تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( ... يخل... - ابن عثيمينثم قال:  يخلُقُكم في بطون أمهاتكم خلْقًا مِن بعد خَلْق  لَمَّا ذكر الله تعالى ابتداء الخلْق الأول وهو آدم ذكَرَ ابتداء الخلق الثاني وهو النَّوْع الانسان...
العالم
طريقة البحث
تتمة التعليق على تفسير الجلالين : (( ... يخلقكم فى بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق )) أي نطفا ثم علقا ثم مضغا (( فى ظلمات ثلاث )) هي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة (( ذلكم الله ربكم له الملك ... )).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال: يخلُقُكم في بطون أمهاتكم خلْقًا مِن بعد خَلْق لَمَّا ذكر الله تعالى ابتداء الخلْق الأول وهو آدم ذكَرَ ابتداء الخلق الثاني وهو النَّوْع الانساني النوع الإنساني كيف خُلِق فقال: يخلقكم في بطون أمهاتكم في للظرفية، والبطون جمع بَطْن والأصل أنَّ هذه المادة الباء والطاء والنون خِلَاف الظُّهُور، فالبُطُون خَفِيَّة والظُّهُور ظاهرة، ومِن أسماء الله الظاهر الباطن: الظاهر العالي والباطن الذي لا يحُول دونه شيء، فهنا البُطون إذًا جمعُ بَطْن وهو مشتَقٌّ من البُطُون أيضًا بَطُن الشيء بُطُونًا أي خَفِي وقوله: أمهاتكم جمع أُمّ أو أُمَّهَة ويقال: أُمَّات لِغير العاقل ويقال في العاقل أُمَّهَات، يقول: أُمَّهَاتِكم خلقًا مصدر يخلُق من بعد خلق أي خلقًا متطَوِّرًا ينتقل من خلْقٍ الى آخر قال المؤلف في تفسيره:" أي نُطَفًا ثم عَلَقًا ثم مُضَغًا " وقد أشار الله تعالى إلى هذه الأُصُول في قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ مِن تُرَاب باعتبار آدم من نطفة باعتبار النوع الإنسان ثم مِن علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة المضغة هي قِطعة اللحم بقدر ما يُمَغ وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم مدَّةَ هذا التطور في حديث ابن مسعود رضي الله قال: إنَّ أحدَكم يُجمَعُ خلقُه أربعين يومًا نطفة ثم يكون علقةً مثل ذلك ثم يكون مضغَةً مثل ذلك ثم يُرسَل إليه الملك فينفُخ فيه الروح ويُؤْمَر بأربع كلمات بكَتْب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد أربعين يومًا نطفة يعني ماء وهو المني لكنه في هذه المدة يتطَوَّر تطوُّرًا خفِيًّا الى أن يصِل الى الغاية في تمام أربعين يومًا حتى يكون علقَة أي دمًا أحمر، والظاهر أنه ليس المراد أنَّه يبقى نطفة إلى تمام الأربعين ثم ينقلِب في لحظَة إلى دَم بل هو يتطور وينقلِب شيئًا فشيئًا إلى أن يتِمَّ كونُه دمًا في أربعين يومًا، ثم يبقى هكذا علقَة لكنًه أيضًا يتجَمَّد شيئًا فشيئًا وينمو حتى ثمانين يومًا، ثم بعد ذلك يكون مضغة قطعةَ لحم مخلَّقة وغير مخلقة يحتَمِل والله أعلم أنَّ مخلقة عند انتهاء الطور الثالث غير مخلقة في ابتداء الطور يعني فيكون في هذا الطور في الابتداء غير مخلَّقَة وفي النهاية مخَلَّقَة، ويحتمِل أن تختلِف الأجنة في ذلك فيكون بعضُها مخلَّقًا من حين أن تنتقل إلى المضغة وبعضُها يتأَخَّر فالله أعلم ويرجع في هذا إلى العلماء في هذه المسألة.
ثم قال عز وجل: خلقًا بعد خلْق في ظلمات ثلاث ظلمات لا يصِل اليها الضوء ثلاث فسَّرَها المؤلف بقوله: " هي ظلمة البطن وظلمة الرَّحِم وظلمة الـمَشْيَمَة أو الـمَشِيمَة " هذه ثلاث ظلمات جعلها الله عز وجل وقايةً لهذا الجنين، لأن أشِعَّةِ الضوء لو وصلت إليه لأفسدته ولكنَّ الله عز وجل جعلَه في هذه الظلمات الثلاث، ثم إنه سبحانه وتعالى جعلَ ظهره إلى بطْن أمِّه ووجْهَه إلى ظهْرِ الأم وهذا مِن أجل ألا يتضَرَّر وجهُه بالصدمات التي تكون على بطن الأم، ليكونَ الظهر وقايةً للوجه، وخلف الجنين الذي يلي البطن قوِي، لأنَّ فيه الظهْر والأضلاع فهو قوي يعني متحمِّل للصدمات، فإذا أراد الله عز وجل إخراجَه انقلب هذا الجنين تحرَّك واضطرب بإذنِ الله عز وجل ثم انقلب حتى يكونَ رأسُه هو الأسفل ويخرج الرأس أولًّا، من أجل أن يكون خروجه سلًّا إذ لو خرَجَ مِن عند قدميه لكان في ذلك ضرَر وخطر أيضًا قد تعلَق مثلًا إحدى اليدين في أحد الجوانب فيحصل في هذا ضرر وربما يحصُل تَلَف على الجنين، ولله سبحانه وتعالى في خلقِه شئون، المهم أنَّ الله تعالى اعتنى بنا عنايةً تامة ونحن في بطون أمهاتنا وعند الخروج منها ولهذا قال: في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم ونِعْمَ الربّ عز وجل ذلكم المشار اليه رب، والمخاطب ذلكم البشر ذلكم الله ربكم وإنما أتى باسم الإشارة المفيد للبعد ذلكم ولم يقل هذا، إشارةً إلى علو مرتَبَةِ الله إلى علو منزِلَتِه عز وجل وأن له العُلُوّ عُلُوّ الذات وعلو القَدْر وعلو القَهْر، وقوله: ذلكم الله ربكم رب إما أن تكون صفة أو بدل وفيه إشارة يعني ذِكْرُ الربوبية بعد الأُلوهية إلى التربية الخاصة في حال الحمل والعناية التامة، لأنَّ الحمل في بطن أمه لا يمكن لأحد أن يصِلَ اليه لا بجلْب منفعة ولا بدفع مضَرَّة ولكن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتولَّى العناية به {لو تقدم يا حمد تسد الخلل هذا } نعم، يقول: ذلكم الله ربكم له الملك الجملة هذه جملة خبرية قُدِّمَ فيها الخبر على المبتدأ، لإفادة الحصر، له أي وحده لا يشارِكُه أحد، الـمُلْك يعني الـمُلْك المطلق مُلْك الأعيان ومُلْك الأوصاف، فهو مالك الأعيان كلِّها ومالِك أوصافِها وتصرِيفها وتدبيرِها

Webiste