تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال... - ابن عثيمينالقارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحادي...
العالم
طريقة البحث
شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ). متفق عليه.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله: " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها" متفق عليه، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضًا فكانت منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به" متفق عليه ".

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله في الأحاديث الواردة في فضل العلم سبق حديث معاذ رضي الله عنه: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" ثم ذكر حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "لا حسد إلا في اثنتين" الحسد يطلق ويراد به الحسد المحرم الذي هو من كبائر الذنوب، وهو أن يكره الإنسان ما أنعم الله به على غيره هذا الحسد أن تكره ما أنعم الله به على غيرك، تجد إنسانًا عنده مالًا فتكره تقول ليت الله ما رزقه، عنده علم تكره ذلك وتمنى أن الله لم يرزقه العلم، عنده أولاد صالحون تكره ذلك وتمنى أن الله لم يرزقه وهلم جرًّا، هذا الحسد هذا النوع هذا من كبائر الذنوب وهو من خصال اليهود، كما قال الله تعالى عنهم: { أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله } وقال عنهم: { ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق } أما النوع الثاني من الحسد فهو حسد الغبطة يعني الذي تغبط به غيرك أن أنعم الله بمالٍ أو علم أو ولد أو جاه أو غير ذلك، هذا الناس يغبط بعضهم بعضًا على ما آتاهم الله من النعم، تقول ما شاء الله فلان أعطاه الله كذا فلان أعطاه الله كذا فلان أعطاه الله كذا، لكن لا غبطة إلا في شيئين الغبطة الحقيقة التي يغبط عليها الإنسان شيئان الأول العلم العلم النافع وهو المراد بقوله: "رجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها" هذا العلم إذا منّ الله على إنسان بعلم فصار يقضي به بين الناس سواء كان قاضيا أو غير قاضي وكذلك يقضي به في نفسه وعلى نفسه ويعلم الناس فهذا هو الغبطة لأن العلم هو أنفع شيء أنفع من المال أنفع شيء للإنسان من الأعمال الصالحة العلم، لأنه إذا مات وانتفع الناس بعلمه جرى أجر ذلك عليه إلى يوم القيامة، كلما انتفع به أي إنسان من الناس فله أجره، العلم كلما أنفقت منه وعلمته ازداد، ولهذا من أقوى ما يثبت العلم ويبقي حفظه أن يعلمه الإنسان غيره، لأن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، فإذا علمت غيرك علمك الله، وإذا علمت غيرك ثبت العلم في نفسك لكن لا تتقدم للتعليم إلا وأنت أهل له حتى ينفع الله بك وحتى لا تفشل أمام الناس، لأن الذي يتقدم للتعليم وليس أهلًا له بين أمرين إما أن يقول بالباطل وهو لا يشعر، وإما أن يفشل وإذا سئل عجز عن الإجابة مثلًا، فهذا هذا العلم كلما أنفقت منه ازداد، أيضًا العلم لا يحتاج إلى تعب إلا في تعلمه لكن لا يحتاج مثلًا إلى خزائن كالمال، المال يحتاج إلى خزائن وإلى محاسبين وإلى حسابات وإلى تعب، لكن العلم لا يحتاج إلى هذا خزينته قلبك هذه الخزينة وهي معك أينما كنت فلا تخشى عليه لا تخشى أن يسرق ولا أن يحرق لأنه في قلبك، فالمهم أن العلم هو أفضل نعمة أنعم الله بها على الإنسان بعد الإسلام والإيمان، ولهذا قال: "رجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها" أما الثاني فهو رجل أتاه الله مالًا شف الآن العلم والمال "فسلطه على هلكته في الحق" يعني: صار يبذل ماله فيما يرضي الله عز وجل لا يبذله في حرام ولا يبذله في لغو وإنما يبذله فيما يرضي الله سلطه الله على هلكته يعني على إنفاقه في الحق هذا أيضًا ممن يغبط، نحن لا نغبط من عنده مال عظيم لكنه بخيل لا ينفع الناس لا نغبطه بل هذا نتأوى له ونقول هذا المسكين كيف يستطيع الجواب على حساب يوم القيامة على هذا المال، من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وكيف تصرف فيه؟ لكن إذا رأينا رجلًا أتاه الله مال وصار ينفقه يما يرضي الله نقول ما شاء الله هذا يغبط، لا نغبط إنسانا أتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في القصور والديكورات والسيارات والفخمة لا لا نغبطه على هذا، بل نقول هذا مسرف إذا كان تجاوز الحد فيما ينفق نقول هذا مسرف والله لا يحب المسرفين، كذلك لا نغبط شخصًا عنده مال فصار ينفق منه جوائز في أشياء لا ينتفع الناس بها لا في دينهم ولا في دنياهم، فإن بعض الناس يعطي جوائز على ألعاب وأشياء من الأمور التي ليس فيها خير لا في الدنيا ولا في الآخرة هذا لا نغبطه، لأنه لم يسلط على هلكة ماله في الحق إنما الذي يغبط من سلطه الله على هلكة ماله في الحق، أيضًا لا نحسد إنسانًا أتاه الله مالًا فصار كلما عنّ له أن يتزوج تزوج وجمع عنده من النساء الحسان ما لا يجمعه غيره هذا لا نغبطه أيضًا، إلا إذا كان سلطه الله على هلكته في الحق وأراد بذلك تحصين فرجه وتحصيل السنة وكثرة النسل فهذا مقصود شرعي يغبط عليه الإنسان، الشاهد من هذا الحديث في باب فضل العلم هو الجزء الأول منه من أتاه الله الحكمة يعني العلم فقضى بها وعلمها وهذا خير الرجلين يعني خير من صاحب المال الذي سلط على هلكته في الحق، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.

Webiste