تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قا... - ابن عثيمينالشيخ : والتلف نوعان: تلف حسّيّ وتلف معنويّ، التلف الحسّيّ : أن يتلف المال نفسه بأن يأتيه آفة تحرقه أو يسرق أو ما أشبه ذلك، والتلف المعنوي: أن تنزع بركت...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا ) متفق عليه . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟ قالوا يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه . قال: فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر ) رواه البخاري . وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( قال الله تعالى أنفق يا ابن آدم ينفق عليك ) متفق عليه . وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا حسد إلا في اثنتين رجل أتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها ) متفق عليه ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : والتلف نوعان: تلف حسّيّ وتلف معنويّ، التلف الحسّيّ : أن يتلف المال نفسه بأن يأتيه آفة تحرقه أو يسرق أو ما أشبه ذلك، والتلف المعنوي: أن تنزع بركته بحيث لا يستفيد الإنسان منه في حياته، ومنه ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال لأصحابه: "أيكم ماله أحب إليه أو مال وارثه؟ قالوا: يا رسول ما منا أحد إلاّ وماله أحب إليه" : مالك أحب إليك من مال زيد وعمرو وخالد ولو كانوا من ورثتك، قال: "فإن ماله ما قدّم ومال وارثه ما أخّر" : حكمة عظيمة ، مالك الذي تقدّمه لله عزّ وجلّ تجده أمامك يوم القيامة، ومال الوارث ما يبقى بعدك، مَن الذي ينتفع به ويأكله؟ هو الوارث، فهو مال وارثك، فأنفق مالك فيما يُرضي الله ، وإذا أنفقت فإن الله يخلفه وينفق عليك : "يا ابن آدم أنفق يُنفق عليك" : فهذه الأحاديث كلّها تدلّ على أنه ينبغي، وكذلك الآيات ، إنه ينبغي للإنسان أن يبذل ماله لكن حسب ما شرعه الله عزّ وجلّ كما جاء في الحديث الذي صدّر به المؤلف هذا الباب أن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام قال: "لا حسد إلاّ في اثنتين" يعني : لا غبطة، ولا أحد يغبط على ما أعطاه الله سبحانه وتعالى من مال وغيره إلاّ في اثنتين فقط: الأول: "رجل أعطاه الله مالا فسلّطه على هلكته في الحقّ" : صار لا يبذله إلاّ فيما يرضي الله، هذا يحسد، لأنك الآن تجد التّجّار يختلفون منهم من ينفق أمواله في سبيل الله، في الخيرات، في أعمال البرّ، إعانة فقير، بناء مساجد، بناء مدارس، طبع كتب، وما أشبه ذلك، إعانة الجهاد، هذا سُلّط على هلكته في الحقّ، ومنهم من يُسلّط على هلكته والعياذ بالله في اللذائذ المحرّمة، يسافر إلى الخارج فيزني، ويشرب الخمر، ويلعب القمار ويتلف ماله فيما يغضب الرّبّ عزّ وجلّ، فالذي سلطه الله على هلكة ماله في الحقّ هذا يُغبط، لأن الغالب أن الذي يستغني يبطر، ويمرح، ويفسق، فإذا رئي هذا الرجل الذي أعطاه الله مالا ينفقه في سبيل الله فهو يغبط، والثاني: "رجل آتاه الله الحكمة" : يعني العلم، الحكمة هنا العلم كما قال تعالى { وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلّمك ما لم تكن تعلم } ، "فهو يقضي بها ويعلّمها الناس" : يقضي بها في نفسه وفي أهله وفي من تحاكم عنده، ويعلّمها الناس أيضا، ليس يقتصر على أن يأتيه الناس يقول: إذا جاؤوني حكمت وقضيت، لا، يقضي ويعلّم، هذا لا شكّ أنه مغبوط على ما آتاه الله عزّ وجلّ من الحكمة، والناس في الحكمة ينقسمون إلى أقسام: قسم آتاه الله الحكمة فبخل بها حتى على نفسه، لم ينتفع بها في نفسه، لم يعمل بطاعة الله ولم ينته عن معصية الله، فهذا خاسر والعياذ بالله، وهذا يشبه اليهود الذين علموا الحقّ واستكبروا عنه.
وقسم آخر أعطاه الله الحكمة فعمل بها في نفسه لكن لم ينفع بها عباد الله وهذا خير من الذي قبله لكنه ناقص.
وقسم آخر أعطاه الله الحكمة فقضى بها وعمل بها في نفسه وعلمها الناس فهذا خير الأقسام.
وهناك قسم رابع لم يُؤت الحكمة إطلاقا، فهو جاهل، وهذا حُرم خيرا كثيرا لكنّه أحسن حالا ممن أوتي الحكمة ولم يعمل بها، لأن هذا يُرجى أنه إذا علم أن يتعلم ويعمل بخلاف الذي أعطاه الله العلم وكان علمه وبالا عليه والعياذ بالله، نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم الحكمة والعلم النافع والعمل الصّالح.

Webiste