تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول المصنف : باب من الايمان بالله الصبر... - ابن عثيمينالشيخ : ثم قال : " باب من الإيمان الصبر على أقدار الله " المؤلف رحمه الله خص الصبر، قال: " على أقدار الله ".واعلم أن الصبر معناه الحبس، هذا في اللغة، وم...
العالم
طريقة البحث
شرح قول المصنف : باب من الايمان بالله الصبر على أقدار الله
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ثم قال : " باب من الإيمان الصبر على أقدار الله " المؤلف رحمه الله خص الصبر، قال: " على أقدار الله ".
واعلم أن الصبر معناه الحبس، هذا في اللغة، ومنه: قتل صبرا أي محبوسا مأسورا ... .
أما في الاصطلاح فإنه حبس النفس، وذلك بحبس القلب عن التسخط، واللسان عن النطق والجوارح عن الفعل، والمراد الأفعال المحرمة والأقوال المحرمة والتسخط المحرم، وهو حبس النفس بحبس القلب عن التسخط، واللسان عن النطق، والجوارح عن الفعل، هذا هو الصبر.
وقد قسّم أهل العلم الصبر إلى ثلاثة أقسام، فقالوا: إنه صبر على طاعة الله، وصبر عن معصيته، وصبر على أقداره، قال الله تعالى: إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا فاصبر لحكم ربك هذا يشمل الصبر على الأوامر، لأنه نزل عليه القرآن لأجل أن يبلغه، فيكون مأمورا بالصبر على؟ الطاعة، وقال: وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها هذا أيضا صبر على طاعة الله، وقال تعالى: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه هذا صبر على طاعة الله.
وأما الصبر عن معصية الله فهو أن يكف الإنسان نفسه عن المعصية، مثل صبر يوسف عليه الصلاة والسلام عن إجابة مرأة العزيز، فإن امرأة العزيز دعته إلى نفسها في مكان لها فيها العزة والقوة والسلطة عليه، ومع ذلك صبر، وقال: رب السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين هذا صبر عن المعصية.
والثالث الصبر على أقدار الله، ويدخل في قوله تعالى: فاصبر لحكم ربك فإن حكم الله كوني وقدري، ومنه أيضا قوله تعالى: فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم فإن هذا صبر على تبليغ الرسالة وعلى أذى قومه، ولهذا قال: ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون . طيب، إذن الصبر صار ثلاثة أنواع، أيها أعلى؟ قالوا: إن الأعلى هو الصبر على الطاعة، ثم الصبر عن المعصية، ثم الصبر على الأقدار. وهذا الترتيب ترتيب له من حيث هو، لا باعتبار من يتعلق به، وإلا فقد يكون الصبر عن المعصية أشق على الإنسان من الصبر على الطاعة، إذا فتن الإنسان مثلا بامرأة جميلة تدعوه إلى نفسها في مكان لا يطلع عليه إلا الله، وهو رجل ذو شهوة وشاب، فالصبر عن هذه المعصية شاق ولا لأ؟ من أشق ما يكون، من أشق ما يكون على النفوس، يمكن الإنسان يصلي مئة ركعة أهون عليه من هذا، ولا لأ ؟ لكن من حيث هو لا شك أن الصبر على فعل المأمور أعلى من الصبر على ترك المحذور، والصبر عليهما أعلى من الصبر على المقدور، هذا من حيث هو. كذلك أيضا المقدور قد يصاب الإنسان بمصيبة يكون الصبر عليها أشق من الصبر على الطاعة، ولا لأ؟ قد يموت مثلا له قريب أو صديق أو أحد عزيز عليه جدا فتجده يتحمل من الصبر على هذه المصيبة، يتحمل مشقة عظيمة، وبهذا يندفع الإيراد الذي يورده بعض الناس، ويقول: إن هذا الترتيب فيه نظر، لأن بعض المعاصي الصبر عليها أشق من بعض الطاعات، وكذلك بعض الأقدار الصبر عليها أشق، فنقول: نحن نذكر المراتب بقطع النظر عن الصابر، نذكر المراتب من حيث هي هي.
لماذا كان الصبر على الطاعة أشق؟ لأنه يتضمن إلزاما وفعلا، الصبر يتضمن إلزام وفعل، ولا لأ؟ تلزم نفسك أن تصلي وتصلي، تلزم نفسك أن تحج فتحج، ففيه إلزام وفعل حركة، نوع من التعب والمشقة، ثم الصبر عن المعصية وش اللي فيه؟ كف فقط، إلزام النفس بالكف ما فيه حركة اترك فقط، أما الصبر على الأقدار فليس فيه إلزام، والسبب أنه ليس فيه إلزام لأن هذا شيء ليس في اختيارك، هذا أمر قدر عليك شئت أم أبيت، ما لك فيه تصرف، فإما أن تصبر صبر الكرام، وإما أن تسلو سلو البهائم، فهمتم ولا لأ؟.
صار هذا باعتبار أنواع الصبر من حيث هي، أما باعتبار تحمل الصابر لها فهذا يختلف فيه الناس، يختلفون فيه اختلافا بينا ظاهرا.
الطالب : طيب، مثلا إنسان ما يصير له ... يسهل عليه الطاعة وترك المعصية ولا يشق عليه الصبر ... أو العكس ... ؟

الشيخ : لا، هو يؤجر على قدر المشقة، يؤجر الإنسان على قدر المشقة، مثل ما قال عليه الصلاة والسلام لعائشة: أجرك على قدر نصبك هو يؤجر على قدر المشقة لا شك، فتحمله لهذه المصيبة العظيمة الفادحة لا شك أنها تؤثر على قلبه وربما تمرضه أحيانا، هذه يثاب عليها كثيرا.
طيب، الصبر على أقدار الله ما ذكر المؤلف الصبر على الطاعة ولا عن المعصية.
الصبر على أقدار الله مما يتعلق بتوحيد الربوبية أو بتوحيد الألوهية أو بالأسماء والصفات ؟ يتعلق بتوحيد الربوبية، لأن التدبير للخلق والتقدير عليهم من مقتضيات ربوبية الله عز وجل، فهو يتعلق بتوحيد الربوبية.
وقوله : " على أقدار الله " أقدار جمع قدر، ويطلق القدر على المقدور وعلى فعل القادر، يطلق على المقدور وعلى فعل القادر، حطوا بالكم، فبالنسبة لفعل القادر يجب عليك الرضا والصبر بالنسبة لفعل القادر، ولهذا يقول الإنسان: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا.
وبالنسبة للمقدور الصبر واجب والرضا مستحب، فهمتم؟
الطالب : نعم.

الشيخ : واضح الآن ؟ بالنسبة للقدر الذي هو فعل الله يجب عليك الرضا به، أن ترضى ما هو بس مجرد الصبر، ترضى بتقدير الله لأنه صادر عن حكمة، ولا تكون راض بالله ربا إلا إذا صبرت على قدره الذي هو فعله.
وأما الصبر على المقدور فهذا واجب، والرضا مستحب، وليس بواجب.
مثال ذلك: قدر الله سبحانه وتعالى على سيارتك أن تحترق، عندنا الآن قدر ومقدور، ما هو القدر ؟
الطالب : الاحتراق.

الشيخ : لا، الاحتراق هذا مقدور، القدر كون الله قدر أن تحترق، هذا يجب عليك أن ترضى به، لأنه من تمام الرضا بالله ربا، كيف ترضى به ربا ثم تسخط فعله؟! أما بالنسبة للمقدور الذي هو احتراق السيارة فالصبر واجب، والرضا مستحب، والفرق بينهما: أن الصبر يجد الإنسان من نفسه شيئا من المشقة، ولكن لا يتجاوز الحدود، والرضا يرى أن وقوع هذا الشيء وعدم وقوعه على حد سواء.
طيب، " الصبر على أقدار الله، وقول الله تعالى: ومن يؤمن بالله يهد قلبه ".
وبالنسبة لهذا، المقدور في الحقيقة ينبغي أن نقسمه في الواقع. المقدور قد يكون طاعات، وقد يكون معاصي، وقد يكون أفعال من أفعال الله المحضة، فالطاعات يجب الرضا بها ولا لأ؟ الطاعات يجب الرضا بها، والمعاصي ما يجوز الرضا بها، أي: بالمقدور، لكن بتقدير الله لها يجب الرضا ولا ما يجب؟ نعم، ولهذا قال ابن القيم في نونيته :
" ولذاك نرضى بالقضاء ونسخط المقضي حين يقوم بالعصيان" فأنت إذا نظرت إلى هذا الرجل الذي فعل معصية، إذا نظرت إليه بعين القضاء والقدر ترضى ولا لأ؟
الطالب : نعم.

الشيخ : ترضى، لأن الذي قدر هذا هو الله، وله حكمة ف تقدير ذلك، وإذا نظرت إلى فعله هو وهذه المعصية، فإنك لا يجوز أن ترضى بها، يجب أن لا ترضى بالمعاصي، وهذا مما يزيدكم وضوحا في الفرق بين القدر وبين المقدور.
الطالب : ...

الشيخ : قلنا الأفعال هي الطاعات والمعاصي.

Webiste