تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح حديث جابر رضي الله عنه : ( أن رسول الله صل... - الالبانيالشيخ : وعن جابر رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل على أمِّ السَّائب أو أمِّ المُسيَّب فقال : ما لك تزفزفين؟ قالت : الحمى ، لا بارك...
العالم
طريقة البحث
شرح حديث جابر رضي الله عنه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل على أمِّ السَّائب أو أمِّ المُسيَّب فقال : ما لك تزفزفين ؟ قالت : الحمى ؛ لا بارك الله فيها فقال : لا تسبِّي الحُمَّى ؛ فإنها تُذهِبُ خطايا بني آدم كما يُذهب الكيرُ خبثَ الحديد ).
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل على أمِّ السَّائب أو أمِّ المُسيَّب فقال : ما لك تزفزفين؟ قالت : الحمى ، لا بارك الله فيها فقال : لا تسبِّي الحُمَّى ، فإنها تُذهِبُ خطايا بني آدم كما يُذهب الكيرُ خبثَ الحديد رواه مسلم .
يفسِّر تزفزفين قال : رُوِيَ برائين وبزائين ، تزفزفين وترفرفين، ومعناهما متقارب وهو الرِّعدة التي تحصل للمحموم ، هذا حديث صريح جدّا في فضل الحُمَّى وأنها تُطهِّر من ابتلاهُ الله بها بالشرط الذي نذكِّركم به دائما أبدا الصبر على ذلك ، فهذه الحمَّى تطهِّر صاحبها كما يطهِّر النار خبث الحديد ، وفيه أدب من الآداب الإسلاميَّة التي قلَّما يتنبَّه لها المسلمون خاصَّة اليوم ، وهي أنه لا يجوز سبُّ من يؤذيه لشيء ما لا سيَّما إذا كان المسبوب ليس مُكلَّفا ، يعني من الثقلين الإنس والجن ، وإنما قد يكون مرضا كالحمَّى هنا ، وقد يكون حيوانا ليس مُكلَّفا ، كما جاء في حديث صحيح : لا تسبُّوا الدِّيك ، فإنَّه يوقظ للصلاة ، ونحن نعلم من بعض البلاد أو الحارات أن بعض مَن لا خلاقَ لهم ومَن لا دينَ عندهم يتضجَّرون من الأذان على المنارة ، وعفوا أقول على المنارة مجازا لأنه لم يبق اليوم مَن يصعد على المنارة ، ولكن مكبِّر الصوت قامَ مقام المؤذِّن حينما يصعد على المنارة ، فيرتفع الصوت المؤذن بواسطة المكبِّر فيتضجَّر من هذا الصوت الذي فيه ذكر الله عز وجل مَن لا خلاق له من الناس ، وقد يشتم وقد يسبُّ ، وربما وصل السَّبُّ إلى مَن أرسل محمَّداً عليه السلام بدين الإسلام .
فهذا الحديث فيه نهي صريح عن أنه لا يجوز للمسلم أن يسب المرض، لماذا ؟ لأن هذا المرض ليس مُكلَّفا ليس عاقلا ليس هو الذي سلَّط نفسه على المريض ، وإنما الله تبارك وتعالى هو الذي سلَّط هذا المرض على هذا العبد ، ولذلك فلا ينبغي للمسلم أن يسبَّ هذا المرض ، لأن الله عز وجل هو الذي تصرَّف فيه ، ولعل من هذا الباب وله صلة وثيقة بهذا الحديث قوله عليه الصلاة والسلام : لا تسبُّوا الدَّهر ، فإن الله هو الدَّهر فلما الإنسان بيتوجَّه لثورة غضبية ولوم على الدَّهر وفعل وتصرَّف وإلى آخره ، كلٌّ منَّا يعرف أن الدَّهر ليس شيئاً مُكلَّفاً ، وإنما ربنا عز وجل هو الذي يتصرَّف في هذا الدَّهر كما يشاء ، فلذلك فلا يجوز سبُّ الدهر، لأن هذه المسبَّة تتوجَّه إلى الذي يتصرَّف بالدَّهر وهو الله تبارك وتعالى ، لذلك لا يجوز سبُّ الدهر كما لا يجوز بداهة ذمُّ القدر ، وهذا بلاء عمَّ كتاب المسلمين اليوم.
عليه الصلاة والسلام : لا تسبُّوا الدَّهر ، فإن الله هو الدَّهر فلما الإنسان بيتوجَّه لثورة غضبية ولوم على الدَّهر وفعل وتصرَّف وإلى آخره ، كلٌّ منَّا يعرف أن الدَّهر ليس شيئاً مُكلَّفاً ، وإنما ربنا عز وجل هو الذي يتصرَّف في هذا الدَّهر كما يشاء فلذلك فلا يجوز سبُّ الدهر، لأن هذه المسبَّة تتوجَّه إلى الذي يتصرَّف بالدَّهر وهو الله تبارك وتعالى ، لذلك لا يجوز سبُّ الدهر كما لا يجوز بداهة ذمُّ القدر ، وهذا بلاء عمَّ كتاب المسلمين اليوم الذين لا علمَ عندهم ، يصبُّون كلَّ غضبهم على القدر وفعل بفلان كذا وكذا وكذا وكذا وكذا وحتى قال قائلهم ممَّن لا يُقدِّر أو لعله لا يعرف معنى القدر ، شو قال ؟
" إذا الشعب يوماً أراد الحياة *** فلا بدَّ أن يستجيب القدر "
هذا كفرٌ ، كفر لو كانوا يعلمون ، ليه ؟ لأنهم عكسوا العقيدة الاسلامية ، ربنا عز وجل يقول في صريح القرآن الكريم : وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ونحن بالتجربة نعرف بعد الإسلام والعقيدة الإسلامية أنَّ أحدنا بل جماعات منَّا ، بل شعوب ، بل أمَّة تريد شيئاً ثم لا تصل إلى ذلك الشيء ، لأن الله عز وجل كما في صريح القرآن الكريم : غالب على أمره ، فهذا الذي نظم هذا البيت الكافر لم يفكِّر فيما قال أبداً ، ومع الأسف الشديد إن الشاعر أحياناً قد يقول الكلمة لا يلقي لها بالاً ، وهنا ينطبق قول الرسول عليه السلام : وإنَّ الرجل لَيتكلَّم بالكلمة لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاً فالشاعر قد يقول كلمة ولا يعي ولا يدري ولا يفكِّر إلى ما ترمي من الخطأ ومن الضلال ، ولكن العجب الذي لا ينتهي هذا الشاعر تكلَّم وتكلَّم ولم يعِ ولم يتنبَّه ، فما بال الناس يترنَّمون بهذا البيت ؟! حتى بعض المتفقِّهة مرة جاء بعض الزُّوَّار من ليبيا إلى الجامعة الإسلامية وإذا به يتكلَّم بمناسبة العمل ويأتي بهذا البيت من الشعر ، وهو رجل متفقِّه زعم !
الخلاصة : إن نسبة التصرف إلى غير الله عز وجل من غير المُكلَّفين هذا لا يجوز بل قد يعود على صاحبه بالكفر ، فسبُّ الحمى معنى ذلك أن الحمَّى شيء عاقلة تفكِّر تعرف من تُصيب بمرضها وبعلَّتها ، والأمر ليس كذلك ، إنما الله عز وجل هو الفعَّال لما يُريد .

Webiste