أيُّ كيفيَّات الحج أفضل التمتُّع أم القران أم الإفراد ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : أيُّ كيفيَّات الحج أفضل التمتُّع أم القِرَان أم الإفراد ؟
هذا السؤال قد اختلف الفقهاء منذ القديم في إجابتهم عليه ، فمن قائلٍ بأن الأفضل هو القران ، وحُجَّته في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حجَّ حجَّة الوداع قارنًا ، وهذا هو الصحيح الثابت الراجح من الروايات المختلفة التي وردَتْ عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في حجَّته أنه كان قارنًا ، وهناك مَن يقول بأنه - عليه السلام - حجَّ متمتِّعًا ، ومنهم من يقول بأنه حج حجًّا مفردًا ، لكن الصحيح أن حجَّه كان قارنًا ، والذين يذهبون إلى أن الحجَّ المُفرد هو الأفضل حجَّتهم ما جاء في بعض الروايات أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لبَّى بالحج ، لكن هذا لا يُنافي أنه ضمَّ إلى الحج العمرة ، وهذا ما جاء صريحًا عن بعض الصحابة منهم أنس بن مالك حيث قال : إنه كان آخذًا بخطام ناقة النبي - عليه السلام - حينما أحرَمَ بالحج من ذي الحُليفة قال : فسمعته يقول : لبيك اللهم بعمرة وحجَّة . فلا نشك تبعًا لجماهير علماء الحديث أن حجة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كانت قرانًا ؛ ولذلك فلا مجال للمُفاضلة بين حجة القران وبين حج الإفراد ؛ لأن حج الإفراد ليس له وجه من التفضيل ؛ لأنه لم يثبت أن الرسول - عليه السلام - حج حجًّا مفردًا من جهة ، ولا ثبت أنه حج على حج الإفراد لقوله - عليه السلام - من جهة أخرى ؛ ولذلك فلم يبقَ مجال للمفاضلة إلا بين القران وبين التمتُّع . ولا نشك - أيضًا - أن التمتُّع بالعمرة إلى الحج هو الأفضل ؛ بل هو الواجب ؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كانت حجته قرانًا كما ذكرنا آنفًا فهناك ضميمةٌ اقترنت بحجة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فتعرَّى عن حجَّات الحاجِّين في أغلب الأزمان والعصور .
هذه الضميمة هي أنه - عليه الصلاة والسلام - ساقَ الهدي معه من ذي الحُليفة ؛ أي : إنه - عليه السلام - لما أحرَمَ بالقران كان قد ساق الهدي ، ولذلك فيختلف حكم مَن حج قارنًا وقد ساق الهدي عن حكم من حج قارنًا ولم يسُقِ الهدي ، هذا الاختلاف أخذناه من حجة الرسول - عليه الصلاة والسلام - حجَّة الوداع ، وهي حجة واحدة ؛ ذلك أنه ثبت من حديث السيدة عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما حج وحج الناس معه بالألوف المؤلفة كانوا على أنواع ثلاثة ؛ فمنهم القارن ، ومنهم المفرد ، ومنهم المتمتِّع ، ثم القارن مَن كان قارنًا مع الرسول - عليه السلام - ومفردًا كانوا على قسمين : جمهورهم لم يسوقوا الهدي ، وإنما نحروا في منى ، والقليل منهم ساقوا الهدي من ذي الحُليفة كما ذكرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ وعلى هذا فيمكن أن نقول : إن الذين حجُّوا مع الرسول - عليه السلام - منهم مَن ساق الهدي ، ومنهم مَن لم يسق الهدي ، هؤلاء الذين لم يسوقوا الهدي من كان متمتِّعًا فسترون فيما يأتي أن هذا الذي ارتضاه الرسول - عليه السلام - لهم ، و من لم يكن ساق الهدي وكان قرن أو أفرد فقد قال الرسول - عليه السلام - لهؤلاء في أوَّل الأمر وهم ينطلقون من المدينة إلى مكة قال لهم : مَن كان منكم لم يسُقِ الهدي وأحبَّ أن يجعَلَها عمرة فليفعَلْ ، نجد هنا أن الرسول - عليه السلام - رغَّبهم ولم يعزِمْ عليهم ، رغَّبهم أن من كان منهم لم يسق الهدي وكان نوى غير التمتُّع قال : فليجعَلْها عمرة ، لكنه قال : من أحبَّ ، ثم في مرحلة أخرى كرَّر لهم الرسول - عليه السلام - هذا الحضَّ ، ولكنه لما جاء مكة وطاف حول الكعبة وسعى قال لهم : من كان لم يسُقِ الهديَ فليجعَلْها عمرة ، من قبل قال : مَن أحبَّ أن يجعَلَها عمرة فليفعَلْ .
أخيرًا : تقرَّر حكمُ الله على لسان نبيِّه على قوله - عليه السلام - : مَن كان منكم لم يسُقِ الهديَ فليجعَلْها عمرة ، فبادر بعضهم فتحلَّل ، ومعنى قول الرسول - عليه السلام - هذا فليجعَلْها عمرة يعني فليفسَخْ نيَّته السابقة سواء كان حجًّا مفردًا أو حجَّ قران ، فليفسَخْ هذه النية وليحوِّلْها إلى نيَّة جديدة هي العمرة ، ولازم ذلك أنه مجرَّد أن ينتهي من السَّعي بين الصفا والمروة يقصُّ شعره أو يحلقه ، وبذلك تنتهي العمرة فيتحلَّل منها ، ويبقى حلالًا إلى اليوم الثامن من شهر ذي الحجة ، وهو اليوم المُسمَّى بالتروية . وقلت : إن بعض أصحاب الرسول - عليه السلام - بادروا إلى التحلُّل إلى فسخ الحجِّ إلى العمرة ، ولكن آخرين منهم ظلُّوا بإحرامهم ، فلما بلغ الخبر إلى الرسول - عليه السلام - غضب ورأته السيدة عائشة فقالت : من أغضَبَك يا رسول الله غضب الله عليه - أو قالت جملة نحو هذه - ؟ فقال : ما لي لا أغضب وأنا آمر الناس بأمر - أي : أمر الفسخ - ثم لا يفعلون ، فخطب فيهم الرسول - عليه السلام - مرَّة أخرى فقال : يا أيها الناس ، مَن كان منكم لم يسُقِ الهدي فليتحلَّل ، ولولا أني سُقْتُ الهديَ لأحلَلْتُ معكم ، ولو استقبلْتُ من أمري ما استدبرْتُ لَمَا سقْتُ الهدي ولَجَعَلْتُها عمرة . حينَ ذاك بادر أصحاب الرسول - عليه السلام - فتحلَّلوا جميعًا ، وكما يقول جابر وغيره : " فسطعت المجامر وأتينا النساء " يعني تحلَّلوا .
من هنا نأخذ أن حجَّ التمتُّع هو الواجب على كلِّ حاج إلا مَن ساق الهدي من الحلِّ فله أسوة برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ حيث كانت حجته كذلك ، وإن كان في قوله الأخير : لو استقبلْتُ من أمري ما استدبرْتُ لَمَا سقْتُ الهدي ولَجَعَلْتُها عمرة ما يشعر بأن الأفضل بالنسبة إلينا بعد حجة الرسول - عليه السلام - أن لا نسوق الهدي - أيضًا - ، هذا هو الأفضل ، لكن إن فعل ذلك فاعل فليس لنا عليه سبيل من الإنكار ؛ لأن الرسول - عليه السلام - فعل ذلك ، وما أنكره بخلاف حجة الإفراد ، وبخلاف القران الذي لم يُسَقْ معه الهدي ، فهذا كما سمعتم أمر الرسول - عليه السلام - بفسخ الحجِّ إلى عمرة ، وغضب على الذين لم يبادروا إلى طاعة الرسول - عليه السلام - في فسخهم لحجِّهم إلى العمرة .
لهذا نحن نؤكد كتابةً وخطابة أنَّ كل مَن أراد الحج ، فليجعَلْ حجَّته متعة ، ثم عليه بعد ذلك شكرًا لله - عز وجل - أن يقدِّمَ هديًا ذبيحة إن وجد إلى ذلك سبيلًا ، وإلا صام سبعة أيَّام حسب ما فصَّل الله - عزوجل - ذلك في القرآن فقال : مَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ، وكثير من الناس الذين يصدق فيهم قول ربنا - تبارك وتعالى - : وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ لمَّا كانوا يعلمون أن التمتُّع يجب عليه الهدي ، أو صيام عشرة أيام كما سمعتم إذا لم يتيسَّر له الهدي يفرُّون من هذا الحكم بحيلةٍ من تلك الحيل الشرعية ، وهي أنهم يُقرنون الحج ثم يقرنون العمرة إلى الحج ، فبدل أن يتَّبعوا أمر الرسول - عليه السلام - بل صريح القرآن أن يأتوا بالعمرة بين يدي الحجِّ ، فهم يأتون بالعمرة بعد الفراغ من مناسك الحج ليتخلَّصوا ممَّا أوجب الله عليهم من الهدي أو الصيام .
ثم لا يعدمون ناسًا يحتجون لهم بحديث السيدة عائشة - رضي الله عنها - حيث جاءت بالعمرة بعد الحج وهي مع الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - فاتَّخذوا ذلك حُجَّةً لهم أن يعتمروا بعد الحج ، وكأنهم يظنُّون أنهم بذلك يحسنون صنعًا ! لأن أحدًا من الرسول - عليه السلام - ثم الصحابة الذين كانوا معه ، ثم السلف الذين جاؤوا من بعدهم ما تفقَّهوا هذا الفقه ، فكانوا كلهم يأتون بالعمرة بين يدي الحج ، ثم يقدِّمون الهدي أو الصيام إلا هؤلاء الناس المُحتالون الذين يأتون بالعمرة بعد الحج ، فيتخلَّصون بذلك من هذا الواجب من الهدي أو الصيام ، فيجب أن يعلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان معه من الصحابة الحجَّاج عشرات الألوف من الصحابة لم يأتِ أحد منهم بالعمرة بعد الحج إلا السيدة عائشة - رضي الله عنها - ، وهذا حكم خاصٌّ بها لا لأنها عائشة ، وإنما لأنها كانت حائضًا .
هذا السؤال قد اختلف الفقهاء منذ القديم في إجابتهم عليه ، فمن قائلٍ بأن الأفضل هو القران ، وحُجَّته في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حجَّ حجَّة الوداع قارنًا ، وهذا هو الصحيح الثابت الراجح من الروايات المختلفة التي وردَتْ عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في حجَّته أنه كان قارنًا ، وهناك مَن يقول بأنه - عليه السلام - حجَّ متمتِّعًا ، ومنهم من يقول بأنه حج حجًّا مفردًا ، لكن الصحيح أن حجَّه كان قارنًا ، والذين يذهبون إلى أن الحجَّ المُفرد هو الأفضل حجَّتهم ما جاء في بعض الروايات أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لبَّى بالحج ، لكن هذا لا يُنافي أنه ضمَّ إلى الحج العمرة ، وهذا ما جاء صريحًا عن بعض الصحابة منهم أنس بن مالك حيث قال : إنه كان آخذًا بخطام ناقة النبي - عليه السلام - حينما أحرَمَ بالحج من ذي الحُليفة قال : فسمعته يقول : لبيك اللهم بعمرة وحجَّة . فلا نشك تبعًا لجماهير علماء الحديث أن حجة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كانت قرانًا ؛ ولذلك فلا مجال للمُفاضلة بين حجة القران وبين حج الإفراد ؛ لأن حج الإفراد ليس له وجه من التفضيل ؛ لأنه لم يثبت أن الرسول - عليه السلام - حج حجًّا مفردًا من جهة ، ولا ثبت أنه حج على حج الإفراد لقوله - عليه السلام - من جهة أخرى ؛ ولذلك فلم يبقَ مجال للمفاضلة إلا بين القران وبين التمتُّع . ولا نشك - أيضًا - أن التمتُّع بالعمرة إلى الحج هو الأفضل ؛ بل هو الواجب ؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كانت حجته قرانًا كما ذكرنا آنفًا فهناك ضميمةٌ اقترنت بحجة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فتعرَّى عن حجَّات الحاجِّين في أغلب الأزمان والعصور .
هذه الضميمة هي أنه - عليه الصلاة والسلام - ساقَ الهدي معه من ذي الحُليفة ؛ أي : إنه - عليه السلام - لما أحرَمَ بالقران كان قد ساق الهدي ، ولذلك فيختلف حكم مَن حج قارنًا وقد ساق الهدي عن حكم من حج قارنًا ولم يسُقِ الهدي ، هذا الاختلاف أخذناه من حجة الرسول - عليه الصلاة والسلام - حجَّة الوداع ، وهي حجة واحدة ؛ ذلك أنه ثبت من حديث السيدة عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما حج وحج الناس معه بالألوف المؤلفة كانوا على أنواع ثلاثة ؛ فمنهم القارن ، ومنهم المفرد ، ومنهم المتمتِّع ، ثم القارن مَن كان قارنًا مع الرسول - عليه السلام - ومفردًا كانوا على قسمين : جمهورهم لم يسوقوا الهدي ، وإنما نحروا في منى ، والقليل منهم ساقوا الهدي من ذي الحُليفة كما ذكرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ وعلى هذا فيمكن أن نقول : إن الذين حجُّوا مع الرسول - عليه السلام - منهم مَن ساق الهدي ، ومنهم مَن لم يسق الهدي ، هؤلاء الذين لم يسوقوا الهدي من كان متمتِّعًا فسترون فيما يأتي أن هذا الذي ارتضاه الرسول - عليه السلام - لهم ، و من لم يكن ساق الهدي وكان قرن أو أفرد فقد قال الرسول - عليه السلام - لهؤلاء في أوَّل الأمر وهم ينطلقون من المدينة إلى مكة قال لهم : مَن كان منكم لم يسُقِ الهدي وأحبَّ أن يجعَلَها عمرة فليفعَلْ ، نجد هنا أن الرسول - عليه السلام - رغَّبهم ولم يعزِمْ عليهم ، رغَّبهم أن من كان منهم لم يسق الهدي وكان نوى غير التمتُّع قال : فليجعَلْها عمرة ، لكنه قال : من أحبَّ ، ثم في مرحلة أخرى كرَّر لهم الرسول - عليه السلام - هذا الحضَّ ، ولكنه لما جاء مكة وطاف حول الكعبة وسعى قال لهم : من كان لم يسُقِ الهديَ فليجعَلْها عمرة ، من قبل قال : مَن أحبَّ أن يجعَلَها عمرة فليفعَلْ .
أخيرًا : تقرَّر حكمُ الله على لسان نبيِّه على قوله - عليه السلام - : مَن كان منكم لم يسُقِ الهديَ فليجعَلْها عمرة ، فبادر بعضهم فتحلَّل ، ومعنى قول الرسول - عليه السلام - هذا فليجعَلْها عمرة يعني فليفسَخْ نيَّته السابقة سواء كان حجًّا مفردًا أو حجَّ قران ، فليفسَخْ هذه النية وليحوِّلْها إلى نيَّة جديدة هي العمرة ، ولازم ذلك أنه مجرَّد أن ينتهي من السَّعي بين الصفا والمروة يقصُّ شعره أو يحلقه ، وبذلك تنتهي العمرة فيتحلَّل منها ، ويبقى حلالًا إلى اليوم الثامن من شهر ذي الحجة ، وهو اليوم المُسمَّى بالتروية . وقلت : إن بعض أصحاب الرسول - عليه السلام - بادروا إلى التحلُّل إلى فسخ الحجِّ إلى العمرة ، ولكن آخرين منهم ظلُّوا بإحرامهم ، فلما بلغ الخبر إلى الرسول - عليه السلام - غضب ورأته السيدة عائشة فقالت : من أغضَبَك يا رسول الله غضب الله عليه - أو قالت جملة نحو هذه - ؟ فقال : ما لي لا أغضب وأنا آمر الناس بأمر - أي : أمر الفسخ - ثم لا يفعلون ، فخطب فيهم الرسول - عليه السلام - مرَّة أخرى فقال : يا أيها الناس ، مَن كان منكم لم يسُقِ الهدي فليتحلَّل ، ولولا أني سُقْتُ الهديَ لأحلَلْتُ معكم ، ولو استقبلْتُ من أمري ما استدبرْتُ لَمَا سقْتُ الهدي ولَجَعَلْتُها عمرة . حينَ ذاك بادر أصحاب الرسول - عليه السلام - فتحلَّلوا جميعًا ، وكما يقول جابر وغيره : " فسطعت المجامر وأتينا النساء " يعني تحلَّلوا .
من هنا نأخذ أن حجَّ التمتُّع هو الواجب على كلِّ حاج إلا مَن ساق الهدي من الحلِّ فله أسوة برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ حيث كانت حجته كذلك ، وإن كان في قوله الأخير : لو استقبلْتُ من أمري ما استدبرْتُ لَمَا سقْتُ الهدي ولَجَعَلْتُها عمرة ما يشعر بأن الأفضل بالنسبة إلينا بعد حجة الرسول - عليه السلام - أن لا نسوق الهدي - أيضًا - ، هذا هو الأفضل ، لكن إن فعل ذلك فاعل فليس لنا عليه سبيل من الإنكار ؛ لأن الرسول - عليه السلام - فعل ذلك ، وما أنكره بخلاف حجة الإفراد ، وبخلاف القران الذي لم يُسَقْ معه الهدي ، فهذا كما سمعتم أمر الرسول - عليه السلام - بفسخ الحجِّ إلى عمرة ، وغضب على الذين لم يبادروا إلى طاعة الرسول - عليه السلام - في فسخهم لحجِّهم إلى العمرة .
لهذا نحن نؤكد كتابةً وخطابة أنَّ كل مَن أراد الحج ، فليجعَلْ حجَّته متعة ، ثم عليه بعد ذلك شكرًا لله - عز وجل - أن يقدِّمَ هديًا ذبيحة إن وجد إلى ذلك سبيلًا ، وإلا صام سبعة أيَّام حسب ما فصَّل الله - عزوجل - ذلك في القرآن فقال : مَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ، وكثير من الناس الذين يصدق فيهم قول ربنا - تبارك وتعالى - : وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ لمَّا كانوا يعلمون أن التمتُّع يجب عليه الهدي ، أو صيام عشرة أيام كما سمعتم إذا لم يتيسَّر له الهدي يفرُّون من هذا الحكم بحيلةٍ من تلك الحيل الشرعية ، وهي أنهم يُقرنون الحج ثم يقرنون العمرة إلى الحج ، فبدل أن يتَّبعوا أمر الرسول - عليه السلام - بل صريح القرآن أن يأتوا بالعمرة بين يدي الحجِّ ، فهم يأتون بالعمرة بعد الفراغ من مناسك الحج ليتخلَّصوا ممَّا أوجب الله عليهم من الهدي أو الصيام .
ثم لا يعدمون ناسًا يحتجون لهم بحديث السيدة عائشة - رضي الله عنها - حيث جاءت بالعمرة بعد الحج وهي مع الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - فاتَّخذوا ذلك حُجَّةً لهم أن يعتمروا بعد الحج ، وكأنهم يظنُّون أنهم بذلك يحسنون صنعًا ! لأن أحدًا من الرسول - عليه السلام - ثم الصحابة الذين كانوا معه ، ثم السلف الذين جاؤوا من بعدهم ما تفقَّهوا هذا الفقه ، فكانوا كلهم يأتون بالعمرة بين يدي الحج ، ثم يقدِّمون الهدي أو الصيام إلا هؤلاء الناس المُحتالون الذين يأتون بالعمرة بعد الحج ، فيتخلَّصون بذلك من هذا الواجب من الهدي أو الصيام ، فيجب أن يعلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان معه من الصحابة الحجَّاج عشرات الألوف من الصحابة لم يأتِ أحد منهم بالعمرة بعد الحج إلا السيدة عائشة - رضي الله عنها - ، وهذا حكم خاصٌّ بها لا لأنها عائشة ، وإنما لأنها كانت حائضًا .
الفتاوى المشابهة
- تذكير بأن النائب في حج البدل عن الغير عليه أن... - الالباني
- كيفية حج القران والإفراد - ابن عثيمين
- ما الفرق بين التمتع و الإفراد و القران و أيه... - ابن عثيمين
- ما الفرق بين التمتع و الإفراد و القران ؟ - ابن عثيمين
- ما حكم عمرة الحج ؛ أي : حج التمتُّع ؟ - الالباني
- الكلام على صفة حج الإفراد وأيهما أفضل الإفرا... - ابن عثيمين
- اختيار الشيخ رحمه الله وجوب حج التمتع - الالباني
- ما هي أفضل مناسك الحج : التمتع أم القران أم... - ابن عثيمين
- الفرق بين حجِّ التمتُّع وحجِّ القران ، وبيان أ... - الالباني
- أي كيفيات الحج أفضل التمتع أو القران أو الإفراد ؟ - الالباني
- أيُّ كيفيَّات الحج أفضل التمتُّع أم القران أم... - الالباني