تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قوله تعالى (( ويل للمصلين الذين هم عن... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين، أما بعد : ...
العالم
طريقة البحث
تفسير قوله تعالى (( ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين، أما بعد :
فقد قال الله سبحانه وتعالى : فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون : ويل : تأتي في القرآن كثيرا ومعناها الوعيد، الوعيد بالويل والثّبور لمن فعل كذا وكذا ، فهي كلمة وعيديّة لمن فعل ما يُذكر هنا يقول : فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون : هم يصلّون لكنّهم ساهون عن صلاتهم، غافلون عنها لا يقيمون حدودها ولا يأتون بواجباتها ، ولا يتورّعون عن مفسداتها ، فمن ذلك أي من إضاعة الصّلاة :
أن يفرّط الإنسان في الوضوء ، فلا يتوضّأ على الوجه المطلوب منه ، والوضوء ذكره الله تعالى في كتابه فقال : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين : هذه أربعة أعضاء لابدّ من تطهيرها: الوجه ، واليدان اليمنى واليسرى ، والرّأس ، والرّجلان اليمنى واليسرى ، ولابدّ لتطهيرها من إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، فيجب أن يزيل الإنسان قبل أن يتوضّأ ما يمنع وصول الماء إلى البشرة من عجين أو صمغ أو غير ذلك ، وذلك لأنه إذا لم يزل هذا فإنه لا يصدق عليه أنه غسل العضو ، إذ أن ما تحته لا يصل إليه الماء ، ولهذا قال العلماء : " من شرط صحّة الوضوء أن يزيل ما يمنع وصول الماء "، إلاّ أنه يخفّف في الرأس ، مثل أن يكون على رأس المرأة حنّاء أو ما أشبه ذلك فإن هذا لا يضرّ، ولا يمنع الصّحّةـ فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حجّة الوداع ملبّدًا رأسه أي: واضعًا عليه شيئاً يلبّده ويخفف انتفاشه من الصّمغ أو نحوه، ولأن طهارة الرّأس طهارة مخفّفة بدليل أن الله إنما أوجب المسح فيه دون الغسل، حتى وإن لم يكن عليه شعر فإن الواجب مسحه لا غسله، وأجاز المسح على العمامة للرجل، وعلى الخمار للمرأة، وهذا كلّه يدلّ على أنّ طهارة الرّأس مخفّفة، فلهذا لا بأس إذا كان على رأس المرأة حنّاء أو شبهه مما يمنع وصول الماء فإن طهارتها تصحّ ، أما ما يغسل فإنه لا يجوز أن يكون هناك ما يمنع وصول الماء إلى العضو إلاّ في حال الضّرورة : كإنسان بيده جرح وضع عليه لزقة، أو وضع عليه دواء له جرم، أو ما أشبه ذلك، فهذا ضرورة ويُمسح بدلا من غسله، وإذا جرى عليه الماء وأمرّ الإنسان يده عليه كفى إذا كان الماء لا يضرّه لكن لا بدّ من وجود هذا المانع فلا بأس.
فالوضوء أمره عظيم وشأنه خطير، والذين يتهاونون بالوضوء هم من الذين سهوا عن صلاتهم، لأن الوضوء شرط لصحّة الصّلاة، والذين يتجاوزون في الوضوء أيضا هم على خطأ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم توضّأ مرّة مرّة، ومرّتين مرّتين، وثلاثًا ثلاثاً وقال : من زاد على ذلك فقد أساء وتعدّى وظلم ، فلا يجوز للإنسان أن يتجاوز ثلاث غسلات، ويجوز أن يغسل بعض الأعضاء مرّة وبعض الأعضاء مرّتين أو ثلاثة كما جاءت به السّنّة، والوضوء له فائدة عظيمة وهي تطهير الجسد وتطهير القلب، فإن الإنسان إذا توضّأ خرجت ذنوبه من أعضائه مع آخر قطرات الماء، ثم إذا فرغ وطهّر نفسه بهذا الماء فإنه يُشرع له أن يقول: أشهد ألاّ إله إلاّ الله وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين : ليتمّ له تطهير الباطن كما تمّ له تطهير الظاهر ، والله الموفّق.

Webiste