تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح حديث :( لا تصروا الإبل والغنم فمن ا... - ابن عثيمينالشيخ : ونبدأ الآن بالدرس :يقول النبي عليه الصلاة والسلام :  فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين  أي : بما يرى أنه خير له إما الإمساك وإما الرد ، وقوله :  ...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح حديث :( لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها ، إن شاء أمسكها ، وإن شاء ردها وصاعاً من تمر ) . متفق عليه . ولمسلم : ( فهو بالخيار ثلاثة أيام ) . وفي رواية له علقها البخاري : ( ورد معها صاعاً من طعام لا سمراء ) ، قال البخاري : والتمر أكثر .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ونبدأ الآن بالدرس :
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين أي : بما يرى أنه خير له إما الإمساك وإما الرد ، وقوله : بعد أن يحلبها : لم يُذكر في هذه الرواية المدة التي تضرب له لكنه في الرواية الأخرى رواية مسلم قال : فهو بالخيار ثلاثة أيام ، من أين ؟ مِن العقد ولا من الحلب ؟
يقول : بعد أن يحلبها ، إذًا هو بالخيار ثلاثة أيام منذ حلبها ، ننظر هل هذا اللبن الموجود في ضرعها حين الشراء هو اللبن الحقيقي أو لا ؟ وثلاثة الأيام يتبين بها طبيعة هذه البهيمة ، هل لبنها طبيعي أو لبنها محفل ، يعني مجموع ، ولهذا ضرب له ثلاثة أيام .
قال : إن شاء أمسكها وظاهره أنه يمسكها بلا أرش ، لأن هذا ليس عيبا ولكنه فوات الصفة ، وفرق بين فوات الصفة وبين العيب ، لأن العيب نقص وفوات الصفة فوات كمال ، والعيب قد علمنا أن المشتري يُخيَّر بين أن يرد السلعة وبين أن يقوم له العيب الذي يسمى الأرش ، لأنه عيب ونقص ، أما فوات الشرط أو فوات الصفات الكمالية فإن المشتري يُخيَّر بين أن يفسخ أو يمسك مجاناً ، ولهذا قال : إن شاء أمسكها ، يعني بدون أن يعطى أرشًا ، وإن شاء ردها وصاعا من تمر : إن شاء ردها على من ؟ على البائع ، وصاعا من تمر : صاعا من تمر ، وفي رواية البخاري التي علقها ووصلها مسلم : صاعا من طعام لا سمراء ، قال البخاري : " والتمر أكثر " : يعني أكثر الروايات : صاعا من تمر .
والصاع هو مكيال معروف ، وهو يسع من البُر الرزين ما زنته كيلوان وأربعون غراما ، هذا هو الصاع .
وقوله : من تمر أيضًا التمر معروف ، وهذا الصاع عوض عن اللبن الذي كان في ضرعها حين العقد ، وليس عوضا عن اللبن الذي يدر بعد الشراء ، لأن اللبن الذي يدر بعد الشراء يكون على ملك المشتري فلا يضمن ، وأما اللبن الذي كان موجودا في ضرعها حين البيع فهو ملك للبائع وقد استهلكه المشتري وحلبه ، فقدر له النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر ، وهنا أسئلة :
أولا : لماذا قدر النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر دون غيره ؟
قالوا : لأن التمر أشبه ما يكون بالحليب ، لأنه طعام لا يحتاج إلى طبخ ، وفي أنه حلو كالحليب أيضا ، فكان أشبه ما يكون بالحليب التمر .
والسؤال الثاني : لماذا قدره بصاع مع أن اللبن قد يكون كثيرا يساوي أكثر من الصاع وقد يكون قليلا لا يساوي الصاع ، وقد تكون قيمة اللبن مرتفعة أكثر من قيمة الصاع ، وقد تكون نازلة دون قيمة الصاع ؟
فنقول : إنما قدره النبي صلى الله عليه وسلم بالصاع قطعًا للنزاع ، لأنه لو قال : صاعًا من تمر مقابل للحليب ، لو قال ذلك لحصل نزاع بين البائع والمشتري ، البائع يقول : إن اللبن أكثر من ذلك ، والمشتري يقول : إن اللبن أقل ، فإذا كان مقدرا من قبل الشرع رضي الجميع بذلك ، ولم يحصل نزاع .
السؤال الثالث : لماذا لم يوجب النبي صلى الله عليه وسلم رد اللبن الذي حُلب لأول مرة ؟
والجواب على ذلك أن نقول :
أولا : اللبن قد لا يبقى إلى ما بعد ثلاثة أيام كذا ؟
الطالب : نعم .

الشيخ : قد لا يبقى .
الشيء الثاني : أن اللبن من حين عقد البيع فإنه سيزداد ، سيزداد ، لأن المشتري ليس من اللازم أن يحلبها من حين أن يشتريها ، قال : ربما تبقى ساعة أو ساعتين وفي هذه المدة تدر البهيمة لبنا فيختلط لبن المشتري مع لبن البائع ، وإذا قلنا : يجب عليك أن ترد اللبن صار في هذا أيضًا نزاع ، لأن رده متعذر أو متعسر ، فلهذا أوجب النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر .

Webiste