تم نسخ النصتم نسخ العنوان
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن... - ابن عثيمينالقارئ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، ع...
العالم
طريقة البحث
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس عن يحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر عن عبادة بن الوليد بن عبادة عن أبيه عن جده قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ : بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ .

الشيخ : هذه أمور عظيمة بايعوا عليها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ السمع يعني لولاة الأمر والطاعة لهم في كل الأحوال، في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وهذه في محل تعلّق النفوس، الأثرة : يعني استئثار بحيث يكون مَن عند الأمير ومن له الأمر عندهم القصور والسيارات، وغير ذلك ما يستأثر به على الناس فعلينا أن نسمع ونطيع، وما حصل منهم من استئثار فعلى نفسه، كما أنه علينا أن نسمع ونطيع ولو كان يشرب الخمر، يسرق، ويزني، لأنه ليس من شرط وجوب الطاعة أن يكون الأمير معصوماً من المعاصي، معصيته على نفسه وعلينا السمع والطاعة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : يُصلّون لكم ، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن فلكم وعليهم .
كذلك قال : وألا ننازع الأمر أهله فمن أهله، هل أهله من يشترط فيهم الشروط الابتدائية، بأن يكون من قريش وأن يكون قادراً وأن يكون كذا وكذا، أو المراد بالأهل من تأهل لهذا المنصب، ولو لم تتم فيه الشروط التي تشترط في الابتداء؟ الجواب هو الثاني، فأهله هم الذين استولوا على البلاد على أي حجال كان ومن أي نسب كانوا، وعلى أي حال كانوا، يقول : وأن نقول بالحق أينما كنا ، في كل مكان، علينا أن نقول بالحق، إن سئلنا عنه بيّناه، وإن دعت الضرورة لبيانه بيّنّاه، لأن الأول سؤال باللسان، والثاني سؤال بالحال، لكن قد يكون من الخير أن يؤجل الإنسان بيان الحق كما فعل معاذ بن جبل رضي الله عنه : حق العباد على الله ألا يُعذّب من لا يُشرك به شيئاً ، ولكن أن يكتم ما عنده من الحق حتى موت لا يجوز، لا بد له أن يُبين الحق.
وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ : حتى لو لامونا على الحق فإنه لا يهمّنا، لكن لو عُذبَ على الحق فهل له أن يتأول ويكتم الحق على وجه صريح أو ماذا؟ هذا فيه تفصيل : إن كان كتمانه للحق يؤدي إلى موت الحق، لأنه لا يقوم به أحد فهذا لا يجوز، بل يجب أن يبين الحق ولو قُتل، لأن بيان الحق حينئذ من الجهاد في سبيل الله، وإن كان الأمر خلاف ذلك بمعنى : أنهّ إذا كتم الحق فإنه يجد من يبينه فإن هذا إذا أكْره على كتم الحق لا شيء عليه.
ولهذا لمّا أكْرهَ الناس في عهد الإمام أحمد رحمه الله في فتنة خلق القرآن، كثير من العلماء تأول رحمهم الله، وصاروا يعدون بأصابعهم، فيقولون مثلاً : التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى: كل هذه مخلوقة، كل هذه مخلوقة، ويش يعنون يعنون الأصابع، متأولين، خوفاً من القتل، أو الحبس أو التعذيب، ولما جاء الدور على الإمام أحمد رحمه الله، لم يتأوّل، لأنه لو تأول مات الحق، فالناس ينتظرون ماذا يقول هذا الإمام، فصرّح بالقول بأن القرآن كلام الله ، وأنه منزّلٌ غير مخلوق، وعذّب على ذلك كما هو مشهور.
فهذا فيه التفصيل : إذا كان يترتب علي بيان الحق فليبيّنه ولو قُتل. وانظر إلى قصة الغلام عند الملك الظالم الذي كان يدعو إلى الشرك والغلام يدعو إلى التوحيد، فضايقَ الملك، ورماه في البحر ورماه من فوق الجبال ولكنه يرجع ينجيه الله عز وجل، فقال له الغلام : إن كنت تريد أن تقتلني فاجمع الناس وخُذ سهماً من كنانتي وارم به وقُل : بسم رب الغلام ففعل الملك، لأنه يريد أن يتخلّص منه بأي سبيل، فجمع الناس، وأخذ سهما من كنانته ورمى به وقال : بسم ربّ الغلام، فأصابه السّهم ومات، فضَجَّ الناس كلهم يقولون : الرّب ربّ الغلام، لأن هذا الملك عجز عنه بسلطانه وقوته أن يقتله، ولمّا سمّى برب هذا الغلام قتله، فقالو إذن الأمر لرب الغلام هو الذي له السلطان فهذا الآن اختار أن يقتل نفسه لإظهار الحق، وكذلك الإمام أحمد وغيره من العلماء الذين خافوا إذا تأولوا كما تأول غيرهم أن يضيع الحق، قالوا بالحق وصبروا على ما كُذّبوا وأوذوا.

Webiste