تم نسخ النصتم نسخ العنوان
التعليق على تفسير الجلالين : (( ذلك بأنهم كا... - ابن عثيمينالشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى :  ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات   ذلك  المشار إليه أخذ الله تعالى إياهم بذنوبهم، فهذه...
العالم
طريقة البحث
التعليق على تفسير الجلالين : (( ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات )) بالمعجزات الظاهرات (( فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب )).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى : ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات ذلك المشار إليه أخذ الله تعالى إياهم بذنوبهم، فهذه الذنوب أنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات قال المؤلف: " بالمعجزات الظاهرات " تأتيهم رسلهم جمع رسول، والرسول لكل أمة كما قال الله تعالى: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله والرسل جاءوهم بالبينات قال المؤلف: " بالمعجزات " والصواب أن يقال بالآيات لأن الله تعالى يعبر عنها هكذا آياتنا بينات والمراد بالآيات ما يؤمن على مثله البشر، وهي نوعان: حسية ومعنوية وخلقية وخلقية كلها آيات بينات ظاهرة واضحة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بعث الله نبيا إلا آتاه من الآيات ما على مثله يؤمن البشر والحكمة من هذه الآيات هو أن البشر لا يمكن أن يقبلوا دعوة من شخص عاش بينهم يعرفونه فيأتي ويقول إنه نبي أو أنه رسول، طيب بأي دليل ؟ لابد من آيات تدل على صدقه.
وكما قلت لكم أن الآيات نوعان: آيات معنوية وهي ما يتضمنه الوحي الذي جاء به هؤلاء الرسل، وآيات حسية وهي ما يظهر من خوارق العادات، ولهذا قيل في تعريف الآية: " إنها أمر خارق للعادة يظهره الله سبحانه وتعالى على يد الرسول تأييدا له " هذه هي الآية، فهذه الآيات قال العلماء إنها تكون ـ أعني الآيات الحسية ـ تكون مناسبة للوقت الذي بعث فيه الرسول، واستشهدوا لذلك بأن موسى عليه الصلاة والسلام أعطي آيات سحرية ـ أي تشبه السحر ـ لكنها أقوى منه تغلبه، فيضع العصا وهي من خشب على الأرض فتنقلب حية تسعى، ويدخل يده في جيبه فتخرج بيضاء تلوح من غير عيب أي من غير برص، وهذا لأنه في وقته كان للسحر طور عال مرتفع، فجاء بآيات تغلب ذلك السحر، ويظهر هذا حينما اجتمع مع السحرة في اليوم الذي وعدهم فيه، فألقوا حبالهم وعصيهم حتى خيل إليه من سحرهم أنها تسعى، فأوجس في نفسه خيفة موسى، فقال الله تعالى: لا تخف وأمره أن يضع العصا فوضعه فإذا هي حية تلقف ما يؤفكون.
ثم عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام بعث في زمن ترقى فيه الطب ترقيا عظيما بالغا، فجاء بأمر يعجز عنه الأطباء، يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، ويحيي الموتى بإذن الله، بل يخرج الموتى من قبورهم بإذن الله، يقف على صاحب القبر فيخاطبه ويقول: اخرج فيخرج، وهذا أعظم من الطب الذي أتوا به.
أما محمد عليه الصلاة والسلام فقد بعث في وقت بلغت فيها البلاغة أوجها، وصار الناس يتفاخرون أيهم أبلغ، فيأتي الشعراء ويأتي الخطباء إلى أسواق الجاهلية عكاظ وغيره يتبارون في أشعارهم وخطبهم، فجاء هذا القرآن قاضيا عليها كلها وأعجزهم، وعجزوا عن أن يأتوا بآية منه مع أنهم هم أمراء البلاغة.
والمهم أنه لابد لكل نبي من آية يؤمن على مثلها البشر لأن الله سبحانه وتعالى حكيم ورحيم، حكيم لا يرسل شخص يقول للناس أنا رسول بدون بينة، ورحيم حيث أيد هؤلاء الرسل بالآيات من وجه، ورحم الخلق فجعل مع الرسل آيات من أجل أن تكون حجة الرسل مقبولة لديهم.
تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا الفاء عاطفة، وتدل عل مبادرة هؤلاء بالكفر وأنهم لم يتأملوا ولم ينظروا، وجه ذلك أن الفاء تدل على الترتيب والتعقيب، فكفروا أي بالرسل وبالبينات التي جاءوا بها فأخذهم الله أي أهلكهم إنه قوي شديد العقاب أهلكهم الله سبحانه وتعالى بعامة إلا من آمن، ثم بين أن هذا الأخذ شديد لقوله: إنه قوي شديد العقاب قوي أزلا وأبدا فلم يسبق قوته ضعف ولا يلحقها ضعف، أما البشر فإنهم ضعفاء أولا ونهاية، ومنتهى قوتهم أيضا ليس بشيء، حتى وإن بلغ الإنسان أشده وبلغ غاية قوته فإنه ليس بشيء، أما الرب عز وجل فإنه قوي أزلا وأبدا شديد العقاب هذا من باب إضافة الصفة إلى موصوفها، المعنى: عقابه شديد، الشديد يعني الصلب القوي الذي تحصل آثاره على من عوقب .

Webiste