قال الله تعالى : << قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
" قِيلَ لَهَا [النمل:44] أيضاً، ادْخُلِي الصَّرْحَ [النمل:44] " والقائل كما قلنا مبهم إما سليمان أو غيره، وهذا الصرح يقول المؤلف: " هو سطح من زجاج أبيض شفاف تحته ماء عذب جار فيه سمك اصطنعه سليمان لما قيل له: إن ساقيها وقدميها كقدمي الحمار " نعم.
أما قوله: إنه سطح من زجاج أبيض هذا صحيح، نعم. سطح من زجاج أبيض، والأصل في الصرح أنه البناء العالي، كما قال فرعون لهامان: ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ [غافر:36] لكنه يُطلق على السطح وإن لم يكن عالياً، وهذا عبارة عن سطح من زجاج وتحته ماء، يقول المؤلف: إنه جارٍ، وأخذ كونه جارياً أخذه من قوله: حَسِبَتْهُ لُجَّةً [النمل:44] لأن اللجة هي أمواج البحر المترددة، لأن كل شيء متردد يُسمى لجة، ومنه اللجة تردد الأصوات وارتفاعها، فالظاهر أن المؤلف أخذ الجريان -وإلا ما في الآية ما يدل على أنه جريان- أخذه من قوله: حَسِبَتْهُ لُجَّةً [النمل:44]. وقوله: فيه سمك هذا ما هو بشرط، نعم. ليس فيه شرط أن يكون فيه سمك، لأن اللجة..
الطالب: ...
الشيخ : نعم؟ نعم. لأن اللجة قد تكون فيها سمك وقد لا يكون، وقد يكون فيها سمك بعيد لا يُرى.
وكذلك قوله: إنه ماء عذب ما في دليل على أنه عذب ولا أنه ملح، فلا.. المهم أنه ماء، نعم. بدليل ما يأتي.
الطالب: ...؟
الشيخ : لا، لأن العذب قد يبقى فيه السمك ما شاء الله.
الطالب: ...؟
الشيخ : صحيح.
الطالب: ...؟
الشيخ : لا، ويبقى فيه حتى هذا، بس أنه ما يعيش العيشة الكاملة، اللهم إلا كان فيه مثلما قال الإخوان: فيه أسماك خاصة بالملح ما يكفي. طيب. المهم على كل حال! كل هذا لا داعي له، حتى لو قال قائل: إنه ليس تحته ماء، لو قال قائل: وأن الزجاج هذا يعطي كأنه ماء، نعم. بسبب مثلاً ... فيه وإلا شيء لو قيل بهذا ما يكون بعيداً، لأنه لا يتعين أن يكون تحته ماء، ما هو متعين. طيب.
الطالب: ...؟
الشيخ : على كل حال! ما هو متعين، لكن نحن إن تنازلنا وقلنا: إن قوله: حَسِبَتْهُ لُجَّةً [النمل:44] ..... زجاج شفاف وتظنه بحراً.
يقول: وأما قوله: لما قيل له إن ساقيها وقدميها كقدمي الحمار يقولون: إن الجن لما أن سليمان أعجبته هذه المرأة هم أن يتزوجها فحسدوها على ذلك، فقالوا له: إن قدميها وساقيها قدما دابة وساقا دابة، وحطوها بعد حمار لأنه ... وهذا ليس بصحيح، وإنما المقصود من هذا الصرح اختبار المرأة أيضاً، لأنه لما قيل: ادْخُلِي الصَّرْحَ هي في الحقيقة إذا كانت تحسبه لجة، إذا كانت جبانة تدخل وإلا ما تدخل؟
الطالب: ما تدخل
الشيخ : ما تدخل أصلاً، وإذا كانت مغفلة دخلت وثيابها نازلة، إذا كانت مغفلة، وإذا كانت حازمة وشجاعة دخلت ورفعت عن ساقيها، نعم. دخلت هذا ورفعت عن ساقيها. ثم هي أيضاً من ذكائها: أنها تعلم أنها ما أُكرمت وقيل لها ادخلي الصرح وهي ستُدخل في بحر لجي يغرقها، فعلمت أن هذا البحر أن غاية ما فيه أن يصل إلى ركبتها أو نحو ذلك، وأنه لا يمكن أن يكون بحراً لجياً عميقاً، لماذا؟ لأنها قيل لها على سبيل الإكرام: ادْخُلِي الصَّرْحَ .
فالمهم أن هذا أيضاً اختبار ثان لذكائها وحزمها وشجاعتها، وأما أن رجلها رجل حمار فهذا كذب بلا شك، والأصل فيها أنها امرأة مثل بنات آدم ليس فيها شيء من هذا. نعم.
الطالب: ...؟
الشيخ : إيه. نعم.
الطالب: ...؟
الشيخ : إيه.
الطالب: الساقان عورة؟
الشيخ : ما ندري عن شريعة من سبق، ما نعرف عن شريعة من سبق.
قال: " فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً من الماء وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا وهذا لا شك أنه يدل على حزمها وقوتها وشجاعتها، لأن الإنسان الغريب إذا حصل له مثل هذا الأمر قد يتوقع، يقول: ما أدري، يمكن يخدعونني ربما ... في هذا وأموت، لكنها قوية وحازمة أيضاً، أقدمت على الدخول لكن مع الاحتراز عن الأذية حيث رفعت عن ساقيها، والرفع عن الساقين إبراهيم يقول: يؤخذ منه جواز إظهار المرأة للساقين، ونحن نقول: أولاً: لا يؤخذ منه، لأنه هنا فعلته للحاجة، وكشف المرأة ساقيها للحاجة لا بأس به حتى في شريعتنا، إذا احتاجت المرأة إلى كشف ساقيها في مثل هذه الحال فلا حرج فيه، لأن ما حُرِّم تحريم وسائل تبيحه الحاجات كما هو مقرر في علم الأصول، المحرم تحريم وسائل تبيحه الحاجات، ولهذا يجوز النظر إلى العورة لأدنى حاجة، حتى إنهم قالوا: يجوز أن يحلق عانة من لا يحسن علق عانته، وهذا بالضرورة سوف يكشفها، سوف يكشف العانة لتحلق.
فالحاصل أننا نقول: إن كانت شريعة سليمان تبيح مثل ذلك فلا دلالة فيه، وإذا كانت لا تبيحه فإنه أيضاً لا يخالف شريعتنا، لأن الحاجة هنا تدعو إليه.
" وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا لتخوضه، وكان سليمان على سريره في صدر الصرح فرأى ساقيها وقدميها حساناً " اطمأن الآن الرجل، اطمأن، ولكنها ليست كما قال المؤلف، ما هو الغرض من هذا أن يتبين لسليمان هل رجلها رجل حمار وإلا رجل آدمية؟ لا، الغرض أن يعرف بهذا ذكاءها وفطنتها وشجاعتها، وكل ما تدل عليه هذه الصورة من معنىً يعود إلى المرأة فإنه يريده سليمان عليه الصلاة والسلام.
الطالب: ...؟
الشيخ : ... " قَالَ لها إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ مملس من قوارير " أي: زجاج. هذه الجملة أيضاً تفيد أنه قُصد به مع اختبارهم .... إظهار عظمة ملك سليمان مثلما قصد بإحضار العرش هذا المقصد.
قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ فتبين بذلك أمران، أحدهما: عظمة ملك سليمان، حيث إن الزجاج يصنع له حتى يكون كالبحر اللجي.
وثانياً: الإشارة إلى أن هذه المرأة وإن كانت ذكية وعاقلة وحازمة فإنها يخفى عليها الأمر، وإلا لا؟ لأنها حسبت أن هذا الزجاج لجة من الماء مع أنه ليس كذلك، ففيه نوع من إظهار ضعفها أيضاً، فيه نوع من إظهار ضعفها، حيث إنه ظنت الأمر على خلاف ما هو عليه. وسيأتي إن شاء الله تعالى في هذا من فوائد الآيات ما ..... نعم.
الطالب: ...؟
الشيخ : نعم.
الطالب: . ...؟
الشيخ : أنه إيش؟
الطالب: ...؟
الشيخ : بل ما يستبعد، ما يستبعد، لأن وجود الماء تحتها مثلما قلت ما هو بلازم.
قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ [النمل:44] حينئذٍ عرفت مكانها وعرفت مكانة سليمان.
وقوله: ودعاها إلى الإسلام ليس في الآية ما يدل عليه، بل إن الظاهر أنها بما شاهدت ألجأها ما شاهدته إلى أن تسلم، لأنها شاهدت أموراً، منها: إتيان عرشها. ومنها: هذا الصرح العظيم الممرد من القوارير.
الطالب: ...؟
الشيخ : هي قالت: كأنه هو. ومنها أيضاً: أن سليمان عليه الصلاة والسلام أخبرها بعظمته وقوته حيث إن هذا صرح ممرد من القوارير وليس ماءً، حينئذٍ اعترفت فقالت: " رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي [النمل:44] بعبادة غيرك" وعبادة غير الله من أعظم الظلم، قال الله تعالى عن لقمان لما قال لابنه: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] لأن أعظم الظلم أن تتسلط على من حقه أبين وأوضح، ولا أبين وأوضح من حق الله على العباد، لهذا كان الشرك أظلم الظلم.
عندما تخاصم إنساناً وأنت تعرف أن الحق له لا لك تُعَدُّ ظالماً، عندما يشتبه عليك الأمر بحيث ترجح ثمانين في المائة أنه له وعشرين في المائة أنه لك، يكون هذا الظلم أخف من الأول، عندما يكون خمسين في المائة لك وخمسين في المائة له يكون أخف من الثاني، عندما ترجح ثلاثين في المائة له وسبعين لك يكون أخف، وهكذا. فالمهم أن الظلم يكون أقبح وأشنع بحسب ظهور الحق وبيانه، وأظهر الحقوق وأبينها: عبادة الله سبحانه وتعالى، فيكون أظلم الظلم الإشراك مع الله، أن تشرك مع الله أحداً، ولهذا تقول: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي [النمل:44] إذاً: النفس عندك أمانة يجب عليك أن تسعى لها بما فيه خيرها، فأنت يجب أن تسعى لنفسك بما هو خير لك، فإن تجرأت على ما ليس لك فقد ظلمت نفسك، أو فرطت فيما يجب عليك فقد ظلمت نفسك، وإذا كنت لا تستطيع أن تتصرف في بدنك بما تريد فكيف تستطيع أن تتصرف في فعلك بما تريد؟ لو أن إنسان قال لشخص: أنا أعطيك إصبع، اقطع الأصابع وحطهم... يجوز؟
الطالب: ما يجوز.
الشيخ : ما يجوز، هذا حرام. لو طلب اقلع عيوني وحطها بعينك ... يجوز؟
الطالب: لا يجوز.
الشيخ : لا يجوز، إذا كان هذا لا يمكن في جسم مآله إلى الفناء فكيف يكون ذلك في الأفعال التي عليها مدار سعادة العبد؟ فلا يجوز أن تتصرف في أفعالك فيما يعود على نفسك بالضرر، فإن فعلت فأنت ظالم.
قالت: وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [النمل:44]. " أَسْلَمْتُ كائنة مَعَ سُلَيْمَانَ " أفاد المؤلف بتقدير كائنة أن الظرف في قوله: مَعَ سُلَيْمَانَ في موضع الحال، يعني: أسلمت حالة كوني مع سليمان، لمن؟ لله رب العالمين، هنا تعتبر مسلمة وإلا لا؟
الطالب: نعم.
الشيخ : إيه. إذا قال الرجل: أسلمت ولو ما قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فقد أسلم، نعم. قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات:14] فإذا عبر الإنسان عن العمل بما يدل عليه من فعل حُكِم عليه به، ولهذا لو قال قائل لإنسان: حلفت عليك أن تفعل كذا، صار يميناً، لو ما قال: والله، أو حلفت لا أفعل كذا، صار يميناً وإن لم يقل بالله، لأن هذا هو الفعل. إذا قال: أسلمت، صار إسلاماً وإن لم يقل: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
الطالب: .....
الشيخ : إيه، يستعمل كثيراً. طيب، إذاً نقول: أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [النمل:44] فيها أنها أسلمت إسلاماً كاملاً، حيث أقرت بألوهية الله في قولها: لِلَّهِ ، وبربوبية العامة في قولها: رَبِّ الْعَالَمِينَ .
قال المؤلف: " وأراد تزوجها فكره شعر ساقيها، فعملت له الشياطين النورة فأزالته " والله الحقيقة أنه مشكل هذا.
الطالب: ...؟
الشيخ : هاه؟
الطالب: هو ما...
الشيخ : فكأن بس ... نعم. ... في الشعر ... عملت له الشياطين النورة، والنورة تزيل الشعر، ويقال: إن أول من عملت له النورة ساق بلقيس بأمر سليمان حيث أن الشياطين عملتها له، وكل هذا كذب. ويجب أن ينزه كلام الله عن مثل هذه الأشياء، وموقفنا مع مثل هؤلاء العلماء أن نسأل الله لهم العفو، وأن ... لأن كونهم يضعون في كلام الله مثل هذه الأمور هذا من الأشياء التي يتنقص بها الإنسان كلام الله عز وجل، وأكثر ما وردت هذه كما قال ابن كثير في هذا الموضع عن رجلين وهما: كعب الأحبار ووهب بن منبه، فإنهما أدخلا كثيراً من الإسرائيليات في كلام الله غيره مما ينقلوه نسأل الله أن يعفو عنهم
قال: " فأزالته فتزوجها وأحبها وأقرها على ملكها، وكان يزورها في كل شهر مرة ويقيم عندها ثلاثة أيام " اقامة المتزج بالثيب، " نعم " وانقضى ملكها بانقضاء ملك سليمان، روي: أنه ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ومات وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، فسبحان من لا انقضاء لدوام ملكه ".
الطالب: ...
الشيخ : هاه؟
الطالب: ...
الشيخ : عندي، نعم.
الطالب: ...
الشيخ : إيه. ويش بعد؟
الطالب: ... ومات وهو ...
الشيخ : لا، ومات وهو ابن ثلاث وخمسين سنة.
أما قوله: إنه سطح من زجاج أبيض هذا صحيح، نعم. سطح من زجاج أبيض، والأصل في الصرح أنه البناء العالي، كما قال فرعون لهامان: ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ [غافر:36] لكنه يُطلق على السطح وإن لم يكن عالياً، وهذا عبارة عن سطح من زجاج وتحته ماء، يقول المؤلف: إنه جارٍ، وأخذ كونه جارياً أخذه من قوله: حَسِبَتْهُ لُجَّةً [النمل:44] لأن اللجة هي أمواج البحر المترددة، لأن كل شيء متردد يُسمى لجة، ومنه اللجة تردد الأصوات وارتفاعها، فالظاهر أن المؤلف أخذ الجريان -وإلا ما في الآية ما يدل على أنه جريان- أخذه من قوله: حَسِبَتْهُ لُجَّةً [النمل:44]. وقوله: فيه سمك هذا ما هو بشرط، نعم. ليس فيه شرط أن يكون فيه سمك، لأن اللجة..
الطالب: ...
الشيخ : نعم؟ نعم. لأن اللجة قد تكون فيها سمك وقد لا يكون، وقد يكون فيها سمك بعيد لا يُرى.
وكذلك قوله: إنه ماء عذب ما في دليل على أنه عذب ولا أنه ملح، فلا.. المهم أنه ماء، نعم. بدليل ما يأتي.
الطالب: ...؟
الشيخ : لا، لأن العذب قد يبقى فيه السمك ما شاء الله.
الطالب: ...؟
الشيخ : صحيح.
الطالب: ...؟
الشيخ : لا، ويبقى فيه حتى هذا، بس أنه ما يعيش العيشة الكاملة، اللهم إلا كان فيه مثلما قال الإخوان: فيه أسماك خاصة بالملح ما يكفي. طيب. المهم على كل حال! كل هذا لا داعي له، حتى لو قال قائل: إنه ليس تحته ماء، لو قال قائل: وأن الزجاج هذا يعطي كأنه ماء، نعم. بسبب مثلاً ... فيه وإلا شيء لو قيل بهذا ما يكون بعيداً، لأنه لا يتعين أن يكون تحته ماء، ما هو متعين. طيب.
الطالب: ...؟
الشيخ : على كل حال! ما هو متعين، لكن نحن إن تنازلنا وقلنا: إن قوله: حَسِبَتْهُ لُجَّةً [النمل:44] ..... زجاج شفاف وتظنه بحراً.
يقول: وأما قوله: لما قيل له إن ساقيها وقدميها كقدمي الحمار يقولون: إن الجن لما أن سليمان أعجبته هذه المرأة هم أن يتزوجها فحسدوها على ذلك، فقالوا له: إن قدميها وساقيها قدما دابة وساقا دابة، وحطوها بعد حمار لأنه ... وهذا ليس بصحيح، وإنما المقصود من هذا الصرح اختبار المرأة أيضاً، لأنه لما قيل: ادْخُلِي الصَّرْحَ هي في الحقيقة إذا كانت تحسبه لجة، إذا كانت جبانة تدخل وإلا ما تدخل؟
الطالب: ما تدخل
الشيخ : ما تدخل أصلاً، وإذا كانت مغفلة دخلت وثيابها نازلة، إذا كانت مغفلة، وإذا كانت حازمة وشجاعة دخلت ورفعت عن ساقيها، نعم. دخلت هذا ورفعت عن ساقيها. ثم هي أيضاً من ذكائها: أنها تعلم أنها ما أُكرمت وقيل لها ادخلي الصرح وهي ستُدخل في بحر لجي يغرقها، فعلمت أن هذا البحر أن غاية ما فيه أن يصل إلى ركبتها أو نحو ذلك، وأنه لا يمكن أن يكون بحراً لجياً عميقاً، لماذا؟ لأنها قيل لها على سبيل الإكرام: ادْخُلِي الصَّرْحَ .
فالمهم أن هذا أيضاً اختبار ثان لذكائها وحزمها وشجاعتها، وأما أن رجلها رجل حمار فهذا كذب بلا شك، والأصل فيها أنها امرأة مثل بنات آدم ليس فيها شيء من هذا. نعم.
الطالب: ...؟
الشيخ : إيه. نعم.
الطالب: ...؟
الشيخ : إيه.
الطالب: الساقان عورة؟
الشيخ : ما ندري عن شريعة من سبق، ما نعرف عن شريعة من سبق.
قال: " فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً من الماء وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا وهذا لا شك أنه يدل على حزمها وقوتها وشجاعتها، لأن الإنسان الغريب إذا حصل له مثل هذا الأمر قد يتوقع، يقول: ما أدري، يمكن يخدعونني ربما ... في هذا وأموت، لكنها قوية وحازمة أيضاً، أقدمت على الدخول لكن مع الاحتراز عن الأذية حيث رفعت عن ساقيها، والرفع عن الساقين إبراهيم يقول: يؤخذ منه جواز إظهار المرأة للساقين، ونحن نقول: أولاً: لا يؤخذ منه، لأنه هنا فعلته للحاجة، وكشف المرأة ساقيها للحاجة لا بأس به حتى في شريعتنا، إذا احتاجت المرأة إلى كشف ساقيها في مثل هذه الحال فلا حرج فيه، لأن ما حُرِّم تحريم وسائل تبيحه الحاجات كما هو مقرر في علم الأصول، المحرم تحريم وسائل تبيحه الحاجات، ولهذا يجوز النظر إلى العورة لأدنى حاجة، حتى إنهم قالوا: يجوز أن يحلق عانة من لا يحسن علق عانته، وهذا بالضرورة سوف يكشفها، سوف يكشف العانة لتحلق.
فالحاصل أننا نقول: إن كانت شريعة سليمان تبيح مثل ذلك فلا دلالة فيه، وإذا كانت لا تبيحه فإنه أيضاً لا يخالف شريعتنا، لأن الحاجة هنا تدعو إليه.
" وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا لتخوضه، وكان سليمان على سريره في صدر الصرح فرأى ساقيها وقدميها حساناً " اطمأن الآن الرجل، اطمأن، ولكنها ليست كما قال المؤلف، ما هو الغرض من هذا أن يتبين لسليمان هل رجلها رجل حمار وإلا رجل آدمية؟ لا، الغرض أن يعرف بهذا ذكاءها وفطنتها وشجاعتها، وكل ما تدل عليه هذه الصورة من معنىً يعود إلى المرأة فإنه يريده سليمان عليه الصلاة والسلام.
الطالب: ...؟
الشيخ : ... " قَالَ لها إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ مملس من قوارير " أي: زجاج. هذه الجملة أيضاً تفيد أنه قُصد به مع اختبارهم .... إظهار عظمة ملك سليمان مثلما قصد بإحضار العرش هذا المقصد.
قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ فتبين بذلك أمران، أحدهما: عظمة ملك سليمان، حيث إن الزجاج يصنع له حتى يكون كالبحر اللجي.
وثانياً: الإشارة إلى أن هذه المرأة وإن كانت ذكية وعاقلة وحازمة فإنها يخفى عليها الأمر، وإلا لا؟ لأنها حسبت أن هذا الزجاج لجة من الماء مع أنه ليس كذلك، ففيه نوع من إظهار ضعفها أيضاً، فيه نوع من إظهار ضعفها، حيث إنه ظنت الأمر على خلاف ما هو عليه. وسيأتي إن شاء الله تعالى في هذا من فوائد الآيات ما ..... نعم.
الطالب: ...؟
الشيخ : نعم.
الطالب: . ...؟
الشيخ : أنه إيش؟
الطالب: ...؟
الشيخ : بل ما يستبعد، ما يستبعد، لأن وجود الماء تحتها مثلما قلت ما هو بلازم.
قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ [النمل:44] حينئذٍ عرفت مكانها وعرفت مكانة سليمان.
وقوله: ودعاها إلى الإسلام ليس في الآية ما يدل عليه، بل إن الظاهر أنها بما شاهدت ألجأها ما شاهدته إلى أن تسلم، لأنها شاهدت أموراً، منها: إتيان عرشها. ومنها: هذا الصرح العظيم الممرد من القوارير.
الطالب: ...؟
الشيخ : هي قالت: كأنه هو. ومنها أيضاً: أن سليمان عليه الصلاة والسلام أخبرها بعظمته وقوته حيث إن هذا صرح ممرد من القوارير وليس ماءً، حينئذٍ اعترفت فقالت: " رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي [النمل:44] بعبادة غيرك" وعبادة غير الله من أعظم الظلم، قال الله تعالى عن لقمان لما قال لابنه: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] لأن أعظم الظلم أن تتسلط على من حقه أبين وأوضح، ولا أبين وأوضح من حق الله على العباد، لهذا كان الشرك أظلم الظلم.
عندما تخاصم إنساناً وأنت تعرف أن الحق له لا لك تُعَدُّ ظالماً، عندما يشتبه عليك الأمر بحيث ترجح ثمانين في المائة أنه له وعشرين في المائة أنه لك، يكون هذا الظلم أخف من الأول، عندما يكون خمسين في المائة لك وخمسين في المائة له يكون أخف من الثاني، عندما ترجح ثلاثين في المائة له وسبعين لك يكون أخف، وهكذا. فالمهم أن الظلم يكون أقبح وأشنع بحسب ظهور الحق وبيانه، وأظهر الحقوق وأبينها: عبادة الله سبحانه وتعالى، فيكون أظلم الظلم الإشراك مع الله، أن تشرك مع الله أحداً، ولهذا تقول: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي [النمل:44] إذاً: النفس عندك أمانة يجب عليك أن تسعى لها بما فيه خيرها، فأنت يجب أن تسعى لنفسك بما هو خير لك، فإن تجرأت على ما ليس لك فقد ظلمت نفسك، أو فرطت فيما يجب عليك فقد ظلمت نفسك، وإذا كنت لا تستطيع أن تتصرف في بدنك بما تريد فكيف تستطيع أن تتصرف في فعلك بما تريد؟ لو أن إنسان قال لشخص: أنا أعطيك إصبع، اقطع الأصابع وحطهم... يجوز؟
الطالب: ما يجوز.
الشيخ : ما يجوز، هذا حرام. لو طلب اقلع عيوني وحطها بعينك ... يجوز؟
الطالب: لا يجوز.
الشيخ : لا يجوز، إذا كان هذا لا يمكن في جسم مآله إلى الفناء فكيف يكون ذلك في الأفعال التي عليها مدار سعادة العبد؟ فلا يجوز أن تتصرف في أفعالك فيما يعود على نفسك بالضرر، فإن فعلت فأنت ظالم.
قالت: وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [النمل:44]. " أَسْلَمْتُ كائنة مَعَ سُلَيْمَانَ " أفاد المؤلف بتقدير كائنة أن الظرف في قوله: مَعَ سُلَيْمَانَ في موضع الحال، يعني: أسلمت حالة كوني مع سليمان، لمن؟ لله رب العالمين، هنا تعتبر مسلمة وإلا لا؟
الطالب: نعم.
الشيخ : إيه. إذا قال الرجل: أسلمت ولو ما قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فقد أسلم، نعم. قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات:14] فإذا عبر الإنسان عن العمل بما يدل عليه من فعل حُكِم عليه به، ولهذا لو قال قائل لإنسان: حلفت عليك أن تفعل كذا، صار يميناً، لو ما قال: والله، أو حلفت لا أفعل كذا، صار يميناً وإن لم يقل بالله، لأن هذا هو الفعل. إذا قال: أسلمت، صار إسلاماً وإن لم يقل: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
الطالب: .....
الشيخ : إيه، يستعمل كثيراً. طيب، إذاً نقول: أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [النمل:44] فيها أنها أسلمت إسلاماً كاملاً، حيث أقرت بألوهية الله في قولها: لِلَّهِ ، وبربوبية العامة في قولها: رَبِّ الْعَالَمِينَ .
قال المؤلف: " وأراد تزوجها فكره شعر ساقيها، فعملت له الشياطين النورة فأزالته " والله الحقيقة أنه مشكل هذا.
الطالب: ...؟
الشيخ : هاه؟
الطالب: هو ما...
الشيخ : فكأن بس ... نعم. ... في الشعر ... عملت له الشياطين النورة، والنورة تزيل الشعر، ويقال: إن أول من عملت له النورة ساق بلقيس بأمر سليمان حيث أن الشياطين عملتها له، وكل هذا كذب. ويجب أن ينزه كلام الله عن مثل هذه الأشياء، وموقفنا مع مثل هؤلاء العلماء أن نسأل الله لهم العفو، وأن ... لأن كونهم يضعون في كلام الله مثل هذه الأمور هذا من الأشياء التي يتنقص بها الإنسان كلام الله عز وجل، وأكثر ما وردت هذه كما قال ابن كثير في هذا الموضع عن رجلين وهما: كعب الأحبار ووهب بن منبه، فإنهما أدخلا كثيراً من الإسرائيليات في كلام الله غيره مما ينقلوه نسأل الله أن يعفو عنهم
قال: " فأزالته فتزوجها وأحبها وأقرها على ملكها، وكان يزورها في كل شهر مرة ويقيم عندها ثلاثة أيام " اقامة المتزج بالثيب، " نعم " وانقضى ملكها بانقضاء ملك سليمان، روي: أنه ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ومات وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، فسبحان من لا انقضاء لدوام ملكه ".
الطالب: ...
الشيخ : هاه؟
الطالب: ...
الشيخ : عندي، نعم.
الطالب: ...
الشيخ : إيه. ويش بعد؟
الطالب: ... ومات وهو ...
الشيخ : لا، ومات وهو ابن ثلاث وخمسين سنة.
الفتاوى المشابهة
- معنى قوله تعالى:" يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ﴾ - ابن باز
- ما معنى قوله تعالى:" يوم يكشف عن ساق ويدعون... - ابن عثيمين
- ما معنى الساق في قوله تعالى: (( يوم يكشف عن سا... - الالباني
- شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن... - الالباني
- شرح قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن... - الالباني
- ما معنى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}؟ - ابن باز
- تفسير قوله تعالى: {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْ... - ابن باز
- امرأة تسأل عن قوله تعالى في سورة النمل (( قي... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << قيل لها ادخلي الصرح فل... - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << قيل لها ادخلي الصرح فلما... - ابن عثيمين