ظاهر هذه الآية وقال: لا ينفَع العمل لأي إنسان نويتَه إلَّا مَن الولد، ولكنَّ كثيرًا من العلماء قال: بل إنَّ الذي ينتفع به الميت مِن ولدِه لا مانع أن ينتفع به مِن غيرِه وربما يُستَدَّلُ بذلك بحديث ابن عباس رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سمِع رجلًا يقول: لبيك عن شبرمة قال: مَن شبرمة؟ قال: أخٌ لي أو قريبٌ لي فقال: أخ أو قريب وهو محرِمٌ عنه قالوا: فهذا يدل على أنه يجوز للإنسان أن ينُوبَ عن غيره فيقال: هذه النِّيَابة عن الغير والحجُّ أيضًا يُسَلَّم له، ولكن الذي يظهَر لي أنَّه لا فرْق بين الولد وغيره وبين الحجِّ وغيره لكن الذي ننتقِدُه إسْرافُ الناس الآن في الأعمال للأموات تجدُه يحفُظ القرآن في رمضان عدة مرات ويقول: المرة الأولى لأمي والثانية لأبوي والثالثة لجدتي والرابعة لجدي والخامسة لأخي والسادسة لأختي والسابعة لعمي والثامنة لعمتي ويطلع رمضان ليس له ثواب كله أعطاه الناس هذا غلَط هذا إفراط وليس مِن هدي السلف الصالح، كذلك أيضًا بعض الناس يُسرِف ويخالِف السنة في إسرافِه تجده يذهب يعتمِر أول عمرة له وفي نفس الوقت وهو بمكة ثاني عمرة لأمه وثالث عمرة لأبيه كل يوم عمرة وإذا قدَّرْنا أنه بقي عشرة أيام وله عشرة أقارب: عشر عُمْرات نعم، هذا غلط ليس من هدي السلف والشرع ليس حسب الذَّوق أو ميل النفس أو الهوى الشرع محدد هل ورد عن السلف أنهم يكررون العمرة؟ لا لأنفسهم ولا لغيرهم ما ورد إطلاقًا فأصْل تكرار العمرة في سفر واحد أصله غير مشروع، ولهذا قال عطاء بن أبي رباح وهو عالم مكة في زمنه قال: " لا أدري هؤلاء الذين يخرجون إلى التنعيم أيأثمون أم يسلَمُون " يعني معناه أنه ليس لهم أجر لأنه ما ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عن الصحابة فلذلك يجب عليكم أنتم طلبة العلم أن تُبَيِّنُوا للناس حتى وإن انتقدُوكم، دائمًا نحن نُحذِّر من هذا في الحرم ونقول: هذا غلط وليس بمشروع ثم يأتون يذهبون إلى ناسٍ من الناس ويقول: لا ما يخالف أول يوم لك وثاني يوم لأمك وثالث يوم لأبوك ما يخالف، عَطْه [أعطاه] العالِم كل واحد عمرة وإن كثُرَ أقاربك وقلَّت أيامك في مكة فلا بأس أن تأخُذ عمرتين في يوم ما فيه مانع وإن كثروا أكثَر وقلَّت الأيام أقل اجعل عمرتين في اليوم وعمرتين في الليل، لا إله إلا الله مَن قال هذا؟ لكن المشكلة أن بعض العلماء يتهاونون في هذه الأمور ولا يريحون عباد الله تجده مسكين في أيام موسم الحج يتكلف كَلافًا عظيما في الزحام والمشقة ومع ذلك يُصِرّ على أن يأتي بعمرة لأبيه وأمه مع أنَّ هذا ليس من هدي السلف ويضَيِّق على الناس الناس يضيق بعضهم على بعض فنسأل الله الهداية، طيب إذًا على كل حال قوله: فلنسفه استدل بها بعض العلماء على ايش؟ على أنَّ العمل الصالح لا يتعَدَّى الغير أي لا يتعدَى فاعلَه ونحن نقول: ما جاءت به السنة فهو مخصِّصٌ لهذا والسنة تفَسِّر القرآن وتبَيِّنُه، ثم هل يقاس عليه؟ هذا محل نظر وعندي أنه لا بأس أن يقاس عليه، لأن الذي ورد إنما هو قضايا أعيان، فإذا كان قضايا أعيان وربما نقول: ونقيس على هذه العين ما شابهها لكن الذي يُنكَر هو الإسراف والإفراط.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنَّ مَن أساء فعلى نفسه أساء لا يضُرُّ الله شيئًا ولكن لو قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنَّ مَن سَنَّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة؟ طيب إذًا هذا الإنسان صارت إساءة غيره عليه والله يقول: من أساء فعليها على نفسه فقط فيقال: إن كونَه سَنَّ هذه السيئة هو عملُه الذي تبِعَه الناس عليه ولولا أنَّه فعل ما فعلَه الناس فالناس إنما فعلوا اتباعًا له فيكون هذا في الحقيقة مِن فعلِه، لأنه هو ا لذي سَنَّ هذه السنة السيئة، ولهذا ما مِن إنسان يقتُل نفسًا عمدًا بغير حقّ إلا كان على ابن آدم الأول كِفْلٌ منها عرفتم؟ مَن الذي قتل أول من بني آدم؟ هو قابيل قتل هابيل، قتل هابيل حسدًا بدون إساءةٍ إليه قرَّبَا قربانًا فتقبَّل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل فقال له: لأقتلنك. ليش؟ حسدًا، لأن الله قبِل من صاحبِه ولم يقبل، فأرشده صاحبه أرشده إلى ما يكون به القبول قال: إنما يتقبل الله من المتقين ومعنى الآية حثُّه على أن يتَّقِي وليس المعنى أنه يمدَح نفسه أنه كان مُتَّقِيًا فقُبِل وإنما يحُثّ على التقوى كأنه يقول: اتَّق الله يتقَبَّل منك، ثم قال له: لئن بسطت يدك إلي لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ولعلَّ هذا لم يكن مشروعًا في عهدِهم أن يُدافِع الإنسان عن نفسِه لأن في شريعتنا مَن أراد قتلك يجب عليك أن تُدافِعَه يجِب حتى لو قتلتَه فهو في النار ولو قتلَك فأنت شهيد، لكن لعله في عهدهم لم يكن ذلك مشروعًا وهو مِن الآصار التي كتبَها الله على مَن قبلنا ونجَّانَا الله منها إني أخاف الله رب العالمين إني أريد أن تبوء إلى آخره المهم على كل حال نقول: مَن سنَّ سُنَّة سيئة فسَنُّه مِن عملِه فيكون وزرُ مَن عمل بها عليه، لأنه هو الذي سَنَّها.
ومن فوائد الآية الكريمة: انتفاء الظلم عن الله عز وجل لقوله: وما ربك بظلام للعبيد وهذه من صفات النفي أو من صفات الإثبات؟ من صفات النفي، وصفات الله تعالى نوعان: صفات إثبات وصفات نفي فصفات الإثبات كثيرة جدًّا وصفات النفي أقَلّ ولكن مع ذلك صفات النفي هي في الحقيقة صفات إثبات، لأنَّ المراد بالنَّفي إثبات ضِدِّ ذلك فمثلًا ما ربُّك بظلام المراد إثْبَات كمَال عدلِه وأنَّ عدلَه لا ظلمَ فيه بوجهٍ من الوجوه، انتبه، إذًا خذ قاعدة عريضة: لا يوجد النفيُ المحضُ في صفاتِ الله أبدًا كلُّ نفيٍ في صفات الله فهو إثبات، إثبات لايش؟ إثبات للنفي ولَّا إثبات لضده؟ إثبات لضدِّه فكأنَّه يقول عز وجل: هو أعدلُ الحاكمين ولا ظلم في حكمِه إطلاقًا واضح؟ طيب وما كان ربك نسِيًّا مِن صفات النفي أو الإثبات؟ من صفات النفي لكن لإثباتِ كمال علمِه وأنه لكمال علمِه لا يرِدُ عليه النسيان إطلاقًا، علْمُنا نحنُ يرِد عليه النسيان وهو أيضًا حاصِلٌ بعد جهل سابق والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا فعلمُنا في الواقع معِيبٌ من وجوه مو من وجهين:
الوجه الأول: أنه مسبوق بجهل، الثاني: أنه ملحُوق بنسيان، الثالث: أنه ليس شاملًا عامًّا.
على كل حال نقول هذا النفي في صفَةِ الله لا يُراد به النفي المحض بل هو إثباتٌ في الواقع إذ أنَّ المراد به؟ أي أنت
الطالب: إثبات كمال ضده
الشيخ : إثبات كمالِ ضدِّه ما ربك بظلام أي أنَّه عدْلٌ لا ظُلْمَ في عدلِه إطلاقًا.
ومِن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات العدْل في أعلَى مقاماته كيف؟ حيث قال: للعبيد أي لِعبيدِه وهذا أبلغ لو قلت لك: أنت لا تظلِم عبيدِك فهو أبلَغ مما لو قلت: أنت لا تظلم الناس ليش؟ لأن عدمَ ظلمك الناس لأنَّه لا سيطرة لك عليهم لكن إذا كنت لا تظلِمُ عبيدك كان هذا أبلَغ في إثبات العدل، إذا كنت لا تظلِم مَن لك سلطة لك عليه فلَأن لا تظلم مَن لا سلطة لك عليه من باب أولى، إذًا فقابل وما ربك بظلام للعبيد بقول القائل: فلانٌ لا يظلِم الناس أيُّهما أبلغ؟ الأول، لأنه إذا كان لا يظلِم عبيدَه مع أنهم عبيدُه يفعل فيهم ما شاء فلأن لا يظلِم غيرَهم -ولكن هذا على سبيل الفرض وإلَّا كُلّ مَن في السماوات والأرض آتي الرحمن عبدًا.
ومن فوائد الآية الكريمة: الردُّ على الجبرية، يقول الجبرية: إنَّ الظلمَ في حق الله محال. وانتفَاء المحال ليس مدحًا أقول لكم الآن: انتفاء المحال ليس مدحًا.
الطالب: .....
الشيخ : لا، ليش؟ لأنَّ المحال لا يمكن وجوده لذاتِه ولو أرادَه الإنسان لم يُوجَد، لأنه محال، لكن انتفاء الممكن إذا كان الانتفاء مدحًا فهو مدْح، هنا ما ربك بظلام هل تفيد الآية أنَّ الظلم في حقه ممكن؟ نعم تُفيد أنه ممكن لكن لكَمال عدلِه لا يمكن، فالظلم ليس محالًا لذاته في حقِّ الله بل هو محالٌ لكمالِ عدل الله، أنتم فاهمين ولَّا لا؟ وبهذا يتحَقَّق المدْح مدح الله تعالى بانتفاء الظلم عنه، أما لو كان شيئا محالًا لا يمكن فالمحال لا يمدح به.
وما ربك بظلام للعبيد نمشي ولَّا انتهى الوقت؟
الفتاوى المشابهة
- فوائد قوله تعالى : (( مثل دأب قوم نوح وعاد و... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << قال رب إني ظلمت نفسي ف... - ابن عثيمين
- فوائد الآية : (( يا أيها الناس اتقوا ربكم ال... - ابن عثيمين
- حكم الصلاة في الظلام - ابن باز
- حكم الصلاة في الظلام - ابن باز
- فوائد الآية : (( يوم تجد كل نفسٍ ما عملت من... - ابن عثيمين
- الفوائد - ابن عثيمين
- تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( وما ربك... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (ما يبدل القول لدي وما أنا... - ابن عثيمين
- التعليق على تفسير الجلالين : (( من عمل صالحا... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : (( من عمل صالحا فلنفسه وم... - ابن عثيمين