الكلام على صفة العلو ومذاهب الناس فيه والرد على المخالفين لأهل السنة .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
وعلو الله سبحانه وتعالى ثابت بالقرآن والسنة والإجماع والعقل والفطرة، كل الأدلة الممكنة حاصلة لإثبات علو الله عز وجل، وهل العلو علو ذاتي أو علو وصفي ؟ بمعنى أن علوه علو صفة أو علو ذات وصفة ؟ الثاني ذات وصفة لقوله تعالى : سبح اسم ربك الأعلى وقوله تعالى : ولله المثل يعني الوصف الأعلى إذا فعلو الله عز وجل علو ذات وعلو صفة.
علو الصفة لا أعلم أحدا ينتسب إلى الإسلام أنكره كل المنتسبين إلى الإسلام من مبتدعة وسنية كلهم يؤمنون بعلو الله تعالى علو صفة، لكن ما هو علو الصفة ؟ هنا تختلف الأفهام بعضهم يقول : من علو صفته تعطيل صفاته، هذه بحث آخر.
علو الذات هذا محل المعترك بين السنيين والبدعيين، انقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام: ولا بأس أن نبسط لأن هذه عقيدة، قسم أثبتوه، وقسم نفوه وقالوا : إن الله تعالى لا يقال إنه فوق ولا تحت، وقسم نفوه وقالوا : إنه سبحانه وتعالى في كل مكان في السماء وفي الأرض في الأسواق في المساجد في المراحيض ـ وأعوذ بالله ـ في كل شيء، إذا الأقوال ثلاثة :
القول الأول : علو الله تعالى بذاته أنه بذاته فوق كل شيء، انتبه يا أخي، قلت لكم: هذا دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، نأخذ من كل نوع بدليل، القرآن: ما أكثر ما يقول الله في كتابه وهو العلي والعلي هنا صفة مشبهة والصفة المشبهة صفة ثبوتية لا تفارق موصوفها، ويقول عز وجل : سبح اسم ربك الأعلى الأعلى اسم تفضيل حذف المفضل عليه ليدل على العموم، يعني الأعلى على كل شيء، نكتفي بهذا وفي القرآن ما لا يحصى على وجوه متنوعة.
في السنة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد يقول : سبحان ربي الأعلى وقد دلت السنة القولية والفعلية والإقرارية على علو الله عز وجل، فقول الرسول عليه الصلاة والسلام: سبح اسم ربك الأعلى هذا سنة قولية، وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية : أين الله قالت : في السماء قال : أعتقها فإنها مؤمنة هذه إقرارية، ورفع يديه إلى السماء عند الدعاء وهو يدعوا الله: يا رب، سنة فعلية.
وقد جرت السنة الفعلية في أكبر اجتماع حصل للنبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وذلك في يوم عرفة حين قال : ألا هل بلغت قالوا: نعم قال: اللهم اشهد اللهم إشارة إلى علو الله، اشهد هذا سفل للخلق، قالها ثلاث مرات، يشهد الله عز وجل على إقرار أمته أنه بلغ، وهل تشهدون أنتم ؟ نعم ولله نشهد أنه بلغ البلاغ المبين، وأنه عانى من أجل ذلك أكبر عناء صلوات الله وسلامه عليه هذه سنة فعلية. إذا السنة بجميع أنواعها كلها دلت على علو الله.
الإجماع: إجماع الصحابة وأئمة المسلمين من بعدهم على علو الله فإن قال قائل : أثبت لي قولا واحد عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي على أنهم قالوا إن الله عال بذاته، أقول: إن هؤلاء يقرؤون القرآن ويعرفون من السنة ما عرفوا ولم يرد عنهم حرف واحد يدل على نقيض ما جاء في القرآن، وكفى بذلك دليلا، لو كان عندهم معارضة لورد عنهم خلاف ما في القرآن وهم يقرؤون القرآ، وهم عرب يعرفون المعنى ويعرفون المراد، ألا توافقوني على هذا ؟ وهذا من أحسن ما يكون في تقرير إجماع الصحابة، يعني إذا أتاك إنسان وقال لك : طيب يا أخي أثبت لي قولا واحدا عن الصحابة أنهم آمنوا بعلو الله بذاته أقول: ما يحتاج أثبت لك، قرؤوا القرآن وعلموا من السنة ما علموا ولم يرد عنهم حرف واحد يقولون فيه : إن ا لله ليس في السماء أبدا، ولا إنه بذاته في كل مكان، وهذا إجماع، وهكذا يا إخوان كل الصفات التي لم يرد عن الصحابة ما يناقضها فهو دليل على إجماعهم.
طيب العقل: العقل هل يدل على علو الله ؟ نعم يدل على علو الله، لأنك لو سألت أي إنسان هل العلو أكمل أو السفول لقال لك : العلو أكمل لا شك حتى في أمور الدنيا يقول : هذا اللباس أعلى من هذا اللباس، كل يعرف أن العلو صفة كمال، وإذا كان كذلك فهل الرب موصوف بالكمال عقلا أو لا ؟ موصوف بالكمال عقلا ولهذا قال إبراهيم لأبيه محتجا عليه بدليل عقلي : يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا هذا ما يعبد، هذا استدلال عقلي، أيضا نحن نقول العلو باتفاق العقلاء صفة كمال، والسفول باتفاق العقلاء صفة نقص، فحينئذ ثبت لله العلو الذاتي عقلا.
بقينا بالفطرة، الفطرة لا تسأل ؟ اسأل عجوزا تدور بالرحى تطحن الطحين اسألها وين الله ؟ وهي ما درست لا العقيدة الواسطية ولا الطحاوية ولا غيره، اسألها وين ربك ؟ وش تقول ؟ على كل حال تقول: في السماء ولا تتوقف لحظة، لأن هذا أمر مفطور عليه الخلق، ويقال إن أبا المعالي الجويني عفا الله عنا وعنه ـ وهو إمام الحرمين ـ كان يتكلم عن الاستواء ومعروف أن الأشاعرة وهم من أئمة الأشاعرة ـ عفا الله عنا وعنه ـ معلوم أنهم ينكرون استواء الله على العرش يقولون : استوى على العرش يعني استولى عليه ما فيه علو استولى عليه، وأحدثهم أنا عن مجلس جمعني بعوام، مجلس عادي قهوة، تكلم أحد الطلبة في نفس المجلس قال : إن أهل التأويل يعني أهل التحريف يقولون : إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يقولون : ثم استوى على العرش ثم استولى عليه فقال العامي ـ عامي عامي جمال يحمل على الجمال يسافر من بلد إلى آخر ـ دعا عليه بدعوة معروفة عندنا في العامية يقولون : غربله الله ـ يعني عاقبه ـ العرش لمن قبل هذا ؟ شف سبحان الله فطرة، لأنه خلق ثم استوى، خلق ثم استولى وقبل لمن هو له ؟ عامي، إذا الفطرة تدل عليه، المهم يقولون : إن أبا المعالي الجويني تكلم عن الاستواء وقال: " إن الله تعالى كان ولم يكن عرش ولا مخلوق وهو الآن على ما كان عليه " إذا صار كان ولا عرش فهو الآن على ما كان عليه، يعني ليس على العرش، فقال له أبو العلاء الهمداني : يا شيخ دعنا من ذكر العرش ـ يعني نبحث بحثا آخر ـ أخبرنا عن هذه الفطرة ما قال عارف قط : يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة بطلب العلو. صح، كل إنسان يقول: يا الله، اسأله: أين يروح قلبه يمين أو يسار أو فوق ؟ يروح قلبه فوق، فجعل يلطم على رأسه: حيرني الهمداني حيرني الهمداني، عجز أن يجيب. لأن هذه مسألة فطرية، كل إنسان مفطور لولا أن الشياطين اجتالته على علو الله تعالى بذاته فوق كل شيء.
فإذا علو الله سبحانه وتعالى دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة.
الطائفة الثانية أو القول الثاني في هذه المسألة : أن الله تعالى لا يوصف بالعلو إطلاقا، بماذا يوصف ؟ قال: في كل مكان، ثم شبهوا بقوله تعالى : وهو معكم أينما كنتم أينما هذه ظرف مكان، أي: في أي مكان كنتم فالله معكم، قالوا : الله معك في كل مكان، طيب إذا كنت في المسجد فأين يكون الله ؟ في المسجد، واحد غيري في المرحاض أين يكون الله ؟ على زعمه هذا ـ يلزمه أن يقول هذا وإلا فليرجع ـ أن يكون في المرحاض، كم من إله الآن ؟ اثنين، وواحد في السوق ؟ الله في السوق، صاروا كم ؟ ثلاثة، وواحد في الطيارة ؟ الله في الطيارة، هل هذا يقوله عاقل ؟
يلزم من هذا القول: أولا : وصف الله بما لا يليق أن يكون الله في المراحيض والحمامات والأماكن القذرة والعالية والسافلة.
ثانيا: يلزم أحد أمرين: إما تجزئ الله وإما تعدد الله، إن قالوا: بالتعدد صحنا بهم صيحة تتقطع منها قلوبهم، ماذا نقول لهم ؟ كفرتم وصرتم أعظم من النصارى الذين قالوا : إن الله ثالث ثلاثة، وأنتم تقولون : ملايين الملايين، وإن قالوا : يتجزأ، قلنا الآن أبطلتم قولكم، إذا كان يتجزأ وكان جزء منه مع فلان وجزء مع فلان ما صار مع فلان وهو يقول : وهو معكم ولم يقل : جزء منه معكم، فأنتم الآن خذلتم والحمد لله. وهذا والله لا أظن قدم مؤمن بالله تثبت عليه، لا أظن إنسانا يؤمن بالله حقا تثبت قدمه على القول : بأن الله بذاته في كل مكان أبدا.
أما ما لبسوا به وشبهوا به من قوله : وهو معكم فإننا نقول : لا يلزم من المعية أن يكون في نفس المكان، ولهذا العرب تقول في لغتها: " القمر معنا ومكانه في السماء " وهم يقولون : معنا، العرب تقول : المرأة مع زوجها يعني في عصمته ولو كان هو في أقصى المشرق وهي في أقصى المغرب، القائد يوجه جنده إلى معركة في الميدان ويقول : اذهبوا واغزوا باسم الله وأنا معكم وهو في مكانه، فالمعية مدلولها واسع لا تستلزم الاختلاط لا في المكان ولا في الذات، إذا الحمد لله هذا القول بطل، القول بأنه بذاته في كل مكان هذا باطل.
بقينا القول الثالث ما هو ؟ يقول : لا تصف الله أنه معك ولا أنه فوق ولا تحت ولا متصل ولا منفصل ولا مباين ولا محايد، لا تصف الله بعلو ولا نزول ولا يمين ولا يسار ولا متصل بالخلق ولا مباين، أين يكون ؟ عدم، ولهذا قال بعض أهل العلم : لو قيل لنا صفوا العدم ما وجدنا أدق من هذا الوصف، ولما جيء بابن فورة إلى الأمير محمد بن سبكتكين رحمه الله وهو من الأبطال جيء إليه وقال له : صف لنا ربك قال : الرب عز وجل ليس بداخل العالم ولا خارج العالم ولا يمين ولا يسار ولا متصل ولا منفصل قال له : وصفت ربك بالعدم، ولو أردت أن تصف العدم ما وجدت أحسن من هذا الوصف. وصدق رحمه الله، أين الله على هذا الزعم ؟ غير موجود معدوم.
فالحمد لله نسأل الله أن يميتنا وإياكم على ملة الإسلام وطريق الذين أنعم الله عليهم، القول الذي لا يرتاب عاقل في صحته ولا يمكن أن يؤمن إنسان بسواه إلا من اجتالته الشياطين هو أن الله سبحانه وتعالى عال بذاته عال بصفاته ولا يمكن أن تستقر قدم مؤمن بالله واليوم الآخر إلا على هذا القول .
علو الصفة لا أعلم أحدا ينتسب إلى الإسلام أنكره كل المنتسبين إلى الإسلام من مبتدعة وسنية كلهم يؤمنون بعلو الله تعالى علو صفة، لكن ما هو علو الصفة ؟ هنا تختلف الأفهام بعضهم يقول : من علو صفته تعطيل صفاته، هذه بحث آخر.
علو الذات هذا محل المعترك بين السنيين والبدعيين، انقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام: ولا بأس أن نبسط لأن هذه عقيدة، قسم أثبتوه، وقسم نفوه وقالوا : إن الله تعالى لا يقال إنه فوق ولا تحت، وقسم نفوه وقالوا : إنه سبحانه وتعالى في كل مكان في السماء وفي الأرض في الأسواق في المساجد في المراحيض ـ وأعوذ بالله ـ في كل شيء، إذا الأقوال ثلاثة :
القول الأول : علو الله تعالى بذاته أنه بذاته فوق كل شيء، انتبه يا أخي، قلت لكم: هذا دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، نأخذ من كل نوع بدليل، القرآن: ما أكثر ما يقول الله في كتابه وهو العلي والعلي هنا صفة مشبهة والصفة المشبهة صفة ثبوتية لا تفارق موصوفها، ويقول عز وجل : سبح اسم ربك الأعلى الأعلى اسم تفضيل حذف المفضل عليه ليدل على العموم، يعني الأعلى على كل شيء، نكتفي بهذا وفي القرآن ما لا يحصى على وجوه متنوعة.
في السنة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد يقول : سبحان ربي الأعلى وقد دلت السنة القولية والفعلية والإقرارية على علو الله عز وجل، فقول الرسول عليه الصلاة والسلام: سبح اسم ربك الأعلى هذا سنة قولية، وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية : أين الله قالت : في السماء قال : أعتقها فإنها مؤمنة هذه إقرارية، ورفع يديه إلى السماء عند الدعاء وهو يدعوا الله: يا رب، سنة فعلية.
وقد جرت السنة الفعلية في أكبر اجتماع حصل للنبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وذلك في يوم عرفة حين قال : ألا هل بلغت قالوا: نعم قال: اللهم اشهد اللهم إشارة إلى علو الله، اشهد هذا سفل للخلق، قالها ثلاث مرات، يشهد الله عز وجل على إقرار أمته أنه بلغ، وهل تشهدون أنتم ؟ نعم ولله نشهد أنه بلغ البلاغ المبين، وأنه عانى من أجل ذلك أكبر عناء صلوات الله وسلامه عليه هذه سنة فعلية. إذا السنة بجميع أنواعها كلها دلت على علو الله.
الإجماع: إجماع الصحابة وأئمة المسلمين من بعدهم على علو الله فإن قال قائل : أثبت لي قولا واحد عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي على أنهم قالوا إن الله عال بذاته، أقول: إن هؤلاء يقرؤون القرآن ويعرفون من السنة ما عرفوا ولم يرد عنهم حرف واحد يدل على نقيض ما جاء في القرآن، وكفى بذلك دليلا، لو كان عندهم معارضة لورد عنهم خلاف ما في القرآن وهم يقرؤون القرآ، وهم عرب يعرفون المعنى ويعرفون المراد، ألا توافقوني على هذا ؟ وهذا من أحسن ما يكون في تقرير إجماع الصحابة، يعني إذا أتاك إنسان وقال لك : طيب يا أخي أثبت لي قولا واحدا عن الصحابة أنهم آمنوا بعلو الله بذاته أقول: ما يحتاج أثبت لك، قرؤوا القرآن وعلموا من السنة ما علموا ولم يرد عنهم حرف واحد يقولون فيه : إن ا لله ليس في السماء أبدا، ولا إنه بذاته في كل مكان، وهذا إجماع، وهكذا يا إخوان كل الصفات التي لم يرد عن الصحابة ما يناقضها فهو دليل على إجماعهم.
طيب العقل: العقل هل يدل على علو الله ؟ نعم يدل على علو الله، لأنك لو سألت أي إنسان هل العلو أكمل أو السفول لقال لك : العلو أكمل لا شك حتى في أمور الدنيا يقول : هذا اللباس أعلى من هذا اللباس، كل يعرف أن العلو صفة كمال، وإذا كان كذلك فهل الرب موصوف بالكمال عقلا أو لا ؟ موصوف بالكمال عقلا ولهذا قال إبراهيم لأبيه محتجا عليه بدليل عقلي : يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا هذا ما يعبد، هذا استدلال عقلي، أيضا نحن نقول العلو باتفاق العقلاء صفة كمال، والسفول باتفاق العقلاء صفة نقص، فحينئذ ثبت لله العلو الذاتي عقلا.
بقينا بالفطرة، الفطرة لا تسأل ؟ اسأل عجوزا تدور بالرحى تطحن الطحين اسألها وين الله ؟ وهي ما درست لا العقيدة الواسطية ولا الطحاوية ولا غيره، اسألها وين ربك ؟ وش تقول ؟ على كل حال تقول: في السماء ولا تتوقف لحظة، لأن هذا أمر مفطور عليه الخلق، ويقال إن أبا المعالي الجويني عفا الله عنا وعنه ـ وهو إمام الحرمين ـ كان يتكلم عن الاستواء ومعروف أن الأشاعرة وهم من أئمة الأشاعرة ـ عفا الله عنا وعنه ـ معلوم أنهم ينكرون استواء الله على العرش يقولون : استوى على العرش يعني استولى عليه ما فيه علو استولى عليه، وأحدثهم أنا عن مجلس جمعني بعوام، مجلس عادي قهوة، تكلم أحد الطلبة في نفس المجلس قال : إن أهل التأويل يعني أهل التحريف يقولون : إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يقولون : ثم استوى على العرش ثم استولى عليه فقال العامي ـ عامي عامي جمال يحمل على الجمال يسافر من بلد إلى آخر ـ دعا عليه بدعوة معروفة عندنا في العامية يقولون : غربله الله ـ يعني عاقبه ـ العرش لمن قبل هذا ؟ شف سبحان الله فطرة، لأنه خلق ثم استوى، خلق ثم استولى وقبل لمن هو له ؟ عامي، إذا الفطرة تدل عليه، المهم يقولون : إن أبا المعالي الجويني تكلم عن الاستواء وقال: " إن الله تعالى كان ولم يكن عرش ولا مخلوق وهو الآن على ما كان عليه " إذا صار كان ولا عرش فهو الآن على ما كان عليه، يعني ليس على العرش، فقال له أبو العلاء الهمداني : يا شيخ دعنا من ذكر العرش ـ يعني نبحث بحثا آخر ـ أخبرنا عن هذه الفطرة ما قال عارف قط : يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة بطلب العلو. صح، كل إنسان يقول: يا الله، اسأله: أين يروح قلبه يمين أو يسار أو فوق ؟ يروح قلبه فوق، فجعل يلطم على رأسه: حيرني الهمداني حيرني الهمداني، عجز أن يجيب. لأن هذه مسألة فطرية، كل إنسان مفطور لولا أن الشياطين اجتالته على علو الله تعالى بذاته فوق كل شيء.
فإذا علو الله سبحانه وتعالى دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة.
الطائفة الثانية أو القول الثاني في هذه المسألة : أن الله تعالى لا يوصف بالعلو إطلاقا، بماذا يوصف ؟ قال: في كل مكان، ثم شبهوا بقوله تعالى : وهو معكم أينما كنتم أينما هذه ظرف مكان، أي: في أي مكان كنتم فالله معكم، قالوا : الله معك في كل مكان، طيب إذا كنت في المسجد فأين يكون الله ؟ في المسجد، واحد غيري في المرحاض أين يكون الله ؟ على زعمه هذا ـ يلزمه أن يقول هذا وإلا فليرجع ـ أن يكون في المرحاض، كم من إله الآن ؟ اثنين، وواحد في السوق ؟ الله في السوق، صاروا كم ؟ ثلاثة، وواحد في الطيارة ؟ الله في الطيارة، هل هذا يقوله عاقل ؟
يلزم من هذا القول: أولا : وصف الله بما لا يليق أن يكون الله في المراحيض والحمامات والأماكن القذرة والعالية والسافلة.
ثانيا: يلزم أحد أمرين: إما تجزئ الله وإما تعدد الله، إن قالوا: بالتعدد صحنا بهم صيحة تتقطع منها قلوبهم، ماذا نقول لهم ؟ كفرتم وصرتم أعظم من النصارى الذين قالوا : إن الله ثالث ثلاثة، وأنتم تقولون : ملايين الملايين، وإن قالوا : يتجزأ، قلنا الآن أبطلتم قولكم، إذا كان يتجزأ وكان جزء منه مع فلان وجزء مع فلان ما صار مع فلان وهو يقول : وهو معكم ولم يقل : جزء منه معكم، فأنتم الآن خذلتم والحمد لله. وهذا والله لا أظن قدم مؤمن بالله تثبت عليه، لا أظن إنسانا يؤمن بالله حقا تثبت قدمه على القول : بأن الله بذاته في كل مكان أبدا.
أما ما لبسوا به وشبهوا به من قوله : وهو معكم فإننا نقول : لا يلزم من المعية أن يكون في نفس المكان، ولهذا العرب تقول في لغتها: " القمر معنا ومكانه في السماء " وهم يقولون : معنا، العرب تقول : المرأة مع زوجها يعني في عصمته ولو كان هو في أقصى المشرق وهي في أقصى المغرب، القائد يوجه جنده إلى معركة في الميدان ويقول : اذهبوا واغزوا باسم الله وأنا معكم وهو في مكانه، فالمعية مدلولها واسع لا تستلزم الاختلاط لا في المكان ولا في الذات، إذا الحمد لله هذا القول بطل، القول بأنه بذاته في كل مكان هذا باطل.
بقينا القول الثالث ما هو ؟ يقول : لا تصف الله أنه معك ولا أنه فوق ولا تحت ولا متصل ولا منفصل ولا مباين ولا محايد، لا تصف الله بعلو ولا نزول ولا يمين ولا يسار ولا متصل بالخلق ولا مباين، أين يكون ؟ عدم، ولهذا قال بعض أهل العلم : لو قيل لنا صفوا العدم ما وجدنا أدق من هذا الوصف، ولما جيء بابن فورة إلى الأمير محمد بن سبكتكين رحمه الله وهو من الأبطال جيء إليه وقال له : صف لنا ربك قال : الرب عز وجل ليس بداخل العالم ولا خارج العالم ولا يمين ولا يسار ولا متصل ولا منفصل قال له : وصفت ربك بالعدم، ولو أردت أن تصف العدم ما وجدت أحسن من هذا الوصف. وصدق رحمه الله، أين الله على هذا الزعم ؟ غير موجود معدوم.
فالحمد لله نسأل الله أن يميتنا وإياكم على ملة الإسلام وطريق الذين أنعم الله عليهم، القول الذي لا يرتاب عاقل في صحته ولا يمكن أن يؤمن إنسان بسواه إلا من اجتالته الشياطين هو أن الله سبحانه وتعالى عال بذاته عال بصفاته ولا يمكن أن تستقر قدم مؤمن بالله واليوم الآخر إلا على هذا القول .
الفتاوى المشابهة
- إثبات علو الله عز وجل على خلقه وذكر الأقوال... - ابن عثيمين
- قال المؤلف : "خامساً: هذه المعية لا تناقض ما... - ابن عثيمين
- الكلام على باب الأسماء والصفات مع بيان مسألة ع... - الالباني
- الرد على من أنكر علو الله وقال إن الله في كل... - ابن عثيمين
- كلام الشيخ عن صفة العلو لله سبحانه وتعالى . - الالباني
- صفة العلوِّ لله - سبحانه وتعالى - . - الالباني
- الكلام على صفة علو الله تعالى على جميع خلقه... - ابن عثيمين
- الكلام على صفة العلو لله وبيان أنواعه إلى عل... - ابن عثيمين
- ما المراد بصفة العلو لله؟ - ابن عثيمين
- الكلام على أقسام الناس في صفة علو لله تعالى . - ابن عثيمين
- الكلام على صفة العلو ومذاهب الناس فيه والرد... - ابن عثيمين