مسألة القاعدة عند الأصوليين أن الأمر الوجوب ، وأن النهي بالتحريم ما لم تأتِ قرينة .
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : بعد المغرب يا شيخ كنَّا نبحث مسألة في الأصول مع بعض الإخوة ، وسألت عنها جمعًا من أهل العلم ؛ مسألة القاعدة عند الأصوليين أن الأمر للوجوب ، وأن النهي للتحريم ما لم تأت قرينة أو صارف .
الشيخ : تمام .
السائل : هناك يا شيخ عشرات الأوامر وعشرات النواهي يعرو منها شيء للإباحة للندب ، والأوامر للكراهة مع عدم الصارف ، السؤال يا شيخ لماذا هم قعَّدوا هذه القاعدة ؟ وهل القاعدة ممكن أن تكون قوليَّة أو فعليَّة أو مُستحثَّة من الواقع ؟
الشيخ : إي طبعًا من التتبُّع ، في قاعدة تُقعَّد وتُؤصَّل من تتبُّع العلماء لمفردات الأحاديث والآيات والأحكام ، لكن الحقيقة أن القول بأن الأصل في الأمر الوجوب لا يمكن تعامل الناس إلا على هذا الأساس ، والخروج عن هذه القاعدة لا بدَّ لها من قرينة ، إلا أن هنا يرد شيء قد يُلاحظ بعضُهم قرينة وآخر لا يُلاحظها ، يمكن هذا أن يقع ، أما لأنه يقع مثل هذا الخلاف بين إمامين أو عالمين أو طالبين للعلم ؛ فهذا لا ينبغي أن يحملنا على إبطال القاعدة الأساسية ؛ وهي أن الأصل في الأمر الوجوب .
السائل : نحن يا شيخ ما نبطلها لكن نقول ببعضها ، يعني كمثال يا شيخ : درسنا في الكلية لما ذكر المدرِّسون هذه القاعدة ذكروا سبعة أمثلة ، من ضمنها حديث : أَولِمْ ولو بشاة ، والكتابة والإشهاد في البيع ، والكتابة على ... ، يقول ذهب بعضهم إلى أولِمْ ولو بشاة الجمهور للوجوب ، وخالف آخرون فقالوا للاستحباب ، فنقول هل - للي قالوا بالاستحباب - وش القرينة عندهم ؟ أو ما الصَّارف عندهم ؟
الشيخ : كل نص يجب أن يدرس لوحده ، وهذا يُسأل الذي يتبنَّى أن الأمر في هذه الأمثلة بالنسبة للوجوب ، أما أولِمْ ولو بشاة فهذا ليس هناك ما يصرف الأمر بالنسبة للمستطيع إلى الاستحباب من الوجوب ، أما الإشهاد فتعامل الصحابة بعضهم مع بعض ، تعامل الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلا شك هذا دليل عملي على أن الأمر ليس للوجوب ؛ كما قلت أنا آنفًا بالنسبة أنُّو إذا جاء - مثلًا - سألَ بعد النهي ممكن أن يُفسَّر النهي ... أو جاء أنا أقول الآن بعد الأمر ممكن أن يُفسَّر الأمر أنه ليس للوجوب ، فجريان عمل الرسول - عليه السلام - في بيعه في شرائه مع الناس ، والصحابة على ذلك ، وعدم الإشهاد والكتابة على ذلك ؛ هذا أكبر دليل وأكبر قرينة على أن الأمر ليس للوجوب ، فقد يصيب إذًا بعضهم عندما يمثِّل لأمر ما بأنه ليس للوجوب وقد يُخطِئ ، والأمر ككل المسائل الاجتهادية يتَّبع الإنسان فيها ما قام عليه الدليل وبس ، أما أنك تتصوَّر أن كل قاعدة مسلمة يعني بالمئة مئة ما من عامٍّ إلا وقد خُصَّ ، إلا ما ندر جدًّا ، لكن مسألة أنُّو ، لا شكَّ قرأتم إذًا بالأصول اختلافهم هل الأمر يفيد الوجوب أم لا ؟ فيها خلاف ، فبعضهم حتى بعض الجماعات الحزبية تتبنَّى أن الأمر ليس للوجوب ، وأنا أعتقد أن العلم ليس هو الذي يحملهم على تبنِّي هذه القاعدة المنحرفة عن الجادة ، وإنما هو لتسيير مخالفة أوامر كثيرة وكثيرة جدًّا ، زعمهم من باب التيسير على الناس والتسهيل عليهم .
لكني أعتقد أن الاستعمال اللغوي اللغة لو تركنا الآن الشرع جانبًا - وهو الأصل بلا شك - ؛ لكن مشان إقناع الناس اللغة لا يمكن أن تكون أساسًا للتفاهم كما ربنا - عز وجل - خلق اللغات وجعلها سبب للتفاهم بين الناس بعضهم مع بعض ، لا يمكن أن تكون هذه اللغة أساسًا للتفاهم إذا قيل بأن الأمر ليس بالوجوب ، لا يمكن ، وأنا جرت لي نكتة أو حادثة قد يفيد ذكرها ؛ جاءني مرَّة وأنا في المكتبة الظاهرية أحد إخوانا الطلبة ، وكان تحت يد معلم في مكتبة ، هذا المعلم أو هذا الأستاذ يتبنَّى القول بأن الأمر ليس للوجوب ، وإنما كل أمر يجب أن إيش ؟ يُلاحظ قرينته ، فإن دلَّ على الوجوب فالوجوب ، والاستحباب استحباب ، ندب ، إرشاد ، إباحة ، إلى آخره ، فجاءني يشكو يقول : إن فلان أتعبني جدًّا بهذا البحث ، معلِّمه طالب علم قوي ، صاحبنا مبتدي ، فمثله لا يمكن بقى أن نلقِّنه الحجج ، وأنا رأيت أن ندله على طريق حاسم في الموضوع ، وفعلًا كان كذلك ، قلت : كلما أمرك أستاذك بشيء من محل في الدكان بقولوا عنا باللغة السورية " طنِّش " ؛ يعني اعمل حالك ما سمعت ، هو طبعًا سيثور المعلم ، لِكْ يا فلان ما قلت لك جيب الغرض الفلاني ؟ يقول له : يا أستاذ بس الأمر لا يفيد الوجوب ، كان شي ساعة أنُّو لا يجيب عليه ، وفعلًا انتهت المشكلة بيني وبينه بهذا الطريق ، هذا في تعقيد ... الناس ، الأب بقول لابنه افعل كذا ، لا ما بفعل ؛ ليش ؟ لأأنُّو بدها قرينة لحتى نفهم أنُّو هذا الأمر للوجوب ، والمعلِّم يقول لأجيره وهكذا ، الأمير لمأموره ، تعطيل مصالح الناس !! وعلى ذلك تعطيل الشريعة ؛ لذلك القاعدة جيد تبنِّيها ، لكن ما يخدش فيها لأنه أحيانًا يختلفوا الفقهاء في بعض الأوامر ، منهم من يقول كذا ومنهم من يقول كذا ؛ إذًا اتَّق الله - عز وجل - ، وفتِّش عن دليل كلٍّ منهم ، وخذ ما اطمأنَّت إليه نفسك وانشرح له صدرك .
السائل : إذا سلكوا يا شيخ مثل صاحب الدكان ؛ ناهيك عن السؤال هنا ليس بكراهة ، فنسأل حتى في ... .
...
الشيخ : تمام .
السائل : هناك يا شيخ عشرات الأوامر وعشرات النواهي يعرو منها شيء للإباحة للندب ، والأوامر للكراهة مع عدم الصارف ، السؤال يا شيخ لماذا هم قعَّدوا هذه القاعدة ؟ وهل القاعدة ممكن أن تكون قوليَّة أو فعليَّة أو مُستحثَّة من الواقع ؟
الشيخ : إي طبعًا من التتبُّع ، في قاعدة تُقعَّد وتُؤصَّل من تتبُّع العلماء لمفردات الأحاديث والآيات والأحكام ، لكن الحقيقة أن القول بأن الأصل في الأمر الوجوب لا يمكن تعامل الناس إلا على هذا الأساس ، والخروج عن هذه القاعدة لا بدَّ لها من قرينة ، إلا أن هنا يرد شيء قد يُلاحظ بعضُهم قرينة وآخر لا يُلاحظها ، يمكن هذا أن يقع ، أما لأنه يقع مثل هذا الخلاف بين إمامين أو عالمين أو طالبين للعلم ؛ فهذا لا ينبغي أن يحملنا على إبطال القاعدة الأساسية ؛ وهي أن الأصل في الأمر الوجوب .
السائل : نحن يا شيخ ما نبطلها لكن نقول ببعضها ، يعني كمثال يا شيخ : درسنا في الكلية لما ذكر المدرِّسون هذه القاعدة ذكروا سبعة أمثلة ، من ضمنها حديث : أَولِمْ ولو بشاة ، والكتابة والإشهاد في البيع ، والكتابة على ... ، يقول ذهب بعضهم إلى أولِمْ ولو بشاة الجمهور للوجوب ، وخالف آخرون فقالوا للاستحباب ، فنقول هل - للي قالوا بالاستحباب - وش القرينة عندهم ؟ أو ما الصَّارف عندهم ؟
الشيخ : كل نص يجب أن يدرس لوحده ، وهذا يُسأل الذي يتبنَّى أن الأمر في هذه الأمثلة بالنسبة للوجوب ، أما أولِمْ ولو بشاة فهذا ليس هناك ما يصرف الأمر بالنسبة للمستطيع إلى الاستحباب من الوجوب ، أما الإشهاد فتعامل الصحابة بعضهم مع بعض ، تعامل الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلا شك هذا دليل عملي على أن الأمر ليس للوجوب ؛ كما قلت أنا آنفًا بالنسبة أنُّو إذا جاء - مثلًا - سألَ بعد النهي ممكن أن يُفسَّر النهي ... أو جاء أنا أقول الآن بعد الأمر ممكن أن يُفسَّر الأمر أنه ليس للوجوب ، فجريان عمل الرسول - عليه السلام - في بيعه في شرائه مع الناس ، والصحابة على ذلك ، وعدم الإشهاد والكتابة على ذلك ؛ هذا أكبر دليل وأكبر قرينة على أن الأمر ليس للوجوب ، فقد يصيب إذًا بعضهم عندما يمثِّل لأمر ما بأنه ليس للوجوب وقد يُخطِئ ، والأمر ككل المسائل الاجتهادية يتَّبع الإنسان فيها ما قام عليه الدليل وبس ، أما أنك تتصوَّر أن كل قاعدة مسلمة يعني بالمئة مئة ما من عامٍّ إلا وقد خُصَّ ، إلا ما ندر جدًّا ، لكن مسألة أنُّو ، لا شكَّ قرأتم إذًا بالأصول اختلافهم هل الأمر يفيد الوجوب أم لا ؟ فيها خلاف ، فبعضهم حتى بعض الجماعات الحزبية تتبنَّى أن الأمر ليس للوجوب ، وأنا أعتقد أن العلم ليس هو الذي يحملهم على تبنِّي هذه القاعدة المنحرفة عن الجادة ، وإنما هو لتسيير مخالفة أوامر كثيرة وكثيرة جدًّا ، زعمهم من باب التيسير على الناس والتسهيل عليهم .
لكني أعتقد أن الاستعمال اللغوي اللغة لو تركنا الآن الشرع جانبًا - وهو الأصل بلا شك - ؛ لكن مشان إقناع الناس اللغة لا يمكن أن تكون أساسًا للتفاهم كما ربنا - عز وجل - خلق اللغات وجعلها سبب للتفاهم بين الناس بعضهم مع بعض ، لا يمكن أن تكون هذه اللغة أساسًا للتفاهم إذا قيل بأن الأمر ليس بالوجوب ، لا يمكن ، وأنا جرت لي نكتة أو حادثة قد يفيد ذكرها ؛ جاءني مرَّة وأنا في المكتبة الظاهرية أحد إخوانا الطلبة ، وكان تحت يد معلم في مكتبة ، هذا المعلم أو هذا الأستاذ يتبنَّى القول بأن الأمر ليس للوجوب ، وإنما كل أمر يجب أن إيش ؟ يُلاحظ قرينته ، فإن دلَّ على الوجوب فالوجوب ، والاستحباب استحباب ، ندب ، إرشاد ، إباحة ، إلى آخره ، فجاءني يشكو يقول : إن فلان أتعبني جدًّا بهذا البحث ، معلِّمه طالب علم قوي ، صاحبنا مبتدي ، فمثله لا يمكن بقى أن نلقِّنه الحجج ، وأنا رأيت أن ندله على طريق حاسم في الموضوع ، وفعلًا كان كذلك ، قلت : كلما أمرك أستاذك بشيء من محل في الدكان بقولوا عنا باللغة السورية " طنِّش " ؛ يعني اعمل حالك ما سمعت ، هو طبعًا سيثور المعلم ، لِكْ يا فلان ما قلت لك جيب الغرض الفلاني ؟ يقول له : يا أستاذ بس الأمر لا يفيد الوجوب ، كان شي ساعة أنُّو لا يجيب عليه ، وفعلًا انتهت المشكلة بيني وبينه بهذا الطريق ، هذا في تعقيد ... الناس ، الأب بقول لابنه افعل كذا ، لا ما بفعل ؛ ليش ؟ لأأنُّو بدها قرينة لحتى نفهم أنُّو هذا الأمر للوجوب ، والمعلِّم يقول لأجيره وهكذا ، الأمير لمأموره ، تعطيل مصالح الناس !! وعلى ذلك تعطيل الشريعة ؛ لذلك القاعدة جيد تبنِّيها ، لكن ما يخدش فيها لأنه أحيانًا يختلفوا الفقهاء في بعض الأوامر ، منهم من يقول كذا ومنهم من يقول كذا ؛ إذًا اتَّق الله - عز وجل - ، وفتِّش عن دليل كلٍّ منهم ، وخذ ما اطمأنَّت إليه نفسك وانشرح له صدرك .
السائل : إذا سلكوا يا شيخ مثل صاحب الدكان ؛ ناهيك عن السؤال هنا ليس بكراهة ، فنسأل حتى في ... .
...
الفتاوى المشابهة
- التعليق على قول المصنف: " والواجب على الخلق... - ابن عثيمين
- مسألة أصولية: هل الأصل في الأمر يفيد الوجوب أو... - الالباني
- هل الأمر للوجوب في جميع النصوص إلا اذا وجدنا... - ابن عثيمين
- هل يمكن أن يقال أن حديث الأمر بصبغ الشعر يدل ع... - الالباني
- ثانيا: الأصل في الأوامر الوجوب وذكر الخلاف ف... - ابن عثيمين
- سؤال عن صوارف الأمر عن الوجوب ؟ - ابن عثيمين
- هل الأصل في الأوامر التي للآداب الوجوب أم أنها... - الالباني
- الأمر للوجوب - اللجنة الدائمة
- هل الأمر للوجوب أم الاستحباب ؟ - الالباني
- القاعدة الأصولية تقول: إن الأصل في الأوامر وال... - الالباني
- مسألة القاعدة عند الأصوليين أن الأمر الوجوب ،... - الالباني