الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين :
قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" ، والفقه تصور الشيء على ما هو عليه ، وإلحاق الفروع بأصولها ، ليس مجرد العلم .
هذا الحديث الذي ذكره السائل لا يدل على مشروعية فتح الجيب لا من قريبٍ ولا بعيد ، لأن هؤلاء القوم الذين وجدوا النبي صلى الله عليه وسلم قد فتح ، هل يعلمون أنه فتحه تعبداً وتسنناً أو أنه فتحه لغرضٍ من الأغراض إما لشدة حر أو لحرارة في الصدر أو ما أشبه ذلك ؟ .
ما ندري ، بل الذي يغلب على الظن أنه لم يفعله تسنناً ، لأنه لو كان هذا من السنة لم يجعل الأزار أصلاً ، فما فائدة الأزرة إلا لتزر ؟.
لكن دائماً الإنسان يكون له أزرة ويزرها لكن يفتحها في بعض الأحيان لسببٍ من الأسباب ، إما للتبرد وإما لكون الحرارة في صدره وهي ما يسمى بالحساسية عند الناس، وإما لغير ذلك .
ولا يجوز لنا أن نأخذ من هذا وأمثاله أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعله تعبداً ، لأن الأصل منع التعبد إلا بدليلٍ واضح لا يحتمل شيئاً آخر .
نصيحتي لإخواني هؤلاء وأمثالهم الذي لا يفكرون تفكيراً جيداً في الأمور أن يتقوا الله أولاً في أنفسهم ، وأن يتقوا الله في إخوانهم ، وأن يتقوا الله في تصريف الشريعة وأدلتها لما كان مراداً لله ورسوله .
لذلك أنصح هؤلاء أن يزروا ثيابهم إذا كان فيها أزرة ، وأن لا يتعبدوا لله بشيءٍ لم يعلم أنه مشروع ، ولهذا كان من القواعد المقررة عند جميع العلماء أن الأصل في العبادات الحظر إلا ما قام الدليل على أنه مشروع ، ومجرد كون قومٍ رأوا النبي صلى الله عليه وسلم قد فتح أزرته لا يدل على المشروعية .
وكما قلنا لماذا وضع الأزرة إلا ليزرها ، ما وضعها زينة وتجملاً فقط ، ولا جمال فيها أيضاً إذا لم تزر .
الخلاصة : أن هذا الفهم فهمٌ خاطئ ، وأنه لا يسن للإنسان أن يفتح أزرته تعبداً لله عز وجل .
أما إذا كان هناك سبب لحرٍ شديد أو غيره فهذا شيء طبيعي لا بد للإنسان أن يتبرد ويفتح أزرته ليبرد.