تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح حديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن ر... - ابن عثيمينالقارئ : " وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم...
العالم
طريقة البحث
شرح حديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع إليه ابن ابنته وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله ؟! قال: ( هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ). متفق عليه. وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان. فقال له عبد الرحمن ابن عوف: وأنت يا رسول الله ؟! فقال: ( يا ابن عوف إنها رحمة ) ثم أتبعها بأخرى، فقال: ( إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ). رواه البخاري، وروى مسلم بعضه.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : " وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى فقال: إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون رواه البخاري، وروى بعضه مسلم ".

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
سبق لنا الكلام على الأحاديث الثلاثة الماضية التي ذكرها النووي رحمه الله في رياض الصالحين في باب جواز البكاء على الميت من غير ندب ولا نياحة، ثم ذكر حديثين عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه بكى حين رأى طفلين في النزع أما الأول فهو ابن ابنته، رفع إليه ابن ابنته وهو في سياق الموت فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رحمة بهذا الصبي، لأنه يراه ينازعه الموت فرّق له ورحمه عليه الصلاة والسلام وهو صلى الله عليه وعلى آله وسلم أرحم الخلق بالخلق، فقال له سعد بن عبادة: ما هذا يا رسول الله؟ يعني: كيف تبكي؟ فقال: هذه رحمة يعني أنني رحمت هذا الصبي الذي ينازع نفسه فرققت له وإنما يرحم الله من عباده الرحماء كلما كان الإنسان بعباد الله أرحم كان أقرب إلى رحمة الله، ولهذا ينبغي لك أن تعوّد نفسك على الرقة وعلى الرحمة للأطفال والحيوانات وغير ذلك ممن هو أهل للرحمة حتى تكون أهلًا لرحمة الله عز وجل، إنما يرحم الله من عباده الرحماء، وفي هذا دليل على جواز البكاء على الميت، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بكى وقال هذه رحمة، وفيها دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يتعرّض لرحمة الله سبحانه وتعالى بكل وسيلة إن رحمة الله قريب من المحسنين وفي قوله عليه الصلاة والسلام: إنما يرحم الله من عباده الرحماء إشارة إلى أن جزاء الله من جنس العمل، فلما كان هذا الإنسان راحمًا لعباد الله كان الله تعالى راحمًا له، لأن الله تعالى في حاجة العبد إذا كان العبد في حاجة أخيه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، أما الحديث الثاني: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع إليه ابنه إبراهيم رضي الله عنه إبراهيم بن محمد، وهذا الولد ليس من زوجته خديجة بل من سريته مارية التي أهداها إليه ملك القبط، فسراها النبي عليه الصلاة والسلام يعني وطئها بملك اليمين فأتت له بهذا الولد، هذا الولد بقي ستة عشرة شهرًا ومات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، رفع إليه وهو يجود بنفسه معنى يجود بنفسه يعني ينازعه الموت وأشرف ما عند الإنسان نفسه، وهذا المحتضر كأنه يسلمها للملائكة يجود بها فبكى ذرفت عيناه عليه الصلاة والسلام، فبكى يعني ذرفت عيناه عليه الصلاة والسلام، فقيل له: ما هذا يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: إن القلب يحزن والعين تدمع وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ثم أعيدت عليه فقالها مرة أخرى العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزنون ثم توفى الولد وله ستة عشر شهرًا، فدل ذلك على أن الإنسان لا حرج عليه إذا بكى رحمة بالميت وحزنًا على فراقه، فإن الرسول هنا قال إنه محزون على فراق ابنه، وفيه أيضًا دليل على جواز إخبار الإنسان عن نفسه بأنه محزون من هذه المصيبة، لأنه قال القلب يحزن نعم وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون وفيه دليل على أن النبي عليه الصلاة والسلام يموت له الولد ويتألم لذلك وأنه يلحقه ما يلحق البشر، وكان له صلى الله عليه وسلم من الأولاد سبعة، ثلاثة ذكور وأربع إناث، أربع من الإناث وثلاثة من الذكور، وأشهر الذكور هو إبراهيم رضي الله عنه وصلى الله وسلم على أبيه، أما الإناث فأفضلهن فاطمة وهي مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وزينب امرأة العاص بن أبي الربيع، وأم كلثوم ورقية كانتا مع عثمان بن عفان، لما ماتت إحداهما زوجه النبي صلى الله عليه وسلم الثانية، ولهذا لم يزوج الرسول عليه الصلاة والسلام أحدًا من صحابته ابنتيه إلا عثمان، فتميز عثمان رضي الله عنه بأن الرسول زوجه ابنتيه، لكن بعد أن ماتت الأولى زوجه الثانية عليه الصلاة والسلام، أما أولاده فهم: القاسم وعبد الله وإبراهيم، لكن الذي اشتهر وبقي مدة هو إبراهيم، وكل هؤلاء كلهم من خديجة رضي الله عنها إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، ولم يبق أحد من أولاده صلوات الله وسلامه عليه لا ذكورهم ولا إناثهم بعد موته إلا فاطمة كلهم ماتوا في حياته، وهذا من حكمة الله عز وجل فإنه لا أحد يدفع الموت، ولو كان أعظم الناس جاهًا عند الله فإنه لا يستطيع أن يدفع الموت، لو استطاع أحد يدفع الموت لدفعه النبي عليه الصلاة والسلام عن أبنائه وبناته ولدفعه عن نفسه، ولكن الله جل وعلا بيده الأمر وله كل شيء ولن يؤخر الله نفسًا .

Webiste