" كُتِبَ الموتُ على الخلقِ فَكَمْ *** فلَّ مِن جمعٍ وأفنَى من دُوَلْ "
فالموت مكتوب على كلِّ حي ، فلا يبقى على هذا الكون حي إلا الحي القيوم - سبحانه وتعالى - ؛ ولذلك فقوله : "إلا جعل له شفاء" استثنى منه - عليه الصلاة والسلام - الهرم لأنه نذير وقرين الموت ، فما من إنسان يهرم إلا ويعقبه الموت لا مناص من ذلك ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : "فإن الله - عز وجل - لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً غير داء واحد" . فقالوا : ما هو يا رسول الله ؟ قال : "الهرم" . فذكر الهرم ، وهو يعني عليه اللام : الموت لأن الموت كما قلنا يأتي بعد الهرم ولا بدّ لكن قد يأتي الموت على الشاب ، قد يأتي الموت على الطفل الصغير لكن إذا هرم الإنسان فلا مناص لأن يتهيَّأ إلى الموت القريب . لذلك جاء التصريح بالموت في بعض الأحاديث الصحيحة كقوله - عليه الصلاة والسلام - : "الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا الموت" ، فههنا صرَّح ما قال الهرم قال : "الموت" ؛ لأن الهرم المقصود به هنا الواقع الهرم الذي هو نذير الموت .