تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما هي مفسدات الصوم وهل يشترط عقد النية للصيا... - ابن عثيمينالسائل : السؤال الأول يقول : ما هي مفسدات الصوم وهل يُشترط عقد النية للصيام في كل يوم ومن نسي أن ينوي فهل عليه شيء أم لا؟ نعم.الشيخ : الحمد لله رب العال...
العالم
طريقة البحث
ما هي مفسدات الصوم وهل يشترط عقد النية للصيام في كل يوم ومن نسي أن ينوي فهل عليه شيء ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : السؤال الأول يقول : ما هي مفسدات الصوم وهل يُشترط عقد النية للصيام في كل يوم ومن نسي أن ينوي فهل عليه شيء أم لا؟ نعم.

الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، هذا السؤال يتضمن ثلاث مسائل، المسألة الأولى النية وهل يجب أن يعقدها لكل يوم؟ والجواب على ذلك أن النية شرط لصحة العبادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" فلا عمل إلا بنية والنية هي أن يقصد الإنسان بعمله أو بالأصح النية لها وجهان، الوجه الأول نية المعمول له، والوجه الثاني : نية العمل.

السائل : نعم.

الشيخ : ففي الوجه الأول يجب أن يكون الإنسان مخلصاً لله تعالى في عبادته لا يريد بها شريكاً غيره والغرض منها تعيين المعمول له وتوحيده بتلك العبادة وهو الله سبحانه وتعالى.
أما الوجه الثاني : في النية فهو نية العمل أي تعيينه وتمييزه من غيره لأن العبادات أجناس وأنواع لا يتميز أحدها إلا بتعيينه فلا بد من أن يُعيّن نية الصوم الواجب ففي رمضان ينوي أنه صام يوم من رمضان والنية في الحقيقة لا تحتاج إلى تعب كبير فإن من قام في ءاخر الليل وأكل السحور فإنه لا شك أنه ناوٍ للصوم.

السائل : نعم.

الشيخ : وتعيين النية أيضاً إذا كان في شهر رمضان أمر معلول لأن الإنسان لا يمكن أن ينوي بهذا الصوم إلا أنه صوم رمضان مادام في وقت رمضان وعلى هذا فإذا قام الإنسان في ليالي رمضان وأكل السحور فإنه لا شك أنه قد نوى وعيّن النية فلا يحتاج أن يقول اللهم إني نويت الصوم أو نويت الصوم إلى الليل وما أشبه ذلك ولكن هل يجب في رمضان أن يُعيّن النية لكل يوم أو إذا نوى من أوله كفى ما لم ينوي القطع؟ الصواب أنه إذا نوى من أوله كفي إلا إذا نوى القطع وينبني على ذلك مسألة وهي ما لو نام الإنسان في يوم من رمضان بعد العصر ولم يستيقظ إلا في اليوم الثاني بعد طلوع الفجر.

السائل : نعم.

الشيخ : فإن قلنا إنه يجب تعيين النية لكل يوم من ليلته فإن صوم هذا الرجل اليوم الثاني لا يصح لأنه لم ينوه من ليلته وإن قلنا بالأول وهو أن رمضان يكفي نية من أوله ما لم يقطعه فإن صومه هذا اليوم صحيح لأن الرجل قد نام ومن نيته بلا ريب أنه سيصوم غداً.

السائل : نعم.

الشيخ : لأنه لا سبب يوجب قطع الصوم، وقولنا إذا نوى من أوله ولم ينوي القطع احترازاً مما لو نوى القطع مثل أن يكون مريضاً يصوم يوماً ويدع يوماً فإنه إذا أفطر لا بد أن يُجدّد النية لبقية الشهر.

السائل : نعم.

الشيخ : هذا بالنسبة للنية فصار الخلاصة أن النية يجب أن يُلاحظ فيها شيئان، الشيء الأول نية المعمول له وهو توحيد الله تعالى بالقصد بأن يُريد الإنسان بعبادته وجه الله سبحانه وتعالى.
والثاني : نية العمل بأن يعيّن العمل الذي يعمله من طهارة أو صلاة أو زكاة أو صوم سواء كان ذلك تطوّعاً أم فريضة.

السائل : نعم.

الشيخ : والسؤال الثاني يقول ما هي، المسألة الثانية : مفسدات الصوم.

السائل : نعم.

الشيخ : مفسدات الصوم ذكر الله في القرأن منها ثلاثة وهي الأكل والشرب والجماع فقال تعالى { فالأن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } .

السائل : نعم.

الشيخ : فهذه ثلاث مفطرات، أولاً : الجماع والثاني : الأكل والثالث: الشرب، والأكل شامل لكل مأكول سواء كان نافعاً أم ضاراً وسواء كان حراماً أم حلالاً وكذلك الشرب شامل لكل مشروب سواء كان نافعاً أم ضاراً وسواء كان حراماً أم مباحاً كله يفطّر لعدم الاستثناء فيه.

السائل : نعم.

الشيخ : الرابع : إنزال المني بشهوة بمباشرة أو معالجة حتى ينزل فإنه يكون مفطّراً وهو وإن لم يكن داخلاً في قوله { فالأن باشروهن } فإن قوله تبارك وتعالى في الحديث القدسي في الصائم يقول "يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي" فإن الشهوة تتناول الإنزال بشهوة وقد أطلق النبي صلى الله عليه وسلم على المني أنه شهوة حيث قال "وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر قال "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر" .

السائل : نعم.

الشيخ : الأمر الخامس من مفسدات الصوم : ما كان بمعنى الأكل والشرب وهو الإبر المغذية التي يستغني بها متناولها عن الطعام والشراب وذلك أنها وإن لم تكن داخلة في الأكل والشرب فإنها بمعنى الأكل والشرب لاستغناء الجسم بها عن ذلك، فأما الإبر التي لا يستغنى بها عن الأكل والشرب فليست بمفطرة سواء تناولها الإنسان في الوريد أو تناولها في العضلات حتى لو وجد طعمها في حلقه لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب فلا تكون مفطّرة بأي حال من الأحوال.

السائل : إذا لم تكن مغذية؟

الشيخ : إذا لم تكن مستغنى بها.

السائل : عن الأكل.

الشيخ : عن الأكل والشرب.

السائل : نعم.

الشيخ : الأمر السادس من مفسدات الصوم : القيء عمداً يعني إذا تعمّد الإنسان القيء حتى خرج فإنه يفطر بذلك لحديث أبي هريرة من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ومن استقاء عمداً فليقضي.
الأمر السابع : إخراج الدم بالحجامة فإذا احتجم الإنسان فإنه يُفطر لقول النبي عليه الصلاة والسلام "أفطر الحاجم والمحجوم" والحكمة من إفطار الصائم بالقيء وبالحجامة هو أنه إذا قاء أو احتجم لحقه من الضعف ما يوجب أن يكون محتاجاً إلى الأكل والشرب ويكون الصوم شاقاً عليه ولكن مع ذلك إذا استقاء عمداً أو احتجم عمداً في رمضان بدون عذر فإنه لا يجوز له أن يأكل ويشرب مادام في نهار رمضان لأنه أفطر بغير عذر أما لو كان لعذر فإنه إذا قاء أو احتجم يجوز له الأكل والشرب لأنه أفطر بعذر وأما خروج الدم بغير الحجامة مثل أن يخرج منه رعاف أو يقلع سنّه أو ضرسه فيخرج منه دم فإن هذا لا شيء عليه فيه ولا يُفطر به لأنه ليس بمعنى الحجامة وليس حجامة وهو يخرج منه أيضاً بغير اختياره كالرعاف.
وكذلك لا يُفطر بإخراج الدم للاختبار مثل أن يؤخذ منه دم ليُفحص فإنه لا يُفطر بذلك لأن هذا دم قليل ولا يؤثر تأثير الحجامة على الجسم.

السائل : وإذا كان للتبرع.

الشيخ : فلا يكون مفطراً.

السائل : نعم.

الشيخ : أما إذا أخذ منه دم للتبرع لشخص مريض.

السائل : نعم.

الشيخ : فهذا إن كان الدم يسيراً لا يؤثر تأثير الحجامة لم يُفطر به وإن كان الدم كثيراً يؤثر على البدن تأثير الحجامة فإنه يُفطر بذلك.
وعلى هذا فإذا كان صيامه واجباً فإنه لا يجوز أن يتبرّع لشخص حال صيامه لأنه يلزم منه أن يُفطر في الصوم الواجب والفطر في الصوم الواجب محرّم إلا لعذر.

السائل : نعم.

الشيخ : نعم لو فرض أن هذا المريض معرّض للتلف وأنه لو انتظر به غروب الشمس لهلك وقال الأطباء إنه ينتفع بدم هذا الصائم فإنه في هذه الحال يُفطر ويتبرّع بدمه لأنه أفطر لإنقاذ معصوم والفطر لإنقاذ المعصوم جائز مباح ولهذا أذِن للمرأة المرضع إذا خافت نقص اللبن على ولدها أذِن لها أن تُفطر وكذلك الحامل.

السائل : نعم.

الشيخ : وكذلك الحامل إذا خافت على ولدها أذن لها أن تفطر، ومن أفطر فعليه القضاء فقط إذا كان لعذر، أي نعم، عليه القضاء فقط.

السائل : نعم.

الشيخ : وبقي أن يُقال ما تقولون في الكحل والسعور في الأنف والقطرة في الأذن أو في العين فنقول أما القطرة في الأذن أو في العين فإنها لا تفطّر مطلقاً لأن ذلك ليس أكلا ًولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب وليس من المنافذ المعتادة التي تصل إلى المعدة عن طريق العين أو الأذن وأما الأنف فإنه إذا وصل إلى جوفه شيء منه من طريق الأنف يُفطر بذلك ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام للقيط بن صبرة : "بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً" ومن مفسدات الصوم خروج دم الحيض والنفاس بالنسبة للمرأة فإذا خرج منها دم الحيض أو دم النفاس وهي صائمة بطل صومها والعبرة بالخروج لا بالإحساس به دون أن يخرج فلو فرض أن امرأة أحست بدم الحيض قبيل غروب الشمس ولكن لم يخرج إلا بعد أن غربت الشمس فصومها صحيح.

السائل : نعم.

الشيخ : وقد كان بعض النساء يظن أن المرأة إذا رأت الحيض قبل أن تصلي المغرب ولو بعد الغروب فإن صومها ذلك اليوم لا يصح وهذا لا أصل له فالمعتبر خروج الدم، إن خرج قبل الغروب فسد الصوم وإن لم يخرج إلا بعده فالصوم صحيح وليعلم أن هذه المفطرات المفسدات للصوم لا تُفسده إلا بشروط ثلاثة، الشرط الأول : أن يكون عالماً والشرط الثاني: أن يكون ذاكراً والشرط الثالث : أن يكون مختاراً، فإن كان جاهلاً لم يفسد صومه مثل أن يأكل يظن أن الفجر لم يطلع فيتبيّن أنه طالع أو أن الشمس قد غربت فيتبيّن أنها لم تغرب فإن صومه لا يفسد بذلك ودليله ما ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها قالت : " أفطرنا في يوم غيم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس ولم يؤمروا بالقضاء " وكذلك لو أكل أو شرب ناسياً أنه صائم فإنه لا قضاء عليه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه" وكذلك لو أكره على شيء من المفطرات فإنه لا يفسد صومه بذلك لأن المكره غير مريد ولهذا رفع الله حكم الكفر عمن أكره عليه فقال : { من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم } وليُعلم أن هذه المفطرات ليس فيها كفارة إلا شيء واحد وهو الجماع فإن الإنسان إذا جامع زوجته وهو صائم في نهار رمضان وهو ممن يجب عليه الصوم وجب عليه كفارة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
وانتبه لهذه الشروط أن يكون في نهار رمضان وهو ممن يجب عليه الصوم فإن كان في غير رمضان فإنه لا كفارة عليه، يفسد صومه ولكن لا كفارة عليه، وكذلك لو كان في نهار رمضان وهو ممن لا يجب عليه كما لو جامع زوجته وهو مسافر صائم فإنه لا كفارة عليه حينئذٍ لأن الصوم لا يجب عليه في هذه الحال إذ يجوز له أن يُفطر عمداً.

السائل : نعم.

الشيخ : نعم.

Webiste