في شرح حديث : ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ) ، وأنه لا تعارض بينه وبين حديث : ( فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد ) .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر :
يتوهَّم كثير من الناس أن قوله : لا عدوى يعني نفي العدوى التي ثبتت علميًّا في زماننا هذا كما أثبته الرسول - عليه الصلاة والسلام - في زمنه قبل هذا الزمن بهذه القرون المديدة ؛ لأنه لا ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ، العدوى أثبتها الروسل - صلى الله عليه وسلم - في غير ما حديث صحيح ، من ذلك قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد ، فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد هذا هو الذي يقوله الأطبَّاء تمامًا ، لماذا يأمرنا بالفرار من المجذوم ؟ كيلا تتحقق العدوى ، وقال - عليه الصلاة والسلام - - أيضًا ، وهو حديث صحيح كالأول في " صحيح البخاري " وغيره - : إذا وقع الطَّاعون بأرضٍ وأنتم فيها ؛ فلا تخرجوا منها ، وإذا وقع الطاعون في أرضٍ ولستم فيها ؛ فلا تدخلوا إليها ، وهذا هو الحجر الصحي المعروف اليوم ، ذلك لأن هذا الحديث يعطينا أن الطاعون قد ينعدي إلى الأصحاء ، فإذا كان المسلم في أرض فيها الطاعون فلا ينبغي أن يخرج خشية أن يكون مصابًا بهذا الوباء فينقله إلى الأرض النَّقيَّة ، وبالعكس إذا كان في الأرض النَّقيَّة ؛ فلا يدخل الأرض الموبوءة لأنه يعرِّض نفسه بأن يُصاب بهذا الوباء ؛ فإنَّه معدي ، فأحاديث وأحاديث كثيرة كلها تدندن حول إثبات حقيقة العدوى ، حينئذٍ لمَّا نأتي إلى الحديث الأول ، وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لا عدوى ؛ لا ينبغي أن نفهمه على أساس أنه ينفي ما أثبته في الأحاديث المتقدمة ، وإنما نفهم منه معنًى لا يتعارض مع ما أثبته في الأحاديث المتقدمة ، ما هو هذا المعنى ؟ لا عدوى بنفسها وذاتها ، وبالتعبير العصري اليوم : لا عدوى بطبيعتها ، لأنُّو منسمع اليوم بيقولوا الطبيعة ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا عدوى تعدي بنفسها ، وإنما هي إذا أعدت فإنما تعدي بمشيئة الله - عز وجل - .
ويؤكد لكم هذا المعنى ليس فقط هو السبيل التوفيق بين هذا الحديث وبين أحاديث المثبتة للعدوى ، وهذا كافي في الواقع لنفسر الحديث : لا عدوى أي : بنفسها ، يكفي أنُّو هناك أحاديث صحيحة تثبت العدوى ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتناقض ، لا يقول في عدوى ولا عدوى ، هذا مستحيل ، لذلك فتُفسَّر هنا العدوى المنفية أي : العدوى التي تعدي بذاتها ، يؤكد هذا المعنى تمام الحديث ، وهو واضح جدًّا جدًّا لمن يتأمَّل فيه ، لما قال - عليه السلام - هذا الحديث قام رجل من الأعراب قال : يا رسول الله : إنَّا نرى الجمل الأجرب يدخل بين الجمال السليمة فيعديها ، تجد الرسول - عليه السلام - ما خالف الأعرابي ، ما قال : لا كذبت أنا أقول لا عدوى ، أقرَّه ، احفظوا هذا الآن ، لكن ماذا قال له ؟ فمن أعدى الأوَّل ؟ من أعدى الجمل الأول اللي دخل بين الجمال السليمة فعداها ، لا شك الجواب سيكون من المؤمن الله هو الذي أعدى الجمل الأول ، إذًا لما كان الجمل الأول غير جَرِب ، ما أصابه داء الجرب ؛ فمن الذي صبَّ فيه داء الجرب ؟ هو الذي خلقه ، وهو الله - عز وجل - لحكمة يعلمها هو ، فحينما تكاثرت الجمال ودخل فيها هذا الجمل الأجرب ، تعدَّت العدوى من هذا الجمل الأجرب إلى الجمال الأخرى ، ليس هو هذا الجمل هو الذي أجربَها ، وإنما هو الذي أجرب هذا الجمل الأول ، وهو الله - تبارك وتعالى - ، فإذًا الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث يريد أن يُبطل زعمًا جاهليًّا ، وهو أنُّو الجمل الأجرب يعدي الجمال السَّليمة ، فيذكِّر الرسول - عليه السلام - أولئك الأعراب الذين آمنوا بالله ورسوله ، ويعلمهم أنُّو ليس هو الجمل الأجرب هو الذي ينقل العدوى إلى الجمل السليم أو الجمال السليمة ، وإنما الله - تبارك وتعالى - إذا شاء أن ينقل الجرب من هذا الجمل فهو ينقله ، وإذا لم يشأ فلو دخلت جمال كلها جرباء بين جمال سليمة من هذا الوباء لا يمكن أن يؤثر هذا الجمل بجربه إطلاقًا ، إذًا الأمر راجع إلى الله - تبارك وتعالى - ، إذا فهمنا هذا المعنى حينئذٍ لا عدوى معناه بنفسها ، وانتهى الإشكال ، وكفى الله المؤمنين القتال !
السائل : جزاك الله خير .
يتوهَّم كثير من الناس أن قوله : لا عدوى يعني نفي العدوى التي ثبتت علميًّا في زماننا هذا كما أثبته الرسول - عليه الصلاة والسلام - في زمنه قبل هذا الزمن بهذه القرون المديدة ؛ لأنه لا ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ، العدوى أثبتها الروسل - صلى الله عليه وسلم - في غير ما حديث صحيح ، من ذلك قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد ، فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد هذا هو الذي يقوله الأطبَّاء تمامًا ، لماذا يأمرنا بالفرار من المجذوم ؟ كيلا تتحقق العدوى ، وقال - عليه الصلاة والسلام - - أيضًا ، وهو حديث صحيح كالأول في " صحيح البخاري " وغيره - : إذا وقع الطَّاعون بأرضٍ وأنتم فيها ؛ فلا تخرجوا منها ، وإذا وقع الطاعون في أرضٍ ولستم فيها ؛ فلا تدخلوا إليها ، وهذا هو الحجر الصحي المعروف اليوم ، ذلك لأن هذا الحديث يعطينا أن الطاعون قد ينعدي إلى الأصحاء ، فإذا كان المسلم في أرض فيها الطاعون فلا ينبغي أن يخرج خشية أن يكون مصابًا بهذا الوباء فينقله إلى الأرض النَّقيَّة ، وبالعكس إذا كان في الأرض النَّقيَّة ؛ فلا يدخل الأرض الموبوءة لأنه يعرِّض نفسه بأن يُصاب بهذا الوباء ؛ فإنَّه معدي ، فأحاديث وأحاديث كثيرة كلها تدندن حول إثبات حقيقة العدوى ، حينئذٍ لمَّا نأتي إلى الحديث الأول ، وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لا عدوى ؛ لا ينبغي أن نفهمه على أساس أنه ينفي ما أثبته في الأحاديث المتقدمة ، وإنما نفهم منه معنًى لا يتعارض مع ما أثبته في الأحاديث المتقدمة ، ما هو هذا المعنى ؟ لا عدوى بنفسها وذاتها ، وبالتعبير العصري اليوم : لا عدوى بطبيعتها ، لأنُّو منسمع اليوم بيقولوا الطبيعة ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا عدوى تعدي بنفسها ، وإنما هي إذا أعدت فإنما تعدي بمشيئة الله - عز وجل - .
ويؤكد لكم هذا المعنى ليس فقط هو السبيل التوفيق بين هذا الحديث وبين أحاديث المثبتة للعدوى ، وهذا كافي في الواقع لنفسر الحديث : لا عدوى أي : بنفسها ، يكفي أنُّو هناك أحاديث صحيحة تثبت العدوى ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتناقض ، لا يقول في عدوى ولا عدوى ، هذا مستحيل ، لذلك فتُفسَّر هنا العدوى المنفية أي : العدوى التي تعدي بذاتها ، يؤكد هذا المعنى تمام الحديث ، وهو واضح جدًّا جدًّا لمن يتأمَّل فيه ، لما قال - عليه السلام - هذا الحديث قام رجل من الأعراب قال : يا رسول الله : إنَّا نرى الجمل الأجرب يدخل بين الجمال السليمة فيعديها ، تجد الرسول - عليه السلام - ما خالف الأعرابي ، ما قال : لا كذبت أنا أقول لا عدوى ، أقرَّه ، احفظوا هذا الآن ، لكن ماذا قال له ؟ فمن أعدى الأوَّل ؟ من أعدى الجمل الأول اللي دخل بين الجمال السليمة فعداها ، لا شك الجواب سيكون من المؤمن الله هو الذي أعدى الجمل الأول ، إذًا لما كان الجمل الأول غير جَرِب ، ما أصابه داء الجرب ؛ فمن الذي صبَّ فيه داء الجرب ؟ هو الذي خلقه ، وهو الله - عز وجل - لحكمة يعلمها هو ، فحينما تكاثرت الجمال ودخل فيها هذا الجمل الأجرب ، تعدَّت العدوى من هذا الجمل الأجرب إلى الجمال الأخرى ، ليس هو هذا الجمل هو الذي أجربَها ، وإنما هو الذي أجرب هذا الجمل الأول ، وهو الله - تبارك وتعالى - ، فإذًا الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث يريد أن يُبطل زعمًا جاهليًّا ، وهو أنُّو الجمل الأجرب يعدي الجمال السَّليمة ، فيذكِّر الرسول - عليه السلام - أولئك الأعراب الذين آمنوا بالله ورسوله ، ويعلمهم أنُّو ليس هو الجمل الأجرب هو الذي ينقل العدوى إلى الجمل السليم أو الجمال السليمة ، وإنما الله - تبارك وتعالى - إذا شاء أن ينقل الجرب من هذا الجمل فهو ينقله ، وإذا لم يشأ فلو دخلت جمال كلها جرباء بين جمال سليمة من هذا الوباء لا يمكن أن يؤثر هذا الجمل بجربه إطلاقًا ، إذًا الأمر راجع إلى الله - تبارك وتعالى - ، إذا فهمنا هذا المعنى حينئذٍ لا عدوى معناه بنفسها ، وانتهى الإشكال ، وكفى الله المؤمنين القتال !
السائل : جزاك الله خير .
الفتاوى المشابهة
- الكلام على مسألة عدوى المريض الصحيح ، ومعنى قو... - الالباني
- كيف نوفق بين قول النبي صلى الله عليه وسلم (... - ابن عثيمين
- كيفية الجمع بين حديثي: (لا عدوى ولا طيرة) و... - ابن عثيمين
- الجمع بين حديثي: (فر من المجذوم) وحديث: (لا... - ابن عثيمين
- كيف نوفق بين قوله صلى الله عليه وسلم ( لا عد... - ابن عثيمين
- الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى... - ابن عثيمين
- كيف نجمع بين قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا ع... - الالباني
- كيف الجواب على حديث :( لا عدوى وال طيرة ) وح... - ابن عثيمين
- كيف يتم التوفيق بين حديث " لا عدوى ولا طيرة... - ابن عثيمين
- كيف يجمع بين حديث (لا عدوى ولا طيرة) وبين حديث... - الالباني
- في شرح حديث : ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا... - الالباني