تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول المصنف : فأما الفتنة فإن الناس يمتحن... - ابن عثيمينالشيخ : فأما الفتنة فإن الناس يفتنون.والفتنة في اللغة: الاختبار والامتحان، وقد جاءت في القرآن على عدة معاني، وليس هذا موضع البسط فيها، لأنّ الكلام فيما ...
العالم
طريقة البحث
شرح قول المصنف : فأما الفتنة فإن الناس يمتحنون في قبورهم فيقال للرجل :
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : فأما الفتنة فإن الناس يفتنون.
والفتنة في اللغة: الاختبار والامتحان، وقد جاءت في القرآن على عدة معاني، وليس هذا موضع البسط فيها، لأنّ الكلام فيما قال المؤلف فقط.
فالناس يفتنون يمتحنون في قبورهم.
قال المؤلف : " فإن الناس ".
كلمة " الناس" عامة، وظاهر كلام المؤلف أن كل أحد يفتن حتى الصغار والمجانين والشهداء والصالحين والصديقين والأنبياء ولا لا؟ ليش؟ لأن كلمة الناس عامة.
فلننظر فنقول : أما الأنبياء، فلا تشملهم، الأنبياء لا تشملهم الفتنة، لأن الأنبياء أفضل من الشهداء، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشهيد يوقى فتنة القبر، وقال : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة ، لأن هذا الشهيد قد سلم رقبته لعدو الله إعلاء لكلمة الله، وكونه يسلم رقبته يقدمها لعدو الله إعلاء لكلمة الله يدل على صدق إيمانه، ولا على كذب إيمانه؟ على صدق إيمانه، والأنبياء بلا شك أفضل من الشهداء.
ثانيا : أن الأنبياء يسأل الناس عنهم، فيقال : من نبيك؟ فهم مسؤول عنهم، وليسوا مسؤولين عن غيرهم، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : إنه أوحي إلي أنكم تفتنون تفتنون. والخطاب لمن؟ للأمة المرسل إليهم، فلا يكون الرسول داخلاً فيهم. نعم. طيب.
إذن خرج من هذا العموم الأنبياء.
الآن شوف خرج أيضا الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله فإنهم لا يفتنون، لظهور صدق إيمانهم بجهادهم إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ إلى آخره.
وهل نقول : إن مثلهم الصديقون؟ لأن مرتبة الصديقين أعلى من مرتبة الشهداء، فإذا كان الشهداء لا يسألون، فالصديقون من باب أولى، ولأن الصديق على وصفه صدّيق مصدق وصادق، فهو قد علم صدقه، فلا حاجة إلى اختباره، لأن الاختبار إنما يكون لمن؟ لمن يشك فيه، هل هو صادق أو كاذب، أما إذا كان صادقاً وقد علم نجاحه فلا حاجة، هذا أيضا موضع نظر.
رابعا : الصغار والمجانين، هل يفتنون أو لا يفتنون؟
قال بعض العلماء: إنهم يفتنون، لدخولهم في العموم، ولأنهم إذا سقط التكليف عنهم في حال الحياة، فإن حال الممات تخالف حال الحياة، ولا لا؟ هكذا قالوا.
وقال بعض العلماء : إن المجانين والصغار لا يسألون، لأنهم غير مكلفين، غير مكلفين، وإذا كانوا غير مكلفين، فإنه لا حساب عليهم، إذ لا حساب إلا على من كان مكلفاً يعاقب على المعاصي، وهؤلاء لا يعاقبون، وليس لهم إلا الثواب فقط، إن عملوا عملاً صالحاً يثابون عليه.
طيب، كم هؤلاء؟
الطالب : أربعة.

الشيخ : أو خمسة، الأنبياء والشهداء والصديقون والمجانين والصبيان، نعم.
طيب، هل غير هذه الأمة تسأل؟ فيها خلاف.
ذهب بعض العلماء إلى أن غير هذه الأمة لا يسألون، قالوا: لأنه قال : أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم .
وذهب بعض العلماء - وهو الصحيح - إلى أنهم يسألون، لأنهم إذا كانت هذه الأمة - وهي أشرف الأمم - تسأل، فمن دونها من باب أولى.
والمراد بالأمة هنا أمة الدعوة وأمة الإجابة، فالكافر، الكافر من بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام يسأل، لكن كلامنا على المؤمنين في الأمم السابقة، هل يسألون أو لا يسألون؟ الصحيح أنهم يسألون، وأنهم يسألون عن نبيهم الذي بعث إليهم، ما يسأل عن محمد عليه الصلاة والسلام لأنه لم يبعث إليهم.
طيب، قال : " فإن الناس يفتنون في قبورهم فيقال للرجل : ما ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ".
الطالب : من ربك

الشيخ : من؟ ايه أنا عندي ما، والصواب عندكم.
من ربك، وقوله : " فيقال " : من القائل؟ القائل ملكان، ملكان يأتيان إلى الإنسان في قبره، ويجلسانه، ويسألانه، حتى إنه ليسمع قرع نعال المنصرفين عنه، وهما يسألانه، ولهذا كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا دفن الميت، وقف عليه ، وقال : استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت، فإنه الآن - الآن - يسأل . يسأله الملكان.
ما اسم الملكين؟
ورد في بعض الآثار أن اسمهما : منكر ونكير.
وأنكر بعض العلماء هذين الاسمين، قال : كيف يسمى الملائكة وهم الذين وصفهم الله تعالى بأوصاف الثناء بهذين الاسمين المنكرين، منكر ونكير، وضعف الحديث الوارد في ذلك.
وذهب آخرون إلى أن الحديث حجة، وأن هذه التسمية ليس لأنهما منكران من حيث ذواتهما، ولكنهما منكران من حيث إن الميت لا يعرفهما، وليس لهما علم سابق، وقد قال إبراهيم لأضيافه الملائكة : سلام قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ، لأنه لا يعرفهم، فهؤلاء منكر ونكير، لأنهما غير معروفيْن لدى الميت.
ثم هذان الملكان هل هما ملكان جديدان، موكلان بأصحاب القبور أو هما الملكان الكاتبان اللذان عن اليمين وعن الشمال قعيد؟ فيه خلاف.
منهم من قال : إنهما الملكان اللذان يصحبان المرء، فإن لكل إنسان ملكين في الدنيا يكتبان أعماله، وفي القبر يسألانه هذه الأسئلة الثلاثة.
ومنهم من قال : بل هما ملكان آخران، والله عز وجل يقول : وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ، والملائكة خلق كثير، قال النبي عليه الصلاة والسلام : أطت السماء، وحق لها أن تئط والأطيط : صرير الرحل، صرير الرحل، البعير إذا كانت عليها رحل محملة تسمع للرحل صريرا ما من موضع شبر - أو قال : أربع أصابع - إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد . والسماء كما قال الله عز وجل : وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ . السماء واسعة الأرجاء، يعني لا تنسب أو لا تنسب الأرض إليها أبدا، موضع أربعة أصابع أو شبر فيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد، ولهذا يدخلون البيت المعمور يدخل منهم كل يوم سبعون ألفا كل يوم، ولا يعودون إليه آخر ما عليهم. نعم. من يحصيهم بهذه الكثرة العظيمة؟ إذا كان سبعين ألف، في الأسبوع كم يكون؟
الطالب : ... .

الشيخ : أربعمائة وتسعين ألف، أربعمائة وتسعين ألف في أسبوع واحد، يعني قريب من نصف مليون، ها، هذه في سبعة أيام فقط.
فالمهم أنه لا غرابة أن ينشيء الله عز وجل لكل مدفون ملكين يرسلهما إليه، والله على كل شيء قدير.
الطالب : ... .

الشيخ : عندنا يفتنون .. هذا الأخير أظن.

Webiste