شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( كان رجل يداين الناس، وكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه ). متفق عليه.
وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( حوسب رجل ممن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير شيء، إلا أنه كان يخالط الناس، وكان موسرا، وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر. قال الله عز وجل: نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه ). رواه مسلم. وعن حذيفة رضي الله عنه قال: أتي الله تعالى بعبد من عباده آتاه الله مالا، فقال له: ماذا عملت في الدنيا ؟ قال: - ولا يكتمون الله حديثا - قال: يا رب آتيتني مالك، فكنت أبايع الناس، وكان من خلقي الجواز، فكنت أتيسر على الموسر، وأنظر المعسر. فقال تعالى: أنا أحق بذا منك تجاوزوا عن عبدي. فقال عقبة بن عامر وأبو مسعود الأنصاري رضي الله عنهما: هكذا سمعناه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل السماحة في البيع والشراء: " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رجل يداين الناس وكان يقول لفتاه إذا أتيت معسرًا فتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فلقي الله فتجاوز عنه متفق عليه، وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسرًا وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر، قال الله عز وجل نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه رواه مسلم، وعن حذيفة رضي الله عنه قال: أتى الله تعالى بعبد من عباده آتاه الله مالًا فقال له: ماذا عملت في الدنيا؟ قال: ولا يكتمون الله حديثًا، قال: يا رب آتيتني مالك فكنت أبايع الناس وكان من خلقي الجواز فكنت أتيسر على الموسر وأنظر المعسر، فقال الله تعالى: أنا أحق بذا منك تجاوزوا عن عبدي، فقال عقبة بن عامر وأبو مسعود الأنصاري رضي الله عنهما: هكذا سمعناه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم ".
الشيخ : هذه الأحاديث الثلاثة في باب السماحة في البيع والشراء وفيها فضل العفو عن الناس والتجاوز عنهم، ففي الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان رجل يداين الناس يعني: يتعامل معهم بالدَّين، والدَّين ليس هو المعروف عندنا التورق يعني أن تشتري سلعة لتبيعها وتنتفع بثمنها، الدَّين كل ما ثبت في الذمة فهو دين حتى لو بعت على شخص سيارة بثمن غير مؤجل ولم يسلمك الثمن فالثمن في ذمته دَين، لو أنك استأجرت بيتًا وتمت المدة ولم تسلمه الأجرة فالأجرة في ذمتك دَين، المهم أن المداينة أن يعامل الناس ليس نقدًا يعني يدًا بيد بل يبيع عليهم ويشتري منهم ويعفو عن المعسر، فكان يقول لغلامه: " إذا رأيت معسرًا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا " فكان الغلام يفعل هذا فلقي الله عز وجل فجازاه الله عز وجل بمثل ما يجازي به الناس، يعني بمثل ما يفعل هذا الرجل في الناس عامله الله عز وجل فتجاوز عنه، وذلك لأن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ولأن الجزاء من جنس العمل، ففي هذا الحديث حديث أبي هريرة والحديثين بعده دليل على فضيلة إنظار المعسر والتجاوز عنه وإبرائه، واعلم أن هذا لا ينقصك شيئًا من المال لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال بل هذا يجعل في مالك البركة والخير والزيادة والنماء، وأما إنظار المعسر فإنه واجب يجب على الإنسان إذا كان صاحبه معسرًا لا يستطيع الوفاء يجب عليه أن ينذره ولا يحل له أن يطلبه أو يطالبه لقول الله تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة فهناك فرق بين الإبراء وهو إسقاط الدين عن المعسر وبين الإنظار الإنظار واجب والإبراء سنة، ولاشك أن الإبراء أفضل لأن الإبراء تبرأ به الذمة نهائيًّا والإنظار تبقى الذمة مشغولة، لكن صاحب الحق لا يطالب به حتى يستطيع المطلوب أن يوفي وبعض الناس نسأل الله العافية تحل لهم الديون على أناس فقراء فيؤذونهم ويطلبونهم ويطالبونهم ويرفعون بهم إلى ولاة الأمور ويحبسونهم عن أهليهم وأولادهم وأموالهم، وهذا لاشك أنه منكر والواجب على القضاة إذا عملوا أن هذا معسر لا يستطيع الوفاء الواجب عليهم أن يقولوا للدائن ليس لك حق في مطالبته، لأن الله تعالى هو الحكم وهو الحاكم بين العباد وقد قال الله تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة لكن يتعلل بعض القضاة في هذه المسألة يقول إن بعض المدينين يتلاعبون بالناس فيأخذون الأموال ويجحدون الإيسار فيعاملونهم بهذا تنكيلًا بهم، وهذا نعم إذا ثبت أن هذا ادعى الإعسار المدين وليس بمعسر فإنه لا بأس أن يجبر ويحبس ويضرب حتى يوفي، فإن لم يفعل فإن الحاكم يتولى بيع ما شاء من ماله ويوفي دينه، أما الذي نعلم أنه معسر حقيقة فإنه لا يجوز لطالبه أن يطالبه ولا أن يقول أعطني يجب أن يعرض عنه بالكلية فنظرة إلى ميسرة، والله الموفق.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل السماحة في البيع والشراء: " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رجل يداين الناس وكان يقول لفتاه إذا أتيت معسرًا فتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فلقي الله فتجاوز عنه متفق عليه، وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسرًا وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر، قال الله عز وجل نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه رواه مسلم، وعن حذيفة رضي الله عنه قال: أتى الله تعالى بعبد من عباده آتاه الله مالًا فقال له: ماذا عملت في الدنيا؟ قال: ولا يكتمون الله حديثًا، قال: يا رب آتيتني مالك فكنت أبايع الناس وكان من خلقي الجواز فكنت أتيسر على الموسر وأنظر المعسر، فقال الله تعالى: أنا أحق بذا منك تجاوزوا عن عبدي، فقال عقبة بن عامر وأبو مسعود الأنصاري رضي الله عنهما: هكذا سمعناه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم ".
الشيخ : هذه الأحاديث الثلاثة في باب السماحة في البيع والشراء وفيها فضل العفو عن الناس والتجاوز عنهم، ففي الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان رجل يداين الناس يعني: يتعامل معهم بالدَّين، والدَّين ليس هو المعروف عندنا التورق يعني أن تشتري سلعة لتبيعها وتنتفع بثمنها، الدَّين كل ما ثبت في الذمة فهو دين حتى لو بعت على شخص سيارة بثمن غير مؤجل ولم يسلمك الثمن فالثمن في ذمته دَين، لو أنك استأجرت بيتًا وتمت المدة ولم تسلمه الأجرة فالأجرة في ذمتك دَين، المهم أن المداينة أن يعامل الناس ليس نقدًا يعني يدًا بيد بل يبيع عليهم ويشتري منهم ويعفو عن المعسر، فكان يقول لغلامه: " إذا رأيت معسرًا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا " فكان الغلام يفعل هذا فلقي الله عز وجل فجازاه الله عز وجل بمثل ما يجازي به الناس، يعني بمثل ما يفعل هذا الرجل في الناس عامله الله عز وجل فتجاوز عنه، وذلك لأن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ولأن الجزاء من جنس العمل، ففي هذا الحديث حديث أبي هريرة والحديثين بعده دليل على فضيلة إنظار المعسر والتجاوز عنه وإبرائه، واعلم أن هذا لا ينقصك شيئًا من المال لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال بل هذا يجعل في مالك البركة والخير والزيادة والنماء، وأما إنظار المعسر فإنه واجب يجب على الإنسان إذا كان صاحبه معسرًا لا يستطيع الوفاء يجب عليه أن ينذره ولا يحل له أن يطلبه أو يطالبه لقول الله تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة فهناك فرق بين الإبراء وهو إسقاط الدين عن المعسر وبين الإنظار الإنظار واجب والإبراء سنة، ولاشك أن الإبراء أفضل لأن الإبراء تبرأ به الذمة نهائيًّا والإنظار تبقى الذمة مشغولة، لكن صاحب الحق لا يطالب به حتى يستطيع المطلوب أن يوفي وبعض الناس نسأل الله العافية تحل لهم الديون على أناس فقراء فيؤذونهم ويطلبونهم ويطالبونهم ويرفعون بهم إلى ولاة الأمور ويحبسونهم عن أهليهم وأولادهم وأموالهم، وهذا لاشك أنه منكر والواجب على القضاة إذا عملوا أن هذا معسر لا يستطيع الوفاء الواجب عليهم أن يقولوا للدائن ليس لك حق في مطالبته، لأن الله تعالى هو الحكم وهو الحاكم بين العباد وقد قال الله تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة لكن يتعلل بعض القضاة في هذه المسألة يقول إن بعض المدينين يتلاعبون بالناس فيأخذون الأموال ويجحدون الإيسار فيعاملونهم بهذا تنكيلًا بهم، وهذا نعم إذا ثبت أن هذا ادعى الإعسار المدين وليس بمعسر فإنه لا بأس أن يجبر ويحبس ويضرب حتى يوفي، فإن لم يفعل فإن الحاكم يتولى بيع ما شاء من ماله ويوفي دينه، أما الذي نعلم أنه معسر حقيقة فإنه لا يجوز لطالبه أن يطالبه ولا أن يقول أعطني يجب أن يعرض عنه بالكلية فنظرة إلى ميسرة، والله الموفق.
الفتاوى المشابهة
- شرح حديث عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري قال:... - ابن عثيمين
- شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أ... - ابن عثيمين
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- فائدة حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه : (... - الالباني
- تتمة لباب : " باب باب حسن الخلق إذا فقهوا " .... - الالباني
- مواصلة الشيخ درس " الأدب المفرد " ، وشرح حديث... - الالباني
- تتمة شرح الحديث السابق رقم ( 293 ) : ( حُوسِبَ... - الالباني
- وقفة مع حديث التجاوز عن المعسرين - ابن باز
- تتمة شرح "....إلا أنه كان رجلا يخالط الناس وكا... - الالباني
- شرح حديث حدثنا محمد بن سلام قال : أخبرنا أبو م... - الالباني
- شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول ا... - ابن عثيمين