تم نسخ النصتم نسخ العنوان
كيف يجمع بين حديث (لا عدوى ولا طيرة) وبين حديث... - الالبانيالسائل :  الجمع بين حديث "لا عدوى ولا طيرة ولا صفر"  وحديث "فر من المجذوم فرارك من الأسد"  سكت الشباب إذا سمحتم يا إخوان اسمعوا الجواب على الجمع بين الح...
العالم
طريقة البحث
كيف يجمع بين حديث (لا عدوى ولا طيرة) وبين حديث (فرّ من المجذوم).؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : الجمع بين حديث "لا عدوى ولا طيرة ولا صفر" وحديث "فر من المجذوم فرارك من الأسد" سكت الشباب إذا سمحتم يا إخوان اسمعوا الجواب على الجمع بين الحديثين حديث "لا عدوى ولا طيرة" هل في عدوة ولا منفية و الجمع بين هذا الحديث وحديث "فر من المجذوم فرارك من الأسد" كثير من الناس يسألوا عن هذا ؟

الشيخ : من مزايا القرآن الكريم وكذلك كلام الرسول الأمين لأنه يخرج من مشكاة واحدة وهو كما قال تعالى في القرآن الكريم: { والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلامه يوحى إليه من السماء كالقرآن والفرق بين القرآن الكريم أنه لفظه ومعناه من رب العالمين أما احاديث الرسول عليه الصلاة والسلام فهي معانيها من وحي السماء فمن هذا الجانب الحديث يلتقي مع القرآن لكن يفترق عن القرآن من حيث إن لفظ هذه المعاني هو من ألفاظ الرسول عليه الصلاة والسلام أما القرآن فهو كلام الله فهو كلامه ومعناه أما حديث الرسول عليه السلام فاللفظ منه والمعنى من ربه تبارك وتعالى ولذلك فهو من هذه الحيثية معصوم لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه بناء على ذلك كما أن الله عز وجل شهد لكلامه وهو القرآن تلك الشهادة المسطورة في القرآن ألا وهي قوله تبارك وتعالى: { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافا كثيرا } لو كان هذ القرآن من غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ولكن لما كان من عند الله فلن تجدوا اختلافا قليلا فضلا عن أنكم سوف لا تجدون فيه اختلافا كثيرا كذلك ينبغي لكل مسلم أن يعتقد في حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا تناقض فيه ولا تضارب ولا اختلاف لأنه كما ذكرت آنفا هو من الله معناه ولفظه عليه الصلاة والسلام منه ثم هو في لفظه معصوم يؤكد لكم هذا الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه أو من حديث عبد الله بن عمر الشك الآن مني المهم أن الحديث يدور على أحد عبادلة الصحابة فهو إما عبد الله بن عمرو بن العاص وإما عبد الله بن عمر بن الخطاب قال كنت في مجلس فيه المشركون وكنت أكتب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحديث فقالوا له في ذلك المجلس: إنك لتكتب عن محمد ما يتكلم به في ساعة الرضا والغضب صار في نفسه شيء فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذكر له هذه الشبهة الشركية فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن قال له وقد وضع أصبعه على فمه الشريف فقال له: "اكتب فو الذي نفس محمد بيده لا يخرج منه إلا حق" ، ولكن حينما ترد بعض الأحاديث تبدو لبعض الناس خاصة إذا كان من الذين لم يؤتوا حظا كبيرا من العلم فيتوهمون التعارض بينهما ثم يكون عاقبة ذلك بالنسبة إليهم أن يشكوا في كل من الحديثين أي في ثبوتهما وبالتالي أن يضربوا أحدهما بالآخر فيقعون في الضلال الكبير حيث أعرضوا عن حديث الرسول عليه السلام وهو صحيح وهناك علم في علم الحديث يعرف بعنوان اختلاف الحديث هذا فصل من فصول علم الحديث ولكن بعضهم بعض العلماء الأقوياء ألفوا كتبا في اختلاف الحديث من هذه الكتب مثلا كتاب اختلاف الحديث لابن قتيبة وهو مطبوع أكثر من طبعة واحدة ومن ذلك أيضا كتاب مشكل الآثار لأبي جعفر الطحاوي وهما كتابان مهمان جدا لأنهما يدربان طالب العلم على معرفة طريق التوفيق بين الأحاديث التي يبدو منها التعارض يبدو ولا تعارض بينهما و الأمثلة في هذا النوع كثيرة وكثيرة جدا حسبكم أن تعلموا ما سبق ذكره أن العلماء ألفوا كتبا في هذا المجال وإنما يهمنا الآن الإجابة عن ذلك السؤال هناك الحديث المشهور "لا عدوى" وهناك حديث آخر يبدو أنه معارض للحديث الأول وهو "ارجع فإنا قد بايعناك" ولا من ذكر كل من الحديثين حتى أولا يتقوى في الظاهر التعارض بينهما لكن في الحقيقة سنتمكن من القضاء على التعارض قضاء مبرما وأن نتفهم الصواب من المعنى المراد من كل من الحديثين معا أما الحديث الأول "لا عدوى" فهو فقرة وقطعة من حديث له تتمة "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا غول" فلما تحدث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الحديث كان في المجلس بدوي صاحب جمال فعرض له شبهة في قوله عليه السلام الذي فيه: "لا عدوى" قال: يا رسول الله إنا نرى الجمل السليم يدخل الجمال بين الجمال عفوا نرى الجمل الأجرب يدخل بين الجمال السلمية فيعديها فقال عليه السلام: "فمن أعدى الأول" انتهى الحديث الأول الحديث الثاني جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليبايعه على الإسلام وفي يده داء الجذام وداء الجذام مرض معدي معروف فقال له عليه السلام: "ارجع فإنا قد بايعناك" يعني لم يرض الرسول عليه السلام أن يصافحه وبايعه خلاف مبايعه لعامة الصحابة حيث كان يبايعه بالمصافحة فجاء الرجل أيضا يريد أن يبايع الرسول على الإسلام بالمصافحة فاعتذر له وقال له: "ارجع فإنا قد بايعناك" من هنا جاء التعارض ولكن الحقيقة أن الحديث الأول لا ينفي العدوى لكنه ينفي عدوى معينة موصوفة بصفة خاصة ولا ينفي العدوى بصورة عامة كيف؟ لما قال عليه السلام: "لا عدوى" تبادر إلى ذهن العربي الأعرابي البدوي أنه ما يتبادر إلى أذهان كثير من الناس أن الشرع ينفي العدوى ولذلك أورد الإشكال الذي هو يلمسه بيده ويراه بعينه جماله السلمية التي كما جاء في بعض الأحاديث وبرها كالذهب فإذا دخل فيها الجمل الأجرب سرى الجرب إلى بدنها وصار يعني رؤيا مؤلمة جدا فعرض على الرسول هذه الشبهة فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم سلك معه سبيلا حكيما جدا لم يقل له أنت لم تفهم الحديث لم تفهم قصدي ومرادي وإنما قال له كلمة واحدة يفهم مقصود الرسول عليه السلام من باب الإشارة تغني عن صريح العبارة قال له: "فمن أعدى الأول" بهذا الجواب يمكننا أن نقول وضع الرسول عليه السلام النقاط على الحروف كم يقال في هذا الزمان فهو حينما قال: "لا عدوى" نفى العدوى التي يعتقدها أهل الجاهلية وهي أنها تنتقل بذاتها لمجرد مخالطة الجمل الأجرب للجمل السليم لا بد أن يعديه بجربه فالرسول عليه السلام نفى هذه العقيدة الجاهلية وهي عقيدة يمكن أن نقول إنها رجعت اليوم في جاهلية القرن العشرين ذلك لأن الأطباء ولا أقول أطباء الكفار فقط بل وبعض الأطباء المسلمين الذين ليس عندهم الفقه الإسلامي الصحيح أصبحوا قد وقر في نفوسهم أن هيك طبيعة الداء أنه يعدي بذاته بطبيعته والأمر ليس كذلك هناك فرق كبير جدا بين العدوى وبين أسباب أخرى جعلها الله عز وجل أسبابا مضطردة لا تختل إلا بصورة خارقة للعادة كالمعجزات والكرامات ونحو ذلك مثلا شخص جوعان يأكل يشبع ما نقدر نقول ما بيشبع هكذا سنة الله في خلقه إنسان عطشان بيشرب ماء بيرتوي انتهى الأمر لكن ليس كذلك مجرد ما إنسان سليم يخالط شخصا آخر مريضا بمرض يعدي أنه لا بد أن هذا المرض ينتقل إلى هذا السليم قد وقد قد وقد فحينما يقع المسلم في افتراض أمر في شيء خلقه الله لحكمة بالغة فيبالغ في هذ المخلوق ويصفه بما خالف الواقع حينئذ يكون قد وقع في الخطأ و هذا ما كان عليه أهل الجاهلية الأولى وما عليه كثير من الأطباء في هذا العصر كما ذكرت آنفا النبي صلى الله عليه و آله وسلم حينما قال: "لا عدوى" أبطل عدوى الجاهلية أي التي تنتقل بذاتها والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه و آله وسلم قال لذاك الأعرابي أنت تقول كذا وكذا فقولك لا نرده لأنه أمر مشاهد ولكن من أعدى الجمل الأول الذي هو بدأ يعدي في نظركم الجواب هو الله إذا الأمر كله بيد الله تبارك وتعالى فإذا فهم المسلم أن هناك عدوى في بعض الأمراض وهذه حقيقة علمية بل وشرعية لا يمكن إنكارها أي العدوى حقيقة شرعية قبل أن تكون حقيقة علمية ولذلك لا يمكن إنكارها فالذي ينصب عليه إنكار النبي صلى الله عليه و آله وسلم بقوله: "لا عدوى" إنما هي عدوى الجاهلية التي كانوا يغفلون عن الله عز وجل وأنه هو الذي إن شاء أذن لذلك الداء بأن ينتقل إلى السليم من الداء أو لم يأذن هذا هو مقصود الحديث وهو قوله عليه السلام "لا عدوى" فهو لا ينكر العدوى مطلقا ولا ينفيها مطلقا العدوى ثابتة كما قلت آنفا: شرعا وعلما أما شرعا فالحديث الثاني "ارجع فإنا قد بايعناك" و عندكم حديث يعتبر من المعجزات العلمية الطبيبة النبوية وهو ما يسمى اليوم بالحجر الصحي حيث قال عليه الصلاة والسلام واضعا الأصل للحجر الصحي الذي جاءنا من أوروبا وأوروبا أخذوها من ديننا ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا وقع الطاعون بأرض أنتم فيها فلا تخرجوا منها وإذا وقع الطاعون في أرض لستم فيها فلا تدخلوا إليها" إذا لماذا نهى من كان في أرض الطاعون أن يخرج إلى أرض لا طاعون فيها خشية أن ينقل داء الطاعون اللي بيسمى بالكوليرا مثلا وأمر من كان الطاعون في أرض غير أرضه أن لا يدخل إليها خشية ماذا أن يصيبه الطاعون فإذا هناك عدوى لا يمكن إنكارها شرعا فضلا عن تجربة وعلما ثم العدوى هذه يمكن أن تشاهدوها في غير الحيوان وأعني بالحيوان الجنسين الحيوان الناطق وهو الإنسان والحيوان الصامت وهو الدواب والحيوانات التي سخرها الله لنا يمكن أن نرى العدوى في غير الحيوان في بعض النباتات مثلا أو في بعض النتائج من بعض الحيوانات مثلا البصل إذا بصلة واحدة فسدت تعدي ما حولها في البيضة العفنة إذا وضعتها بين بيض سليم طازج اليوم بعد أيام ثلاثة يسري إليها الفساد هذه هي العدوى هذه حقيقة لا يمكن إنكارها لكن هذا في مشيئة الله عز وجل وبتقديره فهذه النقطة هي التي أراد الرسول عليه السلام أن يلفت نظر العرب يومئذ أنهم كانوا يعيشون في جاهلية جهلاء كانوا لا يعرفون الله عزّ وجل ولذلك كانت أفكارهم تنصب على المظاهر في الحياة الدنيوية { وهم عن الآخرة هم غافلون } إذا "لا عدوى" باختصار بذاتها "لا عدوى" بذاتها أما بمشيئة الله وإرادته فهذا يقع وهنا يأتي حديث "ارجع فإنا قد بايعناك" حديث الحجر الصحي كما ذكرنا وهكذا وهناك أحاديث كثيرة جدا من هذا النوع فمن أراد التوسع فعليه بالكتابين المذكورين آنفا مختلف الحديث لابن قتيبة ومشكل الآثار لأبي جعفر الطحاوي تفضل .

Webiste