تم نسخ النصتم نسخ العنوان
التعليق على تفسير الجلالين : (( ولو جعلناه )... - ابن عثيمينثم قال عز وجل:  ولو جعلْنَاه قرآنًا أعجمِيًّا لقالوا لولا فُصِّلَت آياته  جعلناه الضمير يعود على القرآن والمفسر قال: " أي الذكر " وإنما قال: ذكْر لأنه س...
العالم
طريقة البحث
التعليق على تفسير الجلالين : (( ولو جعلناه )) أي الذكر (( قرءانا أعجميا لقالوا لولا )) هلا (( فصلت )) بينت (( ءاياته )) حتى نفهمها ؟ (( أ )) قرآن (( أعجمى و )) نبي (( عربى )) ؟ استفهام إنكار منهم بتحقيق الهمزة الثانية وقلبها ألفا بإشباع ودونه (( قل هو للذين ءامنوا هدى )) من الضلالة (( وشفاء )) من الجهل (( والذين لا يؤمنون في ءاذانهم وقر )) ثقل فلا يسمعون (( وهو عليهم عمى )) فلا يفهمونه (( أولئك ينادون من مكان بعيد )) أي هم كالمنادى من مكان بعيد لا يسمع ولا يفهم ما ينادى به .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال عز وجل: ولو جعلْنَاه قرآنًا أعجمِيًّا لقالوا لولا فُصِّلَت آياته جعلناه الضمير يعود على القرآن والمفسر قال: " أي الذكر " وإنما قال: ذكْر لأنه سبق ذكرُه قريبًا إن الذين كفروا بالذكر وإنه لكتاب ، وعلى كل حال المعنى مُتَّفَقٌ عليه أنّ الضمير الهاء في جعلناه يعود إلى القرآن لو جعلناه قرآنا أعجميا أي بلغة العجم وهو قد نزل على من؟ العرب لقالوا لولا فصلت آياته لقالوا أي المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم لولا هلَّا فُصِّلَتْ بُيِّنَت آياته حتى نفهمَها، ولكنَّ الله تعالى قد قطَع عليهم الحجة فقال: إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وقال: إن أنزلناه قرآنًا عربيا لعلكم تعقلون ، وقوله: لولا بمعنى هلَّا أفادنا المؤلف رحمه الله أنَّ لولا تأتي للتحضيض وتأتي شرطيَّة ويُقال في إعرابها: حرف امتناع لوجود، وهنا تتقاسم هذه الحروف تتقاسم الوجود والعدم فـلو حرف امتناع لامتناع، ولَمَّا حرف وجود لوجود، ولولا حرف امتناع لوجود تقول: لَمَّا جاءني أكرمته. هنا الإكرام وُجِد لوجود المجيء وتقول: لو جاء زيد لأكرمتُه. هنا امتنع الإكرام لامتناع الوجود، وتقول: لولا زيدٌ لهلكْت أو لفعَلْت كذا وكذا فهنا امتناع إيش؟ لوجود، هنا لولا ليست من هذا ولا مِن هذا لولا هنا انتقلت عن معنى الشرطية إلى معنى التحضيض، مِن بقيَّة كلامهم " أ قرآنٌ أعجمي و نبيٌّ عربي استفهام إنكار منهم " يعني لو كان القرآن بلغة العجم لقالوا: لولا فُصِّلَت آياتُه وبُيِّنَت باللغة العربية ثم لقالوا أيضا: أأعجمي وعربي يعني لا يمكن أن يكون القرآن بلغة العجم نزلَ على نبي عربي، وهذا الذي قالوه استفهام حقيقي يعني بمعنى أنَّ قولَهم حق لا يمكن أن ينْزِل قرآنٌ أعجمي على نبي عربي، وقد نصَّ الله على ذلك في قوله: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فكلامُهم هذا حقّ فنحن نقبل كلامهم هذا، أما قولهم: لولا فصلت آياته فنقول: هي مُفَصَّلَة لكنها حجَّة لو كان القرآن أعجمِيًّا وعلى هذا قولهم يكون صحيحًا لو كان القرآن باللغة الأعجمية لصار لهم حجة في قولهم: لولا فصلت آياته وحقّ في قولهم أأعجمي وعربي ، قال المؤلف: " بتحقيق الهمزة الثانية " تحقيق الهمزة الثانية أن تقول: أَأَعجمي كما هي القراءة المشهورة، يقول: " وقلبِها ألِفًا " ءَاعْجَمِيٌّ قلبنا الثانية ألفًا " بإشباع ودونه " ءاعجمي بمعنى أنك تمُدّ الألف مدًّا طبيعيًّا أو تمدُّها مدًّا زائدًا على ذلك، والمد الطبيعي قوله: " ودونه " والمد الزائد قوله: " بإشباع " وعلى هذا فيكون فيها كم قراءة؟ ثلاث قراءات، نعم أَأَعْجَمي ءآعْجَمِيٌّ ءَاعْجَمِيٌّ ثلاث قراءات، والقراءات -كما هو معلوم- كلها سنة القراءات كلها سنة لأنها ثبتَت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وينبغي للإنسان الذي أتقنَها وحفظَها أن يقرأَ بهذا مرة وبهذا مرة كما نقول في العبادات التي وردت على وجوه متنوعة إنَّه ينبغي أن تَفعَلَ هذا مرة وهذا مرة، ولكن هل نقرَأ بما يخالِف القرآن الذي بين أيدي العوام بقراءة أخرى؟ الجواب: لا ولهذا نرى أنَّ مِن عدم الحكمة ما يفعلُه بعض الطلبة إذا كان يعرِف القراءات يقرَأ في القراءة التي ليست بين أيدي العوام فإنَّ هذا خطأ عظيم، لأنَّ العامِيَّ لا يدرك هذه الأشياء وسوف يهبِطُ قدْرُ القرآن في نفسِه وتقِلُّ عظمَتُه عنده، ثم ربما يتهم هذا القارئ بأنَّه أخطَأ وغلِط، لكن بعض الناس يكون عنده علم وليس عنده حكمة، وهذا خلَلٌ في توازُنِ العبد وسيْرِ العبد أن يكون عندك علم ولكن لا حكمة، إذا كان الصحابة رضي الله عنهم تنازعوا وهم مَن هم في اختلاف القراءات فكيف بعوامِّ هذا الزمن، نعم يقول: قل هو للذين آمنوا قل يعني: قل يا محمد في جوابِهم " هو للذين آمنوا هدى مِن الضلالة وشفاء من الجهل " هو الضمير يعود على القرآن الذِّكْر للذين آمنوا هدى أي علم ونور وشفاء يقول المؤلف رحمه الله: " مِن الجَهل " وهذا فيه نظَر لأن " مِن الجَهْل " داخِل في قوله: هدى إذ أنَّ الهدى هو العلم وضدُّه الجهل، لكنْ شفاء يعني مِن المرض مرض القلوب كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ [يونس:57] فالصواب أنَّ قولَه: هدًى مِن الضلالة وهي الجهل فهو هدًى مِن الجهل والضلالة، شفاء مِن المرض مرْض القلوب بل هو أيضًا شفاءٌ مِن مرض الأبدان فإنَّ القرآن يُستَشْفَى به في أمراض القلوب ويستشفى به كذلك في أمراض الأبدان، وكم مِن إنسانٍ مريض مرضًا بدنِيًّا شفاهُ الله تعالى بالقرآن، وقصة اللديغ مشهورة لديكم أو عند أكثركم الذي كان سيِّدَ قومِه ونزل به سريَّةٌ من الصحابة ولم يُضِيفُوهم فسخَّرَ الله تعالى عقربًا كبيرَةً شديدة فلدَغَتْ سيدَهم فطلبوا راقيًا من الصحابة قالوا: لا نرقى لكم إلا بكذا وكذا من الغنم فأعطَوْهم فذهب أحدُهم يقرأ عليه سورة الفاتحة حتى قامَ كأنما نُشِطَ من عقال لكنهم تربَّصوا في الغنم التي أخذوها خافوا ألا تكون تَحِلُّ لهم حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فقال: خذوا واضربوا لي معكم بسهم قال ذلك لا حاجةً إلى اللحم ولكن تطيِيبًا لقلوبِهم واطمئنَانًا لنفوسهم ليتبَيَّنُوا أنه حلال لا إشكال فيه، المهم أنهم أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قرئوا على هذا اللديغ الفاتحة فقال: وما يدريك أنها رقية؟ فتبيَّن بهذا أنَّ القرآن شفاءٌ من أمراض القلوب وأسقام الأبدان لكن لِمَن؟ للذين آمنوا آمنوا بالقرآن وبأنه مِن عند الله وبأنه شفاء أما رجلًا لم يؤمِن به ولم يرفع به رأسًا ولم ير بمخالفته بأسًا فإنَّ هذا لا ينتفع به.
قال: والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى نسأل الله العافية والذين لا يؤمنون مبتدأ في آذانهم وقر مبتدأ وخبر، والجملة خبر المبتدأ الأول الذي هو والذين يعني كأنه قال: هو للذين آمنوا هدى وشفاء وأما الذين لا يؤمنون ففي آذانهم وقر، لا يؤمنون بإيش؟ لا يؤمنون بالله ولا بالرُّسل ولا بالكتب هؤلاء في آذانِهم وَقْرٌ أي ثِقَل لأنَّ الوقْر بمعنى الحِمْل الثقيل قال الله تعالى: فالحاملات وقرا يعني السَّحاب تحمِل الماءَ الكثير، فعلى هذا يكون في آذانِهم وقر أي ثِقَل وصَمَم فلا يسمعون والعياذ بالله، وهو عليهم عمى فلا يبصرون فصارَت منافذ الفهم عند غير المؤمنين مسدودة، لا يسمعون ولا يبصرون فلا يصِل هدى القرآن إلى قلوبهم، وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد فإذا قال قائل: كيف يكون الكلام الواحد لقوم هدى وشفاء ولآخرين عمًى وضلالة؟ قلنا: هذا بحسب ما في القلب

Webiste