الفوائد المستنبطة من قوله تعالى :<< و القواعد من النسآء التي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة و أن يستعففن خير لهن و الله سميع عليم >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
في هذه الآية فوائد أولا الحكم الظاهر منها وهي أن العجائز اللائي يئسن من النكاح لكبرهن يجوز لهن وضع الثياب الظاهرة مثل الجلباب والرداء والخمار وما أشبه ذلك يعني هذه الألبسة الظاهرة يجوز للعجائز أن يضعنها وذلك لأنهن لا يرجون نكاحا فلا يخفن من الفتنة
ثانيا أن على غير القواعد أن يلبسن لباسا ظاهرا ساترا ما تقول المرأة التي تطلع ...بدون خمار وما أشبه ذلك لا ، يجب على غير القواعد أن يبقين ثيابهن الظاهرة عليهن لما في ذلك من التستر ولأن عدمه يدخل في الحديث الصحيح صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا فإن المرأة إذا كان عليها ثياب ولكن تصف مقاطع جسمها ولا تزول بها الفتنة فهي كاسية عارية وفيه أيضا يقاس على القواعد من لا تشتهى لغاية في قبحها فإن التي لا تشتهى لغاية في قبحها كالعجائز لأنها لا ترجوا النكاح ولا يطمع أحد فيها ولهذا ألحق العلماء هذا الصنف من النساء بالقواعد
رابعا أن التبرج بالزينة حرام على العجائز لقوله: غير متبرجات بزينة فهذا الشرط إذا تخلف صار عليهن جناح في ذلك وهذا يدل على التحريم فإذا كان التبرج حرام على العجائز
فنقول الفائدة الخامسة تحريم التبرج على من ؟ الشواب ومن هي محل الفتنة هذا القياس قياس أولوية أو مساواة ؟ أولوية معلوم لأنه إذا حرم القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا فغيرهن ممن يرجوا النكاح وتتعلق به الفتنة أبلغ
السادس أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما كيف ذلك ؟ لأن الله إنما أباح وضع الثياب لهؤلاء القواعد لأن الفتنة بعيدة فيهن فيؤخذ منه أن المدار كله على خوف الفتنة في مثل هذه الأمور فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما
الفائدة السابعة ما نبه عليه كثير من أهل العلم بأنه حتى على القول بجواز كشف الوجه واليدين إذا كان ذلك ذريعة للفتنة والتوسع كان هذا حراما وعليه فيكون هذا القول لا محل له في عصرنا لماذا ؟ لأنه لا يمكن أن ضبط النساء أبدا ولذلك تجد المجتمعات التي أخذت بهذا القول أصبحت لا تستطيع أن تتخلص مما وقعت فيه من التبرج السافر الذي لا يرمي إليه هذا القول بأي صلة فلم تقتصر المسألة على الوجه والكفين بل تدرجت إلى الرأس والرقبة والنحر والذراع بل والعضد أحيانا والساق والقدم كل هذا بأسباب أن النساء الآن بل والمجتمعات الإسلامية مع الأسف لا يمكن أن تنضبط بالحدود الشرعية لأنها مجبرة على الدين إلا ما شاء الله وعلى هذا فنقول هذا القول الذي يطنطن به بعض الناس المحبين للسفور لا محل له في هذا العصر لأن من شرطه ألا تتبرج بزينة وألا يخاف منه الفتنة وهذا موجود ومحقق فالفتنة موجودة والتبرج موجود ولهذا القواعد التي رخص الله لهن في وضع الثياب اشترط هذا الشرط غير متبرجات بزينة ونجد كثيرا من نساء هؤلاء الناس تتبرج بالزينة ولا شك تحمر الخدين والشفتين وتكحل العينين وتزجج الحواجب كل هذا مما يدل على أن الموضوع أصبح الآن ليس ذا محل في هذا الوقت .
الطالب:...
الشيخ : لا الصحيح أنه ما له حد
الطالب...
الشيخ :كيف ...؟
الطالب...
الشيخ :لا، الحكم يدور مع علته يتفرع عنها هذه المسألة أنه متى خيف الفتنة بكشف الوجه واليدين بناء على القول به فإنه لا يجوز ذلك كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم .
الطالب:...
الشيخ : ما فيه شك في ذلك لكن على القول به في هذا الوقت لا يمكن أن يتمشى عليه لأن الفتنة قائمة وكونه ذريعة إلى التوسع قائم أيضا
وفيه دليل على أن الأفضل البعد عن الريبة ومحل الفتنة وإن بعدت لقوله: وأن يستعففن خير لهن يجوز لهن يضعن الثياب لبعد الفتنة بهن ولكن مع ذلك كلما بعد الإنسان عن أسباب الفتنة كان خير له والإنسان قد يشعر بنفسه أنه بعيد عن الفتنة ثم يقع فيها وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن ينأ عنه لأنه يأتيه وهو يرى أنه مؤمن فلا يزال يقذف به بالحجج والشبهات حتى يتبعه
وفيه أيضا إثبات تفاضل الأعمال الفائدة التاسعة إثبات تفاضل الأعمال لأن قوله خير لهن يعني من عدم الاستعفاف فدل ذلك على أن الأعمال بعضها أفضل من بعض
وينبني على ذلك أو يتفرع على ذلك تفاضل الإيمان لأن الأعمال منه فإذا ثبت تفاضل الأعمال فيما بينها ثبت تفاضل الإيمان وأنه يزيد وينقص وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة
وفيه إثبات اسمين من أسماء الله والله سميع عليم وما تضمنتاه من الصفة وهي السمع والعلم وقد مر علينا أنه لا يراد من أسماء الله وصفاته مجرد معرفة ذلك الاسم وتلك الصفة بل المراد والغرض التعبد لله بمقتضى ذلك فإذا علمت أن الله سميع عليم عملت بكل قول يرضيه وتجنبت كل قول يسخطه عملت بكل قول يرضيه لأنك تعلم أنه يسمعك ويثيبك عليه وتجنبت كل قول يسخطه لأنك تعلم أنه يسمعك فيسخط عليك وكذلك بالنسبة للعلم وكذلك بالنسبة لسائر الصفات والأسماء ليس المراد أن تعرف هذا الاسم وهذه الصفة ومدلولهما بل المراد أن تعمل لله سبحانه وتعالى وأن تتعبد لله بمقتضى ذلك الاسم وتلك الصفة ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة والمراد بإحصائها ثلاثة أمور ضبط لفظها ومعناها والتعبد لله بمقتضاها الإنسان يعرف اللفظ والمعنى ويتعبد لله بما تقتضيه هذه الأمور.
ثانيا أن على غير القواعد أن يلبسن لباسا ظاهرا ساترا ما تقول المرأة التي تطلع ...بدون خمار وما أشبه ذلك لا ، يجب على غير القواعد أن يبقين ثيابهن الظاهرة عليهن لما في ذلك من التستر ولأن عدمه يدخل في الحديث الصحيح صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا فإن المرأة إذا كان عليها ثياب ولكن تصف مقاطع جسمها ولا تزول بها الفتنة فهي كاسية عارية وفيه أيضا يقاس على القواعد من لا تشتهى لغاية في قبحها فإن التي لا تشتهى لغاية في قبحها كالعجائز لأنها لا ترجوا النكاح ولا يطمع أحد فيها ولهذا ألحق العلماء هذا الصنف من النساء بالقواعد
رابعا أن التبرج بالزينة حرام على العجائز لقوله: غير متبرجات بزينة فهذا الشرط إذا تخلف صار عليهن جناح في ذلك وهذا يدل على التحريم فإذا كان التبرج حرام على العجائز
فنقول الفائدة الخامسة تحريم التبرج على من ؟ الشواب ومن هي محل الفتنة هذا القياس قياس أولوية أو مساواة ؟ أولوية معلوم لأنه إذا حرم القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا فغيرهن ممن يرجوا النكاح وتتعلق به الفتنة أبلغ
السادس أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما كيف ذلك ؟ لأن الله إنما أباح وضع الثياب لهؤلاء القواعد لأن الفتنة بعيدة فيهن فيؤخذ منه أن المدار كله على خوف الفتنة في مثل هذه الأمور فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما
الفائدة السابعة ما نبه عليه كثير من أهل العلم بأنه حتى على القول بجواز كشف الوجه واليدين إذا كان ذلك ذريعة للفتنة والتوسع كان هذا حراما وعليه فيكون هذا القول لا محل له في عصرنا لماذا ؟ لأنه لا يمكن أن ضبط النساء أبدا ولذلك تجد المجتمعات التي أخذت بهذا القول أصبحت لا تستطيع أن تتخلص مما وقعت فيه من التبرج السافر الذي لا يرمي إليه هذا القول بأي صلة فلم تقتصر المسألة على الوجه والكفين بل تدرجت إلى الرأس والرقبة والنحر والذراع بل والعضد أحيانا والساق والقدم كل هذا بأسباب أن النساء الآن بل والمجتمعات الإسلامية مع الأسف لا يمكن أن تنضبط بالحدود الشرعية لأنها مجبرة على الدين إلا ما شاء الله وعلى هذا فنقول هذا القول الذي يطنطن به بعض الناس المحبين للسفور لا محل له في هذا العصر لأن من شرطه ألا تتبرج بزينة وألا يخاف منه الفتنة وهذا موجود ومحقق فالفتنة موجودة والتبرج موجود ولهذا القواعد التي رخص الله لهن في وضع الثياب اشترط هذا الشرط غير متبرجات بزينة ونجد كثيرا من نساء هؤلاء الناس تتبرج بالزينة ولا شك تحمر الخدين والشفتين وتكحل العينين وتزجج الحواجب كل هذا مما يدل على أن الموضوع أصبح الآن ليس ذا محل في هذا الوقت .
الطالب:...
الشيخ : لا الصحيح أنه ما له حد
الطالب...
الشيخ :كيف ...؟
الطالب...
الشيخ :لا، الحكم يدور مع علته يتفرع عنها هذه المسألة أنه متى خيف الفتنة بكشف الوجه واليدين بناء على القول به فإنه لا يجوز ذلك كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم .
الطالب:...
الشيخ : ما فيه شك في ذلك لكن على القول به في هذا الوقت لا يمكن أن يتمشى عليه لأن الفتنة قائمة وكونه ذريعة إلى التوسع قائم أيضا
وفيه دليل على أن الأفضل البعد عن الريبة ومحل الفتنة وإن بعدت لقوله: وأن يستعففن خير لهن يجوز لهن يضعن الثياب لبعد الفتنة بهن ولكن مع ذلك كلما بعد الإنسان عن أسباب الفتنة كان خير له والإنسان قد يشعر بنفسه أنه بعيد عن الفتنة ثم يقع فيها وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن ينأ عنه لأنه يأتيه وهو يرى أنه مؤمن فلا يزال يقذف به بالحجج والشبهات حتى يتبعه
وفيه أيضا إثبات تفاضل الأعمال الفائدة التاسعة إثبات تفاضل الأعمال لأن قوله خير لهن يعني من عدم الاستعفاف فدل ذلك على أن الأعمال بعضها أفضل من بعض
وينبني على ذلك أو يتفرع على ذلك تفاضل الإيمان لأن الأعمال منه فإذا ثبت تفاضل الأعمال فيما بينها ثبت تفاضل الإيمان وأنه يزيد وينقص وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة
وفيه إثبات اسمين من أسماء الله والله سميع عليم وما تضمنتاه من الصفة وهي السمع والعلم وقد مر علينا أنه لا يراد من أسماء الله وصفاته مجرد معرفة ذلك الاسم وتلك الصفة بل المراد والغرض التعبد لله بمقتضى ذلك فإذا علمت أن الله سميع عليم عملت بكل قول يرضيه وتجنبت كل قول يسخطه عملت بكل قول يرضيه لأنك تعلم أنه يسمعك ويثيبك عليه وتجنبت كل قول يسخطه لأنك تعلم أنه يسمعك فيسخط عليك وكذلك بالنسبة للعلم وكذلك بالنسبة لسائر الصفات والأسماء ليس المراد أن تعرف هذا الاسم وهذه الصفة ومدلولهما بل المراد أن تعمل لله سبحانه وتعالى وأن تتعبد لله بمقتضى ذلك الاسم وتلك الصفة ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة والمراد بإحصائها ثلاثة أمور ضبط لفظها ومعناها والتعبد لله بمقتضاها الإنسان يعرف اللفظ والمعنى ويتعبد لله بما تقتضيه هذه الأمور.
الفتاوى المشابهة
- قال الله تعالى : << من كان يرجوا لقآء الله ف... - ابن عثيمين
- انتشر بين النساء و للأسف العباءات المطرزة و... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (إن الله سميع عليم) - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: {والقواعد من النساء ...} - ابن باز
- ما المقصود بكلمة " القواعد من النساء" و ما ص... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: {والقواعد من النساء ...} - ابن باز
- ماهو تفسير قوله تعالى ( و القواعد من النساء... - ابن عثيمين
- إعادة تفسير قوله تعالى :<< و القواعد من النس... - ابن عثيمين
- تتمة تفسير قوله تعالى :<< و القواعد من النسآ... - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى :<< و القواعد من النسآء... - ابن عثيمين
- الفوائد المستنبطة من قوله تعالى :<< و القواع... - ابن عثيمين