باب : زيادة الإيمان ونقصانه ، وقول الله تعالى : (( وزدناهم هدى )) . (( ويزداد الذين ءآمنوا إيمانا )) وقال : (( اليوم أكملت لكم دينكم )) . فإذا ترك شيئاً من الكمال فهو ناقص .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قال البخاري رحمه الله تعالى : " باب زيادة الإيمان ونقصانه : وقول الله تعالى : وزدناهم هدى . ويزداد الذين ءآمنوا إيمانا وقال : اليوم أكملت لكم دينكم . فإذا ترك شيئاً من الكمال فهو ناقص ".
الشيخ : هذا الباب مهم جدا ومبني على أصول ، هل يزيد الإيمان وينقص أو لا ؟.
اختلف الناس في هذا : منهم من قال بأنه يزيد وينقص ، ويتفاضل بالكمال ، ومنهم من قال لا يزيد ولا ينقص ، ومنهم من قال نقول يزيد ولا نقول ينقص ، والصحيح أنه يقال : يزيد وينقص كما ورد ذلك عن السلف في مسألة النقصان ، بل جاءت به السنة .
وذلك أن الناس اختلفوا في الإيمان ، فمنهم من قال إن الإيمان مجرد التصديق والإقرار ، وهذا لا يتفاوت ، فالناس فيه سواء ، وهذا مذهب الجهمية المرجئة ، الغلاة في الإرجاء ، يقولون الإيمان هو مجرد التصديق والإقرار وهذا لا يتفاوت ، ولا شك أن هذا القول ليس بصحيح من وجهين :
الوجه الأول : أنه ليس مجرد الإقرار والتصديق .
والوجه الثاني : ...
أولا : قوله أن الإيمان هو مجرد التصديق ليس بصحيح ، لأن النصوص ظاهرة ، في أن الأعمال من الإيمان .
والثاني قولهم : إن التصديق لا يتفاوت هذا غير صحيح أيضا ، لأن إقرار القلب يتفاوت ، فإن خبر الواحد لا يساوي خبر الاثنين في الطمأنينة إليه ، يعني لو أخبرك شخص بخبر تطمئن إلى هذا الشخص وتثق بكلامه ، ثم أخبرك آخر ألا تزداد ثقتك ؟.
السائل : بلى .
الشيخ : وثالث ؟.
السائل : بلى .
الشيخ : تزداد ، ولهذا قسم العلماء اليقين إلى ثلاثة أقسام : علم اليقين ، وعين اليقين ، وحق اليقين ، كما دل على ذلك القرآن ، كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين وقال الله تعالى في القرآن : وإنه لحق اليقين وقال في حال المحتضرين : إن هذا لهو حق اليقين .
ويضرب لهذا مثل برجل قال لك : في هذا الكرتون تفاح ، وهو ثقة ، فهنا يكون في قلبك أن الذي في هذا الكرتون تفاح .
فإذا فتحته ورأيته فهذا عين اليقين ، فإذا أكلت منه فهذا حق اليقين ، فأقوى درجات اليقين فهو الحق ، حق اليقين ، وهذا يدل على أن اليقين فضلا عن الإيمان يتفاوت فكيف بالإيمان .
ثم إن في قصة إبراهيم ، رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي يدل على أن ما في القلب من الإقرار يتفاوت ، يكون اطمئنانا ويكون دون ذلك ، فصار قولهم باطلا بالحس الواقع وبالشرع الوارد .
هناك آخرون يقولون : إنه لا يزيد ولا ينقص ، فإما يوجد كله أو يعدم كله ، ويجعلون الأعمال من الإيمان ، لكنها شرط في صحته ، كالخوارج والمعتزلة حيث يقولون إن الإيمان إما أن يوجد كله ، وإما أن يعدم كله ، ولهذا حكموا بأن فاعل الكبيرة ، خارج من الإيمان ، لكن المعتزلة يقولون خارج من الإيمان ولا نقول إنه كافر بل هو في منزلة بين منزلتين ، ولخوارج يقولون إنه خارج من الإيمان وكافر وليس هناك منزلة بين منزلتين لأن الله يقول : فمنكم كافر ومنكم مؤمن ويقول : فماذا بعد الحق إلا الضلال ، ولا شك أن الخواج أقرب إلى القياس من المعتزلة باعتبار إنه لا يوجد منزلة بين منزلتين ، فإن هذه بدعة محدثة .
والصحيح ما عليه أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص ، ودلالة ذلك بالشرع والحس .
أما الشرع فاستدل البخاري رحمه الله بقول الله تعالى : وزدناهم هدى ، زدناهم هدىً ، لكن قد يعارض معارض في الاستدلال بهذه الآية ، لأن المراد بالهدى هنا العلم ، إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى لأن الأصل في الهدى العلم هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق و، كأن المؤلف البخاري رحمه الله يقول من لازم الهدى ، من لازم زيادة الهدى ، أن يزيد الإيمان ، لأن الإنسان كلما ازداد علما بالله وآياته وصفاته ازداد إيمانا .
قال : ويزداد الذين آمنوا إيمانا هذه صريحة ، ويزداد الذين آمنوا إيمانا ، ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا .
نعم ، أول الآية : وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون إذا في هذا زيادة إثبات زيادة الإيمان .
وقال : اليوم أكملت لكم دينكم أكملت لكم دينكم ، كيف يكون في هذا دلالة على زيادة الإيمان ، وجه بذلك بقوله رحمه الله : " فإذا ترك شيئا من الكمال فهو ناقص "، وصدق رحمه الله ، هذا استدلال يعني طريف ، إذا كان اليوم أكملت لكم ، إذا قبل ذلك ليس بكامل فهو ناقص .
ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في النساء : ما رأيت من ناقصات عقل ودين وجعل نقص دينها بتركها الصلاة والصيام في أيام الحيض ، وهذا نقص كمال ، وليس نقص يعني واجب ، إذ أن المرأة لا يجب عليها في حال الحيض صوم ولا صلاة ، بل لو صلت وصامت كان ذلك حراما بالإجماع ، نعم .
قال البخاري رحمه الله تعالى : " باب زيادة الإيمان ونقصانه : وقول الله تعالى : وزدناهم هدى . ويزداد الذين ءآمنوا إيمانا وقال : اليوم أكملت لكم دينكم . فإذا ترك شيئاً من الكمال فهو ناقص ".
الشيخ : هذا الباب مهم جدا ومبني على أصول ، هل يزيد الإيمان وينقص أو لا ؟.
اختلف الناس في هذا : منهم من قال بأنه يزيد وينقص ، ويتفاضل بالكمال ، ومنهم من قال لا يزيد ولا ينقص ، ومنهم من قال نقول يزيد ولا نقول ينقص ، والصحيح أنه يقال : يزيد وينقص كما ورد ذلك عن السلف في مسألة النقصان ، بل جاءت به السنة .
وذلك أن الناس اختلفوا في الإيمان ، فمنهم من قال إن الإيمان مجرد التصديق والإقرار ، وهذا لا يتفاوت ، فالناس فيه سواء ، وهذا مذهب الجهمية المرجئة ، الغلاة في الإرجاء ، يقولون الإيمان هو مجرد التصديق والإقرار وهذا لا يتفاوت ، ولا شك أن هذا القول ليس بصحيح من وجهين :
الوجه الأول : أنه ليس مجرد الإقرار والتصديق .
والوجه الثاني : ...
أولا : قوله أن الإيمان هو مجرد التصديق ليس بصحيح ، لأن النصوص ظاهرة ، في أن الأعمال من الإيمان .
والثاني قولهم : إن التصديق لا يتفاوت هذا غير صحيح أيضا ، لأن إقرار القلب يتفاوت ، فإن خبر الواحد لا يساوي خبر الاثنين في الطمأنينة إليه ، يعني لو أخبرك شخص بخبر تطمئن إلى هذا الشخص وتثق بكلامه ، ثم أخبرك آخر ألا تزداد ثقتك ؟.
السائل : بلى .
الشيخ : وثالث ؟.
السائل : بلى .
الشيخ : تزداد ، ولهذا قسم العلماء اليقين إلى ثلاثة أقسام : علم اليقين ، وعين اليقين ، وحق اليقين ، كما دل على ذلك القرآن ، كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين وقال الله تعالى في القرآن : وإنه لحق اليقين وقال في حال المحتضرين : إن هذا لهو حق اليقين .
ويضرب لهذا مثل برجل قال لك : في هذا الكرتون تفاح ، وهو ثقة ، فهنا يكون في قلبك أن الذي في هذا الكرتون تفاح .
فإذا فتحته ورأيته فهذا عين اليقين ، فإذا أكلت منه فهذا حق اليقين ، فأقوى درجات اليقين فهو الحق ، حق اليقين ، وهذا يدل على أن اليقين فضلا عن الإيمان يتفاوت فكيف بالإيمان .
ثم إن في قصة إبراهيم ، رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي يدل على أن ما في القلب من الإقرار يتفاوت ، يكون اطمئنانا ويكون دون ذلك ، فصار قولهم باطلا بالحس الواقع وبالشرع الوارد .
هناك آخرون يقولون : إنه لا يزيد ولا ينقص ، فإما يوجد كله أو يعدم كله ، ويجعلون الأعمال من الإيمان ، لكنها شرط في صحته ، كالخوارج والمعتزلة حيث يقولون إن الإيمان إما أن يوجد كله ، وإما أن يعدم كله ، ولهذا حكموا بأن فاعل الكبيرة ، خارج من الإيمان ، لكن المعتزلة يقولون خارج من الإيمان ولا نقول إنه كافر بل هو في منزلة بين منزلتين ، ولخوارج يقولون إنه خارج من الإيمان وكافر وليس هناك منزلة بين منزلتين لأن الله يقول : فمنكم كافر ومنكم مؤمن ويقول : فماذا بعد الحق إلا الضلال ، ولا شك أن الخواج أقرب إلى القياس من المعتزلة باعتبار إنه لا يوجد منزلة بين منزلتين ، فإن هذه بدعة محدثة .
والصحيح ما عليه أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص ، ودلالة ذلك بالشرع والحس .
أما الشرع فاستدل البخاري رحمه الله بقول الله تعالى : وزدناهم هدى ، زدناهم هدىً ، لكن قد يعارض معارض في الاستدلال بهذه الآية ، لأن المراد بالهدى هنا العلم ، إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى لأن الأصل في الهدى العلم هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق و، كأن المؤلف البخاري رحمه الله يقول من لازم الهدى ، من لازم زيادة الهدى ، أن يزيد الإيمان ، لأن الإنسان كلما ازداد علما بالله وآياته وصفاته ازداد إيمانا .
قال : ويزداد الذين آمنوا إيمانا هذه صريحة ، ويزداد الذين آمنوا إيمانا ، ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا .
نعم ، أول الآية : وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون إذا في هذا زيادة إثبات زيادة الإيمان .
وقال : اليوم أكملت لكم دينكم أكملت لكم دينكم ، كيف يكون في هذا دلالة على زيادة الإيمان ، وجه بذلك بقوله رحمه الله : " فإذا ترك شيئا من الكمال فهو ناقص "، وصدق رحمه الله ، هذا استدلال يعني طريف ، إذا كان اليوم أكملت لكم ، إذا قبل ذلك ليس بكامل فهو ناقص .
ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في النساء : ما رأيت من ناقصات عقل ودين وجعل نقص دينها بتركها الصلاة والصيام في أيام الحيض ، وهذا نقص كمال ، وليس نقص يعني واجب ، إذ أن المرأة لا يجب عليها في حال الحيض صوم ولا صلاة ، بل لو صلت وصامت كان ذلك حراما بالإجماع ، نعم .
الفتاوى المشابهة
- سائل يقول : يقال إن الإيمان يزيد بزيادة قوة... - ابن عثيمين
- (إثبات أهل السنة للإيمان قول وعمل وأنه يزيد... - ابن عثيمين
- نقاش حول زيادة الإيمان ونقصانه. - الالباني
- شرح قول المصنف : وأن الإيمان يزيد بالطاعة وي... - ابن عثيمين
- تابع لفوائد قول الله تعالى : (( ولما رأى الم... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف: " فصل في زيادة الإيمان ونقصا... - ابن عثيمين
- كيفية زيادة الإيمان ونقصانه - ابن باز
- الإيمان يزيد وينقص - اللجنة الدائمة
- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ( بني الإسل... - ابن عثيمين
- تتمة الشرح السابق : باب الإيمان ، وقول النبي... - ابن عثيمين
- باب : زيادة الإيمان ونقصانه ، وقول الله تعال... - ابن عثيمين