فوائد قوله تعالى : << قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
وفي هذا دليل.. نعم قبل. قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا... [النمل:44] إلى آخره.
فيه دليل على عظمة ملك سليمان وتسخير الله له، ففي ذلك الوقت حسب علمنا ليس هناك أفران يشكل بها الزجاج ويفعل بها الإنسان كما يشاء، نعم. ولكن لا شك أن الزجاج موجود، قد يكون مستخرجاً من البحر تستخرجه الشياطين، وقد يكون هناك أيضاً مصاهر وأفران حسب حالهم، ولهذا قال الله عن الشياطين: يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ [سبأ:13] جفان جمع جفنة وهي الصحفة ... والجواب ما هي؟
الطالب: ...؟
الشيخ : ... وهي البِركة، يعني كبيرة. وقدور راسيات يعني: ما تنقل لكبرها وعِظمها.
فالحاصل أننا نقول: إن هذا فيه دليل على عظمة ملك سليمان، حيث سُخِّر له الجن والإنس يعملون له ما يشاء.
وفيه دليل على جواز اختبار المرء كما سبق، وهذه القصة فيها عدة اختبارات، لقوله: ادْخُلِي الصَّرْحَ [النمل:44] ليرى هل تهاب فلا تدخل، أو تغامر فتدخل بدون تحرز، أم ماذا تصنع؟ فالمرأة لذكائها دخلت ولكن مع التحفظ والاحتراز، كشفت عن ساقيها، أي: رفعت ثوبها حتى بان الساقان.
وفي هذا دليل على أن المرأة من قديم الزمان زينتها التستر، لأن قوله: وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا [النمل:44] دليل على أن الأصل أنها مستورة، وهو كذلك، بخلاف الرجل، فإن أزرة المؤمن فوق نصف ساقه. نعم. أو قال: نصف ساقه، نسيت اللفظ.
الآن أصبح الأمر بالعكس عند كثير من المسلمين مع الأسف، فأصبح الرجال ثيابهم مسبلة، والنساء ثيابهن قصيرة، وهذا خلاف الفطرة التي فطر الله عليها الخلق.
وفي هذا دليل على أن الرؤية قد تكذب، وأن ما يدرك بالحواس ليس على الأمر الواقع مائة بالمائة، لقوله: حَسِبَتْهُ لُجَّةً [النمل:44] فإن هذا كما هو الواقع صرح ممرد من قوارير وتنظر إليه نظر العين ومع ذلك تحسبه لجة، فدل هذا على أن ما يُدرك بالحواس قد يقع فيه الخطأ، أليس كذلك؟ قد يرى الإنسان الشيء المتحرك ساكناً والساكن متحركاً، والأبيض أسود، والرجل امرأة، نعم. بل قد يتخيل له في بصره شيء وليس له حقيقة، وكذلك بالنسبة للسمع، وبهذا نعلم أن الشهادات وروايات الأخبار وغيرها كلها يمكن أن يقع فيها الخطأ وليست معصومة مائة بالمائة، ولكن لا شك أنه كلما تواردت الأخبار وتكاثرت فإنه يدل على أن الأمر متأكد، ولكن نفي احتمال الخطأ مهما بلغ الرائي أو السامع من القوة والأمانة، فإن الخطأ عرضة فيما رأى أو فيما سمع، بل في الملمس الآن، قد تلمس الشيء فتظنه ليناً أو أملس وبالعكس، الرجل الفلاح يلمس الشيء الخشن فيظنه أملس، والناعم يلمس الخشن البسيط جداً فيجده كالشوك.
فالحاصل: أن المسألة حتى في الأمور الحسية الخطأ يمكن أن يقع، فما بالك بالأمور العقلية؟
الطالب: من باب أولى.
الشيخ : من باب أولى وأعظم، وبه نعرف ضعف الإنسان، وأنه بحاجة ماسة إلى علم الشرع والوحي، مهما بلغ فإنه بحاجة إلى هذا الأمر. نعم.
الطالب: . ... الحواس ...؟
الشيخ : نعم.
الطالب: ...؟
الشيخ : لا، ما هو ... هو من القطعيات، لكنها باعتبار الفكر والعقل صحيح.. إنما الوهم قد يقع فيها، نعم.
وفيها أيضاً في قوله: إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ [النمل:44] دليل على أنه ينبغي التأكيد تأكيد الكلام في موضعه، ما قال: هذا صرح، قال: إنه صرح، وإن للتوكيد، والتوكيد هنا في محله، لأنها هي وإن لم تكن منكرة لكن حالها حال المنكر، حيث ظنته لجة وكشفت عن ساقيها.
وفي هذا دليل في قوله: قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي [النمل:44] دليل على أن الله تبارك وتعالى قد يهب المرء ما يوجب له أن يسلم، بل قد ييسر له الأسباب التي توجب إسلامه بكل سهولة، هذه المرأة حسب القصة ما وجدنا أنها دُعِيت وأُكِّد عليها وبُيِّن لها الخطأ إلا في قوله في أول القصة: أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ [النمل:31] لكن لما شاهدت ما شاهدت من عظمة ملك سليمان وقوته عرفت أنه لا بد أن تسلم، فهكذا إذا يسر الله تعالى للعبد هذه الهداية فإنه يكون الأمر عليه يسيراً، وإذا لم تيسر له أصبح كل مانع يمنعه من الاهتداء وإن لم يكن مانعاً قوياً.
وفي هذا دليل على أن المرأة آمنت بسليمان، لم تسلم إسلاماً مطلقاً، لأنه قال: وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ [النمل:44] فدل هذا على أنها آمنت به، لأن مع للمصاحبة، فكانت من أصحابه المؤمنين به. نعم.
فيه دليل على عظمة ملك سليمان وتسخير الله له، ففي ذلك الوقت حسب علمنا ليس هناك أفران يشكل بها الزجاج ويفعل بها الإنسان كما يشاء، نعم. ولكن لا شك أن الزجاج موجود، قد يكون مستخرجاً من البحر تستخرجه الشياطين، وقد يكون هناك أيضاً مصاهر وأفران حسب حالهم، ولهذا قال الله عن الشياطين: يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ [سبأ:13] جفان جمع جفنة وهي الصحفة ... والجواب ما هي؟
الطالب: ...؟
الشيخ : ... وهي البِركة، يعني كبيرة. وقدور راسيات يعني: ما تنقل لكبرها وعِظمها.
فالحاصل أننا نقول: إن هذا فيه دليل على عظمة ملك سليمان، حيث سُخِّر له الجن والإنس يعملون له ما يشاء.
وفيه دليل على جواز اختبار المرء كما سبق، وهذه القصة فيها عدة اختبارات، لقوله: ادْخُلِي الصَّرْحَ [النمل:44] ليرى هل تهاب فلا تدخل، أو تغامر فتدخل بدون تحرز، أم ماذا تصنع؟ فالمرأة لذكائها دخلت ولكن مع التحفظ والاحتراز، كشفت عن ساقيها، أي: رفعت ثوبها حتى بان الساقان.
وفي هذا دليل على أن المرأة من قديم الزمان زينتها التستر، لأن قوله: وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا [النمل:44] دليل على أن الأصل أنها مستورة، وهو كذلك، بخلاف الرجل، فإن أزرة المؤمن فوق نصف ساقه. نعم. أو قال: نصف ساقه، نسيت اللفظ.
الآن أصبح الأمر بالعكس عند كثير من المسلمين مع الأسف، فأصبح الرجال ثيابهم مسبلة، والنساء ثيابهن قصيرة، وهذا خلاف الفطرة التي فطر الله عليها الخلق.
وفي هذا دليل على أن الرؤية قد تكذب، وأن ما يدرك بالحواس ليس على الأمر الواقع مائة بالمائة، لقوله: حَسِبَتْهُ لُجَّةً [النمل:44] فإن هذا كما هو الواقع صرح ممرد من قوارير وتنظر إليه نظر العين ومع ذلك تحسبه لجة، فدل هذا على أن ما يُدرك بالحواس قد يقع فيه الخطأ، أليس كذلك؟ قد يرى الإنسان الشيء المتحرك ساكناً والساكن متحركاً، والأبيض أسود، والرجل امرأة، نعم. بل قد يتخيل له في بصره شيء وليس له حقيقة، وكذلك بالنسبة للسمع، وبهذا نعلم أن الشهادات وروايات الأخبار وغيرها كلها يمكن أن يقع فيها الخطأ وليست معصومة مائة بالمائة، ولكن لا شك أنه كلما تواردت الأخبار وتكاثرت فإنه يدل على أن الأمر متأكد، ولكن نفي احتمال الخطأ مهما بلغ الرائي أو السامع من القوة والأمانة، فإن الخطأ عرضة فيما رأى أو فيما سمع، بل في الملمس الآن، قد تلمس الشيء فتظنه ليناً أو أملس وبالعكس، الرجل الفلاح يلمس الشيء الخشن فيظنه أملس، والناعم يلمس الخشن البسيط جداً فيجده كالشوك.
فالحاصل: أن المسألة حتى في الأمور الحسية الخطأ يمكن أن يقع، فما بالك بالأمور العقلية؟
الطالب: من باب أولى.
الشيخ : من باب أولى وأعظم، وبه نعرف ضعف الإنسان، وأنه بحاجة ماسة إلى علم الشرع والوحي، مهما بلغ فإنه بحاجة إلى هذا الأمر. نعم.
الطالب: . ... الحواس ...؟
الشيخ : نعم.
الطالب: ...؟
الشيخ : لا، ما هو ... هو من القطعيات، لكنها باعتبار الفكر والعقل صحيح.. إنما الوهم قد يقع فيها، نعم.
وفيها أيضاً في قوله: إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ [النمل:44] دليل على أنه ينبغي التأكيد تأكيد الكلام في موضعه، ما قال: هذا صرح، قال: إنه صرح، وإن للتوكيد، والتوكيد هنا في محله، لأنها هي وإن لم تكن منكرة لكن حالها حال المنكر، حيث ظنته لجة وكشفت عن ساقيها.
وفي هذا دليل في قوله: قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي [النمل:44] دليل على أن الله تبارك وتعالى قد يهب المرء ما يوجب له أن يسلم، بل قد ييسر له الأسباب التي توجب إسلامه بكل سهولة، هذه المرأة حسب القصة ما وجدنا أنها دُعِيت وأُكِّد عليها وبُيِّن لها الخطأ إلا في قوله في أول القصة: أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ [النمل:31] لكن لما شاهدت ما شاهدت من عظمة ملك سليمان وقوته عرفت أنه لا بد أن تسلم، فهكذا إذا يسر الله تعالى للعبد هذه الهداية فإنه يكون الأمر عليه يسيراً، وإذا لم تيسر له أصبح كل مانع يمنعه من الاهتداء وإن لم يكن مانعاً قوياً.
وفي هذا دليل على أن المرأة آمنت بسليمان، لم تسلم إسلاماً مطلقاً، لأنه قال: وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ [النمل:44] فدل هذا على أنها آمنت به، لأن مع للمصاحبة، فكانت من أصحابه المؤمنين به. نعم.
الفتاوى المشابهة
- تفسير قوله تعالى: {يوم يكشف عن ساق..} - ابن باز
- ما معنى قوله تعالى:" يوم يكشف عن ساق ويدعون... - ابن عثيمين
- حديث يكشف ربنا عن ساقه - اللجنة الدائمة
- ما معنى الساق في قوله تعالى: (( يوم يكشف عن سا... - الالباني
- وكذاك إن قلنا سيكشف ساقه*** فيخر ذاك الجمع ل... - ابن عثيمين
- ما معنى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}؟ - ابن باز
- تفسير قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ﴾ - ابن باز
- تفسير قوله تعالى: {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْ... - ابن باز
- امرأة تسأل عن قوله تعالى في سورة النمل (( قي... - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << قيل لها ادخلي الصرح فلما... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << قيل لها ادخلي الصرح فل... - ابن عثيمين