تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الكلام على الفدية وبيان أقسامها . - ابن عثيمينالشيخ : فإذا علمنا هذه المحظورات، فلنسأل هل فيها فدية؟ والجواب أن يقال: هذه المحظورات تنقسم إلى أربعة أقسام: الأوّل: ما لا فدية فيه. والثاني: ما فيه فدي...
العالم
طريقة البحث
الكلام على الفدية وبيان أقسامها .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : فإذا علمنا هذه المحظورات، فلنسأل هل فيها فدية؟
والجواب أن يقال: هذه المحظورات تنقسم إلى أربعة أقسام:
الأوّل: ما لا فدية فيه.
والثاني: ما فيه فدية مغلّظة.
والثّالث: ما فديته مثله.
والرّابع: ما فديته على التّخيير بين أن يصوم ثلاثة أيّام أو يطعم ستّة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع، أو يذبح شاة يتصدّق بها ولا يأكل منها شيئا.
فأمّا الأوّل الذي لا فدية فيه فهو عقد النّكاح، إذا عقد المحرم النّكاح فإنّه ليس عليه فدية لكن النّكاح فاسد يجب أن يجدّد بعد حِلّه من الإحرام، لأنّ كلّ شيء نهى عنه الشّرع فإنّه فاسد لا يجوز اعتباره، وكذلك الخِطبة، خِطبة النّكاح يعني لو أنّ إنسانا خطب امرأة وهو محرم فلا فدية عليه لكنّه آثم.
وأمّا ما فيه فدية مغلّظة فهو الجماع في الحجّ قبل التّحلّل الأوّل، ففديته بدنة يذبحها ويفرّقها كلَّها على الفقراء، وأمّا ما فديته مثله فهو الصّيد لقوله تعالى: فجزاء مثل ما قتل من النّعم .
وأمّا ما فديته على التّخيير بين الصّيام والصّدقة وذبح الشّاة فهو بقيّة المحظورات.
فهذه الأقسام الأربعة تحصر لك الفدية، الأقسام الأربعة نعدّها من جديد:
أوّلا: الأخ؟

السائل : أنا؟

الشيخ : أي أنت، أين أنت؟ سارح؟ من يعرف؟ تفضّل.

السائل : ما فديته مغلّظة.

الشيخ : الذي فديته مغلّظة ما هو؟

السائل : ما فديته مغلّظة الجماع.

الشيخ : الجماع في الحجّ قبل التّحلّل الأوّل، طيب، وما هو الذي لا فدية فيه؟

السائل : عقد النّكاح.

الشيخ : هذا واحد، والثاني؟ طيب كمّل؟ عقد النّكاح والثّاني؟

السائل : ما هو؟

الشيخ : الذي لا فدية فيه.

السائل : ...

الشيخ : لا، نسيت.

السائل : الخطبة.

الشيخ : خطبة النّكاح، طيب وما الذي جزاؤه مثله؟

السائل : الصّيد.

الشيخ : الصّيد، والبقيّة من المحظورات فديته على التّخيير بين؟

السائل : الصّيام.

الشيخ : الصّيام، صيام ثلاثة أيّام أو إطعام ستّة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع، أو ذبح شاة، يتصدّق بها كلّها ولا يأكل منها شيئا، دليل هذا الأخير قوله تعالى في حلق الرّأس: ففدية من صيام أو صدقة أو نسك .
ثمّ اعلم أنّ هذه المحظورات إذا فعلها الإنسان فله ثلاث حالات:
إمّا أن يفعلها متعمّدا بلا عذر.
أو أن يفعلها متعمّدا لعذر.
أو يفعلها جاهلا، أو ناسيا، أو مكرها،
فإن فعلها متعمّدا بلا عذر فهو آثم وعليه الفدية، مثال هذا: رجل حلق رأسه متعمّدا بلا عذر، نقول: هو آثم وعليه الفدية، ونسكه لا يفسد، لأنّه لا يفسد النّسك إلاّ بالجماع قبل التّحلّل الأوّل.
الثاني: أن يفعلها متعمّدا لعذر فهذا عليه الفدية ولكن ليس عليه إثم، كما فعل كعب بن عجر رضي الله عنه حين أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو مريض ورأسه مملوء من القمل، يتناثر القمل من رأسه على وجهه، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ما كنت أظنّ أنّ الوجع بلغ بك ما أرى ثمّ أخبره بالفدية، وأمره بأن يفدي لأنّ هذا فعله متعمّدًا إيش؟
لعذر، طيب.
ومثل ذلك لو اضطرّ الإنسان إلى صيد، يعني: لم يجد شيئا يأكله إلاّ الصّيد فقتل صيدا وأكله فعليه جزاؤه وليس عليه إثم.
الثالث: أن يفعله جاهلا أو ناسيا أو مكرها، فهذا لا شيء عليه، لا إثم ولا فدية لقول الله تعالى: ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، قال الله تعالى: قد فعلت ، ولقوله تعالى: من كفر بالله من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ، فإذا كان الكفر وهو أعظم الذّنوب يرتفع حكمه مع الإكراه فما دونه من باب أولى، وعلى هذا فلو أنّ الإنسان أحرم ولبس الإزار والرّداء ولكن نسي السّروال، نسي أن يخلع سرواله ولم يتذكّر إلاّ في أثناء النّسك بعد أن طاف مثلا تذكّر وخلع اللّباس فورا يعني خلع السّراويل فهل عليه شيء؟
الجواب: لا، لماذا؟

السائل : ناسٍ.

الشيخ : لأنّه ناسٍ.
ولو أنّ إنسانا دعس أرنبا وهو لم يعلم بها حتّى ماتت وهو محرم فليس عليه إثم وليس عليه جزاء لأنّه كان جاهلا. ولو أنّه صاد أرنبا يظنّ أنّ المحرم لا يحرم عليه الصّيد إلاّ إذا دخل حدود الحرم، فليس عليه شيء لأنّه كان جاهلاً، ولو أكره الرّجل زوجته فجامعها وهي كارهة عاجزة عن أن تتخلّص منه فليس عليها شيء، لأنّها مكرهة فصار الضّابط في فاعل المحظورات على النّحو التّالي:
الأوّل: ما فعله متعمّدًا بغير عذر فحكمه الإثم مع الفدية، إلاّ ما لا فدية فيه كعقد النّكاح فليس عليه فيه فدية ولكنّه آثم والنّكاح لا يصحّ.
الثاني: ما فعله عامدا لكن لعذر فلا إثم عليه وعليه الفدية.
الثالث: ما فعله ناسيا أو جاهلا أو مكرها فليس عليه شيء، لا إثم ولا فدية، وهذا من نعمة الله تعالى وتيسيره على عباده.
فإن قال قائل: هل من العذر إذا كان الإنسان في الطّائرة وكانت ملابس إحرامه مع العفش لا يتمكّن مِن لُبسها وأحرم وهو في الطّائرة، لأنّه لا يجوز أن يتجاوز الميقات بلا إحرام فأحرم، هل من العذر أن يبقى على ملابسه؟
الجواب: لا، ليس عذرا، لأنّه بإمكانه أن يخلع القميص ويلفّه على جسده لفّا لا لبسا، وأمّا السّراويل فإن أمكن أن يستتر بالغترة استتر بها ثمّ خلع السّروال وإذا لم يمكن فلا بأس أن يبقى السّروال عليه لكن ليس عليه فدية لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: من لم يجد إزارًا فليلبس السّراويل ولم يجعل عليه فدية.
وهذه مع الأسف تقع لكثير من النّاس، يكون في الطّائرة وقد نوى العمرة ولكنّ ثيابه في العفش في بطن الطائرة لا يتمكّن من لبسها، فيبقى متردّدًا هل يحرم وعليه ثيابه، أو لا يحرم حتى يصل إلى المطار وتنزل الطّائرة ويخرج بالإحرام؟
والجواب: أنّ حلّ هذه المشكلة أن ينزع القميص ويلفّه على صدره، وأمّا السّروال فإن أمكن أن يتّزر بالغترة فهذا المطلوب، وإن لم يمكن لكونها قصيرة لا تستر تماما فليبق على سراويله وليس عليه شيء، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: من لم يجد إزارا فليلبس السّراويل ، ولا يجوز أن يؤخّر الإحرام حتّى ينزل إلى جدّة، وهذه المسألة ينبغي لكم أن تحرصوا على بثّها في النّاس، لأنّها كثيرة الوقوع وهي خفيّة على كثير من النّاس.

Webiste