تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمينالشيخ : أما بعد فإنه سبق لنا الكلام على ما تيسر مما يكون في يوم القيامة ومنه أن الشمس تدنو من الخلائق حتى تكون على رؤوسهم بقدر ميل وأنه يستثنى من ذلك من...
العالم
طريقة البحث
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... واليوم الآخر ... " . مع ذكر معنى الظل الذي أضافه الله لنفسه و تتمة ذكر أهوال يوم القيامة ..
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : أما بعد فإنه سبق لنا الكلام على ما تيسر مما يكون في يوم القيامة ومنه أن الشمس تدنو من الخلائق حتى تكون على رؤوسهم بقدر ميل وأنه يستثنى من ذلك من يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وشرحنا هذا
ولكن ها هنا مسألة أحب أن أنبه عليها وهي أن بعض الطلبة يظنون أن المراد بالظل في ظله يوم لا ظل إلا ظله أنه ظل الرب عز وجل وهذا ظن خاطئ جدا لا يظنه إلا رجل جاهل وذلك لأن من المعلوم أن الناس في الأرض وأن الظل هذا يكون من الشمس عن الشمس فلو قدر أن المراد به ظل الرب جل وعلا لزم من هذا أن تكون الشمس فوق الله ليكون حائلا بينها وبين الناس وهذا شيء مستحيل لا يمكن لأن الله سبحانه وتعالى قد ثبت له العلو المطلق من جميع الجهات ولكن المراد ظل يخلقه الله في ذلك اليوم يظلل من يستحقون أن يظلهم الله في ظله وإنما أضافه الله إلى نفسه لأنه في ذلك اليوم لا يستطيع أحد أن يظلل بفعل مخلوق لا هناك بناء ولا شيء يوضع على الرؤوس إنما يكون الظل ما خلقه الله لعباده في ذلك اليوم فلهذا أضافه الله إلى نفسه لاختصاصه به
ومما يكون في ذلك اليوم نشر الدواوين يعني صحائف الأعمال التي كتبت على المرء في حياته وذلك أن الله سبحانه وتعالى وكّل بكل إنسان ملكين أحدهما عن اليمين والثاني عن الشمال كما قال الله تبارك وتعالى ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد هذان الملكان الكريمان يكتبان كل ما يعمله المرء من قول أو فعل أما ما يحدّث به نفسه فإنه لا يكتب عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم لكن القول والفعل يكتب يكتب على الإنسان كاتب الحسنات على اليمين وكاتب السيئات على الشمال فيكتبان كلما أمرا بكتابته فإذا كان يوم القيامة ألزم كل إنسان هذا الكتاب في عنقه كما قال تعالى وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ويخرج له هذا الكتاب فيقال اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا فيقرؤه ويتبين كلما عمل هذا الكتاب المنشور من الناس من يأخذه بيمينه ومن الناس من يأخذه بشماله من وراء ظهره أما من يأخذه بيمينه وأسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم فإنه يقول للناس هاؤم اقرؤوا كتابيه يريهم إياه فرحا وسرورا بما أنعم الله به عليه وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول حزنا وغما وهما يا ليتني لم أوت كتابيه
ومما يجب الإيمان به في ذلك اليوم أن تؤمن بالحساب لأن الله تعالى يحاسب الخلائق كما قال تعالى وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين وقال الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا فيحاسب الله الخلائق ولكن حساب المؤمن حساب يسير ليس فيه مناقشة يخلو الله تعالى بعبده المؤمن ويضع عليه ستره ويقرره بذنوبه يقول أتذكر كذا أتذكر كذا حتى يقول نعم يقر بذلك كله فيقول الله عز وجل له إني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم وما أكثر الذنوب التي سترها الله علينا فإذا كان الإنسان مؤمنا قال الله وسترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم أما الكافر والعياذ بالله فإنه يفضح ويخزى وينادى على رؤوس الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين
ومما يجب الإيمان به أيضا مما يكون في يوم القيامة الحوض، الحوض المورود لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو حوض يصب عليه ميزابان من الكوثر وهو النهر الذي أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة كما قال تعالى إنا أعطيناك الكوثر فيصب منه ميزابان على الحوض الذي يكون في عرصات القيامة وصفه النبي عليه الصلاة والسلام بأن ماءه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وأطيب من رائحة المسك وأن آنيته كنجوم السماء وأن طوله شهر وعرضه شهر وأن من شرب منه مرة واحدة فإنه لا يظمأ بعدها أبدا هذا الحوض يرده المؤمنون من أمة النبي صلى الله عليه وسلم أسأل الله أن يوردني وإياكم إياه يرده المؤمنون يشربون منه وأما من لم يؤمن بالرسول عليه الصلاة والسلام فإنه يطرد عنه ولا يشرب منه نسأل الله العافية
وهذا الحوض الذي جعله الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم هو أعظم حياض الأنبياء ولكل نبي حوض يرده المؤمنون من أمته لكنها لا تنسب إلى حوض الرسول صلى الله عليه وسلم لأن هذه الأمة يمثلون ثلثي أهل الجنة ثلثي أهل الجنة فلا جرم أن يكون حوض النبي عليه الصلاة والسلام هو أعظم الحياض وأكبرها وأوسعها وأعظمها وأشملها
ومما يجب الإيمان به أيضا في ذلك اليوم الإيمان بالصراط الصراط جسر منصوب على جهنم يمر الناس عليه على قدر أعمالهم وهو أدق من الشعر وأحد من السيف يمر الناس عليه على قدر أعمالهم من كان مسارعا في الخيرات في الدنيا كان سريعا في المشي على هذا الصراط ومن كان متباطئا كان متباطئا ومن كان خلط عملا صالحا وآخر سيئا ولم يعف الله عنه فإنه ربما يكردس في النار والعياذ بالله يختلف الناس في المشي عليه فمنهم من يمر كلمح البصر ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كالفرس الجواد ومنهم من يمر كركاب الإبل ومنهم من يمشي ومنهم من يزحف ومنهم من يلقى في جهنم
وهذا الصراط لا يمر عليه إلا المؤمنون فقط أما الكافرون فإنهم لا يمرون عليه وذلك لأنهم لأنهم يساقون في عرصات القيامة إلى النار رأسا نسأل الله العافية الصراط لا يمر عليه إلا المؤمن لكن العاصي قد يكردس في النار ويعذب بقدر ذنوبه ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذا

Webiste