تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث : ( ... عن فاطمة بنت قيس أن أبا ع... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيمهذا الحديث فيه مباحث: الأول قوله  طلقها البتة  أي طلاقا هو البتة يعني آخر ثلاث تطليقات، وليس المعنى أنه قال أنت طالق البتة...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث : ( ... عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله ما لك علينا من شيء فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ... ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الحديث فيه مباحث: الأول قوله طلقها البتة أي طلاقا هو البتة يعني آخر ثلاث تطليقات، وليس المعنى أنه قال أنت طالق البتة لأنه لو قال أنت طالق البتة فالصواب أنه يقع واحدة ولا يقع بائنا وذلك لأن البينونة وعدم البينونة ليس إلى الإنسان ولكنه إلى الله عز وجل، فليس كل من أراد أن يطلق يقول هو طلاق بتة ابدا ، طلاق البتة هو ما جعله الله تعالى طلاق بتة وعلى هذا يكون معنى طلقا البتة أي آخر ثلاث تطليقات.
ومن فوائد هذا الحديث جواز طلاق الغائب وأنه لا يشترط في الطلاق أن يواجه المرأة به فلو طلقها وهو غائب بكتابة أو بشهود أو غير ذلك وقع الطلاق. ومنها جواز التوكيل في الإنفاق على الأهل لقوله فأرسل إليها وكيله إلى آخره.
ومن فوائد هذا الحديث أن المرأة إذا اعطيت نفقة دون ما يجب لها فلها أن تردها وأن تطلب النفقة الملائمة لها، وكيف تكون الملائمة؟ هل المعتبر حال الزوج أو حال الزوجة أو حالهما؟ في هذا للعلماء ثلاثة أقوال: القول الأول أن المعتبر حال الزوج فالغني يجب عليه نفقة غني وإن كانت زوجته من الفقراء، والفقير لا يلزمه نفة غني وإن كانت زوجته من الأغنياء، والقول الثاني أن المعتبر حال الزوجة فالفقير تلزمه نفقة غني إذا كانت زوجته غنية والغني تلزمه نفقة غني اذا كانت زوجنه فقيرة، وقيل المعتبر حالهما، فعلى الغني مع الغنية نفقة غني، وعلى الفقير مع الفقيرة نفقة فقير، وعلى الغني مع الفقيرة الوسط والعكس كذلك الوسط، والصحيح الذي دل عليه القران أن المعتبر حال الزوج لقوله تعالى لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ، لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها .
ومن فوائد هذا الحديث جواز القسم دون استقسام، لقول الوكيل " فقال والله ما لك علينا من شيء ".
ومن فوائد هذا الحديث أن المرجع الى الله ورسوله لأن المرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك.
ومنها أن المبتوتة وهذا الشاهد ليس لها نفقة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ليس لك عليه نفقة فإن قال قائل هذا يقتضي أن لا نفقة للمبتوتة مطلقا ولو حاملا، فالجواب ليس كذلك، لأن هذا يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان عالما بحالها وأنها غير حامل لأن الله تعالى يقول وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن .
ومنها جواز افتاء المفتي بما يعلم من حال المستفتي بدون استفصال، لأن الاستفصال مع العلم بالحال وعدم التغير لا يحتاج إليه تطويل بلا فائدة، أما القاضي فلا يحكم بعلمه، القاضي لا يحكم بعلمه يعني لو تخاصم رجلان عند القاضي والقاضي يعلم أن زيدا له الحق على عمرو فإنه لا يحكم له بذلك، ادعى زيد على عمرو عند القاضي أنه اقترض منه ألف درهم والقاضي يعلم هذا فهل يحكم لزيد على عمرو بألف عند المخاصمة؟ لا، لا يحكم، طيب، الآن ستتوجه الدعوة على المدعى عليه وإذا حلف انتهت الخصومة، فماذا يصنع القاضي في هذه الحال؟ قال العلماء في هذه الحال يحول المسألة إلى قاض آخر ويكون هو شاهدا، واذا شهد مع يمين المدعي حكم له، طيب، أما المفتي فله أن يفتي بعلمه، ولذلك تجوز الفتوى على الغائب ولا يجوز الحكم على الغائب، نعم.
ومن فوائد هذا الحديث أن البائن لا يلزمها أن تعتد في بيت زوجها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد في بيت من؟ في بيت أم شريك، طيب، فلو أن رجلا طلق امرأته ثلاثا يعني آخر طلاق فلا يلزمها أن تبقى في البيت تذهب إلى أهلها ولا بأس، أما الرجعية فيلزمها أن تبقى في البيت، إذا طلق الإنسان زوجته طلاقا رجعيا لزمها أن تبقى في البيت ولا تخرج لقول الله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن .
ومن فوائد الحديث جواز دخول الرجال على المرأة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم تلك امرأة يغشاها أصحابي يعني يأتون إليها كثيرا ولكن يشترط أن لا يخلو الرجل بها وهو من غير محارمها، من أين شرطنا هذا؟ من نصوص آخرى لأن الشريعة يكمل بعضها بعضا.
ومن فوائد هذا الحديث أنه لا يجب على المرأة أن تحتجب عن الأعمى لقوله صلى الله عليه وسلم اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده ، وعلى هذا إذا كان لا يجب عليها أن لا تحتجب منه فيجوز لها أن تنظر إليه، وهو كذلك، فيتفرع على هذه الفائدة فائدة اخرى وهي أن المرأة يجوز لها أن تنظر إلى الرجل، إلى وجهه، إلى رأسه، إلى كفه، الى ذراعه إلى ساقه الى قدمه، يجوز لها أن ترى هذا إلا إذا كان نظرها نظر شهوة أو نظر متعة فلا يجوز لقوله تعالى وقل للمؤمنات أن يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن .
ومن فوائد هذا الحديث أنه يجوز للرجل أن يقول للمعتدة إذا فرغت من العدة فأخبريني، وهذا نوع من التعريض في الخطبة بكسر الخاء، فيجوز للمعتدة البائن يجوز في حقها أن تخطب تعريضا لا تصريحا ويدل لهذا قوله تعالى ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم ، فأما الرجعية فإنه لا يجوز لأحد خطبتها لا تصريحا ولا تعريضا، والبائن قلنا يجوز أن تخطب تعريضا لا تصريحا ويجوز لمن تحل له أن يخطبها تصريحا وتعريضا يعني البائن، من الذي تحل له؟ زوجها، يجوز أن يخطبها تصريحا وتعريضا، مثال ذلك، رجل طلق امرأته أول مرة على غير علم، فهل يجوز لغيره أن يخطبها؟ لا يجوز لا تصريحا ولا تعريضا لأنها زوجة، المثال الثاني، رجل مات عن زوجته وهي في داره، يجوز لغيره أن يخطبها تعريضا لا تصريحا فيقول مثلا والله أنت امرأة طيبة، حبيبة، وأنا أرغب في مثلك هذا تعريض، أو يقول إذا فرغت العدة فأعلميني، هذا أيضا تعريض، ومثال البائن التي لا تحل لزوجها أن يطلقها على عوض، فالمرأة إذا طلقها زوجها على عوض لا يملك رجعتها، لأن هذا العوض كشراء نفسها من زوجها ولهذا سماه الله فداء، فإذا كانت اشترت نفسها من زوجها ملكت نفسها، فيجوز لزوجها أن يخطبها تصريحا وتعريضا وأن يعقد عليها النكاح.
ومن فوائد هذا الحديث أنه يجوز أن يتوارد على المرأة خاطبان فأكثر لأن فاطمة رضى الله عنها توارد عليها ثلاثة من؟ معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم وأسامة بن زيد، فإن قال قائل أليس من المعلوم أنه لا يجوز أن يخطب الإنسان على خطبة أخيه؟ قلنا بلى، ولكن هؤلاء خطب بعضهم هذه المرأة وهو لا يعلم أنها مخطوبة، أو أنه لا يعلم بالنهي، أما أن يكونوا قد علموا بالنهي وعلموا أنها مخطوبة فهذا لا يقع في الصحابة لمن علم حالهم، فإن علم الإنسان بأنها مخطوبة فإنه لا يحل له أن يتقدم إليها، إذا قبلوه فالأمر واضح أنه لا يجوز، وإن جهل هل قبلوه أم لا فهو لا يجوز أيضا، لأنهم قد يكونوا على وشك القبول فإذا خطبها الثاني عدلوا وهذا يشبه السوم على سوم أخيه، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وإن علم أنهم ردوه يجوز أن يخطب على خطبة أخيه؟ نعم يجوز.
ومن فوائد هذا الحديث جواز ذكر الإنسان بما يكره إذا كان هذا من باب النصيحة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر معاوية وأبا جهم بما لا يحبا أن يذكرا به فبماذا عاب معاوية؟ زكي؟ أنه فقير صعلوك لا مال له، وعاب أبا جهم بأنه لا يضع العصا عن عاتقه، فما معنى لا يضع العصى عن عاتقه؟ قيل معناه أنه كثير الأسفار، والمرأة لا تريد زوجا كثير الأسفار وإنما تريد زوجا يكون عندها، وقيل معناه أنه ضراب للنساء وجاء ذلك في رواية أنه يضرب النساء، فيستفاد من هذا الحديث جواز مراعاة مال الخاطب وأنه يجوز أن يرد إذا كان فقيرا وعلى هذا يكون قوله صلى الله عليه وسلم إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه أمر بمن يرضى دينه وخلقه لكن جاء في نصوص أخرى بأنه إذا كان فقيرا فلا حرج أن يعدل عنه لأن المرأة تريد راحة تريد نفقة، فإذا ردت هذا الرجل لأنه فقير فلا حرج عليها ولا تأثم بذلك.
وكذلك أيضا من فوائده أنه لا بأس أن يرد الخاطب إذا علم أنه كثير الأسفار، واضح؟ وإذا علم أنه ضراب للنساء دخل في الخُلق اذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه من يرضى خلق إنسان عصاه على عاتقه على نسوته؟ لا أحد يرضى بهذا، نعم.
ذكرنا أن من فوائد هذا الحديث جواز ذكر الإنسان بما يكره إذا كان على سبيل النصيحة، طيب، فإن كان على سبيل القدح فيه؟ فإنه لا يجوز لأن هذه هي الغيبة وإن لم يكن لا هذا ولا هذا فإنه أيضا لا يجوز لعموم قوله ذكرك أخاك بما يكره .
ومن فوائد هذا الحديث بيان أن الله تعالى هو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض فهذا الرجل الصعلوك معاوية، ماذا كانت حاله فيما بعد؟ كان خليفة، أمير المؤمنين من مشارق الأرض إلى مغاربها، مما يدل على أن الأمر بيد الله فكم من فقير صار غنيا وكم من غني صار فقيرا .
ومن فوائد هذا الحديث الإشارة عند المشاورة إلى من يكون أحسن، وهذا واجب، فكل من استشارك في أمر فإنه يجب عليك أن تنظر ما هو الأصلح لحاله، وهنا نقول قد تشير على شخص بشيء وتشير على آخر بخلافه، لو جاءنا رجل ضعيف البنية ضعيف العزيمة لكنه قوي الحافظة قوي الفهم فقال ما ترون اطلب العلم أم أقاتل؟ ما نقول؟ الأول نقول اطلب العلم، وجاءنا رجل قوي شجاع بطل لكنه بليد إن أراد الحفظ لم يحفظ وإن حفظ لم يفهم فماذا نقول له أيهما أفضل الجهاد أم العلم؟ الجهاد. رجلان استشاراك في الجهاد أو العلم فأشرت على أحدهما بالعلم وعلى الثاني بالجهاد لأن لكل مقام مقالا، كذلك ربما يستشيرك إنسان، يقول: هذه امرأة معاها دكتوراه جيدة في فقه الشريعة الإسلامية هل تنصحني أن أتزوجها؟ أقول له لا، أتاني آخر يستشيرني فيها أقول نعم. لماذا؟ لأن الأول ما يعرف أ ب ت ث يعني ما يعرف الألف من الباء وهذه دكتورة ولو تزوجها لاستعلت عليه وآذته، والثاني رجل دكتور معه شهادة دكتوراه في العلوم الإسلامية وغير الإسلامية، نشير عليه أو لا؟ نعم نشير عليه، المهم على كل حال المشورة يجب على الإنسان الذي استشير أن ينظر الى حال من استشاره ما الذي يصلح له، نعم.
ومن فوائد هذا الحديث أن الإنسان فيما يتعلق بحاله وقدرته لا يلام إذا خالف المشورة لأن فاطمة حين أشار عليها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنكح أسامة، كرهته، ليش؟ لأن فاطمة بنت قيس من صميم العرب وأسامة بن زيد مولى من الموالي فكرهته ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال انكحي أسامة مرة أخرى فنكحته فجعل الله فيه خيرا واغتبطت به.
ومن فوائد هذا الحديث بركة استشارة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القضية وفي غيرها أيضا، نعم.

Webiste