تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قول الله تعالى : << .... و إذا حللتم ف... - ابن عثيمينقوله تعالى:  وإذا حللتم فاصطادوا  حللتم من أي شيء ؟ من الإحرام ، لقوله:  وأنتم حرم  في الأول ،  غير محلي الصيد وأنتم حرم  ثم قال:  وإذا حللتم  أي من إحر...
العالم
طريقة البحث
تفسير قول الله تعالى : << .... و إذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا و تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قوله تعالى: وإذا حللتم فاصطادوا حللتم من أي شيء ؟ من الإحرام ، لقوله: وأنتم حرم في الأول ، غير محلي الصيد وأنتم حرم ثم قال: وإذا حللتم أي من إحرامكم فاصطادوا والمراد بالإحلال هنا الإحلال الأول الذي يحصل برمي جمرة العقبة بيوم العيد والحلق أو التقصير ، هذا هو المراد بقوله: إذا حللتم وليس المراد إذا حللتم من كل الإحرام ، كما جاءت بذلك السنة أن من رمى وحلق حل له كل شيء إلا النساء ، وقوله: فاصطادوا أصلها: فاصتادوا لكن لعلة تصريفية قلبت التاء طاء والمعنى صيدوا الصيد ، لكنه لم يقل فصيدوا لأن الصيد تحتاج إلى عمل وحركة وافتعال ، وإن شئت فقل وانفعال أيضا ، فاصطادوا وسيأتينا إن شاء الله تعالى هل الأمر هنا للإباحة أو لرفع النهي وينظر في حكم الاصطياد الأصلي . ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وفيه قراءة: شنآن بسكون النون ، وفيه قراءة: إن صدوكم فالشنآن البغض ، والمراد بالقوم هنا وإن كان نكرة لكنه معلوم ، المراد بهم أهل مكة أي لا يحملكم بغضكم إن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا ، وهذه إشارة إلى أنهم سوف يصدونهم عن المسجد الحرام ، لكن إن صدوكم فلا تعتدوا ، أما على قراءة: عن صدوكم فتكون الجملة تعليلا أي لا يحملنكم بغضكم من أجل صدهم إياكم أن تعتدوا، واضح ؟ إذا يختلف المعنى باختلاف قراءتين، فعلى قراءة كسر الهمزة إخبار عما يتوقع ، وعلى قراءة فتح الهمزة إخبار عما وقع ، فيكون معنى الأول: ولا يحملكم بغض هؤلاء إن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا ، وعلى الثانية: ولا يحملكم بغض قوم لكونهم صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، وقوله: صدوكم أي صرفوكم ، وهذا ينطبق تماما على ما فعلته قريش في غزوة الحديبية ، فإنها صدت النبي صلى الله عليه وسلم وأحلت شعائر الله ، وأحلت الشهر الحرام والهدي والقلائد ، كل ما نهى الله عنه في الآية هذه انتهكتها قريش ، وصدوا أولى الناس بالبيت عن بيت الله عزوجل . وقوله: عن المسجد الحرام أي ذي الحرمة والتعظيم ، ولاشك أن هذا المسجد له تعظيم وحرمة ، فهو أول بيت وضع للناس ، أول بيت وضع للناس ليتعبدوا الله عنده هو المسجد الحرام، وهو الذي يجب على كل مسلم فرض عين لا يتم إسلامه إلا به أن يؤمه، بحج بالإجماع، أو بحج وعمرة على خلاف بين العلماء رحمهم الله في وجوب العمرة ، فهو مسجد الحرام ، ووصف بالمسجد إما أن يقال لأن جميع الأرض مسجد وأولى أرض تتصف بالمسجد هي هذه البقعة ، أو يقال: إن المراد بالمسجد الحرام هو المسجد الكعبة الذي اتخذ مسجدا ، لأنهم صدوهم عن الوصول إليه، وما حول المسجد فهو عبارة تابع له، ما حول المسجد تابع له، والأصل هو مسجد ، ولهذا أجمع العلماء رحمهم الله على ركنية الطواف في العمرة والحج ، طواف الإفاضة وطواف العمرة مجمع على أنه ركن وأنه لا يصح الحج ولا العمرة إلا به . أن تعتدوا هذه متعلقة بقوله: يجرمنكم يعني لا يحملكم على العدوان وأن في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض وتقديره: على أن تعتدوا ، يعني لا يحملكم هذا على العدوان . ثم قال: وتعاونوا على البر والتقوى أي تعاونوا تفاعلوا ، ولا يكون هذا إلا من جانبين ، فإنك إذا قلت: أعن صاحبك فطلب الإعانة من واحد من جانب واحد ، لكن تقول: تعاونوا ، صار المعنى ليعن كل واحد أخاه ، على البر وهو فعل الطاعات ، والتقوى وهو ترك المحرمات ، فإذا استعانك أخاك على عبادة من العبادات فأعنه لتشاركه في الأجر ، قال لك: قرب لي ماء الوضوء قربه ، قال لك: اشتر لي ثوبا أستر به عورتي في الصلاة ، اشتري له ، قال لك: دلني على اتجاه القبلة ، دله عليها ، بل وإن لم يستعنك فأعنه أيضا ، كذلك التقوى تعاونوا على التقوى أي على ترك المحرمات، إذا استعانك إنسان على تكسير مزمار ، أعنه ، على إراقة الخمر ، أعنه ، على إتلاف كتب البدعة ، أعنه ، وهلم جرا . ولا تعاونوا على الإثم والعدوان على الإثم هي المعاصي المتعلقة بحق الله عزوجل ، والعدوان المعاصي المتعلقة بحق العباد ، وإذا أفردت إحداهما عن أخرى صارت شاملة لها يعني لو أطلقت الإثم صار شاملا للعدوان على الناس ولو أطلق العدوان صار شاملا للإثم لأن العدوان على حق الله عز وجل إثم . ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله لما ذكر هذه الأوامر والنواهي أمر بتقواه عزوجل يعني اتقوا الله أن تخالفوا أمره أو أن تقعوا في نهيه ، والتقوى فسرت بعدة تفاسير وأحسنها أن يقال: إن التقوى اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه ، وينقص من التقوى بقدر ما نقص من ذلك ، فالإنسان الذي عنده معاصي ومآثم لكنها لا تخرجه من الإسلام نقول إن تقواه ناقصا ، وقد كان بعض السلف إذا قيل له اتق الله ابتعد وربما سقط من مخافة الله عزوجل ، وأدركنا من الناس من هذه حاله أي أنك إذا قلت له اتق الله اضطرب واحمر وجهه وخشى بالعكس الآن ؟ إذا قلت له اتق الله قال: ويش أنا مسوي ؟ مع أنه منتهك لحرمة الله عزوجل ، فالواجب على العبد تقوى الله عزوجل امتثالا لأمره تعالى: إن الله شديد العقاب الجملة صلتها ما قبلها أنها وعيد لمن لم يتق الله ، والعقاب والمعاقبة أي المؤاخذة على الذنب .

Webiste