تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث ( ولا تستقبلوا القبلة ، ولا تستدب... - ابن عثيمينالشيخ : يستفاد من هذا الحديث : تحريم استقبال القبلة واستدبارها حال الغائط أو البول، لقوله : "بغائط أو بول" . ويستفاد منه بمفهومه : أنه لا يحرم أو لا ينه...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث ( ولا تستقبلوا القبلة ، ولا تستدبروها ....).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : يستفاد من هذا الحديث : تحريم استقبال القبلة واستدبارها حال الغائط أو البول، لقوله : "بغائط أو بول" .
ويستفاد منه بمفهومه : أنه لا يحرم أو لا ينهى عن استقبالها أو استدبارها بالاستنجاء ، يعني لو أن الإنسان تخلى في مكان ، وقام ليستنجي في مكان آخر فإنه لا حرج أن يستقبل القبلة أو يستدبرها .
وأما قول بعض الفقهاء -رحمهم الله- إنه يكره استقبال القبلة حال الاستنجاء فهذا يحتاج إلى دليل.
ومن فوائد هذا الحديث : احترام القبلة، وألا يتوجه الإنسان إليها حال قضاء الحاجة ولا يستدبرها.
ومن فوائد الحديث : أنَّ الأكمل أن تكون القبلة عن يمينه أو عن يساره.
ومن فوائد الحديث : أنَّ الانحراف اليسير لا يعتبر مخالفة ، لأنه قال : "شرقوا أو غربوا" ، وهذا انحراف كثير ، ولا يكفي الانحراف اليسير .
ويتفرع على هذه الفائدة فائدة أخرى وهي: استقبال القبلة في حال الصلاة، وأن الإنسان إذا استقبل القبلة حال الصلاة ولو انحرف يسيرًا فإن ذلك لا يضره ، والذي يضر أن ينحرف كثيرا بحيث تكون القبلة عن يساره أو عن يمينه .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز الخطاب بلفظ يعم الأمة ولفظ يخص بعض الأمة ، أيهما الذي يعم الأمة في هذا الحديث ؟
"لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط ولا بول" ، هذا عام لكل الأمة ، "ولكن شرقوا أو غربوا" خاص بمن ؟
بأهل المدينة ومن كان مثلهم .
طيب بالنسبة لنا هنا ، نقول : لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها ، ولكن أشملوا أو أجنبوا ، لأن القبلة في القصيم تكون غربا فيقال لأهل القصيم : أشملوا أو أجنبوا .
ومن فوائد هذا الحديث من عمومه : أنه لا يجوز ذلك أي : استقبال القبلة واستدبارها بغائط أو بول ولو في البنيان، لأن الحديث عام، ما قال : إلا أن تكونوا في البنيان ، والأصل العمل بالعموم حتى يقوم دليل على التخصيص ولهذا يقول أبو أيوب رضي الله عنه : "فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله" ، وهذا يدل على أن أبا أيوب فهم أن الحديث عام سواء كان ذلك في البنيان أو في الفضاء ، وجه ذلك أن الإنسان يقال إنه مستقبل القبلة ولو كان في البنيان ، ولهذا إذا كان في الحجرة واستقبل القبلة في الصلاة يقال : إنه مستقبل ، وعلى هذا فلا فرق ، لكن في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول : "رقيت يوما على بيت حفصة فرأيتُ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة" :
"مستقبل الشام مستدبر الكعبة" فهنا نقول : جاز استدبار الكعبة في البنيان لفعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولأن الاستدبار أهون من الاستقبال ، لأن الإنسان يَستحيي أن يستقبل الناس بوجهه حال قضاء الحاجة لكن لا يستحي أن يستدبرهم، وهذا يدل على استقباح الاستقبال أكثر من الاستدبار ، فهل يقاس عليه الاستقبال ؟
من العلماء من قال : يقاس عليه وأنه في البنيان لا بأس من استقبال القبلة واستدبارها ، وعلى هذا فالمراحيض التي بيننا الآن إذا كانت مستقبلة الكعبة أو مستدبرتها فلا بأس بها.
ولكن الصحيح العموم ، أنه لا يجوز لا في القضاء ولا في البنيان .
بقي علينا : هل لنا أن نخصص هذا النهي وهو سنة قولية بالسنة الفعلية ؟
من العلماء من يرى أن الألفاظ لا تخصص بالأفعال، وأننا نحن مطالبون بتنفيذ السنة القولية، أما السنة الفعلية فلا، لأن السنة الفعلية تحتمل الخصوصية، وتحتمل الحاجة، أنه فعل ذلك لحاجة، وتحتمل أن الرسول فعله بسبب آخر وهو لم يعلنه على الناس، هو في بيت حفصة مستدبر الكعبة، لم يعلنه، فلا يمكن أن نخصص به اللفظ العام، وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم ومنهم الشوكاني في *شرح المنتقى*.
ولكن الصحيح أن السنة القولية تخصصها السنة الفعلية، لأن الكل حق، واحتمال الخصوصية غير وارد، واحتمال النسيان غير وارد، واحتمال سبب آخر غير وارد، لأن الأصل التشريع في أقوال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والتأسي به، ثم إنه لا حاجة إلى أن نقول بتقديم القول هنا ، لأننا إنما نقول بتقديم القول -إخواننا- نقول بتقديم القول إذا تعذر الجمع، والجمع هنا ممكن، فإذا كان ممكنًا وجب العمل بالحديثين جميعاً ، لأنك لو قلت : هذا الفعل لا يخصص ، أَلغيت سنة ، ولو قلت : هذا الفعل يخصص إذا كان في البنيان لم تلغ سنة .
إذًا القول الراجح : أن حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مخصص لعموم حديث أبي أيوب.
بقي أن يقال : هل يقاس عليه الاستقبال ؟
الجواب : لا ، لا يقاس ، لأن من شرط القياس تساوي الأصل والفرع ، والتساوي هنا لا يمكن ، ويدل لهذا أن حديث سلمان فيه النهي عن الاستقبال دون الاستدبار ، مما يدل على أن الاستقبال أشنع ، وإذا كان أشنع فإنه لا يمكن أن يقاس على ما هو أهون منه.
فإن قال قائل : إذا كان الرجل قد بنى مراحيضه متجهةً إلى القبلة ، فماذا يصنع ؟
نقول : يجب عليه أن ينقضها ويخلفها ، يجب عليه .
فإن قال : أنا -يقوله صاحب البيت- أنا أنحرف !
نقول : أنت إذا استطعت أن تنحرف فربما يخلفك من لا ينحرف ، فتكون أنت السبب في انتهاك حرمة الكعبة ، وعلى هذا فلا بد لمن بنى مراحيضه متجهة إلى القبلة أن ينقضها ويوجهها إلى جهة أخرى.
ومن فوائد هذا الحديث : ما سبق من تعظيم القبلة واحترامها .

Webiste