فانظروا الآن هذه المراحل التي مرَرْتُ بها ، فلذلك نحن ننصح - كما نصحتُ نفسي - لا أسمح أن أنشر هذا الكتاب إلا بعد أن مضى عليه ثلاثة أكثر من خمسين سنة ؛ لأنني ألفته وعمري في حدود الرابعة والعشرين ، وأنا الآن في السادسة والسبعين ؛ فلا أسمح لنفسي بنشر هذا الكتاب ، إلا لو يسَّر الله لي أن أعيد النظر فيه من أوله إلى آخره ، وأستدرك ما فاتني بالنسبة لهذه الملاحظة التي ذكرتها آنفًا .
تجربتي في هذه الحياة الطويلة ، وبهذا العلم الخاص ، أنا أنصح الشباب الناشئين اليوم والراغبين في دراسة هذا العلم أنَّهم إذا ألَّفوا في موضوع ، أو علَّقوا على كتاب أو رسالة ؛ أن لا يبادروا إلى نشر ذلك ، وإنما ينتظرون به على الرَّفِّ عندهم ، كما فعلت أنا طيلة هذه السنين الطويلة بهذا الكتاب ؛ لأنني ألَّفته قبل النضج العلمي لهذا الفن العظيم ، وهو علم حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .