قال المصنف :" لا يجب الحد إلا على بالغ عاقل ملتزم عالم بالتحريم "
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : هل الحد واجب تنفيذه أم لا؟
يقول المؤلف " لا يجب الحد إلا على بالغ " وليت المؤلف قال يجب الحد على كل بالغ، نعم، لأن الإيجاب أحسن من النفي، لأن قوله لا يجب الحد إلا على كذا كأن الأصل عدم وجوب الحد، لكن لو قال يجب الحد على كلّ بالغ عاقل ملتزم عالم بالتحريم صار أفضل، لأنّ الحدّ إقامته واجبة بالكتاب وبالسنة وبالإجماع، قال الله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ، والأمر للوجوب، نكالا من الله حتى لا يجترأ أحد على السّرقة بعد ذلك، والله عزيز حكيم ختمها بالعزّة حتّى يكون له السّلطان عزّ وجلّ، حكيم حتى لا يقال هذا سفه، ليش تقطع يده عشان ربع دينار؟! تقطع يد عشان ربع دينار؟! ولو قطعها جان لكان خمسمائة دينار يسلم خمسمائة دينار، أو لا يا عبد الرحمن؟
السائل : نعم.
الشيخ : إذا سرقت قطعت في ربع دينار، وإن قطعت في الجناية سلم خمسمائة دينار، نعم، حماية للأموال في قطعها في ربع دينار، وحماية للنفوس في وجوب خمسمائة دينار في قطعها، نعم، طيب الحد واجب، وقال تعالى والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إياك أن تقول ارحم هذا، تجلده مائة جلدة، شيخ كبير تجلده مائة جلدة، ترى هو ما تزوج، لو تزوج الحجارة، لكن ما تزوج، شيخ كبير تجلده مائة جلدة، ارحمه يا ابن الحلال، أقول ما أرحمه لأنه من هو أرحم مني أمرني بجلده ونهاني أن أرأف به ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، طيب اجلده في البيت، أخفى، ما ... أحد، ولا بالمركز ما يطلع أحد ، قال لا وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين والذي شرع هذه الحدود الله، وهو أرحم من الخلق من الوالدة بولدها، لأنّ في إقامة الحدود مصالح عظيمة لا تحصى، فيها ردع، وفيها تطهير، يقول بعض الملحدين والزنادقة إننا لو قطعنا يد السارق لأصبح نصف الشعب مقطوعا ... يجونك هالعالم يمر بك عشرة خمسة منهم ... ، وين المصانع؟ وين الحرث؟ وين الزرع؟ وين التحميل؟ ليس له إلا يد يسرى. ما هو طيب، إيش نقول له؟ معنى ذلك أنه أقر الرجل أن نصف شعبه سراق حرامية، ولو أنه قطع واحد من هؤلاء لارتدع الآخرين ولا صارت سرقة، لكن ابن آدم لقصور نظره ينظر إلى الحاضر ولا ينظر إلى المستقبل.
ذكرنا دليلين من القرآن على وجوب الحد، وقال تعالى في قطّاع الطريق إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف إنما يعني ما جزاؤهم إلا هذا، لأن إنما أداة حصر، وقال عمر رضي الله عنه وهو يخطب الناس على منبر الرسول عليه الصلاة والسلام وإني أخشى إن طال بالناس زمان أن يقولوا لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وعمر رضي الله عنه أنكر عليه الناس؟ أبدا أقروه بأنها فريضة من فرائض الله يجب أن تنفذ، ولكن فيه إنسان كريم، وشريف، وطيب، ومن حمولة طيبة سولت له نفسه أن يسرق ربع دينار، وثبت عليه ذلك، والرجل طيب وكريم وخير ومن حمولة طيبة رفيعة، إيش تقولون في هذا؟
السائل : تقطع.
الشيخ : انتظروا، وصلت السلطان، لكن جاءه أناس ... وقالوا هذا رجل طيب وكريم ومن حمولة طيبة، وكيف يفتح للناس إذا جاءه الضيوف؟ كيف يفتح الباب؟ نقول يفتح باليسرى ما فيه مشكلة، يقال هذا يقام عليه الحد، على الشريف وعلى الوضيع وعلى الغني وعلى الفقير والذكر والأنثى والحر والعبد، لا فرق لأن الله عز وجل لم يفرق والسارق والسارقة ما دام سرق هذا جزاؤه، بل لو قال قائل إن سرقة هذا الشريف لولا أن الله حد حدا لقلنا تقطع يده الأخرى لأنه شريف، تدنسه بالسرقة أعظم من تدنس الوضيع، أليس كذلك؟
السائل : بلى.
الشيخ : أي نعم، ولهذا مرّ علينا في ... أن زنى الأشيمط واستكبار الفقير أشد من زنى الشاب ومن استكبار الغني، هذا الرجل شريف ومن حمولة شريفة كيف يسرق؟! أو كيف يزني مثلا، إذن لا فرق بين الغني والفقير، والصغير والكبير؟ لا، انتبه لكلام المصنف ... أولا أن يكون بالغا فلا يجب الحد على من دون البلوغ، والبلوغ يحصل بواحد من أمور ثلاثة، إما بإنزال المني، وإما بإنبات العانة، وإما بتمام خمسة عشرة سنة، وقد سبق معنا أدلة ذلك في باب الحجر، فإذا بلغ الإنسان فإنه ينظر في بقية الشروط حتى يقام عليه الحد، وأمّا من دون البلوغ فلا حدّ عليه ولو زنى أو سرق لحديث رفع القلم عن ثلاثة هذا دليل، والتعليل لأنّه ليس أهلا للعقوبة لعدم صحّة القصد التامّ منه، لأنّه ناقص في التصوّر وناقص في التّصرّف، ولهذا منع الله من إتيانهم أموالهم بأنفسهم حتّى لا يضيّعوها، ولكن لا يعني ذلك أنّ الصغير لا يعزر، بل يعزر والتعزير غير الحد، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر فأمر بضربهم قبل البلوغ، فالتّعزير شيء وإقامة الحد شيء آخر، وعلى هذا فلو أنّ صغيرا فعل الفاحشة ما نقول هذا لا يجب عليه الحد اتركوه بل لابد أن يعزر بما يردعه وأمثاله عن هذه الفعلة، وكذلك أيضا لو سرق ما يترك بل لو أفسد شيئا دون ذلك فإنه لا يترك بدون تعزير، فالتعزير شيء والحد شيء آخر، عاقل ضدّه المجنون فالمجنون لا يجب عليه الحد لحديث رفع القلم عن ثلاثة ، ولأنّه ليس له قصد تام يعرف به ما ينفعه وما يضره فيقدم أو يحجم، وهل يعزّر؟
السائل : لا.
الشيخ : ليش؟
السائل : لا ينتفع.
الشيخ : لأنه لو عزر ما انتفع، إذن نتركه يفسد أموال الناس يحرق الدكانين، يكسر البطيخ، أو ماذا نصنع؟
نعم، لا بد أن يمنع ولو بالحبس إمّا عند وليه أو في الحبس العام، المهم أنه لا يترك والفساد لأن الله عز وجل يقول والله لا يحب المفسدين ، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ، فالذي لا يحبه الله لا يجوز لنا أن نمكن منه أبدا، كل فساد سواء للدين أو للدنيا فإنه يجب على ولاة الأمور ومن قدر من غير ولاة الأمور أن يمنع منه لأن الله لا يحبه، فإذا كان لا يحبه الله كيف نمكن منه؟! إذن المجنون لا يقام عليه الحد، ولا يعزر، أو نقول يعزر بما يكف شره؟
الطلاب : ... .
الشيخ : هذا هو، لأن حبس هذا المجنون الذي يريد أن تكون له الحرية الكاملة في تصرفه ... طيب، قال ملتزم يعني ملتزم لأحكام الإسلام سواء كان مسلما أو كافرا، فمن هو الملتزم؟ الملتزم هو المسلم والذّمي فقط، وهذا غير المعصوم، المعصوم تقدم لنا أنهم أربعة أصناف: المسلم، والذمي، والمعاهد، والمستأمن، لكن الملتزم صنفان فقط: المسلم، والذمي، لأنّ الذمي ملتزم بأحكام الإسلام لكنه لا يقام عليه الحد إلا فيما يعتقد تحريمه، أمّا ما يعتقد حلّه فلا يقام عليه الحد ولو كان حراما عند المسلمين، ولهذا لا نقيم عليهم الحد في شرب الخمر، ونقيم عليه الحد في الزنا، لأنّ الزنا محرم بكل شريعة، ليس في الشرائع شيء يبيح الزنا، أبدا، وعلى هذا إذا زنى الذمي بامرأة ليست من المسلمين بيهودية أو نصرانية وهي مختارة فإننا نقيم عليه الحد، ليش؟ هو ليس بمسلم، والحد قلتم إنه تطهير؟ لكن نقول إن الحد فيه علتان: المنع من الوقوع في مثلها، والثانية التكفير، فهذا ليس فيه تكفير، فبقي فيه العلة الثانية وهي المنع، ولهذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم الحد على اليهوديين اللذين زنيا لأنهم يعتقدون تحريمه فيقام عليهم الحد، ولكن لو فرض أن هذا محرم عندهم هذا الذنب موجب للحد في الإسلام غير موجب للحد في شريعتهم، لو فرض هذا فهل نقيم عليهم الحد بمقتضى الإسلام أو لا؟ الجواب لا، لا نقيم عليهم الحد بمقتضى الإسلام كما لا نقيم عليهم الحد فيما يعتقدون حله، فإذا كانت شريعتهم لا توجب الحد في مثل هذه المعصية فإننا لا نقيمه عليهم لكن نعزرهم لأن التعزير واجب في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة.
طيب عالم بالتحريم، هذا الشرط الرابع، بالغ عاقل ملتزم، عالم بالتحريم خرج به الجاهل بالتحريم، هذا لا حد عليه، ولكن كيف نعلم أنه جاهل أو عالم بالتحريم؟ لأننا إذا قلنا عالم بالتحريم صار كل واحد من الناس يقول إنه ليس عالما بالتحريم، ما دريت أن السرقة حرام، ولا الزنا حرام، ماذا نعمل؟ ننظر إن كان قد عاش في بلاد الإسلام فإن دعواه الجهل بالأمور الظاهرة لا يقبل، ولا يسمع منه، أما إذا كان حديث عهد بإسلام أو كان ناشئا في بادية بعيدة لا يدري عن أحوال المسلمين فإننا نقبل منه دعوى الجهل، فإذا كان مثله يجهله قبلنا دعواه الجهل ورفعنا عنه الحد، فإن شككنا في هذا الأمر هل هو ممن يجهل مثل ذلك أو لا فالأصل عدم العلم فلا نقيم عليه الحد لأنه لا بد أن نتحقق الشرط وهو أن يكون عالما بالتحريم، وهل يشترط أن يكون عالما بالعقوبة؟
السائل : لا يشترط.
الشيخ : لا يشترط، لو قال هذا الرجل المحصن الذي زنى قال إنه لو علم أن حده الرجم ما زنى أبدا لكن حسب المسألة جلد وقال أصبر على الجلد، ماذا نقول؟ نرجمه أو لا نرجمه؟ نرجمه لأنه لا يشترط العلم بالعقوبة إذا كان عالما بالتحريم فمعنى ذلك أنه رضي بأن ينتهك حرمات الله والله عز وجل قد أوجب العقوبة على هذا الفاعل لهذه المعصية ولا عذر له الآن.
يقول المؤلف " لا يجب الحد إلا على بالغ " وليت المؤلف قال يجب الحد على كل بالغ، نعم، لأن الإيجاب أحسن من النفي، لأن قوله لا يجب الحد إلا على كذا كأن الأصل عدم وجوب الحد، لكن لو قال يجب الحد على كلّ بالغ عاقل ملتزم عالم بالتحريم صار أفضل، لأنّ الحدّ إقامته واجبة بالكتاب وبالسنة وبالإجماع، قال الله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ، والأمر للوجوب، نكالا من الله حتى لا يجترأ أحد على السّرقة بعد ذلك، والله عزيز حكيم ختمها بالعزّة حتّى يكون له السّلطان عزّ وجلّ، حكيم حتى لا يقال هذا سفه، ليش تقطع يده عشان ربع دينار؟! تقطع يد عشان ربع دينار؟! ولو قطعها جان لكان خمسمائة دينار يسلم خمسمائة دينار، أو لا يا عبد الرحمن؟
السائل : نعم.
الشيخ : إذا سرقت قطعت في ربع دينار، وإن قطعت في الجناية سلم خمسمائة دينار، نعم، حماية للأموال في قطعها في ربع دينار، وحماية للنفوس في وجوب خمسمائة دينار في قطعها، نعم، طيب الحد واجب، وقال تعالى والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إياك أن تقول ارحم هذا، تجلده مائة جلدة، شيخ كبير تجلده مائة جلدة، ترى هو ما تزوج، لو تزوج الحجارة، لكن ما تزوج، شيخ كبير تجلده مائة جلدة، ارحمه يا ابن الحلال، أقول ما أرحمه لأنه من هو أرحم مني أمرني بجلده ونهاني أن أرأف به ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، طيب اجلده في البيت، أخفى، ما ... أحد، ولا بالمركز ما يطلع أحد ، قال لا وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين والذي شرع هذه الحدود الله، وهو أرحم من الخلق من الوالدة بولدها، لأنّ في إقامة الحدود مصالح عظيمة لا تحصى، فيها ردع، وفيها تطهير، يقول بعض الملحدين والزنادقة إننا لو قطعنا يد السارق لأصبح نصف الشعب مقطوعا ... يجونك هالعالم يمر بك عشرة خمسة منهم ... ، وين المصانع؟ وين الحرث؟ وين الزرع؟ وين التحميل؟ ليس له إلا يد يسرى. ما هو طيب، إيش نقول له؟ معنى ذلك أنه أقر الرجل أن نصف شعبه سراق حرامية، ولو أنه قطع واحد من هؤلاء لارتدع الآخرين ولا صارت سرقة، لكن ابن آدم لقصور نظره ينظر إلى الحاضر ولا ينظر إلى المستقبل.
ذكرنا دليلين من القرآن على وجوب الحد، وقال تعالى في قطّاع الطريق إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف إنما يعني ما جزاؤهم إلا هذا، لأن إنما أداة حصر، وقال عمر رضي الله عنه وهو يخطب الناس على منبر الرسول عليه الصلاة والسلام وإني أخشى إن طال بالناس زمان أن يقولوا لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وعمر رضي الله عنه أنكر عليه الناس؟ أبدا أقروه بأنها فريضة من فرائض الله يجب أن تنفذ، ولكن فيه إنسان كريم، وشريف، وطيب، ومن حمولة طيبة سولت له نفسه أن يسرق ربع دينار، وثبت عليه ذلك، والرجل طيب وكريم وخير ومن حمولة طيبة رفيعة، إيش تقولون في هذا؟
السائل : تقطع.
الشيخ : انتظروا، وصلت السلطان، لكن جاءه أناس ... وقالوا هذا رجل طيب وكريم ومن حمولة طيبة، وكيف يفتح للناس إذا جاءه الضيوف؟ كيف يفتح الباب؟ نقول يفتح باليسرى ما فيه مشكلة، يقال هذا يقام عليه الحد، على الشريف وعلى الوضيع وعلى الغني وعلى الفقير والذكر والأنثى والحر والعبد، لا فرق لأن الله عز وجل لم يفرق والسارق والسارقة ما دام سرق هذا جزاؤه، بل لو قال قائل إن سرقة هذا الشريف لولا أن الله حد حدا لقلنا تقطع يده الأخرى لأنه شريف، تدنسه بالسرقة أعظم من تدنس الوضيع، أليس كذلك؟
السائل : بلى.
الشيخ : أي نعم، ولهذا مرّ علينا في ... أن زنى الأشيمط واستكبار الفقير أشد من زنى الشاب ومن استكبار الغني، هذا الرجل شريف ومن حمولة شريفة كيف يسرق؟! أو كيف يزني مثلا، إذن لا فرق بين الغني والفقير، والصغير والكبير؟ لا، انتبه لكلام المصنف ... أولا أن يكون بالغا فلا يجب الحد على من دون البلوغ، والبلوغ يحصل بواحد من أمور ثلاثة، إما بإنزال المني، وإما بإنبات العانة، وإما بتمام خمسة عشرة سنة، وقد سبق معنا أدلة ذلك في باب الحجر، فإذا بلغ الإنسان فإنه ينظر في بقية الشروط حتى يقام عليه الحد، وأمّا من دون البلوغ فلا حدّ عليه ولو زنى أو سرق لحديث رفع القلم عن ثلاثة هذا دليل، والتعليل لأنّه ليس أهلا للعقوبة لعدم صحّة القصد التامّ منه، لأنّه ناقص في التصوّر وناقص في التّصرّف، ولهذا منع الله من إتيانهم أموالهم بأنفسهم حتّى لا يضيّعوها، ولكن لا يعني ذلك أنّ الصغير لا يعزر، بل يعزر والتعزير غير الحد، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر فأمر بضربهم قبل البلوغ، فالتّعزير شيء وإقامة الحد شيء آخر، وعلى هذا فلو أنّ صغيرا فعل الفاحشة ما نقول هذا لا يجب عليه الحد اتركوه بل لابد أن يعزر بما يردعه وأمثاله عن هذه الفعلة، وكذلك أيضا لو سرق ما يترك بل لو أفسد شيئا دون ذلك فإنه لا يترك بدون تعزير، فالتعزير شيء والحد شيء آخر، عاقل ضدّه المجنون فالمجنون لا يجب عليه الحد لحديث رفع القلم عن ثلاثة ، ولأنّه ليس له قصد تام يعرف به ما ينفعه وما يضره فيقدم أو يحجم، وهل يعزّر؟
السائل : لا.
الشيخ : ليش؟
السائل : لا ينتفع.
الشيخ : لأنه لو عزر ما انتفع، إذن نتركه يفسد أموال الناس يحرق الدكانين، يكسر البطيخ، أو ماذا نصنع؟
نعم، لا بد أن يمنع ولو بالحبس إمّا عند وليه أو في الحبس العام، المهم أنه لا يترك والفساد لأن الله عز وجل يقول والله لا يحب المفسدين ، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ، فالذي لا يحبه الله لا يجوز لنا أن نمكن منه أبدا، كل فساد سواء للدين أو للدنيا فإنه يجب على ولاة الأمور ومن قدر من غير ولاة الأمور أن يمنع منه لأن الله لا يحبه، فإذا كان لا يحبه الله كيف نمكن منه؟! إذن المجنون لا يقام عليه الحد، ولا يعزر، أو نقول يعزر بما يكف شره؟
الطلاب : ... .
الشيخ : هذا هو، لأن حبس هذا المجنون الذي يريد أن تكون له الحرية الكاملة في تصرفه ... طيب، قال ملتزم يعني ملتزم لأحكام الإسلام سواء كان مسلما أو كافرا، فمن هو الملتزم؟ الملتزم هو المسلم والذّمي فقط، وهذا غير المعصوم، المعصوم تقدم لنا أنهم أربعة أصناف: المسلم، والذمي، والمعاهد، والمستأمن، لكن الملتزم صنفان فقط: المسلم، والذمي، لأنّ الذمي ملتزم بأحكام الإسلام لكنه لا يقام عليه الحد إلا فيما يعتقد تحريمه، أمّا ما يعتقد حلّه فلا يقام عليه الحد ولو كان حراما عند المسلمين، ولهذا لا نقيم عليهم الحد في شرب الخمر، ونقيم عليه الحد في الزنا، لأنّ الزنا محرم بكل شريعة، ليس في الشرائع شيء يبيح الزنا، أبدا، وعلى هذا إذا زنى الذمي بامرأة ليست من المسلمين بيهودية أو نصرانية وهي مختارة فإننا نقيم عليه الحد، ليش؟ هو ليس بمسلم، والحد قلتم إنه تطهير؟ لكن نقول إن الحد فيه علتان: المنع من الوقوع في مثلها، والثانية التكفير، فهذا ليس فيه تكفير، فبقي فيه العلة الثانية وهي المنع، ولهذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم الحد على اليهوديين اللذين زنيا لأنهم يعتقدون تحريمه فيقام عليهم الحد، ولكن لو فرض أن هذا محرم عندهم هذا الذنب موجب للحد في الإسلام غير موجب للحد في شريعتهم، لو فرض هذا فهل نقيم عليهم الحد بمقتضى الإسلام أو لا؟ الجواب لا، لا نقيم عليهم الحد بمقتضى الإسلام كما لا نقيم عليهم الحد فيما يعتقدون حله، فإذا كانت شريعتهم لا توجب الحد في مثل هذه المعصية فإننا لا نقيمه عليهم لكن نعزرهم لأن التعزير واجب في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة.
طيب عالم بالتحريم، هذا الشرط الرابع، بالغ عاقل ملتزم، عالم بالتحريم خرج به الجاهل بالتحريم، هذا لا حد عليه، ولكن كيف نعلم أنه جاهل أو عالم بالتحريم؟ لأننا إذا قلنا عالم بالتحريم صار كل واحد من الناس يقول إنه ليس عالما بالتحريم، ما دريت أن السرقة حرام، ولا الزنا حرام، ماذا نعمل؟ ننظر إن كان قد عاش في بلاد الإسلام فإن دعواه الجهل بالأمور الظاهرة لا يقبل، ولا يسمع منه، أما إذا كان حديث عهد بإسلام أو كان ناشئا في بادية بعيدة لا يدري عن أحوال المسلمين فإننا نقبل منه دعوى الجهل، فإذا كان مثله يجهله قبلنا دعواه الجهل ورفعنا عنه الحد، فإن شككنا في هذا الأمر هل هو ممن يجهل مثل ذلك أو لا فالأصل عدم العلم فلا نقيم عليه الحد لأنه لا بد أن نتحقق الشرط وهو أن يكون عالما بالتحريم، وهل يشترط أن يكون عالما بالعقوبة؟
السائل : لا يشترط.
الشيخ : لا يشترط، لو قال هذا الرجل المحصن الذي زنى قال إنه لو علم أن حده الرجم ما زنى أبدا لكن حسب المسألة جلد وقال أصبر على الجلد، ماذا نقول؟ نرجمه أو لا نرجمه؟ نرجمه لأنه لا يشترط العلم بالعقوبة إذا كان عالما بالتحريم فمعنى ذلك أنه رضي بأن ينتهك حرمات الله والله عز وجل قد أوجب العقوبة على هذا الفاعل لهذه المعصية ولا عذر له الآن.
الفتاوى المشابهة
- لماذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم الحد على ا... - الالباني
- هل يجوز للسيد أن يقيم الحد على عبده ؟ - ابن عثيمين
- ما هو الدليل على أن من أتى بهيمة يعزر ولا حد... - ابن عثيمين
- ذكرت أن الإنسان لا يجوز أن يقيم الحد على ولد... - ابن عثيمين
- قال المصنف :" وهو واجب في كل معصية لا حد فيه... - ابن عثيمين
- قال المصنف :" وإذا شربه المسلم مختارا عالما... - ابن عثيمين
- هل الشروط في إقامة حد الرجم تنطبق على الرجل... - ابن عثيمين
- هل يُغفر لمن تاب من كبيرة ولم يقم عليه الحد؟ - ابن باز
- فائدة : شروط إقامة الحدود . - ابن عثيمين
- ما قولكم في قول شيخ الإسلام ابن تيمية عن أهل ا... - الالباني
- قال المصنف :" لا يجب الحد إلا على بالغ عاقل... - ابن عثيمين