تم نسخ النصتم نسخ العنوان
حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا المغيرة بن عبد الر... - ابن عثيمينالقارئ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ ...
العالم
طريقة البحث
حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ يَعْصِنِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي .

الشيخ : طاعة الأمير طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم : المقصود الذي أمره الرسول صلى الله عليه وسلم، لا كل أمير. فمثلاً الأمراء بعد الرسول عليه الصلاة والسلام إمرتهم ليست من الرسول نفسه، فالحديث هنا يقول : من أطاع الأمير: يعني الذي أمّرته، فقد أطاعني لأنه أميري، ووكيلي، وله الولاية عني، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله.
هنا مثلاً نقول من أطاع الأمير في وقتنا هذا فقد أطاع الله، لأن الله قال : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فهؤلاء ثلاثة كلهم مُطاعون، الله، والرسول، وأولوا الأمر ، ولكن الله تعالى لم يذكر لطاعة أولي الأمر بالعامل، بل جعلها معطوفة على ما سبق، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر، لأن طاعة أولي الأمر ليس مستقلة، بل تابعة، ولولا ان الله فرض علينا طاعتهم ما أطعناهم، لكن نطيعهم لأن الله فرض ذلك، وفي عدم إعادة العامل دليل على أن طاعتهم ليست مستقلة .
وأوامر أولياء الأمور تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول : أن يأمر بما أمر الله به. واقسم الثاني : أن يأمروا بما نهى الله عنه، والقسم الثالث : أن يأمر بما لا أمر فيه ولا نهي.
فالقسم الأول طاعتهم فيه من وجهين : الأول : أنهم قد أمروا به من قبل الله ، كأن يأمروا بصلاة الجماعة مثلاً، أو يأمروا بالزكاة، أو الصيام ، وما أشبه ذلك. فهنا طاعتهم طاعة لله عز وجل من وجهين، الأول : أن الله أمر بذلك استقلالاً والثاني : أنه أمر بطاعة ولاة الأمور فيه. وأما إذا أمروا بطاعة بما نهى الله عنه فإنه لا طاعة لهم، لأنهم عبيد لله ونحن عبيد لله، وإذا كانوا عبيداً لله فلا يجوز لهم أن يخرجوا عن طاعته، وإذا خرجوا عن طاعته ساغ لنا أن نخرج عن طاعتهم، لأننا لهم تبع، فهؤلاء لا يطاعون.
فلو قالوا مثلاً : لا يمكن أن تعمل إلا إذا حلقت لحيتك، احلق لحيتك، يجوز أن أحلقها؟ لا يجوز. اذا قالوا أرخ الثوب إلى الكعب، لا نطيعهم، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
القسم الثالث : أن يأمروا بشيء لم يتعلق به أمر ولا نهي بذاته، فهنا : طاعتهم واجبة ولا عبرة بقول من يقول ليست بواجبة لأن هذا نظام، نقول وإذا كان نظاماً فإنا مأمورون بطاعتهم، ولو نابذناهم لاختلّ النظام وصار كل إنسان يعمل برأيه، ولكان لا فائدة من الخلافة والإمارة، فتجب الطاعة في ذلك حتى وإن لم يكن منصوصاً على الأمر به لذاته، وهذا هو محك الخلاف بين المتّبعين للسلف والمتّبعين للخوارج، المتبعون للخوارج يقولون : لا طاعة له هذا نظام ولا نقبل، حتى ربما إنهم ليكفّرون الحاكم والمطيع له، ويقولون هذا لم يحكم به الله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الطافرون، سبحان الله! هذا قد حكم الله به بعينه أم بجنسه؟ بجسنه، كل ما أمر به ولي الأمر يجب طاعته إلا المعصية فهذه أقسام نحو أمر ولاة الأمر ثلاثة.
ثم إن الأمر قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل، وقد يكون بالإشارة، فبالقول : أن يقول ولي الأمر للشخص : قُم يلزمه أن يقوم ، وبالإشارة : أن يشير إليه، فيلزمه أن يقوم، ولهذا لما أشار النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة للقوم الذين صلوا قياماً وهو قاعد جلسوا، وفي فتح مكة وذكر الأنصار أوباش قريش قال بيده هكذا يعني الذبح، الثالث : الإشارة يعني أن يضع علامة على الأمر وعلامة على النهي ، ومن ذلك : إشارات المرور، إشارات المرور هي علامات، قال ولي الأمر : إذا أبان النور الأحمر فقف، ولا يجوز أن تتجاوز، حتى لو فُرض أن الخط ليس فيه أحداً أبدا، وإذا كان أخضر امش، وإذا كان أصفر فترفّق، حسب ما يقتضيه النظام.
والعجب أن قومنا وهم مُسلمون لا يمتثلون بهذا إلا النادر، يعني منهم من لا يمتثل ويقول : ما دام الخط فارغ لماذا أقف؟ وهذا غلط قف الآن قيل لك قف فقف .
طيب لو أمر ولي الأمر بإحراق مالك قال : أحرق مالك وأنا أرى هل يطاع أو لا ؟، فيه تفصيل: إذا كان هذا تعزيراً بمعنى أن هذا المأمور يستحق أن يُعزر بماله فيلزمه أن يطيع، لأن هذا سائغ لولي الأمر، وإن كان لإفساده فلا يجوز لأن إضاعة المال حرام، لكن لو قال إما أن تحرقه وإلا قتلتك أو حبستك أو ما أشبه ذلك مما يضره، فهنا يحرقه دفعا عن نفسه.
فالمهم أن امتثال أوامر أولياء الأمور هو الذي يحفظ الأمن، ويحفظ الأمة من الفوضى، ويعتقد الإنسان أن له اميراً، لأن من مات وليس في رقبته بيعة مات ميتة جاهلية والعياذ بالله ، ليست ميتة إسلامية.
والبيعة تقتضي الطاعة، وهل يُشترط لطاعة ولي الأمر ألا يكون عاصياً؟ الجواب لا يشترط، حتى لو كان خمّاراً ، وكان مُبتلىً بالأغاني مثلاً وكان ظالماً للناس في أكل الأموال مثلا فإن طاعته واجبة، لأن شرط جواز المخالفة ألا يأمر بالمعصية، وظن بعض السفهاء الذين فيهم رائحة من الخوارج : أن شرط ذلك ألا يكون عاصياّ، فإن كان عاصياً فلا طاعة له، سبحان الله! أين يوجد من ليس عاصياً، لا يوجد من زمان هذا، وكان الخلفاء يطيعهم الأئمة أئمة المسلمين، يطيعونهم وهم يعرفون معصيتهم ، و إصرارهم على المعاصي، على الأغاني، على السّكر بل على ما هو أشد من هذا على العقيدة، والخروج عن عقيدة السلف، ومع ذلك يطيعونهم، ولا يعصونهم بل يدعون الله لهم، ويخاطبونهم مخاطبة أمير المؤمنين، والأمن مستتب، لكن مع ذلك على ولي الأمر ان يقوم بما أمره الله به من السعي في الأمة بما فيه مصلحة الأمة، وألا يحابي أحداً في إسقاط واجب أو في فعْل محرّم أو في تنزيله منزلة لا يستحقها هذا الواجب، لكن لو أخلَّ ولي الأمر بواجبه فنحن علينا واجب، نقوم بواجبنا ونسأل الله الذي لنا والذي عليه إلى الله عز وجل.

Webiste